قيود الصين التنظيمية تنعش الطروحات العامة الآسيوية

تمكنت شركات التكنولوجيا في الهند وكوريا الجنوبية وجنوب شرق آسيا من جمع 8 مليارات دولار من الطروحات الأولية للأسهم لهذا العام متجاوزة ذروتها السنوية السابقة
تمكنت شركات التكنولوجيا في الهند وكوريا الجنوبية وجنوب شرق آسيا من جمع 8 مليارات دولار من الطروحات الأولية للأسهم لهذا العام متجاوزة ذروتها السنوية السابقة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

دفعت القيود التنظيمية الصينية على شركات التكنولوجيا المستثمرين حول العالم إلى البحث عن فرص جديدة في جميع أنحاء آسيا، ما ساهم في قفزة قياسية في الطروحات العامة الأولية من الهند إلى كوريا الجنوبية والتي تظهر القليل من علامات التباطؤ.

تمكنت شركات التكنولوجيا في هذين البلدين وفي جنوب شرق آسيا من جمع 8 مليارات دولار من الطروحات الأولية للأسهم لهذا العام، متجاوزة ذروتها السنوية السابقة. ومن المتوقع أن يزداد عدد عمليات الإدراج المخطط لها من قبل الشركات بما في ذلك عملاق التكنولوجيا المالية الهندي "باي تي إم" (Paytm) وتحالف الإنترنت الإندونيسي "غوتو" (GoTo)، وكلاهما قد يحطم الأرقام القياسية المحلية لجمع التمويلات.

موجة طروحات عامة أولية بـ8.8 مليار دولار تكتسح الهند مع صعود الشركات الناشئة

بدأ هذا الحصاد الجديد من الشركات الناشئة، والذي سيطر عليه الصينيون لفترة طويلة، يؤتي ثماره في الوقت الذي أدت فيه حملة بكين القمعية إلى إعاقة آفاق الإدراج والنمو في سوق الاكتتاب العام الأكثر سخونة في المنطقة منذ فترة طويلة.

حقبة جديدة

يقول بعض المصرفيين إن النتيجة قد تكون بداية حقبة جديدة لإدراج شركات التكنولوجيا في آسيا. حيث يقوم المستثمرون بالفعل بزيادة الانكشاف على الأسواق خارج الصين، كما يقومون ولأول مرة بالشراء في الاكتتابات العامة الأولية في دول مثل الهند وإندونيسيا. ويسلط مصدرو الأسهم المحتملون، الذين طالما وضعوا أنفسهم كمعيار مقابل الشركات الصينية، الضوء الآن على أوجه التشابه مع نظرائهم العالميين على أمل الحصول على تقييمات أعلى.

يقول أودهاي فورتادو، رئيس مشارك في أسواق رأس المال الآسيوية في "سيتي غروب": "هذه الشركات قوية في حد ذاتها، ولكن ما عزز الطلب الهائل عليها، هو التحول بعيداً عن شركات التكنولوجيا الصينية".

أدّت الهجمة التنظيمية الصينية، التي تدخل الآن شهرها العاشر منذ الانهيار المفاجئ للاكتتاب العام لشركة "آنت غروب"، إلى خفض تقييمات شركات التكنولوجيا المدرجة في البلاد بنحو 40%، كما أجبرت العديد من الشركات الناشئة على إيقاف خططها للاكتتابات العامة الأولية بعد أن أعلن المنظمون عن عملية تدقيق أكثر صرامة للطروحات الخارجية.

استحوذت الصين وهونغ كونغ على حوالي 60% من الاكتتابات الأولية لشركات التكنولوجيا في آسيا منذ نهاية يونيو، انخفاضاً من 83% في الربع الثاني، وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ. كما يتم التداول على ثلاثة أرباع أسهم الشركات الصينية التي تم إدراجها في الخارج هذا العام بأقل من أسعار طرحها.

وفي الوقت نفسه، تجتذب الصفقات في الأسواق الصغيرة طلباً ضخماً في ظل مراهنة المستثمرين على مجتمعات تجيد استخدام الإنترنت، وعلى زيادة الإنفاق الاستهلاكي، إضافة إلى ظهور فئة جديدة من رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا.

شركات ناشئة

جمعت الشركة الإندونيسية للتجارة الإلكترونية "بي تي بوكالاباك" (PT Bukalapak.com)، 1.5 مليار دولار بنهاية شهر يوليو في أكبر طرح عام أولي في البلاد على الإطلاق، متجاوزة بكثير هدفاً مبكراً يتراوح بين 300 -500 مليون دولار.

تلقت "زوماتو"، وهي منصة هندية للمطاعم ولتوصيل الطعام عبر الإنترنت، عطاءات بقيمة 1.5 تريليون روبية (20.2 مليار دولار) من الصناديق الكبيرة للشريحة الأولى من الاكتتاب، ما جعلها واحدة من أكثر العروض الهندية جذباً للمؤسسات الاستثمارية، وجمعت الشركة 1.3 مليار دولار في يوليو.

