"بلتون": اقتصادات مصر والخليج تتجاوز مرحلة الصعاب

العاصمة السعودية الرياض. بلغ إجمالي الحزم التحفيزية لحكومات دول الخليج 135 مليار دولار، ويعتقد أنه تم توجيهها بشكل أساسي لدعم الإنفاق الخاص داخل تلك البلدان.
العاصمة السعودية الرياض. بلغ إجمالي الحزم التحفيزية لحكومات دول الخليج 135 مليار دولار، ويعتقد أنه تم توجيهها بشكل أساسي لدعم الإنفاق الخاص داخل تلك البلدان. المصدر: "ا ف ب"
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قالت شركة "بلتون" المالية القابضة في تقرير الاستراتيجية والاقتصاد لعام 2021 التي تغطي فيه مصر ودول الخليج، إنَّ حكومات تلك البلدان التي تغطيها، وبنوكها المركزية قدَّمت مجموعة شاملة من الإجراءات الداعمة لمساعدة اقتصاداتها على تجاوز التداعيات الاقتصادية لتفشي كوفيد-19. واستهدفت هذه الحزم دعم مستويات الطلب الخاص سواء بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال تخفيف الأعباء على الشركات، مما سمح لهم بالاستمرار، قدر الإمكان، في تشغيل أعمالهم بشكل طبيعي وسط ظروف حظر التجوال، وانخفاض النشاط الاقتصادي.

وترى "بلتون" أنَّ حزم التحفيز الاقتصادي المصرية كانت قادرة على توفير الدعم اللازم لمستويات الإنفاق الخاص؛ مما دعم نمواً إيجابياً للناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2020، بخلاف عديد من اقتصاديات دول مجلس التعاون الخليجي، التي واجهت صدمات مزدوجة مع ظروف تراجع أسعار البترول، مما أثَّر سلباً على جهود هذه الدول لدعم النمو.

ومع اقتراب عام 2021، موعد انتهاء معظم الإجراءات التحفيزية، تتوقَّع بلتون أن تتمكَّن معظم القطاعات من تعويض خسائرها في عام 2021، مع تباين أداء الشركات في القطاع الواحد.

استمرار حزم التحفيز في مصر مع توقُّعات بتحسن العملة

في مصر، يرى محللو شركة "بلتون" المالية القابضة أنَّ مجموعة الإجراءات التحفيزية المفروضة من جانب المركزي ووزارة المالية؛ وفَّرت الدعم الأمثل لمستويات الطلب، ومن المتوقَّع أن يظهر الأثر السلبي لانتشار الفيروس عليه في العام المالي 2020/2021 وفقاً للتقرير. وتؤكِّد هذه المبادرات دعمها لمستويات الطلب، والعملة، وكذلك القطاع الصناعي في رؤيتهم، ممثَّلة المكمل الأخير لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري، مما سينعكس إيجابياً على أداء الشركات.

الإنفاق على المشروعات القومية سيدعم النمو الاقتصادي متجاوزاً نطاق 3% في مصر

وشهد الإنفاق الخاص أثراً إيجابياً مع نمو استثنائي بنسبة 7% على أساس سنوي في العام المالي 2019/2020 بدعم من زيادة الإنفاق على تخزين الغذاء خلال فترة الإغلاق في الربع الرابع من 2019/2020، مع مبادرات الدعم الحكومية.

وتتوقَّع "بلتون" إنفاقاً أكثر ترشيداً في العام المالي 2020/2021 نظراً لتأثير توقُّف الأنشطة الاقتصادية، وتراجع الاستثمارات على مستويات الدخل.

ومن المتوقَّع طبقاً للتقرير أن تستمر حزم التحفيز الاقتصادية في مصر في دعم نمو الناتج المحلي الإجمالي خلال عام 2020/2021، بفضل الوفورات المحقَّقة خلال سنوات الإصلاح الاقتصادي. وبرغم توقُّعاتهم بتأجيل الإنفاق الرأسمالي بالقطاع الخاص، وتراجع إيرادات الخدمات والصادرات، يرى المحللون أنَّ الإنفاق على المشروعات القومية سيدعم النمو الاقتصادي متجاوزاً نطاق 3% في مصر.

الجنيه المصري والدولار

ويتوقَّع محللو شركة "بلتون" المالية ارتفاع قيمة الجنيه نظراً للقدرة على تغطية 80% من الفجوة التمويلية بالنقد الأجنبي في مصر، وذلك بالرغم من تأثُّر السياحة بشكل كبير.

