تباطؤ إصلاحات سوق السندات في الهند يطرد استثمارات بـ 14 مليار دولار

القيود على سوق السندات في الهند تطرد الاستثمارات الأجنبية
القيود على سوق السندات في الهند تطرد الاستثمارات الأجنبية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

شهد سوق السندات الهندية تخارجات قياسية للاستثمارات الأجنبية بنحو 14 مليار دولار، في أكبر تخارج للاستثمارات الأجنبية من السوق الهندي خلال عام، ويعدُّ هذا تخارجاً ضخماً خلال هذا العام حتى مع النظر إليه بمعزل عن باقي السنوات.

وتأتي تلك التخارجات في الوقت الذي اجتذب فيه سوق السندات في الصين تدفقات قياسية، في إشارة إلى فقدان مديري الاستثمار الأمل في إصلاحات حكومة "مودي" لسوق رأس المال في الهند.

تحرير سوق الصين

وساهمت الإصلاحات التي طبقتها الصين، بهدف تحرير سوق السندات وإدراجها ضمن المؤشرات القياسية، في تدفق كبير وجذب 119 مليار دولار من الاستثمارات الأجنبية هذا العام، في المقابل تتمسك الهند بقيود حول صناديق الاستثمار الأجنبية، وهي الأكثر صرامة بين أسواق السندات في آسيا، وتسبب ذلك بفشل البلاد في الانضمام مثل الصين، إلى المؤشرات العالمية لسوق السندات في ظلِّ زيادة مخاوف المستثمرين حول العوائد الضئيلة بالمقارنة مع معدَّلات التضخم، واتساع العجز المالي في البلاد أيضاً.

ونتيجة لذلك، قد تواجه حكومة مودي صعوبات في الحصول على التمويل القياسي اللازم لمكافحة جائحة كورونا، وذلك في الوقت الذي تتراجع فيه تكاليف التمويل، لكنَّ الخطر يكمن في الزيادة الحالية للمعروض من السندات بالمقارنة مع الطلب المحلي، وهو ما قد يؤدي لزيادة الضغط على أسعار الفائدة، ويتسبب في بطء تعافِ ثالث أكبر اقتصاد في آسيا من أسوأ انكماش شهده على الإطلاق.

الحاجة للتمويل السيادي في الهند

ومن لندن، قال جان تشارلز سامبور، رئيس إدارة الدخل الثابت بالأسواق الناشئة لدى "بي إن بي" بأريبا لإدارة الأصول BNP Paribas Asset Management، التي تدير نحو 727 مليار دولار، "تزداد احتياجات الهند لتمويل العجز المالي الذي يشهد تدهوراً، وبالتالي من الضروري أن تضع الحكومة إطار عمل واضح نحو التحرير التدريجي للسوق".

وفي رد على بلومبرج نيوز ، قال مسؤول بوزارة المالية الهندية، إنّ الحكومة تحرز تقدماً في إصلاح سوق السندات، وتتوقع الانضمام إلى المؤشرات العالمية في منتصف العام 2021.

وقال سانجيف سانيال، كبير المستشارين الاقتصاديين في وزارة المالية: "نعمل في الوقت الحالي على إجراء التغييرات المؤسسية اللازمة للسماح لكافة المستثمرين بشراء وبيع السندات الهندية بالروبية دون صعوبة".

يذكر أنَّ "بلومبيرغ إل بي Bloomberg LP"، الشركة الأم لـ "بلومبيرغ للأخبار Bloomberg News"، تعمل بأنشطة مؤشرات الأسواق من خلال شركة "بلومبرغ باركليز للمؤشرات Bloomberg Barclays Indices".

تخطو الهند بحذر نحو تحرير سوق السندات وسط جدل دائرحول مخاطر تدفق الأموال الساخنة التي يمكن أن تزعزع استقرار العملة، وهو ما كان سبباً رئيسياً في دفع إدارة مودي إلى إيقاف الخطة التي تمَّ طرحها بشكل مبدئي في العام 2019، بهدف بيع أول سندات سيادية للأجانب.

ولايزال هناك جدل في الأوساط الهندية حول ما إذا كانت الفوائد قصيرة الأجل من الانفتاح على مستثمري السندات الأجانب تفوق المخاطر.

