أزمة إسكان في برلين بسبب "سقف الإيجار"

قانون تثبيت سعر الإيجار يفتح الباب أمام عقود مخالفة.
قانون تثبيت سعر الإيجار يفتح الباب أمام عقود مخالفة. المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

مرَّ ما يقرب من تسعة أشهر منذ أن أصدرت برلين قراراً بتجميد أسعار الإيجار مدة خمس سنوات، وفرضت قيوداً لإجبار أصحاب العقارات على خفض الأسعار بنسبة تصل إلى 40%.

لكن في الوقت الذي يدفع بعض الأشخاص أسعاراً أقل، بات يصعب العثور على إيجار جديد. مما دفع بعض المستأجرين المحتملين إلى طلب توقيع عقود جانبية (غير موثقة) مخالفة.

وفي شهر سبتمبر الماضي، انخفض عدد المنازل المتاحة للإيجار في برلين بنسبة 42% عن العام السابق، وانخفضت المنازل المتأثرة بالتشريع الجديد (التي بُنيت قبل 2014 ) بنسبة 59% ، وفقاً لمنصة "ImmoScout24" العقارية المهيمنة على خدمات التأجير العقاري عبر الإنترنت في ألمانيا.

ويقول توماس شروتر، المدير الإداري للشركة: "غالباً ما يكون هناك مئات من الاستفسارات لكلِّ شقة، وكثيراً ما يجري إزالة الإعلانات إثر تأجيرها في غضون يوم واحد".

ويعزو بعض المسؤولين الحكوميين في برلين، ومجموعات حقوق المستأجرين النقص في العرض، إلى انخفاض حجم المبيعات بسبب الوباء. إلَّا أنَّ بيانات موقع " أيموسكوت"، ومراقبي السوق الآخرين يشيران إلى خلاف ذلك.

وقد توقَّف سوق العقارات الألماني في وقت مبكر من تطبيق الإغلاق بسبب تفشي وباء (كوفيد-19)، لكنَّ المدن الكبرى في جميع أنحاء البلاد تشهد نشاطاً إيجارياً أكبر من العام الماضي، باستثناء برلين.

ويقول كريستيان أوبرست ، محلِّل العقارات في " آي دبليو" ، المعهد الاقتصادي الألماني، ومقره في كولونيا: "قد يلوم الناس كورونا، لكنني متأكدٌ تماماً من أنَّ التراجع الذى نراه في برلين؛ يرجع إلى التشريع الجديد.".

وأصبح العثور على منزل في العاصمة الألمانية العصرية أكثر صعوبة بشكل متزايد خلال العقدين الماضيين، مع انتقال مقيمين جدد، ومستثمرين، وشركات، بما في ذلك شركات ناشئة إليها.

وزادت أسعار الإيجارات في العديد من الأحياء إلى أكثر من الضعف منذ عام 2009 بسبب عدم مواكبة معدَّلات البناء للطلبات على المساكن.

وقدَّمت حكومة ولاية برلين ذات الميول اليسارية في فبراير ما يسمى بـ "Mietendeckel"، أو "سقف الإيجار" لحماية برلين من السير في طريق مدن، مثل لندن، ونيويورك، إذ يتمُّ استبعاد الطبقات الدنيا والمتوسطة من مناطق وسط المدن.

ويقول وايبك ويرنر، نائب رئيس مجموعة حقوق المستأجرين في برلين، "كان من الضروري الضغط على المكابح، حتى لا يتمكَّن المستثمرون من الاستمرار في جني أموال لا نهاية لها على حساب المستأجرين".

ويقول مسؤولو المدينة، إنَّ التجميد كان يهدف إلى منح المستأجرين "مساحة للتنفس" في حين تسعى برلين إلى زيادة البناء بما لا يقل عن 20 ألف منزل جديد سنوياً، أي أكثر من أربعة أضعاف مما جرى بناؤه في عام 2010. وأصبح تحقيق هذا الهدف يلوح في الأفق الآن بعد بناء المطوِّرين 18999 منزلاً جديداً في المدينة العام الماضي.

لكنَّ التشريع الذي جرى الطعن عليه في محكمة فيدرالية، وهو مهدد بالإلغاء العام المقبل، أثار فزع الملَّاك؛ مما دفع بعضهم لبيع الشقق بدلاً من تأجيرها بأسعار مخفَّضة، وفقاً لقرار"سقف الإيجار".

وفي سبتمبر، ارتفع عدد المنازل المعروضة للبيع في برلين بنسبة 13% عن العام السابق، وبلغت نسبة الزيادة للمنازل التي جرى بناؤها قبل 2014 بنسبة 23% ، وفقاً لتقارير "أيموسكوت".

وكانت برلين معروفة أنَّها مدينة مستأجرين، إذ يستأجر أكثر من 80% من السكان منازلهم. وإذا استمر اتجاه شراء المنازل، فسوف يتحوَّل هذا الرقم نحو المتوسط ​​الوطني البالغ حوالي 50%.

ويواجه الأشخاص الذين لا يستطيعون الشراء، أو لا يرغبون في ذلك عقوداً مرهقة مالياً، ومنها عقود السوق الموازية. وبدأ العديد من الملَّاك، تجنباً لفقدان الدخل، في مطالبة المستأجرين بتوقيع عقود إيجار بسعرين مختلفين، أحدهما ساري المفعول إذا استمر تجميد الإيجار، وآخر بسعر أعلى يمكن تطبيقه بأثر رجعي إذا عدَّه القانون غير دستوري.

ويطالب بعض الملاك المستأجرين بدفع أسعار باهظة للأثاث، أو معدَّات المطبخ شرطاً للتأجير، وذلك وفقاً لشروتر رئيس شركة "أيموسكوت". الذي أضاف: "على سبيل المثال ، يوجد كرسي هنا؛ سيكلفك 15 ألف يورو، أو هذا الموقد، سيكون 10000 يورو ". وتابع: "هذا السوق الموازي موجود، وواضح تماماً ".

ومع ذلك، تلتزم حكومة ولاية برلين بقوانينها، قائلة إنَّه لا ينبغي إلقاء اللوم عليها في أزمة الإسكان. ويقول سيباستيان شيل، عضو مجلس الشيوخ عن لجنة التنمية الحضرية والإسكان في المدينة: "إنَّ قانون "سقف الإيجار" ليس هو السبب؛ بل الطلب في برلين هو نتيجة أزمة السكن."