فرص جيروم باول في الولاية الثانية تزداد بعد كسبه تأييد يلين

جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي
جيروم باول رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

اكتسبت فرص جيروم باول في البقاء بمنصبه كرئيس لمجلس بنك الاحتياطي الفيدرالي لولاية ثانية زخماً بعد حصوله على تأييد وزيرة الخزانة، جانيت يلين، وهي خطوة من شأنها أن تقلل عدم اليقين بشأن مسار السياسة النقدية وسط مخاطر التضخم والسلالة المتحورة "دلتا".

ووفقاً لأشخاص مطلعين، أخبرت يلين كبار مستشاري البيت الأبيض أنها تفضل إعادة ترشيح باول، الذي تنتهي فترته الحالية في فبراير؛ في حين لم يتخذ الرئيس جو بايدن قراراً بعد، ومن المرجح أن يتخذ قراره بحلول عيد العمال، الذي يصادف 6 سبتمبر من هذا العام، بحسب المصادر المطلعة.

زيادة حظوظ باول

وحسبما ورد يوم السبت، فإن دعم وزيرة الخزانة لباول قدَّم له دفعة هائلة بالنظر إلى ثقل منصبها كرئيسة للخزانة ومكانتها الشخصية، بعد أن أدارت بنك الاحتياطي الفيدرالي بنفسها لمدة أربع سنوات، متوجّة مسيرتها المهنية التي امتدت لما يقرب من عقدين في مجال المصارف المركزية.

ومع ذلك، تحظى محافظة الاحتياطي الفيدرالي، لايل برينارد، ببعض الدعم داخل الإدارة، لكي تشغل منصب رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، وفقاً لما ذكره مصدر مطلع. حيث تحظى المسؤولة السابقة في عهد أوباما، والتي درس بايدن العام الماضي موضوع تعيينها في منصب وزير الخزانة، بدعم الديمقراطيين التقدميين، وكثير منهم يعملون في فريق بايدن.

في هذا الصدد، قال ديريك تانغ، الخبير الاقتصادي في شركة "مونيتاري بوليسي أناليتكس": "إحدى الفوائد العظيمة لاستبقاء باول كرئيس لبنك الاحتياطي الفيدرالي هي الاستمرارية؛ حيث يُعدُّ ذلك مطمئناً للغاية في وقت يسود فيه عدم اليقين هذا؛ وهو يُجسِّد ركيزة راسخة، وتراه الأسواق بهذه الطريقة، ولهذا فإن بقاءه يساعد".

سيحتاج ترشيح باول لولاية جديدة إلى تأكيد في مجلس الشيوخ، حيث يوجد انقسام حزبي بنسبة 50-50.

ويذكر أن أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري قد دعموا في الأسابيع الأخيرة الرئيس الحالي، الذي شغل منصب محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي من عام 2012 حتى ترقيته في عام 2018، عندما اتخذ دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي آنذاك، قراراً بعدم تجديد ولاية يلين لفترة ثانية.

خطاب مرتقب

ويأتي تأييد يلين في وقتٍ مهم؛ حيث سيلقي باول خطاباً افتراضياً طال انتظاره يوم الجمعة في ندوة جاكسون هول السنوية لبنك الاحتياطي الفيدرالي في مدينة كانساس سيتي – حيث من المحتمل أن يشير إلى متى وكيف من المرجح أن يبدأ البنك المركزي في سحب بعض دعمه الاستثنائي للاقتصاد.

تعليقاً على الموضوع، قال تانغ: "هذه فرصة عظيمة له لعرض مهاراته في بناء الإجماع". وستتاح لباول فرصة ليُظهر للبيت الأبيض والآخرين كيف سيقوم بإدارة الدفة داخل لجنته الخاصة، في ضوء وجهات النظر المختلفة لأعضائها حول موعد بدء سحب الدعم للاقتصاد.

في الواقع، كان باول وزملاؤه يطبقون إطاراً سياسياً جديداً - أُعلن عنه في جاكسون هول العام الماضي - والذي يغير النهج السابق المتمثل في رفع أسعار الفائدة لاحتواء التضخم بناءً على توقعات الوظائف والنمو الاقتصادي بدلاً من النتائج.

كما كان المستثمرون يناقشون مدى ملاءمة الاستراتيجية في وقت حدثت فيه اضطرابات رئيسية في سلاسل التوريد وسوق العمل بسبب الجائحة. وقد يؤدي تعيين رئيس جديد لبنك الاحتياطي الفيدرالي في فبراير إلى زيادة حالة عدم اليقين في الأسواق.