تراجع الفائدة بالرغم من التخارج الأجنبي

وانخفضت تكلفة الاقتراض في البلاد هذا العام بالرغم من التخارجات الأجنبية القياسية، ويرجع الفضل في ذلك التراجع في تكاليف التمويل إلى شراء السندات عن طريق البنك المركزي.

وتجدر الإشارة إلى أنَّ هروب السيولة من سوق السندات قد تزامن مع استقبال سوق الأسهم أعلى تدفقات من الاستثمار الأجنبي في ثماني سنوات.

ولكن مع زيادة احتياجات تمويل عجز الميزانية، فقد تواجه الحكومة صعوبة في طلب عدد كافٍ من مشتري السندات في السوق المحلي، وذلك في الوقت الذي تخطط فيه إدارة مودي لاقتراض قياسي يبلغ 13.1 تريليون روبية (178 مليار دولار) في العام المالي الذي ينتهي في مارس، ومن المتوقَّع أن تسجل الميزانية عجزاً يعادل 8% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو أكبر عجز منذ أكثر من ثلاثة عقود. ويأتي ذلك في الوقت الذي تتراوح فيه عائدات السندات الهندية آجال 10 سنوات حول 6%، بأقل 1 % تقريباً من معدل التضخم.

خطوات بطيئة

وقد اتخذت الهند هذا العام بعض الخطوات القليلة في اتجاه تحرير سوق السندات، شملت إزالة قيود الملكية على أنواع معينة من السندات الحكومية. ولكن تلك الخطوات لم تقدم الكثير لوقف موجة التخارجات، في الوقت الذي وصلت فيه ملكية الأجانب إلى 2% فقط من السندات الهندية القائمة في نهاية نوفمبر.

في حين لم تستقبل الديون التي تمَّ إلغاء القيود عنها في سوق السندات خلال (مارس) سوى 354 مليار روبية من التدفقات الداخلة. في المقابل بلغت التخارجات من باقي الديون العامة التي لا تزال تطبق القيود 6% من التدفقات الخارجة بقيمة 854 مليار روبية هذا العام ، كما باع الأجانب ما قيمته 452 مليار روبية من سندات الشركات.

وبالمقارنة مع الصين، يتضاءل حجم التحسينات التي أجرتها الهند أمام التي طبقتها الصين، التي دعمت إدراج إصدارتها من السندات-أوتسير في طريق الإدراج – في مؤشرات "فوتسي راسل FTSE Russell"، و"مؤشرات بلومبيرغ باركليز Bloomberg Barclays Indices"، و"جي بي مورغان شاس JPMorgan Chase & Co". و"جي بي أي-إي إم جلوبال GBI-EM Global Diversified"، مقابل ما تفرضه الهند من قيود على تحرُّكات رأس المال في البلاد، وقضايا التسوية، وعدم تطبيق المتطلبات المتعلقة بالتداول.

الحاجة للوقت

وعلَّق جويفين تيو Joevin Teo رئيس الدخل الثابت في آسيا في شركة "أموندي Amundi Singapore Ltd"، ومقرها سنغافورة، قائلاً: "هذا لا يعني أنَّ المستثمرين الدوليين قد أخرجوا الهند من حساباتهم ". مؤكداً على أنَّ التعاون بين السلطات الهندية، ومقدمي خدمات المؤشرات العالمية. وتزامن ذلك مع استقرار سعر صرف العملة؛ وهو ما يمكن أن يمهد الطريق للانضمام إلى الإدراج في المؤشرات العالمي،ة وجذب مزيد من محافظ الاستثمار الأجنبية للسوق.

في حني قال جوليو كاليجاري من هونغ كونغ، وهو مدير محفظة الاستثمار الآسيوية المتخصصة في تجارة الفائدة والعملات الأجنبية في "جي بي مورغان"، إنَّه يأمل في أن تحرز الهند تقدُّماً في الإصلاح، لكنَّه حذَّر من أنَّ الأمر قد يستغرق بعض الوقت.

وقال كاليغاري، "الحقيقة، الهند لا تزال في مراحلها الأولى"، "وقد يستغرق الأمر عاماً أو عامين لرؤية إدراجها بالمؤشرات العالمية الذي من شأنه أن يدفع نحو جذب المزيد من الاستثمارات لسوق السندات في البلاد".