اقرأ المزيد: تغطية اكتتاب "زوماتو" بالكامل في اليوم الأول،، وشركات اليونيكورن تصطف

باعت "كاكاو بنك"( KakaoBank Corp.)، وهي أول مؤسسة للإقراض عبر الإنترنت تُطرح للاكتتاب العام في كوريا الجنوبية، 2.2 مليار دولار من الأسهم الجديدة خلال الشهر الماضي، وارتفع سعر الأسهم بأكثر من 70% في بداية التداولات.

فيكاس بيرشاد، مدير محفظة في "إم أند جي" للاستثمار في سنغافورة قال: "باتت العقبات أمام تخصيص رأس مال لشركات التكنولوجيا في الصين الآن أعلى بكثير مما كانت عليه قبل شهر، كما تراجعت صافي الأصول المنكشفة على شركات التكنولوجيا الصينية، بينما صعد صافي الانكشاف على نماذج الشركات المعتمدة على التكنولوجيا خارج الصين.

"سوفت بنك" تقود جولة تمويل بـ1.2 مليار دولار لشركة هندية ناشئة لتوصيل الأطعمة

قال أحد المصرفيين، طلب عدم الكشف عن اسمه لمناقشته معلومات عميل، بات بعض المستثمرين المقيمين في هونغ كونغ، الذين كانوا يركزون في السابق على الصفقات الصينية، يشاركون الآن في الاكتتابات العامة لشركات التكنولوجيا في أماكن أخرى في المنطقة. وقال مصرفي آخر إن صناديق التحوط الأمريكية تتطلع أيضاً إلى الهند عن كثب. بينما نصح محللو الأبحاث في "مورغان ستانلي" العملاء مؤخراً بإعادة توجيه حيازاتهم في قطاع الإنترنت بعيداً عن الصين وباتجاه الهند وجنوب شرق آسيا.

أكد وليام سمايلي، الرئيس المشارك السابق في أسواق رأس المال في آسيا واليابان في مجموعة "غولدمان ساكس"، على اهتمام المستثمرين بالأسواق الآسيوية الأخرى، مشيراً إلى أن رؤوس الأموال العالمية تتنافس فيما بينها، ويتم الحكم على فرص الاستثمار على أساس مطلق ونسبي.

الاختبار

ويبقى استمرار الحماس محل تساؤل. فقد انخفض سهم "كاكاو بانك" لفترة وجيزة هذا الشهر دون سعر الطرح، ورغم ذلك فقد ارتد منذ ذلك الحين. حيث يتم تداول سهمي "زوماتو" و"كاكاو بنك" بأعلى من أسعار الاكتتاب العام بـ 64% و115% على التوالي.

سيختبر النمو المتزايد للصفقات طلب المستثمرين. تقدمت "بايتم"، التي يطلق عليها رسمياً (One97 Communications)، بطلب اكتتاب عام أولي بقيمة 166 مليار روبية والذي من المقرر أن يكون الأكبر في الهند على الإطلاق. كما تتطلع "بوليسي بازار"، سوق التأمين عبر الإنترنت، إلى جمع ما يصل إلى 60.18 مليار روبية.

تخطط "غو تو" (GoTo)، التي تم تشكيلها من خلال اندماج شركة "غو جيك" (Gojek) الإندونيسية العملاقة لخدمات نقل الركاب ومزود التجارة الإلكترونية "بي تي توكوبيديا" (PT Tokopedia)، لطرح عام أولي محلي هذا العام قبل السعي لإدراجها في الولايات المتحدة. حيث تقوم الآن بجمع تمويل بقيمة تتراوح بين 25 و30 مليار دولار، ما يعني أنه قد يصبح أكبر طرح أولي في إندونيسيا.

الشركة الناشئة الأعلى قيمة في إندونيسيا تتفاوض لجمع ملياري دولار قبل الطرح العام

قال جريجور فيج، الرئيس المشارك السابق في "إي سي إم" في اليابان في "جي بي مورغان تشيس آند كو" إن هناك تزايداً في تنوع مصادر استثمار رأس المال في الشركات الرائدة الأسرع نمواً في آسيا. تعد صناديق الثروة السيادية الأكثر نشاطاً في جميع هذه الشركات، فهي تميل إلى ذلك، كما أن المجتمع الدولي ولفترة طويلة يزيد ارتياحه للشركات المدرجة محلياً عبر آسيا".

يستعد تدفق الاكتتابات العامة لشركات التكنولوجيا في جنوب شرق آسيا والهند لإعادة تشكيل الأسواق التي ارتكزت فيها المؤشرات المعيارية في السابق على قطاعات الاقتصاد القديم مثل الطاقة والتمويل.

قالت بولين نغ، مديرة محفظة في "جي بي مورغان لإدارة الأصول": "لم تتم حتى الآن ترجمة المميزات الديموغرافية المواتية ونمو الاستهلاك المحلي في جنوب شرق آسيا، بشكل كامل في أداء سوق الأوراق المالية مؤخراً، حيث لم يتم إدراج بعض الشركات الأسرع نمواً بعد"، مضيفة أن تزايد تمثيل الاقتصاد الجديد يعني أن هذه الأسواق لم يعد من الممكن تجاهلها.

آسيا والمحيط الهادئ