أفضل العملات الناشئة تفقد قوتها مع تضاؤل رهانات رفع أسعار الفائدة

يترقب المستثمرون تحركات البنوك المركزية خلال الفترة المقبلة التي تواجه تحديات كبيرة للموازنة بين كبح التضخم ودعم النمو
يترقب المستثمرون تحركات البنوك المركزية خلال الفترة المقبلة التي تواجه تحديات كبيرة للموازنة بين كبح التضخم ودعم النمو المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أصبح بعض من أفضل عملات الأسواق الناشئة أداءً لهذا العام غير مفضَّل، إذ قلَّل المضاربون من الرهانات على المزيد من الزيادات في أسعار الفائدة.

الريال البرازيلي والروبل الروسي، اللذان تفوقا على معظم أقرانهما في النصف الأول من العام الجاري وسط تشديد السياسة النقدية؛ عادا حالياً إلى الاتجاه المعاكس. انخفض الريال بنحو 4.5% منذ نهاية شهر يونيو، أكثر من أي عملة رئيسية أخرى تتبعها وكالة "بلومبرغ".

كانت دورة التشديد النقدي تعمل بكامل قوتها في الأسواق الناشئة قبل وقتٍ طويل من بدء بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي في وضع جدولٍ زمني لتقليص برنامج شراء السندات، الذي قال رئيس البنك جيروم باول يوم الجمعة، إنَّه يمكن أن يبدأ في أقرب وقت هذا العام.

الموازنة بين كبح التضخم ودعم الاقتصاد

ساعدت الارتفاعات المبكرة في روسيا والبرازيل على وقف التدفُّقات الخارجة من الأسواق الناشئة، على الرغم من أنَّ صانعي السياسة ما يزالون يوازنون بين الحاجة إلى مكافحة التضخم، والرغبة في دعم الاقتصادات المتضرِّرة من وباء مرض كوفيد- 19.

لقد رفع البنك المركزي البرازيلي بالفعل سعر الفائدة الرئيسي بمقدار 325 نقطة أساس هذا العام، أي أكثر من معظم أقرانه، إذ ستؤدي رهانات السوق الآجلة إلى تباطؤ رفع أسعار الفائدة الأساسية بعد اجتماع شهر سبتمبر المقبل. في روسيا، يتوقَّع المضاربون أنَّ البنك المركزي سيرفع سعر الفائدة الأساسي بنحو 50 نقطة أساس خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، منخفضاً من أكثر من 130 نقطة في أوائل شهر يوليو الماضي.

كتب كاماكشيا تريفيدي، ومقرّه في لندن رسالة هذا الشهر: "من المرجح أن يبطِّئ المضاربون المبكرون على الارتفاع من وتيرة الارتفاعات، أو التوقُّف مؤقتاً في الأشهر المقبلة، إذ تكون سرعة تشديد السياسات متماشية، وفي بعض الحالات تصبح أسرع من دورات الصعود التاريخية".

وأضاف: "من المرجح أن يكون النصف الثاني من دورة الصعود في الأسواق الناشئة أوسع، إذ يبدأ المزيد من البنوك المركزية شكلاً من أشكال إعادة الأمور لطبيعتها".

بجانب الصعود

توفِّر بيئة الأسعار المتصاعدة هذه فرصة حاسمة للمضاربين للاستفادة من الاختلافات في المرحلة التالية من دورة تشديد السياسة النقدية في الأسواق الناشئة، وفقاً لـ"غولدمان ساكس".

أصبحت كوريا الجنوبية أوَّل دولة آسيوية كبرى ترفع أسعار الفائدة هذا العام يوم الخميس المقبل، مع المزيد من الزيادات المنتظرة، فقد تحوَّل التركيز من دعم الاقتصاد إلى كبح جماح فقاعة الأصول المدفوعة بالديون، وقد يكون الدور على بولندا وكولومبيا.

يوفِّر ذلك بعض الاحتمالات الصعودية للعملات المتأخرة مثل الـ "وون" الكوري والـ "زلوتي" البولندي، مما يحمي ميزة عائدها النسبية ضد الأسعار المتسارعة، واحتمال ارتفاع أسعار الفائدة الأمريكية.

ارتفع الـ "وون" قبل أن يتخلى عن مكاسبه بعد أن ظل رئيس البنك المركزي الكوري غامضاً بشأن توقيت الخطوة التالية. قال ميتول كوتيتشا، كبير محللي الأسواق الناشئة في آسيا وأوروبا في شركة "تي دي سيكيوريتز" في سنغافورة، إنَّ العملة يجب أن تعزز قوَّتها مع تشدُّد "بنك كوريا، والمرونة الاقتصادية، والبيع المفرط تقنياً".

