مخاوف من عجز "إيفرغراند" الصينية عن سداد التزامات تخطت 300 مليار دولار أمريكي

مبنى "تشاينا إيفرغراند" الصينية في منطقة وان تشاي في هونغ كونغ، الصين. بسبب تعرض البنوك والموردين ومشتري المنازل لمخاطر من جراء انهيار الشركة العملاقة في المجال العقاري، فإن أي انهيار يحدث لها قد يشوش على الاقتصاد الصيني، ما يثير تساؤلات بشأن إمكانية تلقيها دعماً من الدولة.
مبنى "تشاينا إيفرغراند" الصينية في منطقة وان تشاي في هونغ كونغ، الصين. بسبب تعرض البنوك والموردين ومشتري المنازل لمخاطر من جراء انهيار الشركة العملاقة في المجال العقاري، فإن أي انهيار يحدث لها قد يشوش على الاقتصاد الصيني، ما يثير تساؤلات بشأن إمكانية تلقيها دعماً من الدولة. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يكشف الفحص الدقيق أن سداد التزامات شركة "تشاينا إيفرغراند غروب" بات أكثر صعوبة، بعكس ما كان يظهر على السطح أن المجموعة حققت تقدماً في تخفيض أعباء ديونها في النصف الأول من هذا العام.

ارتفعت التزامات "إيفرغراند" الإجمالية، شاملة فواتير مستحقة للموردين، إلى 1.97 تريليون يوان (نحو 305 مليارات دولار أمريكي) في نهاية يونيو الماضي. وبحسب نتائج الأعمال الصادرة الثلاثاء، فإن هذه الالتزامات تقترب من أعلى مستوى لها على الإطلاق. وفي حين انخفض إجمالي القروض إلى 572 مليار يوان، تدهورت السيولة النقدية وما يعادلها عند الشركة إلى أدنى مستوى منذ ستة أعوام.

وفي المحصلة فإن "إيفرغراند" ستحتاج إلى تسريع عمليات بيع الأصول وأن تستمر في تقديم خصم كبير على أسعار الوحدات العقارية، حتى تحصل على سيولة نقدية كافية لتسديد التزاماتها.

تعي أكبر شركة عقارية مديونة في العالم تماماً ما يتهددها، وأعلنت أنها عرضة لمخاطر العجز عن سداد الديون إذا أخفقت جهودها الجبارة في تحقيق أهدافها.

يقول تشوني زاو، محلل الائتمان لدى شركة "لوكرور أناليتيكس": "الآن بلغت الأزمة نقطة حرجة، إذا لم تحقق الشركة تقدماً جيداً في بيع الأصول وضم مستثمرين جدد بما يتوافق مع توقعات الحكومة، فإنها قد تتعثر عن سداد التزاماتها، مما قد يتبعه ترتيبات واتفاق مع الدائنين خارج ساحة القضاء".

الأصدقاء الأثرياء الذين ساعدوا مالك "إيفرغراند" يحصون خسائرهم

أعلنت "إيفرغراند" أنها تدرس بيع نصيبها في شركات تابعة مدرجة تعمل في مجال السيارات الكهربائية والخدمات العقارية، من بين أصول أخرى، وتحاول أن تجذب إليها مستثمرين جدداً وأن تجدد عمليات الاقتراض. وأدت نسب الخصم الكبيرة في أسعار وحداتها -من أجل تسريع تصريفها إلى انخفاض هامش الربحية خلال النصف الأول- في تراجع صافي الدخل بنسبة 29% إلى 10.5 مليار يوان، متوافقًا مع تحذيرات سابقة بشأن الربحية.

وقالت الشركة، ومقرها في مدينة شينزين، في بيان: " تتعرض المجموعة لمخاطر العجز عن سداد قروضها ورفع دعاوى قضائية ضدها خارج المسار الطبيعي لممارسة نشاطها. وعلى حاملي الأسهم والمستثمرين المحتملين توخي الحذر عند التعامل مع الأوراق المالية الخاصة بالمجموعة".

