كيف يهدد انقلاب غينيا صناعة الألمنيوم الروسية؟.. خبراء يوضحون لـ"الشرق"

العالم يشهد عصراً جديداً لمعدن الألمنيوم
العالم يشهد عصراً جديداً لمعدن الألمنيوم المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يحمل الانقلاب العسكري الذي شهدته غينيا مؤخراً مجموعة من التداعياته الأمنية والاقتصادية، في ظل غموض المشهد السياسي للبلاد، الذي سيكون له تأثير متوقع في مستقبل عمل شركات محلية وعالمية كبرى في هذا البلد الإفريقي، الذي يعتمد اقتصاده في الأساس على استخراج الخامات وتصديرها إلى الخارج.

تعدّ غينيا أحد أكبر موردي خام البوكسيت (المادة الخام المستخدمة في إنتاج الألمنيوم)، إذ يعتمد عديد من دول العالم على استيراد هذا الخام من غينيا لتصنيع الألمنيوم، خصوصاً روسيا والصين، ما يعني احتمالات تأثر إنتاج المعدن في هذه الدول بأي اضطرابات في إمدادات الخام من غينيا التي تبلغ احتياطيات البوكسيت المؤكدة فيها نحو 20 مليار طن، حسب بيانات وكالة "بلومبرغ"، وهي أكثر من أي دولة أخرى.

وتنافس غينيا، الواقعة في الساحل الغربي من القارة السمراء، في قطاع الألمنيوم العالمي مع أستراليا باعتبارها المورد الرئيسي للبوكسيت إلى الصين، إذ بلغ حجم صادرات البوكسيت 84.2 مليون طن العام الماضي، وفقًا لحكومة غينيا.

اقرأ أيضاً: اضطرابات غينيا تقفز بأسعار الألمنيوم إلى أعلى مستوى في 10 سنوات

ارتباك في سوق المعادن

التطورات الأخيرة في غينينا انعكست على تداولات الأسواق العالمية بشكل فوري، إذ ارتفع سعر العقود الآجلة للألمنيوم تسليم بعد ثلاثة أشهر في بورصة لندن للمعادن بنسبة 2.2% يوم الاثنين الماضي، ليصل إلى مستوى 2775.25 دولار للطن، وهو أعلى مستوى له منذ مايو 2011.

شركات روسية تراقب الأوضاع في غينيا

شركة "روسال" الروسية العملاقة لإنتاج الألمنيوم التي تعمل في غيينا منذ عام 2001، أعلنت في بيان لها بعد يوم واحد من الانقلاب العسكري عن استعدادها لإجلاء موظفيها الروس العاملين هناك، حال حدوث مزيد من التصعيد وزعزعة الاستقرار السياسي، إذ أكدت أنها على "اتصال وثيق" بالسفارة الروسية لدى غينيا لمتابعة التطورات في البلاد، موضحة أن " الشركة تركز على ضمان سلامة موظفيها والحفاظ على سلامة واستمرارية عمليات الإنتاج".

"روسال" عملاقة الألمنيوم الروسية تحقق مبيعات قياسية في أمريكا الشمالية

قلق في الكرملين حيال الوضع في غينيا

أكد الكرملين أنه يتابع تطورات الوضع في غيينا، إذ قال الناطق الرسمي باسم الحكومة الروسية ديميتري بيسكوف "تعتبر (التطورات في غيينا) عاملاً خطيراً يمكن أن يؤثر سلبًا في سوق الألمنيوم بشكل عام".

وقال بيوتر ليخوليتوف، السكرتير الصحفي لرابطة الألمنيوم الروسية، في تصريح خاص لقناة "الشرق" للأخبار: "يحمل الوضع في غينيا مخاطر كبيرة على صناعة الألمنيوم الروسية والعالمية على حد سواء. تحتلّ غينيا المرتبة الأولى في العالم من حيث احتياطيات البوكسيت، فهي تمثل 26.4% من الاحتياطيات العالمية و20% من الإنتاج".

أضاف ليخوليتوف رداً على سؤال حول آفاق إيجاد بديل بالنسبة إلى شركة "روسال" في مناطق أخرى، أن "الانقلاب العسكري يؤدي دائمًا إلى عدم الاستقرار ومخاطر طويلة الأمد، منها ما يتعلق بوقف إنتاج أو تصدير المواد الخام من غينيا. من المستحيل إيجاد بديل بسرعة قصوى يمكنه أن يقدم هذا الكم من البوكسيت على نطاق عالمي".

انتقال نشاط "روسال" إلى دول أخرى خيار مطروح

يعتقد خبراء ومتخصون في روسيا أنه في حال حدوث مزيد من التصعيد في البلاد فإن الشركة الروسية يمكنها الحصول على إمدادات المواد الخام من مناطق أخرى.

إدوارد خارين، الخبير المالي ومدير المحفظة الاستثمارية في شركة "ألفا كابيتال" الروسية لإدارة الأصول المالية، قال في تعليق لـ"الشرق" حول تطور الأوضاع في غينيا: "نعتقد أن إغلاق الإنتاج في غينيا غير مرجح لكل من شركة (روسال) والشركات الأخرى العاملة في هذا البلد. عدم الاستقرار السياسي في هذا البلد ليس جديداً، ولم يؤثر سابقًا في الإنتاج".

في الوقت نفسه لم يستبعد خارين حدوث سيناريوهات أخرى في البلاد تخص عملاق إنتاج الألمنيوم الروسي، مضيفاً: "بافتراض السيناريو الأسوأ، تتلقى (روسال) نحو 50% من البوكسيت من غينيا، على المدى القصير قد تخفض الشركة إنتاجها، ولكن على الأرجح ستكون قادرة على استعادة إمدادات المواد الخام من مناطق أخرى، مثل أستراليا والصين وإندونيسيا وغيرها".

ورداً على سؤال حول الخسائر المتوقعة للشركة الروسية في غينينا، قال خارين: "ستعتمد الخسائر المالية على توقيت انقطاع المواد الخام من هناك، ولا يزال من الصعب تحديد مقدار الخسائر المحتملة. قد تستمر أسعار الألمنيوم في السوق العالمية بالنمو، ففي العرض نقص من قبل، وقد تؤدي مخاطر انعدام العرض إلى ارتفاع الأسعار حتى تصل إلى 3000 دولار".

تقلبات أسهم "روسال" على خلفية أحداث غينيا

على خلفية أحداث غينيا، قفز سعر أسهم "روسال" إلى 6.97% في الدقائق الأولى للتداول في بورصة موسكو يوم الاثنين الماضي، وفي نهاية اليوم نفسه من التداول في بورصة هونغ كونغ، ارتفعت أسعار أسهم الشركة الروسية العملاقة إلى 14.45%.

أوضح أندريه لوبازوف، كبير المحللين في مجال قطاع المعادن بشركة "أتون" الاستثمارية الروسية لـ"الشرق" أن ارتفاع أسعار أسهم الألمنيوم يشهد تقلبات في الوقت الراهن بسبب المضاربات، ومن المحتمل أن تعاني السوق تقلبات في العرض، لكنها لم تتحقق حتى الآن.

وأضاف: "حتى الآن لم نرَ أي معلومات عن تضرر الإنتاج في المواقع الرئيسية في غينيا بشدة، التحول إلى توريد المواد الخام من البلدان الأخرى قد يكلف (روسال) مليارات الدولارات، بما في ذلك بناء مصنع في إندونيسيا أو البرازيل".

وختم لوبازوف حديثه قائلاً: "لا بد من الانتظار مدة من الزمن كي يتضح مصير الوضع في غينيا".