مخاوف التضخم

فضلاً عن ذلك، قال النقاد، بمن فيهم الجمهوريون وحتى بعض الديمقراطيين، إن بنك الاحتياطي الفيدرالي معرض لخطر السماح للتضخم بالخروج عن السيطرة لأول مرة منذ أكثر من 30 عاماً. وقد حثوا باول على البدء في التراجع عن مشتريات السندات الضخمة التي يقوم بها بنك الاحتياطي الفيدرالي، والتي تساعد في تحفيز الاقتصاد من خلال قمع تكاليف الاقتراض طويل الأجل.

كذلك كتب الاقتصاديون في "دويتشه بنك أيه جي" بقيادة بيتر هوبر، الذي عمل سابقاً في الاحتياطي الفيدرالي، في مذكرة للعملاء هذا الشهر: "تمرّ السياسة النقدية بمنعطف حرج". وبالتالي فإن استبدال باول بشخص أكثر دعماً لأسعار الفائدة المنخفضة والسياسة النقدية التوسعية "يمكن أن يؤدي إلى نتائج عكسية، حيث يمكن أن يؤدي إلى زيادة مخاطر التضخم المتصورة، وارتفاع عوائد السندات، وضعف الشعور بالمخاطرة - وكل ذلك من شأنه أن يؤخر عودة الاقتصاد إلى حالته السابقة قبل الجائحة".

خيار برينارد

كان مسؤولو إدارة بايدن يدرسون الخطب والتعليقات التي أدلت بها برينارد، والتي يُنظر إليها على أنها مرشحة أكثر ليبرالية تقترب من أجندة بايدن الاقتصادية، وأكثر تشدداً فيما يتعلق باللوائح المصرفية.

وسيحظى ترشيح برينارد بالثناء من أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين التقدميين، إلا أنه سيثير معركة تأكيد مؤلمة - يحتمل أن تكون تصويتاً بنسبة 50-50 في مجلس الشيوخ مع كون نائبة الرئيس، كامالا هاريس، هي التي ستكسر التعادل.

في حين أشاد العديد من كبار الديمقراطيين بباول، فإن الدعم الديمقراطي الموحد ليس نتيجة مفروغاً منها. وقد رفض عضوا مجلس الشيوخ، شيرود براون، وإليزابيث وارن، الإفصاح عما إذا كانا سيدعمانه لفترة أخرى، وانتقد كلاهما طريقة تعامل باول مع اللوائح المالية بشأن قضايا مثل إعادة شراء أسهم البنوك.

الجدير بالذكر أن هناك العديد من المناصب الشاغرة الأخرى المعلقة في مجلس الإدارة، مما يمنح بايدن فرصة لوضع بصمته على بنك الاحتياطي الفيدرالي وإعادة صياغته بعد اختيارات ترامب الخمسة.

فإلى جانب باول، لدى بايدن الفرصة لاستبدال نائب الرئيس للإشراف، الذي يشرف على لوائح البنوك، وهو منصب يشغله الآن راندال كوارلز، ومنصب نائب الرئيس الذي يشغله الآن ريتشارد كلاريدا، جنباً إلى جنب مع مقعد شاغر في مجلس إدارة بنك الاحتياطي الفيدرالي.

قراءات التضخم

في غضون ذلك، يمثل التضخم - وهي ظاهرة اقتصادية بالكاد سُجّلت في السياسة الأمريكية لمدة 40 عاماً - نقطة ضعف في انتخابات التجديد النصفي لعام 2022.

حيث تبقى القراءات الأخيرة مرتفعة، وقد ارتفع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 5.4٪ في الإثني عشر شهراً حتى يوليو، على الرغم من انخفاضه عن الشهر السابق للمرة الأولى منذ نوفمبر.

وكشفت المخاوف عن نفسها هذا الشهر عندما أظهرت البيانات أن ثقة المستهلك تراجعت في أوائل أغسطس إلى أدنى مستوى لها منذ ما يقرب من عقد من الزمن بمقياس واحد؛ وانخفضت مبيعات التجزئة الأمريكية في يوليو بأكثر من المتوقع.

كما كتب محللو شركة "ويلز فارغو أند كو"، بما في ذلك مايك شوماخر، رئيس استراتيجية الماكرو، هذا الشهر: "يجب أن تستفيد الأصول المرتبطة بالتضخم بشكل كبير" في حال تم ترشيح برينارد كرئيس لبنك الاحتياطي الفيدرالي. وتوقعوا اتساع الفجوة في العوائد بين سندات الخزانة المرتبطة بالتضخم والسندات العادية بعد مثل هذه الأخبار.

كما قال فريق "ويلز فارغو" أيضاً، "لكي نكون واضحين، ما زلنا نتوقع نحن والأسواق عبر الإنترنت أن يحتفظ باول بمنصبه".