وأضاف: "من المرجح أن تستمر الأسواق في مطاردة العائدات، مما يعني أنَّ تلك البلدان ذات المواقف النقدية الجريئة نسبياً، والعوائد الحقيقية المرتفعة ستستفيد أكثر من غيرها".

إجراء التوازن

إنَّه إجراء متوازن دقيق لصانعي السياسة، الذين يتعيّن عليهم محاربة ارتفاع الأسعار دون خنق النمو، إذ مايزال تهديد السلالات المتحوِّرة لمرض كوفيد -19 يلوح في الأفق على الاقتصاد العالمي.

أشارت بولندا على سبيل المثال إلى أنَّها تريد إبقاء السياسة النقدية مرنة إلى أن يسير التعافي الاقتصادي على قدم وساق، على الرغم من ارتفاع معدل التضخم.

ومع ذلك، قد تكون الدولة الواقعة في شرق أوروبا هي الدولة التالية في الصف بعد توسُّع الاقتصاد بأسرع وتيرة سنوية له على الإطلاق في الربع الثاني من العام الحالي، إذ يتوقَّع "دويتشه بنك" زيادات خلال شهري أكتوبر ونوفمبر المقبلين.

كانت عملة الـ "زلوتي" هذا العام أقل من أداء عملتي المجر وجمهورية التشيك، اللتين شرعتا في حملات تشديد نقدي قوية لإبقاء التضخم تحت السيطرة.

تبرز بولندا كسوق ناشئة "متخلِّفة عن أقرانها عندما يتعلَّق الأمر برفع أسعار الفائدة"، بحسب ما قاله أوليفر هارفي، الخبير الاستراتيجي في "دويتشه بنك"، ومقرُّه في لندن. وقد ألقى موقفها المرن من سياستها بثقله على العملة، التي يقول البنك، إنَّها مقوَّمة بأقل من قيمتها بنسبة 10% بناء على نماذجها. وقال، إنَّه إنْ كان البنك المركزي سيتحوَّل إلى مزيد من التشدُّد في وقت لاحق من هذا العام، فقد تكون عملة الـ "زلوتي" بمثابة صفقة اللحاق بالركب.

بدأت ثقة المستهلك المتفائلة الجديدة في الظهور أيضاً في كولومبيا، فقد أشار البنك المركزي إلى أنَّه قد ينضم قريباً إلى الاتجاه الإقليمي لأسعار الفائدة المرتفعة مع تسارع معدل التضخم. يتوقَّع صانعو السياسة أنَّ الاقتصاد سيتوسَّع بنسبة 7.5% هذا العام. ويتوقَّع الاقتصاديون أنَّ صانعي السياسة سيرفعون سعر الفائدة الأساسي بمقدار 75 نقطة أساس هذا العام من مستوى قياسي منخفض بلغ 1.75%.

في الأسبوع المقبل، سيراقب المستثمرون أيضاً قرارات أسعار الفائدة الأساسية في تشيلي وزامبيا.

مؤشرات على السياسة النقدية

• من المتوقَّع أن يرفع البنك المركزي التشيلي سعر الفائدة الأساسي بمقدار 50 نقطة أساس مع استخدام نبرة أكثر تشدُّداً وسط إجراءات التحفيز المالي، وقراءات التضخم الأعلى من المتوقَّع.

• من المتوقَّع أن يترك البنك المركزي في زامبيا أسعار الفائدة الأساسية دون تغيير مع تباطؤ التضخم، فقد ساعدت سلسلة ضربات عالمية لصالح عملة كواتشا في كبح جماح تكاليف الاستيراد.

• في المكسيك، سيبحث المستثمرون في تقرير التضخم الفصلي الذي سيصدر يوم الثلاثاء بحثاً عن أدلة على مسار السياسة النقدية.

• ستجري مراقبة قراءة التضخم في تركيا لشهر أغسطس، والمقرر إعلانها يوم الجمعة عن كثب، إذ من المحتمل أن تؤثِّر على قرار السياسة النقدية التالي في 23 سبتمبر المقبل. وقد عاد المستثمرون إلى سوق الديون التركية وسط ارتياح من أنَّ رئيس البنك المركزي الجديد لم يستسلم لرئيس الجمهورية رجب طيب أردوغان، الذي يدعو إلى خفض أسعار الفائدة.

