الواقع الافتراضي وسيلة لجعل السيارات ذاتية القيادة أكثر أماناً

المحاكاة في صناعة السيارات ذاتية القيادة
المحاكاة في صناعة السيارات ذاتية القيادة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

نادراً ما تتعامل السيارات ذاتية القيادة مع فئة السائقين الذين يعتقدون أنَّهم في أحد أفلام "فاست آند فيريوس" (Fast and Furious)، ومع ذلك؛ تحتاج هذه السيارات للتدريب على أنواع المناورات للوصول إلى الثقة التامة.

ويعدُّ انعطاف السيارات ذاتية القيادة حول المنحنيات بسرعات عالية أمراً غير عملي، وليس اَمناً تماماً، ولذلك، تعمل شركة "آسينت روبوتيكس" على تطوير محاكاة افتراضية، يعتقد أنَّها ستخلق سيارات ذاتية القيادة مستقلة وقادرة على التعامل مع أيِّ سيناريو، مهما كان غير محتمل، وتجمع الشركة الواقعة في طوكيو 1.1 مليار ين (10 مليون دولار) في جولتها التمويلية الأولى بقيادة مجموعة "إس بي آي انفيستمينت".

وكثيراً ما تمَّ اعتبار المسافة التي تقطعها السيارات ذاتية القيادة على الطرق العامة المقياس الأساسي للتقدم في القطاع، ووفقاً لهذا المقياس وحده؛ فإنَّ مسافة 8 مليون التي قطعتها سيارة "وايمو" المملوكة لشركة "ألفابيت" تبدو كأنَّها لا تهزم، إلا أنَّ شركة "أسينت" تؤكِّد على أنَّ جزءاً صغيراً فقط من هذه البيانات، يعدُّ كافياً لتدريب السيارات ذاتية القيادة، لأنَّ ما يهم حقاً هو الأحداث غير المتوقَّعة.

وكان فريد ألميدا، أسَّس "أسينت" في سبتمبر من عام 2016 بعد أن ترك عمله في شركة أخرى تختص بالتعلم العميق للآلات، وكان قد ساعد على تأسيسها. ويقول ألميدا: "بيانات القيادة ليست كل شيء، فيمكن للسيارات تعلم سلوكيات أساسية في المحاكاة لنقلها بفاعلية إلى النظام الواقعي".

وفي حين يتطلَّع صُنَّاع السيارات ومنافسيهم في "سيليكون فالي" إلى المحاكاة لتحسين تكنولوجياتهم، تراهن "أسينت" على أنَّ البيئات الافتراضية ستجعلها في طليعة السباق، ومن أجل خلق محاكاة على غرار أفلام سباق السيارات "فاست آند فيورياس"؛ ارتدى المهندسون نظارات الواقع الافتراضي، وبدأوا القيام بمناورات باستخدام أدوات التحكم الخاصة بالـ"بلاي ستيشن"، وتأخذ اللوغاريتمات هذه البيانات، ثم تستنسخها في أنماط القيادة، و تطلب من البرنامج محاولة توقُّع المسارات والتصرف وفقاً لذلك.

وتمَّ بناء بيئة محاكاة أطلس على منصة يونريل، وهي منصة الألعاب التي صمَّمت ألعاباً، مثل "باتمان"، و"أساسينز كريد" وغيرها من الأسماء المشهورة، ويتمُّ تصميم العالم الافتراضي بوضع مشاة، ومبانٍ، وإشارات مرورية، ولكنَّه لا يشبه أي مدينة محددة، وبدلاً من ذلك؛ فإنَّ البرنامج يشبه أكثر مكعبات الليجو التي يمكن أن تستخدم لبناء سيناريوهات تدريب متعددة.

وأضاف ألميدا: "ينبغي أن تدرج عدم يقين القيادة البشرة وضوضائها كجزء من التجربة التعليمية للسيارة. فهذا من شأنه أن يؤدي إلى نتيجة أكثر فعالية في النهاية".

