أسهم النفط الرخيصة تغازل المستثمرين رغم الحوكمة البيئية

دفعت الجائحة شركات النفط الكبرى إلى خفض توزيعات الأرباح في محاولة لخفض التكاليف والحفاظ على رأس المال، وفقد القطاع ربع قيمته في عام 2020، وهو أكبر انخفاض في مؤشر "ستوكس 600 للأسهم الأوروبية"
دفعت الجائحة شركات النفط الكبرى إلى خفض توزيعات الأرباح في محاولة لخفض التكاليف والحفاظ على رأس المال، وفقد القطاع ربع قيمته في عام 2020، وهو أكبر انخفاض في مؤشر "ستوكس 600 للأسهم الأوروبية" المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قد لا تكون أسهم النفط في أوروبا هي أكثر الاختيارات وضوحاً في عالم يراعي الحوكمة البيئية والمجتمعية وحوكمة الشركات، لكن بعض المستثمرين لا يمكنهم الاكتفاء منها.

تعتبر هذه الأسهم رخيصة، وتدر أرباحاً كبيرة واستفادت من انتعاش أسعار النفط. هذا مزيج جذاب للمستثمرين القلقين من المبالغة في تقدير السوق الأوسع بعد صعوده المستمر منذ بلوغه قاع تفشي وباء كورونا العام الماضي. كنقطة تحول إضافية، يضخ العديد من منتجي النفط الخام السيولة في قطاع الطاقة المتجددة، مما يساعد على تخفيف الانتقادات الموجهة إليهم بالمساهمة في تغير المناخ.

"بريتش بتروليوم" تخفض ديونها إلى 35 مليار دولار وتستأنف شراء الأسهم

قال نيال غالاغر، مدير الاستثمار في قسم الأسهم الأوروبية في شركة "جي أيه إم إنفستمنتس" (GAM Investments)، في مقابلة عبر الهاتف: "من المذهل لنا أن ننظر الآن في السوق إلى ما هو رخيص جداً، ويولد الكثير من المال، ولكن أيضاً مع وجود زخم أرباح قوي للغاية، فإن أسهم الطاقة تبرز حقاً على أنها جذابة للغاية".

لدى غالاغر أسهم في شركة "إيكوينور" (Equinor) وشركة "بريتش بتروليوم" وشركة "رويال دويتش شل"، ويزيد من وزن أسهم قطاع الطاقة في صندوقي "جي أيه إم ستار يوروبين إيكويتي" (GAM Star European Equity) و "جي أيه إم ستار كونتينينتال يوروبيان إيكويتي" (GAM Star Continental European Equity).

الحوكمة البيئية والمجتمعية وحوكمة الشركات

في الوقت الحالي، حتى مع استثماراتها الكبيرة في الطاقة المتجددة، وتخزين البطاريات، ونقاط شحن السيارات الكهربائية، وتكنولوجيا احتجاز الكربون وغيرها من جهود إزالة الكربون، لا تزال هذه الشركات تكرس جزءاً كبيراً من نفقاتها الرأسمالية للوقود الأحفوري، مما يلقي بثقله على سجلها من الحوكمة البيئية والمجتمعية وحوكمة الشركات.

أكبر صندوق سيادي في العالم يبحث تغيير خططه الاستثمارية للتوافق مع أهداف المناخ

قال آلان كوستيس، رئيس قسم أسهم المملكة المتحدة في "لازارد أسيت مانجمنت": "أعتقد أنه من الصعب اعتبار شركات النفط والغاز إيجابية في مجال الحوكمة البيئية والمجتمعية وحوكمة الشركات، لأن نسبة عائداتها من الوقود غير الأحفوري لا تزال صغيرة جداً كنسبة مئوية من إجمالي إيراداتها".

"اكسون" تبيع بعض أصول بحر الشمال بأكثر من مليار دولار

وبالنسبة للمستثمرين في أسهم النفط والغاز، لم يكن الأمر سهلاً: دفعت الجائحة شركات النفط الكبرى إلى خفض توزيعات الأرباح في محاولة لخفض التكاليف والحفاظ على رأس المال، وفقد القطاع ربع قيمته في عام 2020، وهو أكبر انخفاض في مؤشر "ستوكس 600 للأسهم الأوروبية".

