لماذا تريد تركيا حراسة بوابة أفغانستان إلى العالم؟

لاجئون أفغان في باكستان. تخشى تركيا التي لديها أكبر تجمع من اللاجئين في العالم من موجة نزوح أفغاني قد تزيد التوترات السياسية والاقتصادية
لاجئون أفغان في باكستان. تخشى تركيا التي لديها أكبر تجمع من اللاجئين في العالم من موجة نزوح أفغاني قد تزيد التوترات السياسية والاقتصادية المصدر: غيتي إيمجز
Bobby Ghosh
Bobby Ghosh

Bobby Ghosh is a Bloomberg Opinion columnist. He writes on foreign affairs, with a special focus on the Middle East and Africa.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قال متحدِّث باسم حركة طالبان، في أنقرة، يوم الإثنين الماضي، إنَّ تركيا وقطر ستساعدان في استئناف العمليات في مطار كابول.

وبرغم أنَّ ذبيح الله مجاهد لم يقل ما إذا كان أي من هذين البلدين، أو كلاهما سيتولى إدارة المطار الدولي الرئيسي في أفغانستان، إلا أنَّه لم يستبعد حدوث ذلك أيضاً.

تعدُّ السيطرة على المطار أمراً حاسماً بالنسبة لحكومة الرئيس رجب طيب أردوغان لتكسب تركيا موطئ قدم لها في أفغانستان تحت قيادة طالبان.

اقرأ أيضاً: من سيرشد طالبان هذه المرة: باكستان أم قطر؟

تحذير من "طالبان"

عرضت أنقرة تأمين المحيط حول المهبط حتى مع تسريع إدارة بايدن لسحب القوات الأمريكية من البلاد.

لم تكن طالبان مهتمة كثيراً بالعرض. في يوليو، حذَّر مجاهد من أنَّ اقتراح تركيا كان "غير حكيم، ويمثِّل انتهاكاً لسيادتنا، وسلامتنا الإقليمية، ويتعارض مع مصالحنا الوطنية".

اعتبر المسؤولون الأتراك هذا التصريح بمثابة انتكاسة، وقال وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، الأسبوع الماضي، إنَّ الشركات الخاصة، وليست القوات العسكرية، قد توفِّر الأمن للمطار.

سيكون هذا الموضوع على رأس جدول الأعمال إذا تابع أردوغان دعوة قيادة طالبان لإجراء محادثات في تركيا.

البحث عن النفوذ

سواء كان في الزي العسكري، أو زي الشركات؛ فإنَّ أردوغان حريص على أن يلعب الأتراك الدور القيادي في إدارة البوابة الرئيسية لأفغانستان غير الساحلية. ستكون هذه الطريقة المضمونة لبناء النفوذ لدى الحكومة التي تقودها طالبان، التي لن تخدم مصالح تركيا فحسب؛ بل طموحات أردوغان الخاصة أيضاً.

في الوقت الذي تتنافس فيه باكستان وقطر على شغل موقع الناصح الجديد لطالبان، ترغب تركيا أيضاً في همس كلمة عرضية في أذن حكام كابول الجدد. أكثر ما يشغل أنقرة إلحاحاً هو احتمال حدوث نزوح جماعي جديد للأفغان الفارين من الاستبداد، وعدم الاستقرار السياسي.

وبرغم أنَّ معظمهم سيتجه إلى باكستان وإيران، علماً أنَّ لديهما أكبر عدد من اللاجئين الأفغان من الصراعات السابقة؛ إلا أنَّ نسبة كبيرة ستتجه إلى تركيا، ويأمل الكثير منهم في العبور إلى أوروبا.

أزمة اللاجئين

تعدُّ تركيا بالفعل أكبر مكان لتجمُّع اللاجئين في العالم - أكثر من 3.7 مليون، وفقاً للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. يشكِّل السوريون الغالبية العظمى منهم. في حين يشكِّل الأفغان، الذين يبلغ عددهم حوالي 130 ألف شخص نسبة كبيرة. قال أردوغان بالفعل، إنَّه لن يسمح لتركيا أن تكون "غرفة انتظار" للمزيد من اللاجئين.

برغم أنَّ تركيا تتلقى مليارات الدولارات كمساعدات من أوروبا لإيواء اللاجئين؛ فإنَّ وجودهم يمثِّل مسؤولية سياسية على الرئيس.

يتزايد الاستياء من الأجانب بين الأتراك، مما أدى لاندلاع أعمال عنف في أنقرة. وبرغم أنَّ السوريين هم الذين يتعرَّضون لأسوأ ما في الأمر، إلا أنَّ الأفغان الذين يصلون إلى حدود تركيا يمكنهم توقُّع استقبال عدائي.

اقرأ أيضاً: الاتحاد الأوروبي يخصص 300 مليون يورو لإعادة توطين اللاجئين عقب أزمة أفغانستان

تكلفة سياسية

بالنسبة لأردوغان، الذي تتراجع معدلات الموافقة عليه وسط قلق اقتصادي واسع النطاق؛ فإنَّ التكلفة السياسية لموجة جديدة من اللاجئين الأفغان قد تفوق أي دفعات جديدة من أموال الاتحاد الأوروبي.

من الأفضل بكثير إقناع طالبان بأن تضمن، سواء من خلال حكم أكثر اعتدالاً، أو مراقبة حدودية أكثر فعالية، بقاء الأفغان في بلدهم.

ومن شأن النفوذ في كابول أن يمنح تركيا أيضاً رأس مالٍ ثمين في حلف شمال الأطلسي، ومع إدارة بايدن.

إنَّ موقف أردوغان ضعيف مع بروكسل وواشنطن في المقام الأول بسبب مواقفه المؤيدة لروسيا والمناهضة للغرب، وأيضاً بسبب سجل حكومته السيئ في مجال حقوق الإنسان.

قد يؤدي تحمُّل بعض المسؤوليات التي تخلَّت عنها الولايات المتحدة، وحلف شمال الأطلسي في أفغانستان إلى تخفيف بعض المشاعر المعادية لتركيا.

إذا تمكَّنت أنقرة من تطوير مساعيها الحميدة في كابول، وإقناع طالبان بتخفيف بعض مواقفهم- خاصة تجاه النساء، على سبيل المثال - فسيؤدي ذلك إلى تجنيب الغرب بعض الارتباك، وكسب بعض الامتنان لتركيا.

طموحات أردوغان

بالنسبة لأردوغان نفسه، تمثِّل أفغانستان فرصةً لتوسيع دائرة نفوذ تركيا، عبر ادِّعائه بأنَّه زعيم العالم الإسلامي - على حساب منافسه اللدود القديم؛ العائلة السعودية المالكة.

هل تستطيع تركيا وأردوغان تحقيق هذه الطموحات في أفغانستان؟ يعتمد الكثير على دور حلفائهم القطريين، الذين أقاموا علاقات وثيقة مع قادة طالبان الرئيسيين. يمكن للدوحة بالتأكيد أن تفتح الأبواب في كابول، لذا فإنَّ الإدارة المشتركة للمطار، إذا كان هذا ما يشير إليه مجاهد، قد لا تكون أمراً سيئاً.

لكن من السابق لأوانه معرفة ما إذا كانت قطر مستعدة لتقاسم دور صلة وصل أفغانستان بالعالم الأوسع مع تركيا، على افتراض أنَّ باكستان لن تهزمهما معاً.