سباق عالمي نحو الهيدروجين

طائرة "هاي فلاير 1" العاملة بالهيدروجين على مدرج في بريطانيا
طائرة "هاي فلاير 1" العاملة بالهيدروجين على مدرج في بريطانيا المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

مع تشديد الإجراءات والقوانين الخاصة للحدِّ من الانبعاثات الغازية , تلقى منتجات الطاقة النظيفة اهتماماً متزايداً يترافق مع تشجيع الحكومات (الموقِّعة على اتفاق باريس المناخي ) على استخدام تلك البدائل للوقود الأحفوري، للوصول الى هدف صفر لانبعاثات غاز ثاني اكسيد الكربون مع حلول العام 2050.

فالاتحاد الاوروبي وضع في صلب اهتمامه التسريع في استخدام خلايا الوقود العاملة على الهيدروجين الاخضر، وينصبُّ تركيزه على طاقة بناء، وقدرها 40 جيجاوات لإنتاج الهيدروجين من مصادر متجددة(محطات الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح ) لعقد من الزمن . ويخطط الاتحاد أيضاً لتوفير ما يصل الى 470 مليار يورو لإنفاقها على أعمال البنيه التحتية للهيدروجين الاخضر .

وفي وقت سابق من هذا العام، أعلن عن تأسيس المركز الأوربي لتسريع الهيدروجين الاخضر، لتعزيز وتطوير اقتصاد الوقود النظيف، الذي يقدر أن يصل حجم أعماله، أي الاقتصاد النظيف، إلى 100 مليار يورو سنوياً مع حلول العام2025. و بالتالي خلق 500,000 فرصه عمل. كما شرعت دول شمال اوروبا بوضع الخطط اللازمة لاستخدام محطات الرياح البحرية الضخمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر بالاعتماد على الكهرباء المتولِّدة من تلك المحطات , كما تمَّ أيضاً الانتهاء من الخطط اللازمة لجعل الدنمارك واحدةً من أكبر المواقع عالمياً لتجميع آلات الهيدروجين من الكهرباء. ويأتي ذلك في ظل الطلب الكبير على المحولات الكهربائية، وخلايا الوقود الهيدروجيني، كما يقول نيلز أرني بادن من green hydrogen system دفع نمو الطلبات إلى التفكير بمضاعفة الإنتاج .

الدور الألماني

أما ألمانيا فتسعى إلى ضمان دورها الريادي العالمي قي تقنيات الهيدروجين الأخضر، وإنتاجه من خلال المضي قدماً في البحث العلمي، وخفض تكاليف الإنتاج العالية أيضاً، إذ تمول الحكومة الألمانية دراسة جدوى لطرق انتاج الهيدروجين ونقله، وتركِّز في, استخدام الأمونيا والميثانول كحلٍّ محتمل وفقاً لستيفان كوفمن عضو البرلمان الألماني المسؤول عن تنسيق استخدام الهيدروجين الأخضر، وضمن الاستراتيجية

الوطنية للهيدروجين؛ تخطط لاستثمار 9 مليار يورو في استخدام الهيدروجين الأخضر كوقود صديق للبيئة لصناعاتٍ، مثل الصلب والزجاج .

تسارع خطوات الصين

وبوتيرة متسارعة تسير الصين بالاتجاه نفسه االذي يفضي إلى التخلص من الانبعاثات الكربونية بحلول العام 2060، كما أعلن الرئيس الصيني. وتقود السياسة الوطنية الأولى هذا العام إلى زيادة الطلب على المركبات الصديقة للبيئة، إذ يقدَّر أن تزداد المبيعات السنوية للمركبات التي تعمل بخلايا الوقود الهيدروجيني بحوالي عشر مرات لتصل الى 50000 وحده قبل أن تصل إلى نصف مليون مع حلول عام 2035. إذ تعتزم الصين تقديم إعانات لمشتري السيارات التي تعمل بتلك التقنية , وفتحت سياسة التشجيع هذه الأبواب أمام استثمار واسع من قبل الشركات الحكومية والقطاع الخاص , إذ تطمح شركه التكرير الحكومية الصينية Sinopec (سينوبك) إلى أن تكون لاعباً رئيسياً في إنتاج الهيدروجين الأخضر؛ فقامت بإنشاء أكبر مجمع لتوربينات الرياح، وألواح الطاقة الشمسية في منغوليا الداخلية، وألهمت تلك المحفزات شركات مثل MINGTON التي تعمل بتطوير خلايا الوقود وغيرها من الأعمال الداخلية لمركبات الهيدروجين للتخطيط لجمع حوالي 200 مليون يوان (30مليون دولار) من المستثمرين كخطوة أولية لتصل إلى ملياري يوان مع نهاية النصف الأول من العام المقبل. وقال وانغ تشاوريون، إنَّ الشركة تريد طرحاً عاماً

أوليا ًعلى "ستار بورد شنغهاي" . إنَّ الهيدروجين هو المنافس الأكبر في مشتقات الطاقة الخضراء التي ستجعل السعودية منافساً كبيراً للبلاد الاسكندينافية، مثل الدنمارك، والسويد، وألمانيا، وهي أول بلد خليجي دخل في هذا المجال.

ويستخدم الهيدروجين في السيارات الكهربائية،وأصبحت الصين أكبر منافس للغرب وأمريكا. فمثلاً في فرنسا وألمانيا لديهم حوافز تصل إلى ١٢ألف يورو عند تبديل سياراتك العادية بأخرى كهربائية. الصين، وهي الأشرس في هذا السباق؛ لديها تحفيزات أيضاً، وتعتمد على الهيدروجين بشكل كبير لاستيراده من السعودية، وهذا التنوع في الدخل من مشتقات الطاقة النظيفة مهم للغاية مستقبلاً.

توسع سعودي

وفي المضمار نفسه، خطت المملكة العربية السعودية خطوات رائدة , فعلى صعيد الإنتاج المستقبلي تؤسس "نيوم" لبناء أكبر مشروع لإنتاج الهيدروجين وتصديره إلى الأسواق العالمية بشراكه تتجاوز قيمتها خمسه مليارات دولار، وحقَّقت "أرامكو" إنجازاً مهماً ولافتاً بتصدير أول شحنة في العالم من الأمونيا الزرقاء عالية الجودة 40 طن إلى اليابان لاستخدامها في توليد الطاقة الخالية من الكربون .

مما لاشكَّ فيه أنَّ خطط الإنفاق والتوسع في استخدام هذه البدائل، ستلعب دوراً محورياً، وستؤدي بدورها إلى سباق محموم بين اللاعبين الرئيسين، وهما الصين وأوروبا، وستقود إلى ابتكارات أكثر خفضاً للتكاليف، وإلى رفع مستوى الأمان لأنابيب النقل, أملاً في الحصول على حصة سوقية أكبر، وأن يكون لها الريادة، كما يقول جيروفارجيو، رئيس قسم الطاقة المتجددة في (Rystad Energey)، وتشبيهه لهذه المنافسة بحروب الهيدروجين .