السيدة لن تقلّص التحفيز.. لكن اسألوا مجدداً في ديسمبر

المصدر: بلومبرغ
Daniel Moss
Daniel Moss

Daniel Moss is a Bloomberg Opinion columnist covering Asian economies. Previously he was executive editor of Bloomberg News for global economics, and has led teams in Asia, Europe and North America.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قدّم البنك المركزي الأوروبي دفعة أولى صغيرة جداً للانتعاش الاقتصادي المطول، وهي دفعة قوية بما يكفي لتحمل المتغيرات المقلقة لـ"كوفيد-19" وأي تطورات وبائية أخرى. لكن عملية صنع القرار الكبيرة ستأتي في ديسمبر، عندما سيُجري البنك المركزي مراجعة شاملة لبرنامج شراء السندات، مع وجود سلالة "دلتا" المتحولة لبضعة أشهر قليلة أخرى تحت حزامه. شعور أفضل بشأن توجه الاحتياطي الفيدرالي لسحب الحوافز. ستكون هناك مساحة أضيق للتلاعب بالرسائل.

اقرأ أيضاً: البنك المركزي الأوروبي قد يغش من أوراق زميله الأمريكي

يوم الخميس، قال البنك المركزي الأوروبي إنه سيبطئ وتيرة شراء السندات في الربع الأخير من العام. وقد أثار هذا الإعلان كثيراً من القلق بشأن ما تعنيه حقاً عبارة "وتيرة منخفضة إلى حد ما" لشراء الأصول، وما إذا كان هذا يمثل انخفاضاً تدريجياً، أي تقليصاً ملحوظاً للتحفيز. وقالت رئيسة البنك كريستين لاغارد للصحفيين: "السيدة لن تقوم بالتخفيض". كان بعض المستثمرين أكثر تشككاً، وجادلوا بأن النتيجة النهائية هي المهمة، وليست القصة الرسمية.

لا يزال البنك يقدم دعماً كبيراً للغاية للاقتصاد، وسوف يستمر في ذلك لفترة طويلة. إذا انخفض الدعم قليلاً -لنقُل 70 مليار يورو (83 مليار دولار)، مقابل 80 ملياراً تقريباً في الربعين الماضيين- فهذا لن يغير المعادلة بشكل كبير. يلتزم البنك إنفاق 1.85 تريليون يورو حتى نهاية مارس على الأقل، إضافة إلى برنامج أقدم للتيسير الكمي.

ربما كان من المفيد أن يقدم البنك المركزي الأوروبي رقماً محدّداً، لكن التحديد هو آخر شيء يريده عندما تتطلب الأوقات الحنكة. قد تكون المحددات الصريحة قد أضعفت "إعادة التقويم" التي أجرتها لاغارد، وجعلت من الصعب إنكار أنها تصل إلى حد التخفيض التدريجي. ورغم أن الاقتصاد العالمي في حالة أفضل مما كان عليه قبل عام، فإنه لم يتعافَ تماماً، كما جرى تقليص بعض توقعات القطاع الخاص مع احتدام انتشار سلالة "دلتا" المتحولة. لقد رفع البنك المركزي الأوروبي توقعاته للنمو لهذا العام، وخفضها قليلاً لعام 2022. ومن المتوقع أن يكون التضخم أقل بكثير من هدف البنك المركزي الأوروبي في العام المقبل وفي عام 2023.

سيكون اجتماع مجلس حكام البنك المركزي الأوروبي في ديسمبر أقل قابلية للتعامل مع البراعة اللغوية. اعتبر عديد من الاقتصاديين نهاية العام موعداً نهائياً غير رسمي للحصول على توضيح من رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، إما لبدء تقليص التيسير الكمي وإما للإعلان عن نية القيام بذلك. إذا تأجل هذا الجدول الزمني فهذا يشير إلى أن محرك الانتعاش العالمي ليس في حالة جيدة. يقول جميع البنوك المركزية، بما في ذلك البنك المركزي الأوروبي، إنهم يتخذون قراراتهم الخاصة دون تلقي أوامر من الاحتياطي الفيدرالي، لكن لا يمكن تجاهل البنك الأول بين نظرائه.

قد يهمك أيضاً: تفشي "دلتا" يخلق سرعتين لتعافي الاقتصاد العالمي

من المحتمل أن تناسب تسوية يوم الخميس لاغارد لسبب آخر: الحاجة إلى تحقيق التوازن بين الصقور والحمائم. للمحافظة على البرنامج الأوسع على المسار الصحيح، ربما شعرت بالحاجة إلى تقديم بعض التنازلات لأولئك الذين يريدون سحب التسهيلات مبكراً. كان محافظا بنكَي هولندا والنمسا المركزيين من بين الأكثر صراحة في هذا الصدد. من الناحية التاريخية، كان هذان البنكان يدوران في فلك البنك المركزي الألماني "البوندسبنك"، الذي لعب دوراً في السنوات الأولى للبنك المركزي الأوروبي مدافعاً عن الأموال الضئيلة، ولا يزال متشككاً في السياسات الفضفاضة للغاية. شكّل تعاقب مسؤولي البنك المركزي الألماني، وذوي العقليات المماثلة، نوعاً من الأصوات الخلفية المزعجة. يمكن دائماً أن يحدث التفوق في التصويت عليهم، لكن يمكنهم أن يتسببوا في مشكلات في الصحافة والمنتديات العامة الأخرى.

يبدو شهر ديسمبر هو الشهر الذي تنتظره البنوك المركزية. قبل أن تقول لاغارد إن هناك تخفيضاً سيحدث، عليها أن تشعر بالثقة الكافية بأن سلالة "دلتا" ستصبح تحت السيطرة. إنه قرار هام، وأمر لا تستطيع السيطرة عليه. تبدو نهاية التيسير الكمي احتمالية بعيدة، هذا إن حدثت أصلاً.