اللعبة الخفية في معركة الموافقة على استخدام لقاحات "كورونا"

الطبيبة ميشيل تشيستر ، في مركز نورثويل هيلث لونغ آيلاند الطبي اليهودي، تجهز حقنة بلقاح كوفيد-19 طورته شركتا "فايزر" و"بايونتيك". نيويورك. الولايات المتحدة
الطبيبة ميشيل تشيستر ، في مركز نورثويل هيلث لونغ آيلاند الطبي اليهودي، تجهز حقنة بلقاح كوفيد-19 طورته شركتا "فايزر" و"بايونتيك". نيويورك. الولايات المتحدة المصدر: بلومبرغ
Lionel Laurent
Lionel Laurent

Bloomberg Opinion. Writing my own views on Flag of European UnionFlag of FranceMoney-mouth face(Brussels/Paris/London) here: https://bloom.bg/2H8eH0P Hate-love-mail here: llaurent2 at bloomberg dot net

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تعمل الجهات المنظِّمة لتداول اللقاحات حول العالم بسرعاتٍ مختلفة في التعامل مع الموافقات على الاستخدام، ومع بدء الدول الغربية في نشر الدفعة الأولى من اللقاحات الواعدة في مواجهة فيروس كوفيد 19، جاءت المملكة المتحدة في مقدمة الدول التي تعاملت بسرعة فائقة للموافقة على الاستخدام، في حين جاءت الولايات المتحدة بعدها، مما جعل ذلك الأمر القائمين على إصدار الموافقات في موقف صعب للغاية. بسبب الضغط عليهم للعمل بسرعة هائلة جداً.

فهذه الجائحة التي تحدث مرة كل قرن، قد حصدت حياة أكثر من مليون شخص حول العالم، كما أدَّى غياب العلاج إلى إغلاقات حطَّمت الاقتصادات، وأرجعتها للعصور الوسطى، كما أنَّ الأشخاص من أمثال ترمب يوبخون المنظِّمين باستمرار على بطئهم في العمل.

والآن، قد تأتي الرغبة في تسجيل نقاط لصالحهم من ناحية السرعة بنتائج عكسية، مما يُغرق المنظمين في مناورات لا نهاية لها، ويقوِّض الثقة فيهم.

وكان من المفترض أن تكون المصادقة الأولى في العالم، من جانب المملكة المتحدة على لقاح "فايزر بيو إن تك"، من أجل الاستخدام الطارئ هذا الشهر أن تحمل أخباراً جيدة للعلم بشكل لا لَبس فيه، لكنَّ بعضهم حرَّف ذلك بشكل غير مفيد في المملكة المتحدة، ليصبح انتصاراً للبريكسيت في ضوء تأخُّر الاتحاد الأوروبي في الموافقة على استخدام اللقاح.

وردَّت وكالة الأدوية الأوروبية على ذلك أنَّ البريطانيين كانوا متسرِّعين بدلاً من أن يتوخوا السلامة. وكان مدير هيئة الدواء والغذاء الأمريكية أنتوني فاوتشي موافقاً على ذلك قبل أن يتراجع عن تعليقاته.

الشكوك تغزي حملات التشهير

ربما لو كانت الشكوك التي تحوم حول اللقاح أقل انتشاراً، فلن يكون لحملات التشهير هذه أهمية تُذكر، فقد أظهرت الاستطلاعات أنَّ حوالي 40% في أوروبا الغربية يشككون في فعالية اللقاح.

وتقوم إدارة الغذاء والدواء بالعمل كما يليق بإدارة مركزية في الولايات المتحدة، فهي تعمل بشفافية، فقد أمضى أعضاء اللجنة الاستشارية الرئيسية يوم الخميس في مناقشة الاعتماد في بث حي، ومباشر عبر الإنترنت قبل إعلان المصادقة. في حين تعدُّ وكالة الدواء الأوروبية أنموذجاً مختلفاً، يجتمع فيها 27 عضواً في الاتحاد الأوروبي في مكان واحد. وهم يفتخرون بالبطء على أنَّه إشارة السلامة، لكن ربما يعمل هذا أيضاً على طمأنة الشعوب، ويثني بعض الدول الأعضاء، مثل هنغاريا التي تريد اختبار اللقاح الروسي.