- من المتوقَّع أنْ تظهر البيانات يوم الأربعاء أنَّ النمو الاقتصادي في تركيا قد تسارع إلى 21% في الربع الثاني مقارنة بالعام الذي سبقه بسبب التأثير الأساسي المواتي.

- كما كتب خبراء الاقتصاد في "سيتي غروب"، ومن بين بينهم إيلكر دوماك وجولتكين اسيكلار، في رسالة: "من المرجح أن يستمر زخم النشاط الاقتصادي في التراجع في المستقبل في مواجهة حالة عدم اليقين المستمرة بشأن الوضع الوبائي، والتقلُّبات المرتفعة في سوق العملات الأجنبية وأسعار الفائدة".

بيانات مؤشر مديري المشتريات

• ستقدِّم بيانات الصين نظرة أولى على كيفية أداء الاقتصاد في أغسطس بعد إعادة فرض قيود شاملة لاحتواء انتشار متحوِّر "دلتا". من المقرر الإعلان عن مؤشرات مديري المشتريات الصناعية وغير الصناعية يوم الثلاثاء.

- ستعكس أرقام الصين تأثير أحدث حالات مرض كوفيد -19، التي أسفرت عن إغلاق موانئ بحرية ومطارات، مع آثار غير مباشرة على قطاعات التجارة والصناعة وكذلك السياحة والترفيه، وفقاً لرسالة من محللي شركة "أي إن جي غروب" بقيادة روبرت كارنيل في سنغافورة. بدأ سعر عملة اليوان يضعف خلال هذا الشهر.

• ستصدر كوريا الجنوبية، وتايوان، وماليزيا، وإندونيسيا، وتايلاند، والفلبين، مقاييس لنشاط المصانع يوم الأربعاء. ومن المقرر صدور مؤشر مديري المشتريات الصناعي. وسيصدر مؤشر "كايشين" الصناعي الصيني في اليوم نفسه.

ما يجب مشاهدته أيضاً

• من المتوقَّع أن تعلن الهند يوم الثلاثاء أنَّ نمو الناتج المحلي الإجمالي قد تسارع إلى 21% في الربع الثاني من العام الجاري من 1.6% في الأشهر الثلاثة السابقة بسبب التأثير الأساسي المنخفض.

- يخفي معدل النمو على أساس سنوي الضعف الأساسي الناجم عن موجة انتشار مرض كوفيد -19 الأخيرة، التي كانت أكثر فتكاً من العام الماضي، وفقاً لشركة "أي إن جي".

- تعرَّضت الروبية للتراجع بنحو 0.8 % هذا العام.

• تعلن كوريا الجنوبية عن الإنتاج الصناعي يوم الثلاثاء، وأرقام التجارة الأربعاء، والناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني من العام الحالي يوم الخميس المقبل.

• من المتوقَّع أن تعلن تايلاند يوم الثلاثاء أنَّ ميزان حسابها الجاري بقي في حالة عجز خلال شهر يوليو الماضي، الأمر الذي قد يحدُّ من وفرة عملة "بات" الأسبوع الماضي بعد أن قالت السلطات، إنَّ تفشي الفيروس قد بلغ ذروته. كما يشهد ميزان الحساب الجاري عجزاً منذ شهر نوفمبر الماضي.

• ستبدأ إندونيسيا سلسلة من قراءات مؤشر أسعار المستهلكين لشهر أغسطس يوم الأربعاء، تليها كوريا الجنوبية يوم الخميس.

• سيراقب المتداولون أي تأثير محتمل على السوق من ميزانية البرازيل المقترحة لعام 2022، التي يجب تقديمها بحلول 31 أغسطس.

- من المقرَّر أيضا أن تصدر البلاد أرقام البطالة الوطنية لشهر يونيو يوم الثلاثاء، بالإضافة إلى بيانات الناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني من العام الحالي في اليوم التالي.

- ستعكس أرقام الإنتاج الصناعي لشهر يوليو الماضي، والمقرر نشرها يوم الخميس المقبل، ضعف الأداء في قطاع السيارات، وفقاً لـ "بلومبرغ إيكونوميكس".

• ستظهر بيانات البطالة في المناطق الحضرية في كولومبيا لشهر يوليو الماضي، التي ستصدر يوم الثلاثاء، انخفاضاً عن الشهر السابق وسط إعادة الافتتاح الاقتصادي، وفقاً لـ"بلومبرغ إيكونوميكس".