وانخفضت سندات "إيفرغراند" الدولارية بعائد 8.25% التي تستحق في شهر مارس بواقع 2.3 سنت عن كل دولار إلى 42.5 سنت اليوم الأربعاء، وفقاً لبيانات جمعتها بلومبرغ، وفي سبيلها إلى الهبوط إلى مستوى قياسي جديد. وتراجعت أسعار أسهمها بنسبة بلغت 2.8% في تعاملات بورصة هونغ كونغ، حتى وصلت نسبة هبوطها منذ بداية العام إلى 71%.

وقال باتريك ونغ وليزا زاو، المحللان لدى "بلومبرغ إنتيلجنس" (Bloomberg Intelligence): "ربما تحتاج المجموعة إلى البيع الاضطراري لمزيد من الأصول بأسعار بخسة من أجل تخفيف أزمة السيولة لديها، غير أن ذلك سيؤدي إلى تدهور أرباحها وتوقعات الأداء المستقبلية، والتي تعتبر فعلاً الأسوأ بين أقرانها".

وبسبب تعرض البنوك والموردين ومشتري المنازل لمخاطر من جراء انهيار الشركة العملاقة في المجال العقاري، فإن أي انهيار يحدث لها قد يشوش على الاقتصاد الصيني، ما يثير تساؤلات بشأن إمكانية تلقيها دعماً من الدولة. وقد حثت الأجهزة الرقابية والتنظيمية "إيفرغراند" على تسوية أزمة المديونية في واقعة تأنيب علنية نادرة الحدوث أوائل الشهر الحالي.

تضم قائمة كبار الدائنين لشركة "إيفرغراند" كلاً من شركة "تشاينا منشنغ المصرفية"، و"بنك الصين الزراعي"، و"بنك الصين الصناعي والتجاري".

مع ذلك، يرى البعض أن مشاكل "إيفرغراند" لا تهدد بالانتشار بدرجة تضر بسندات شركات التطوير العقاري الأخرى في الصين.

وفي لقاء مع تلفزيون بلومبرغ، قالت تيريزا كونغ، مديرة للمحافظ لدى شركة "ماتيوز إنتراناشيونال كابيتال مانجمنت" في سان فرانسيسكو: "من سوء الحظ كما يبدو أن كارثة ستقع على "إيفرغراند". ويعود ذلك إلى حد كبير إلى مخاطر تخص الشركة تحديداً وليست مخاطر دورية عامة قد تمتد عدواها للقطاع".

أعلنت "إيفرغراند" أن بعض الأموال واجبة السداد عن عقارات تقوم بتطويرها لم تسدد في مواعيدها ما أدى إلى وقف الأعمال في بعض المشروعات، وأنها تتفاوض مع الموردين ومقاولي البناء لاستئناف العمل فيها. وقالت "إن المجموعة ستبذل قصارى جهدها لمواصلة عملياتها وجهودها لتسليم الوحدات العقارية للعملاء وفق الجدول الزمني المحدد سلفاً". وقفزت الالتزامات التجارية وغيرها مستحقة السداد على "إيفرغراند" بنسبة 15% عن مستوى ستة أشهر سابقة، لتسجل رقماً قياسياً جديداً عند 951.1 مليار يوان، كما يتضح من نتائج الأعمال.

ما تزال الشركة غير مستوفية لاثنين من ثلاثة خطوط حمراء تضعها الصين، وهي معايير تفرضها على شركات التطوير العقاري في سياق جهودها لتقييد عمليات الاستدانة في هذا القطاع. وقد تعهدت بالوفاء بالمعايير الثلاثة بحلول ديسمبر عام 2022.

أحد المعايير –معدل السيولة النقدية إلى القروض قصيرة الأجل، وهو معيار لقياس السيولة– تدهور خلال فترة الأشهر الستة الأولى من العام الحالي إلى 36% من 47% في نهاية العام الماضي، إذ تقلصت السيولة النقدية وما يعادلها لدى الشركة إلى أقل مستوى في ستة أعوام، وفق حسابات "بلومبرغ" استناداً إلى نتائج الأعمال.