وأحرزت السيارات ذاتية القيادة تقدُّماً كبيراً في العقد الماضي. ففي مسابقة سيارات في عام 2004، لم تستكمل أيَّة سيارة ذاتية القيادة الطريق حتى خط النهاية، فاصطدم بعضها بالحواجز، وخرجت أخرى عن المسار، وتجمَّدت في مكانها، ومنذ ذلك الحين، تمَّ إحراز تقدم كبير في الحساسات، وتمَّ تحقيق انجازات في لوغاريتمات التعلم العميق، مما حسَّن قدرة الآلات على تصوُّر العالم، وحلِّ مشكلة القيادة الأساسية.

الأخطاء ستكون مكلفة

ويتمثَّل التحدي الآخر للسيارات بدون قائد في القيام بتوقُّعات وفقاً لما تراه، وتكون الأخطاء مكلفة في العالم الحقيقي، وليس في العالم الافتراضي. ويمكن أن تسرِّع "أسينت" عملية التعلُّم من خلال تشغيل عدد من المركبات في وقت واحد، وجعل الساعة الداخلية للعالم الافتراضي تعمل أسرع بـ20 مرة عن العالم الحقيقي.

وكانت شركة "وايمو"، التي تجمع كافة مجهودات القيادة الذاتية للشركة الأم لـ"جوجل"، قد أفادت أنَّ برنامجها قاد 2.7 مليار ميل في العالم الافتراضي (1 ميل = 1,609 كم)، واستخدمت الشركة خرائط ثلاثية الأبعاد، عالية التعريف، قائمة على البيانات التي جمعتها من السيارات التي تسير في الشوارع، وذلك لتختبر السيناريوهات الصعبة، مثل إشارات المرور الصفراء، وسير السائقين في الاتجاه المعاكس، ووجود المشاة، وراكبي الدراجات.

وقال علي إزادي نجف عبادي، وهو محلِّل في "بلومبرغ NEF": "يستهدف كل لاعب كبير في هذا المجال مزيجاً من الاختبارات على الطرق الحقيقية، فضلاً عن قطع مدى أكبر من أميال القيادة داخل بيئة محاكاة. ويعدُّ التركيز على المواقف الخطيرة ضرورياً للجميع".

وتعمل "أسينت" على استخدام جزء من الأموال التي جمعتها لتزويد أربع سيارات "لكسز SUV" هجينة بمجموعة كاملة من الحساسات، لتقوم باختبارات الطرق في اليابان، وتحمل كلُّ سيارة حواسب قيمتها 100 ألف دولار، تختصُّ بجمع بيانات خاصة للأوضاع التي يصعب محاكاتها على الطريق، مثل الثلج والجليد، وتشمل الاختبارات وجود سائق أمام عجلة القيادة، وهو مستعد للتحكم في السيارة في حال حدوث أيَّة أخطاء.

وقال ألميدا، إنَّ الشركة الناشئة لديها شراكة في الأبحاث مع شركة سيارات يابانية واحدة على الأقل، واتفاقات مع ثلاث شركات مختصَّة بالروبوتات، رافضاً الإفصاح عن أسماء هذه الشركات؛ لأنَّ العقود ليست علنية، وتخطِّط "أسينت" كذلك لمضاعفة قوتها العاملة البالغة 30 فرداً لضعفين على الأقل مع نهاية العام.

وبالرغم من أنَّه من غير الواضح حتى الآن، ماهية مزيج التكنولوجيا المطلوب لإنتاج مركبة ذاتية القيادة بالكامل. إلا أنَّ الأنباء الجيدة تكمن في أنَّنا لن ننتظر طويلاً لنعرف. إذ يتفق معظم صنَّاع السيارات على أنَّ التوظيف التجاري للسيارات ذاتية القيادة (التي يمكن أن تقود بدون مساعدة بشرية) سوف يبدأ قريباً، وذلك سيتحقق أيضاً عندما تبدأ "أسينت" بترخيص برامج الذكاء الاصطناعي لشركات السيارات.

وربما يجد معجبو سلسلة أفلام "فاست آند فيرياس"، وسباقات السيارات شيئاً آخر، يتطلَّعون إليه.

وقال ألميدا، "من المفترض أن تتعلم السيارة كيفية الإنحراف والمناورة، لأنَّ الخطورة تكمن في أنَّ الأشخاص لن تكون لديهم سيطرة كاملة على السيارة، ولكنَّ السيارة "الروبوت" سوف تكون قادرة على منحك القدر المناسب من الإثارة".