ومع ذلك، فإنَّ توجيه أصابع الاتهام بشأن السرعة والسلامة يتجاهل أنَّ هذا سباق ماراثون، وليس عدواً سريعاً. وبالكاد قد تمَّ تسليم الدفعات الأولى من اللقاحات، ويجب على المشرفين أن يكونوا يقظين، ويتحسبوا لأيَّة مفاجآت غير مرغوبة.

وعملت ميزة أول المعتمدين التي تمتَّعت بها المملكة المتحدة على جعلها مختبراً، فقد هزَّت أنباء عن ظهور ردود فعل تحسسية هذا الأسبوع وكالة تنظيم الأدوية ومنتجات الرعاية الصحية، ودفعتها إلى إصدار توجيه بابتعاد مرضى الحساسية عن اللقاح.

من المؤكَّد أنَّ المنظِّمين سيتعلَّمون من بعضهم، بدلاً من التنافس، مع حصول أشخاص أكثر على اللقاح.

وقال توماس لونغرين، الذي أدار هيئة الأدوية الأوروبية بين عامي 2001 و2010، إنَّ فكرة العين بالعين ترسل إشارات خاطئة من خلال جعل الأمر يبدو كأنَّ هذه الوكالات تعمل لتحقيق أغراض متعارضة. وقال لي: "أنا لست سعيداً حقاً بفكرة المنافسة، جميع الجهات الناظمة تعمل معاً عن قرب في هذا الوباء". واليوم، بصفته استشارياً لشركات اللقاحات، فإنَّه يرى أنَّ هناك مقاربة أفضل للحصول على التفويضات، إذ كان من الافضل للجهات الناظمة أن تتفق فيما بينها للإعلان عن المصادقة على اللقاح في وقت واحد، أو إصدار بيان مشترك، بدلاً من غرس بذور سوء النية حول تأخُّر الإعلان لبضعة أسابيع.

اعتماد مقاربة منهجية

وإلى جانب أنَّ هذا يحقق المزيد من التعاون، فقد تكون هناك فوائد من اعتماد مقاربة منهجية أكثر. فسويسرا مثلاً، التي كانت محظوظة بعدم وجود نسبة وفيات عالية، ليست لديها إجراءات اعتماد طارئ يمكن التحدُّث عنها، وهي تخطط لتخصيص بضعة أشهر أخرى لجمع البيانات من دول بدأت بالتلقيح.

وترى خبيرة اللقاحات كلير آن سيغريست، الملقّبة "بالكاهنة الكبرى" للقاحات كوفيد في وسائل الإعلام السويسرية أنَّ مقاربة أكثر حذراً ستجمع المزيد من المعلومات، والبيانات المفيدة التي يمكنها المساعدة في كسب المترددين. ففي النهاية، لن يتغلَّب على هذا الفيروس إلا استخدام اللقاح على نطاق واسع.

ومع ذلك، من غير المتوقَّع أن تنحسر الرغبة التنافسية قريباً، فمع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في العام القادم؛ فإنَّ هيئة تنظيم الأدوية، ومنتجات الرعاية الصحية فيها ستخسر وصولاً غير مقيد إلى سوق واحد للأدوية والكفاءات، في حين ستخسر وكالة الأدوية الأوروبية شريكاً جيداً .

ووفقاً لما قاله مايكل غوف، الوزير الحالي في بريطانيا، فإنَّ البريكست يخلِّص المملكة المتحدة من القواعد الأوروبية السخيفة حول التجارب السريرية. وترى تمارا هيرفي، أستاذة القانون في جامعة شيفيلد، أنَّه بالرغم من وجود مجال للاختلاف التنظيمي، وعدَّة طرق جديدة للمصادقة على الأدوية؛ فإنَّ المملكة المتحدة ستواجه تحديات أكبر؛ لأنَّها ستكون سوقاً لأصغر معرض للعوائق التجارية.