وبحسب نظرتهم الجديدة، قد يسجِّل متوسط سعر صرف الجنيه 15.78 مقابل الدولار في عام 2021، مقابل توقُّعاتهم السابقة التي سجَّلت 15.92 التي ترجع إلى ديسمبر 2019، مع توقُّعات بارتفاع قيمة الجنيه على مدار الأعوام الخمسة المقبلة، بسبب العوامل التي خففت ألم تراجع إيرادات النقد الأجنبي في الأمد القصير، فضلاً عن تحسن احتياطيات النقد الأجنبي، والمؤشرات الأساسية في الأمد الطويل. ومن الممكن أن تكون مع تذبذبات محدودة، ولكنَّها صحية إثر الطلب المحدود على الواردات. ونرى أنَّ احتياطي النقد الأجنبي لمصر استعاد مكانته، ويمكنه أن يغطي احتياجات النقد الأجنبي في السوق المحلي.

الأموال الساخنة

أما عن الأموال الساخنة والاستثمارات الاجنبية، فتوقَّعت "بلتون" تدفُّقات داخلة بنحو 18,5 مليار دولار خلال العام المالي 2022/2021، مما يغطي 80% من الفجوة التمويلية بالنقد الأجنبي المتوقَّع خلال العام، مع استمرار تدفُّقات داخلة قوية إلى أدوات الدخل الثابتة، التي تمثِّل محوراً أساسياً لاستقرار العملة في مصر.

احتياطي النقد الأجنبي لمصر استعاد مكانته ويمكنه أن يغطي احتياجات النقد الأجنبي في السوق المحلي

وبالرغم من خفض أسعار الفائدة؛ لا يتوقَّع محللو الشركة تأثُّر عائدات السندات الحكومية، ويرجِّحون استقرارها، مما يحافظ على جاذبية الاستثمار في أدوات الدخل الثابت، بدعم من ارتفاع أسعار الفائدة الحقيقية وسط انخفاض التضخم.

وفيما يتعلَّق بمتغيِّرات عجز الحساب الجاري، من المتوقَّع أن يرتفع في العام المالي 2020/2021 إلى 12,6 مليار دولار وفقاً للتقرير، وتحمل ميزان الخدمات الأثر الفعلي، مع انخفاض متوقَّع لإيرادات السياحة بنحو 5 مليارات دولار في العام المالي 2020/2021، بالرغم من توقُّعهم بتحسُّن مترقب في ضوء التطورات المتعلِّقة بلقاح كوفيد-19.

توقُّعات بتعافي اقتصادات الخليج بوتيرة بطيئة

في دول الخليج، بلغ إجمالي الحزم التحفيزية لحكومات دول الخليج 135 مليار دولار، التي يعتقدون أنَّه قد تمَّ توجيهها بشكل أساسي لدعم الإنفاق الخاص داخل تلك البلدان.

ويرى محللو "بلتون" أنَّ برامج تأجيل سداد أقساط القروض، وخفض أسعار الفائدة والتسهيلات الائتمانية، هذا إلى جانب عودة المغتربين جزئياً، واستئناف رحلات السفر العالمية، ستدعم تحسُّن الإنفاق الخاص بمعظم الدول الخليجية، مع توقُّعات بتحقيق الإمارات نمواً بنسبة 4% على أساس سنوي في 2021، بعد تأثُّر الإنفاق الخاص بشكل كبير عام 2020 (-10% على أساس سنوي).

أما الإنفاق الاستهلاكي الخاص في المملكة العربية السعودية، فيتوقَّع المحللون أن يحقق نمواً بنسبة 3.2% (مقارنة بـانخفاض 5% متوقَّعة في عام 2020 على أساس سنوي)، وذلك إثر ارتفاع تدريجي للقوة الشرائية بين السعوديين، بعد هبوطها متأثرة برفع معدَّل ضريبة القيمة المضافة في عام 2020.

ويتوقَّع محلوو "بلتون"، نموَّ الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في المملكة بنسبة 2.2% على أساس سنوي في 2021، بدعم من النمو المتوقَّع بنسبة 6% على أساس سنوي للاستثمار إلى 154 مليار دولار في 2021 مع اتجاه الحكومة السعودية لاستئناف أعمال التشييد بالمشروعات القومية الضخمة، واستكمال مشروعات الإسكان. هذا بالمقارنة مع معدَّلات نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي المتوقَّعة بنسب 2% في الإمارات، و1.8% في الكويت.

الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي في السعودية قد ينمو 2.2% على أساس سنوي في 2021، بدعم من النمو المتوقع بنسبة 6% للاستثمار إلى 154 مليار دولار

وقرَّرت "أوبك+" زيادة إنتاج النفط 500 ألف برميل يومياً، مع توقُّعات أن تكون المملكة العربية السعودية فقط، من ستشهد ارتفاعاً في الناتج المحلي الإجمالي النفطي خلال عام 2021، مقابل الكويت والإمارات، إذ من المتوقَّع أن يشهد ناتجهما المحلي الإجمالي انكماشاً، ولكن بوتيرة أبطأ.

