هل يكون الطعام النباتي مفتاحَ النجاح لما بعد الوباء؟

المطاعم النباتية تزدهر في عصر الوباء
المطاعم النباتية تزدهر في عصر الوباء المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قد تكون المطاعم من أكبر الخاسرين في المعركة التي يخوضها الجميع ضد الوباء. ففي الولايات المتحدة تم إغلاق واحدٍ من كلِّ ستة مطاعم أمريكية تقريباً، وذلك منذ بداية انتشار فيروس كورونا، وفي ظل هذا، لا يزال الشيف الأمريكي"ماثيو كيني" يرى أن هناك فرصة للنمو.

وافتتح الشيف، الذي يتخذ من لوس أنجلوس مقراً له، خمسة مطاعم نباتية منذ سبتمبر في كاليفورنيا و نيويورك و بوينس آيرس، مع خطط لإضافة ثمانية مطاعم أخرى على الأقل إلى سلسلة مطاعمه الدولية الحالية التي تضم أكثر من 25 مطعماً في جميع أنحاء العالم، من دبي إلى لوس كابوس في المكسيك، وتتميز بمفاهيم، مثل بيتزا "دبل زيرو" و"سيستينا" والتي تختص بتقديم البيتزا الإيطالية النباتية.

ويسعى كيني لتحقيق هذا الهدف حتى مع زيادة مستوى انتشار "كوفيد-19" في نوفمبر، الأمر الذي أدى إلى اتخاذ سلطات لوس أنجلوس تدابير للحد من الخدمات المقدمة لتناول الطعام في الخارج. وبحسب تقرير الرابطة الوطنية للمطاعم "National Restaurant Association"، تم إغلاق 100 ألف مطعم تقريباً في جميع أنحاء الولايات المتحدة هذا العام.

وقبل الوباء، أضافت صناعة الضيافة 10 آلاف مطعم سنوياً في المتوسط، وفقاً للمتحدث باسم الرابطة الوطنية للمطاعم "NRA".

ويقول كيني، صاحب الـ56 عاماً، في مقابلة عبر الهاتف: "نجد أنها صناعة جذابة للغاية لتحقيق نمو فيها".

زيادة الطلب

وهناك عنصران يدعمان تفاؤل كيني، أولهما ارتفاع الطلب على الأطعمة النباتية، حتى أن مطاعم "ماكدونالدز" باتت تختبر منتجات "ماك بلانت" النباتية. والثاني هو توقعات النمو لقيمة السوق الخالية من اللحوم، والتي من المتوقع أن يصل حجمها إلى 74.2 مليار دولار بحلول عام 2027، ولا شك أن هذا الإقبال المرتفع على الاطعمة النباتية سيدعم الطلب على العقارات التجارية مع افتتاح مطاعم جديدة.

بينما قال المتشائمون، إن التخفيضات التي طالت رسوم الإيجارات، لا تزال غير كافية لتعويض مخاطر افتتاح مشروع تجاري مع احتدام الوباء.

وتقول جينيفر فريسك، وهي كبيرة المديرين الإداريين في شركة الوساطة العقارية التجارية "نيومارك" في لوس أنجلوس: "هناك قدرٌ كبيرٌ من عدم اليقين".

غربلة متوقعة

ومن المرجح أن تخضع المطاعم لعملية غربلة في ظل تأثير فرص النمو وزيادة المخاطر، وذلك وفقاً لـ"ديفيد بورتالتين"مستشار صناعة الأغذية في شركة أبحاث السوق "NPD Group". فمن ناحية، ستكون المطاعم سريعة الخدمة والمعتمدة على التطبيقات الذكية، تعمل بالفعل فوق مستويات ما قبل الوباء، ومن ناحية أخرى، سيتعافى الطلب على تناول العشاء الفاخر في الخارج، لدى الأشخاص الراغبين في دفع مبالغ كبيرة مقابل تجربة الطعام.

ويقول بورتالتين عن المطاعم التي تفتقر إلى نهج خدمة القنوات المتعددة، أو تنتمي للمطاعم الفاخرة، "لم أكن أريد أن أكون في مكان ما في المنتصف".

ويرى كيني أن المصاعب التي يسببها الوباء، قد تترك حيزاً للتجارب، فعندما بدأ الإغلاق في بداية مارس، فعل كيني أكاديمية طهي عبر الإنترنت تضم الآن أكثر من 1000 طالب. واستجابة لأمر الإغلاق الأخير في كاليفورنيا في نوفمبر، افتتح كيني مطبخاً مختصاً بتوصيل الطلبات فقط، ويضم ثلاث قوائم طعام مختلفة، أنشأها بجزء بسيط من تكلفة إنشاء مطعم يمكن الجلوس فيه.

