صعوبات التوظيف بشركات الطيران تهدد تعافي صناعة السفر

الركاب يسجلون الوصول لرحلات خطوط ساوث ويست الجوية في مطار ميدواي الدولي في شيكاغو يوم 28 يناير
الركاب يسجلون الوصول لرحلات خطوط ساوث ويست الجوية في مطار ميدواي الدولي في شيكاغو يوم 28 يناير المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أصبحت ظاهرة العمال المفقودين تمثل مشكلة كبيرة لشركات الطيران، تضاهي فقدان الأمتعة، إذ تواجه شركات الطيران التي تستعد لوضع جداول رحلاتها تحديات بشأن الوظائف الشاغرة، فيما تواجه شركة "ساوث ويست إيرلاينز" مشكلة أخرى تتمثل في الارتفاع المفاجئ بأعداد الموظفين الذين لا يحضرون إلى العمل.

تقوم شركات الطيران بتعيين آلاف الطيارين والمضيفات على مدار أكثر من عام بعد تقليصها للوظائف مع انهيار صناعة السفر بسبب جائحة فيروس كورونا.

كما أن هناك طلباً مرتفعاً على وكلاء الحجز أيضاً، ولكن يبقى الطلب الأكبر الذي يمثل أكثر التحديات تعقيداً في وظائف الأعمال منخفضة المهارات، مثل: مناولي الأمتعة، ووكلاء التذاكر والبوابات، ومنظفات المقصورة، ومسؤولي وقود الطائرات، والأشخاص الذين يعيدون تخزين المطابخ.

قال غاري كيلي، الرئيس التنفيذي لشركة "ساوث ويست إيرلاينز"، في مقابلة: "نواجه منافسة كبيرة على عمّال العمليات الأرضية، وفي الحقيقة يمكننا توظيف واحد أو اثنين، وهو أمر جيد لكنك ما زلت لا تستطيع النمو بشكل أسرع مع بطء نمو تلك المجموعة".

وأشار غاري بيترسون، نائب رئيس "الاتحاد الدولي لعمال النقل"، إلى أن جميع شركات الطيران يكافح من أجل التوظيف، وقال: "كانت الخطوط الجوية مكاناً جاذباً للناس للعمل بسبب ارتفاع الأجر وباقي منافع الوظيفة الجيدة، لكن اليوم هناك كثير من الخيارات الأخرى".

التنافس على توظيف المبتدئين

قال آندي ديكر، الرئيس التنفيذي لشركة "آي كيه هوفمان يو إس إيه" الأمريكية للتوظيف، التي تعمل مع شركات الطيران والمقاولين، إن معركة توظيف العمالة منخفضة المهارات صعبة إلى حد كبير بسبب المنافسة مع قطاع عمليات التخزين والتوزيع. كما أن هناك تحديات خاصة بشركات الطيران نفسها.

وأضاف ديكر: "في شركات الطيران وظائف رائعة، ولكن توجد وظائف رائعة متاحة في جميع الصناعات في الوقت الحالي".

ترفع الصناعات الأخرى الأجور وتقدم حوافز لاكتساب العمال للتعيينات المحتملة. فقد حسنت "والغرينز بوتس اليانس" و"بيست باي" و"سي في إس هيلث" الأجور لجذب العمال. كما تعهدت شركة "تارغت" بتقديم 200 مليون دولار لتمويل الدورات التدريبية لموظفيها في الولايات المتحدة. كذلك حسنت شركة "ولمارت" برنامجها القائم من خلال استثمار مليار دولار لدفع تكاليف التدريب للمساعدة في الاحتفاظ بالعمال الحاليين.

قد يعوق ذلك جهود 5 من أكبر الشركات الأمريكية، إذ تحتاج شركات الطيران إلى توظيف نحو 23 ألف عامل في العامين الجاري والمقبل بعد مغادرة 47 ألف شخص وظائفهم طواعية في وقت مبكر من انتشار الوباء.

يقول كيلي إن كل موظف يقوم حالياً بضِعف العمل الذي كان يؤديه في السابق.

قال توماس راغان، نائب رئيس المواهب العالمية في شركة "أمريكان إيرلاينز": "أنت مضطر إلى دخول تلك السوق العدوانية والمضي قدماً حيث يوجد المرشحون للوظائف، وبالتأكيد أكره وصفها بالمعركة لكنها بالفعل كذلك".

تقدم شركات الطيران الأخرى ومن بينها "يونايتد إيرلاينز هولدنغز" مكافآت عند التوظيف في بعض المناطق، كما تعلن على وسائل التواصل الاجتماعي الجديدة ونشرات الأخبار.

وفي الوقت الذي تسعى فيه شركة "دلتا إيرلاينز" لتوظيف 5 آلاف عامل، تمكنت من توظيف 1300 وكيل حجز بعد الزيادة الكبيرة في أوقات انتظار العملاء على خدمة الهاتف.

أزمة مفاجئة

كثفت "ساوث ويست" من مساعيها لتوظيف 5200 موظف جديد بحلول نهاية نوفمبر، وعينت 1500 منهم بالفعل، فيما وضعت الشركة في وقت سابق برنامج حوافز للموظفين لتعزيز قدرتها على جذب المتقدمين للعمل، ورفعت الأجر الأولي إلى 15 دولاراً في الساعة في أول أغسطس.