وتتوقَّع "بلتون" ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي النفطي للسعودية بنسبة 1.5% على أساس سنوي في 2021، نظراً لأنَّ القاعدة المرجعية لعملية خفض إنتاج البترول بدأت من أساس مرتفع بالفعل عند 11 مليون برميل يومياً. مما سيؤدي إلى إجمالي نمو متوقَّع للناتج المحلي الإجمالي بنحو 1.9%، 0.5% و0.2% على أساس سنوي في 2021 للمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والكويت على الترتيب.

توقعات السياسة النقدية

النظرة المستقبلية للتضخُّم لا تزال عند مستويات معتدلة في كل الاقتصادات التي تغطِّيها "بلتون" المالية القابضة، مع احتمالات لخفض أسعار الفائدة بنحو 100 نقطة أساس في مصر مع عدم توقُّع أي تغيُّر في أسعار الفائدة بالدول الخليجية. وذلك لأنَّها لا تتوقَّع تغيير السياسة النقدية التوسعية المتبعة حالياً قبل الربع الأول من 2023 في ضوء زيادة الضغوط التضخمية، مع زيادة متوقَّعة لأسعار الفائدة بنحو 150 نقطة أساس في 2023.

ويتوقَّع محللو الشركة استقرار متوسط التضخم في عام 2020/2021 عند 4.8%، وذلك قبل ارتفاعه المتوقَّع في عام 2021 مع تواصل السياسة النقدية الحالية التي استهدفت دعم النشاط الاقتصادي. إذ يعدُّ تشجيع الاستهلاك المحلي لرفع معدَّلات التضخُّم في نطاق مستهدف البنك المركزي بين 6-12% بنهاية عام 2020 المحرِّك الرئيسي للسياسة النقدية الحالية في رؤيتهم، متوقِّعين ارتفاع أسعار الفائدة بواقع 150 نقطة أساس في عام 2023 إثر ارتفاع التضخُّم مع استمرار زيادة نمو مستويات الطلب، وارتفاع أسعار السلع.

أما في المملكة العربية السعودية، فقد توقَّعت الشركة تراجع التضخم العام إلى 2.4% على أساس سنوي في عام 2021، مع استقرار إثر زيادة ضريبة القيمة المضافة، مما يدعم تحسناً إضافياً للطلب. وفي الوقت نفسه، قد تشهد قراءات التضخُّم في الإمارات والكويت معدَّلات تضخُّم معتدلة عند 1.2% و0.45% على الترتيب.

تعافي مصادر النقد الأجنبي

وأخيراً عن تحويلات العاملين من الخارج والسياحة وصادرات البترول؛ ستدعم جميعاً تحسن أداء القطاع الخارجي لاقتصادات دول الخليج التي يغطيها التقرير، ولكن كل بوتيرة مختلفة. إذ تتوقَّع استقرار الحساب الجاري للمملكة عند حوالي -0.1% من الناتج المحلي الإجمالي في 2021، مقارنة بـ-7.2% في 2020، وذلك بفضل ارتفاع أسعار البترول، وتراجع التدفُّقات النقدية الخارجة من تحويلات العاملين.

ويرى المحللون أنَّ صافي الدَّخل من الاستثمارات والسياحة الدينية مع الضغوط التي يواجهها -إذ لم يشهد تعافياً كاملاً إلى الآن- يؤجلان تحسُّن الاقتصاد إلى مستويات

ما قبل الوضع الوبائي حتى عام 2023.

أما في الكويت، فمن المتوقَّع أن تستعيد 27% من دخل البترول الذي فقدته في 2020، وذلك إلى جانب الدعم المتوقَّع لتراجع صافي التدفُّقات النقدية الخارجة من تحويلات العاملين، مع توقُّعات أن يسجِّل فائض الحساب الجاري نحو 5% من الناتج المحلي الإجمالي في 2021 (مقابل عجز متوقَّع بنحو 2.7% من الناتج المحلي الإجمالي في 2020) وفقاً للتقرير.

أما في الإمارات، وبعد تقديم حزم الدعم؛ يتوقَّع محللو الشركة تعافياً كاملاً للميزان التجاري في عام 2021 إلى مستويات ما قبل الوضع الوبائي، مما يدعم تحقيق الحد الأدنى من فائض الحساب الجاري بنحو 0.7% من الناتج المحلي الإجمالي (مقابل عجز متوقَّع بنحو 10% في 2020)، بدعم من ارتفاع إيرادات السياحة إلى 17,2 مليار دولار بعد هبوط متوقَّع بنسبة 78% في 2020.