وقال الشيف الأمريكي: "نعتقد أن هذا هو الوقت المناسب حقاً للإبداع وتطوير المفاهيم، لذلك عند عودة الأمور إلى وضعها الطبيعي، سنكون مستعدين بكل أمل". ويرى فرصة محلية في السوق النباتي لـ"لوس أنجلوس"، فهناك 23% فقط من مطاعم المدينة تقدم بدائل للأطعمة الحيوانية، مقارنة بـ 40% في نيويورك، وفقاً لبائع منتجات اللياقة البدنية ماي بروتين.

تاريخ من النزاعات

وافتتح كيني أول مطعم له في"مانهاتن"عام 1994. ويحظى بتاريخ متقلب من النزاعات مع الشركاء، فقد ألقى باللوم على هجمات 11 سبتمبر الإرهابية في فشل أحد مشاريعه الأولى في نيويورك، ورفع مالك مطعم "بيور فود أند واين" في نيويورك دعوى قضائية ضده في عام 2005، عندما غادر منصبه كمدير، وافتتح مطعماً آخر. ثم انتقل إلى لوس أنجلوس في عام 2011، بعد أن رأى فرصة للابتكار هناك، ثم افتتح مطعم "بلانت فود بلس واين" في عام 2015، الذي تنطوي النكهات النباتية به على كلاسيكيات الثمار المستخدمة في الوصفات النباتية الشهيرة، مثل البنجر والأفوكادو والكاجو.

ويعد أحد مفاتيح نمو كيني، هو دعم الأثرياء الذين يؤمنون بمنتجاته النباتية، وتضم قائمة المستثمرين الدوليين في مشاريعه كلاً من سيباستيانو كوسيا كاستيجليوني، والأمير خالد بن الوليد بن طلال آل سعود، وهو مستثمر سعودي، ورائد الأعمال التقني كايل فوغت وهو شريك في مطعم كيني النباتي الطموح الذي يحمل اسم "سان فرانسيسكو" ويقع في مدينة باياي الإيطالية.

وقال الوليد، وهو أحد الداعمين الأوائل لشركة "بيوند ميت"، في رسالة بريد إلكتروني: "يلعب ماثيو كيني دوراً كبيراً في إتاحة الفرصة أمام الناس لتجربة وحب الخيارات النباتية، وهذا هو أحد دوافعي الرئيسية لدعم إبداعه. لم يكن من الممكن أن يأتي إطلاق مطعمه الأخير في وقت أنسب من هذا".

الوباء أتاح فرصاً للاستئجار

ويقول كيني: "لم تنخفض الإيجارات بشكل كبير، لكننا قادرون على التفاوض بشأن اتفاقات الاستئجار التي تحتوي على بند متعلق بكوفيد"، مضيفاً أن الاتفاقات تتضمن بنوداً لمساعدة المستأجر، وخفض قيمة المدفوعات في حال أعادت السلطات الصحية تقييد العمل.

وأفاد: "لقد أتاح الوباء كثيراً من العقارات بشروط أفضل مما كان متاحاً قبل ثمانية أشهر أو عام". ويقول كل من كيني وفريسك، من "نيومارك"، إنه كان هناك عدد قليل جداً من عقود الإيجار الجديدة لتحديد نسبة تغيير فروق التكلفة.

ويفضل كيني المواقع التي تتمتع بأماكن لتناول الطعام في الهواء الطلق ضمن المناطق السكنية، حيث يمكن للزوار الاستمتاع بالمشروبات والأطباق المشتركة، مع تحمل رسوم تزيد بمقدار الضعف أو ثلاثة أضعاف على نزهة الغداء النموذجية.

ويقول: إن المطاعم في الأحياء لديها فرصة أفضل لاجتذاب الزوار الذين يترددون بانتظام على المكان مقارنة بمؤسسات الأعمال التجارية.

ومع ذلك، فإن عقد الصفقات على المساحات المفتوحة بها لا يشابه افتتاح المطاعم، ففي حين أن مطاعم ماثيو كيني تم إدراجها لحجز مساحة في أكثر من 40 مكاناً ضمن قائمته، إلا أنه لم يفتتح ثلث هذه المواقع بعد.

ويجادل كيني بأنه سيكون هناك دائما طلب على أماكن تناول الطعام في الخارج، خاصة الآن مع انتشار الوباء الذي ألقى بظلاله على العديد من خيارات السفر والترفيه، قائلاً: "إن ما يحدث للصناعة ليس بالأمر الجيد، لكنني أعتقد أن التحول الذي نمر به سيستمر لفترة أطول بكثير من مجرد وباء متفشٍ".