تتسارع وتيرة التغيير مقارنة بشهر فبراير بعد تزايد أعداد من جرى تلقيحهم وعودتهم للسفر من جديد بأعداد كبيرة، في الوقت الذي كانت تتوقع فيه شركات الطيران ارتفاع رحلات السفر في عطلة الربيع.

قال كيلي في مؤتمر عبر الهاتف إن أسوأ تداعيات الوباء "أصبحت أخيراً وراءنا"، وقد عززت شركة الطيران قدرتها على الطيران من منتصف مارس بنسبة 50% بين عشية وضحاها لتصل إلى ألف رحلة يومياً.

ولكن ما لم تتوقعه شركة الطيران ارتفاع أعداد الموظفين الغائبين عن العمل لعدة أسباب، سواء كانوا مرضى من فيروس كورونا، أو للبقاء في المنزل بسبب الحجر الصحي، أو الاضطرار إلى مواصلة الدراسة في المنزل، أو اختيار عدم العودة من الإجازة الطوعية، ما سيؤدي إلى اضطرار الشركة إلى زيادة قوتها العاملة والتأخر في وصول أكثر من 99 ألف رحلة خلال موسم الصيف، لتسجل بذلك أسوأ عدد تأخيرات وثاني أسوأ نسبة مئوية للتأخير بين مجموعة من 8 شركات طيران أمريكية، وفقًا للبيانات الواردة من موقع "FlightAware.com".

يتزايد الضغط على الموظفين الحاليين في "ساوث ويست" و"أمريكان إيرلاينز"، إذ يقول الطيارون والمضيفون إنهم يتعرضون لضغوط العمل الإضافي، وأحياناً يضطرون إلى العمل في أيام إجازتهم، بالإضافة إلى نقص مساحة الفندق ووسائل النقل والوجبات في أثناء العمل ليلاً، كما يشتكي فنيو الصيانة وعمال الخدمات الأرضية في المطار من ساعات العمل الزائدة بسبب تسارع زيادة جداول الرحلات.

قال بريت أوستريتش، المدير الوطني لجمعية "تجمع ميكانيكي الطائرات" التي تمثل الميكانيكيين في "ساوث ويست" و"ألاسكا إيرلاينز" ووحدة "هورايزون إيرلاينز": "بعد فترة من الوقت لا يرغب الناس في العمل لساعات إضافية. لقد جرى استغلالهم وإساءة معاملتهم وعملوا حتى الموت".

يقول بيترسون من "الاتحاد الدولي لعمال النقل" إن بعض مناولي الحقائب في "أمريكان إيرلاينز" يعملون بما يصل إلى 100 ساعة من العمل الإضافي الإلزامي، إضافة إلى 80 ساعة عمل عادية خلال أسبوعين.

تباطؤ متعمد

تخطط شركة "ساوث ويست" لإلغاء 27 رحلة في المتوسط ​​من جدولها اليومي في 9 سبتمبر لمواجهة الأزمة، على أن تزيد إلى 162 رحلة بدءاً من 7 أكتوبر حتى 5 نوفمبر، وأن يكون هناك مزيد من التخفيضات في غير العطلات في نوفمبر وديسمبر.

وقال كيلي: "سنعيد التوازن وسنكون أكثر حذراً في إضافة مزيد من أنشطة الطيران".

أدى انتشار سلالة "دلتا" المتحورة إلى انخفاض الطلب على السفر، إذ تراجعت حجوزات عطلة عيد العمال -التي تُعتبر عادة نهاية موسم السفر الصيفي- بنسبة 15% مقارنة بعام 2019، وفقًا لمؤشر "أدوب ديجيتال إيكونومي". وقد حذرت شركات "ساوث ويست" و"أمريكان إيرلاينز" و"غيت بلو إيروايز" من تباطؤ في الحجوزات وقفزة في الحجوزات الملغاة.

أسهم نقص العمالة في زيادة وتيرة تأخير وإلغاء الرحلات التي تجاوزت مستويات 2019 في معظم شركات الطيران الثماني خلال الفترة من يونيو إلى أغسطس، رغم استمرار تدني العمليات لأقل مستوياتها منذ عامين.

قال غريغ موشيو، مدير توظيف المواهب في "ساوث ويست": "تأخَّر تعافي شركات الطيران والشركات الأخرى التي تعمل بقطاع الضيافة مقارنة بصناعات أخرى استفادت من العمالة المتاحة، ذلك بالإضافة إلى ما يعانيه القطاع، وغالباً ما تجد شركات الطيران نفسها يتنافس بعضها مع بعض أيضاً، إذ أشارت شركة الطيران إلى انخفاض حاد في المتقدمين المؤهلين لشغل الوظائف".

وأضاف موشيو في مقابلة: "لقد كنا نوعاً ما آخِر مَن جاء إلى الحفلة، وهو ما تسبب في مشكلة لنا، فنحن جميعاً نتنافس مع الجميع في نفس الموقع، ما يخلق بيئة توظيف صعبة بالفعل".