تباطؤ الصين لا يقل أهمية عن صدمة الوظائف في أمريكا

يي غانغ محافظ بنك الشعب الصيني (المركزي)
يي غانغ محافظ بنك الشعب الصيني (المركزي) المصدر: بلومبرغ
Daniel Moss
Daniel Moss

Daniel Moss is a Bloomberg Opinion columnist covering Asian economies. Previously he was executive editor of Bloomberg News for global economics, and has led teams in Asia, Europe and North America.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

إذا كان بوسعك الابتعاد عن التفكير في أرقام الوظائف المخيِّبة للآمال بالولايات المتحدة، وما يعنيه ذلك لخطة خفض الحزم التحفيزية المتوقَّعة من قِبل بنك الاحتياطي الفيدرالي؛ فإنَّ الإشارات الواردة من الصين تُقدِّم نظرة مقلقة مماثلة حول التعافي العالمي.

في الواقع، يبدي الخبراء الاقتصاديون قلقهم بشأن نمو التوظيف في شهر أغسطس الذي كان أضعف من التقديرات الأكثر تشاؤماً، ومن غير المُرجَّح أن يعلن بنك الاحتياطي الفيدرالي عن تقليص التيسير الكمي خلال هذا الشهر، لكن يبقى الاحتمال الأكبر أن يقوم بإعلانه عند نهاية العام.

اقرأ أيضاً: سوق الوظائف الأمريكية تسجل أدنى مكاسب لها في سبعة شهور

محاولات إنقاذ النمو

على الجانب الآخر، تعدُّ مسألة سحب الدعم آخر ما يدور في أذهان المسؤولين في بكين، فقد قضى بنك الشعب الصيني الأيام الأخيرة في تصعيد التدابير الرامية إلى مساعدة الشركات الصغيرة، والتعهُّد باستخدام أفضل لسندات الحكومات المحلية.

وأشارت السلطات إلى تخفيض إضافي في الشرط الخاص بالاحتياطي بالنسبة إلى البنوك بعد التخفيض في شهر يوليو، ويشير هذا النمط إلى القلق بشأن هدوء النمو بسرعة كبيرة.

بالفعل، يُظهر التعافي الصيني على شكل حرف (V) نشاطاً أقل، وتحوَّلت السلطات من القلق بشأن عودة قوية إلى المسارعة لوضع حدٍّ لتباطؤ جديد.

وبالنسبة للبنوك المركزية التي بدأت في التراجع عن السياسات التيسيرية النقدية مثل كوريا الجنوبية وأستراليا، وأولئك الذين حثوا بنك الاحتياطي الفيدرالي على المضي قدماً في هذا الاتجاه، تبدو التحولات في بنك الشعب الصيني سبباً للمضي قدماً بحذرٍ شديد.

كما لن يتسم الأمر بالحكمة إنْ فكَّر البنك المركزي الأوروبي، الذي سيجتمع صُنَّاع سياساته هذا الأسبوع، بالتشدُّد في هذه البيئة الدولية.

أرقام غير مبهجة

في شهر يوليو، توسَّع الائتمان الصيني بأبطأ وتيرة له منذ الشهور الأولى من الوباء، وتأثَّرت مبيعات التجزئة نتيجة تفشي متحوِّر "دلتا"، الذي قالت الصين، إنَّها تمكَّنت من احتوائه.

تلقي قيود بكين على أسواق التلوث والعقارات بظلالها على الإنتاج الصناعي، في الوقت الذي خابت فيه آمال مبيعات السيارات، وهبط أحد المقاييس الرئيسية لصحة صناعات الخدمات في شهر أغسطس. كل هذا يبتعد تماماً عن النمو القياسي الذي شهدته الشهور القليلة الأولى من العام.

إنَّ أرقام الصين لم تعد مبهجة بالمقارنة مع العام الماضي. ربما نما الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تقل قليلاً عن 6% في الربع الثالث من العام السابق، وهي الوتيرة نفسها التي بلغتها الشهور الثلاثة الأخيرة من عام 2019 قبل تفشي الوباء مباشرة، وفقاً لتقديرات الخبراء الاقتصاديين.

كانت الصين آنذاك في تباطؤ طويل الأجل، ومع انخفاض المكاسب السهلة في أعقاب الوباء، عاد الاقتصاد إلى تلك الحالة المعتدلة.

لكن من غير المُرجَّح أن تترك بكين اقتصادها يضعف أكثر مما ينبغي، وربما كان من الأفضل أن تُصاغ التدابير الأخيرة على أنَّها إدارة للمخاطر.

نمو معتدل

إنَّ الصين لم تلقَ قدراً كافياً من القوة المالية أو النقدية لمجابهة الوباء كما فعلت الولايات المتحدة، وذلك لأنَّ تخفيف القيود لا ينبع من اتباع سياسات فضفاضة للغاية.

عندما أدى التعافي إلى توسُّع هائل في وقت سابق من العام، بدأ المسؤولون الصينيون في القلق مرة أخرى بشأن الديون والاختلالات المالية، مثلما شعروا في الفترة التي سبقت الوباء.

يعني هذا أنَّه يتعيّن على العالم والصين نفسها الارتياح إلى الأداء الأكثر اعتدالاً بدلاً من النمو بالأرقام المزدوجة الذي تحقَّق في أوائل القرن العشرين.

لا يرغب بنك الاحتياطي الفيدرالي في التعبير عالياً عن دور الاقتصادات الأخرى في مناقشاته، لكن لابدَّ أنَّ المسؤولين لاحظوا مرونة الصين في الفترة التي سبقت صدمة جداول الرواتب الأمريكية يوم الجمعة.

الظروف لم تتضخم للغاية في آسيا التي تمتَّعت بنموٍ فائق لمدة عقود، على أنَّ الاحتياطي الفيدرالي يملك أسباباً وجيهةً محلية وعالمية للسير ببطء.