ولكن بعد أن أُعيد فتح الاقتصادات وتعافت أسعار النفط من هبوطها في عام 2020، فإنهم يعيدون فتح صنابير الأموال مع تعهدات بزيادة المدفوعات النقدية وإعادة شراء الأسهم. ومع ذلك، فإن القطاع مرة أخرى هو الأسوأ أداء على مستوى نطاق السوق الواسع.

التحول الأخضر

لهذا السبب، يلقي المستثمرون باللوم على المخاوف الاقتصادية، ولكنهم أيضاً قلقون بشأن دور شركات النفط الكبرى في المساهمة في تغير المناخ. يقاوم منتجو النفط الخام الأوروبيون من خلال زيادة الاستثمارات في الانتقال إلى طاقة أنظف، لكن هذا يسبب مشكلته الخاصة حيث إن الإنفاق يهدد بحرمان الشركات من السيولة اللازمة لدفع توزيعات الأرباح.

ألمح كوستيس إلى تساؤل المستثمرين عن مقدار السيولة التي ستحولها شركات النفط والغاز إلى مصادر الطاقة المتجددة، في حين أنه لم يجر إثبات قدرتها على كسب عائد طويل الأجل من هذا الاستثمار. وتتضاءل هذه المخاوف مع تقديم الشركات مزيدا من التفاصيل عن خططها.

شركات نفط بمحفظة أكبر صندوق سيادي بالعالم لا تفعل ما يكفي لخفض الانبعاثات

قال كوستيس عبر الهاتف إنه يشعر أن "السوق أصبح أكثر راحة بشكل تدريجي مع الكيفية التي ستعمل بها هذه الشركات في نهاية المطاف على تحويل أعمالها بعيداً عن إنتاج الوقود الأحفوري".

أسهم جاذبة

من جهة أخرى، سيستمر منتجو النفط في جني الأرباح من التنقيب عن النفط الخام. قال ألاسديار ماكينون، المدير الأول لصندوق " سكوتش إنفستمنت تراست" ( Scottish Investment Trust)، إن الوقود الأحفوري موجود هنا ليبقى لمدة 30 أو 40 عاماً على الأقل، ولا يزال هناك طلب من صناعة المواد الكيميائية لتصنيع البلاستيك. ولديه أسهم في شركات "إكسون موبيل" و"بريتش بريليوم" و"شل" و"توتال إنيرجيز"، حيث تشكل شركات النفط والغاز 15% من محفظة أصوله، أي ما يقرب من أربعة أضعاف وزنها في سوق الأسهم الأوروبية.

قال ماكينون عبر الهاتف: "يميل الناس إلى اختيار شركات النفط الكبرى مع قول: "أنتم أشرار، هذه الشركات لا ينبغي أن تكون موجودة". "ما نفعله هو القول، في الواقع، إنه أمر معقد حقاً".

لا يزال من الممكن أن تذهب هذه الوفرة سدى بالنسبة للمستثمرين الذين يراهنون على الطاقة.

تهدد سلالة دلتا المتحولة من فيروس كورونا بتثبيط النمو أكثر مما يتوقعه المستثمرون، وفي الوقت نفسه يصطف بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي لبدء التراجع عن التحفيز الاقتصادي هذا العام. كلا العنصرين يؤثران بالفعل على أسعار النفط. والمستثمرون في أسهم النفط لا يردعهم ذلك.

توافق داخل "الفيدرالي" لبدء تقليص مشتريات الأصول العام الحالي

أضاف غالاغر من شركة "جي أيه أم ": "تحول الشركات نفسها من شركات نفط متكاملة إلى شركات طاقة متكاملة، لذا أصبحت أكثر اخضراراً فيما تفعله، لكنها تدر أيضا الكثير من الأموال". تابع: "بأسعار الأسهم الحالية، هذه استثمارات رخيصة جداً جداً".