3 مسارات لتعثر العملاق الصيني "إيفرغراند"

وصل العائد على السندات الدولارية المستحقة في 2025 إلى 31 سنتاً في بداية تعاملات الإثنين، فيما فقدت أسهمها المدرجة في بورصة "هونغ كونغ" 3.6% من قيمتها.
وصل العائد على السندات الدولارية المستحقة في 2025 إلى 31 سنتاً في بداية تعاملات الإثنين، فيما فقدت أسهمها المدرجة في بورصة "هونغ كونغ" 3.6% من قيمتها. المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

ربما تخضع مجموعة "تشاينا إيفرغراند غروب" لواحدة من أكبر عمليات إعادة هيكلة الديون التي قد تشهدها الصين، إذا اعتبرت الأسعار البائسة لسندات شركة التطوير العقاري مؤشراً على أي شيء.

قالت أيريس تشن، محللة الائتمان لدى بنك "نومورا إنترناشيونال هونغ كونغ": "إنها عملية لا يمكن تجنبها تقريباً". وترجح أيريس أن تطرح الحكومة اتفاقاً تشرف على تنفيذه، يضمن قيام "إيفرغراند" بتسليم وحدات سكنية وسداد مستحقات الموردين، على أن يسترد مستثمرو الديون الدولارية للشركة 25% من أموالهم. كذلك يتوقع لوثر تشاي، محلل بحوث أول لدى شركة "كريديت-سايتس سنغافورة" (CreditSights Singapore)، أن تعجز "إيفرغراند" عن سداد ديونها وتخضع لعملية إعادة الهيكلة. وقد تم تسعير تلك المخاطرة بالفعل على أسعار ديون الشركة، حيث تتداول كثير من السندات الدولارية لشركة "إيفرغراند" قرب 30 سنتا.

مخاوف من عجز "إيفرغراند" الصينية عن سداد التزامات تخطت 300 مليار دولار أمريكي

التفاوض

يُعد إخفاق شركة تنمية عقارية بضخامة "إيفرغراند" في سداد الديون من الندرة بمكان في الصين، حتى أن المستثمرين والمحللين والجهات التنظيمية لن يجدوا إلا حالات قليلة لدراستها والاهتداء بها. ففي عام 2015، أصبحت شركة "كايسا غروب هولندنجز" (Kaisa Group Holdings) أولى شركات البناء الصينية التي تعجز عن سداد ديونها الدولارية، بينما تجرى حالياً مباحثات على إعادة هيكلة شركة أخرى هي "تشاينا فورتشيون لتنمية الأراضي" (China Fortune Land Development.

إذا حدث أن أفلست الشركة إفلاساً غير منظم، فقد يتعرض النظام المالي كله للخطر. لذلك يجب على السلطات الصينية، في ضوء غياب سوابق واضحة لهذه الحالة، أن تختبر آليات حل مشاكل المديونية في شركات مثيلة لشركة "إيفرغراند"، التي تتجاوز التزاماتها 300 مليار دولار أمريكي.

لم ترد شركة "إيفرغراند" مباشرة على طلب التعقيب على صحة مركزها المالي. وارتفع العائد على سنداتها الدولارية المستحقة في 2025 بمقدار 0.6 سنت إلى 31 سنتا عن كل دولار في بداية تعاملات الإثنين، كما تكشف بيانات أسعار السندات التي جمعتها "بلومبرغ". فيما فقدت أسهمها المدرجة في بورصة "هونغ كونغ" 3.6% من قيمتها.

"موديز" و"غولدمان ساكس" تعمقان جراح "إيفرغراند"

وصادقت الأجهزة التنظيمية في بكين على مقترح "إيفرغراند" بإعادة التفاوض على مواعيد سداد الديون مع البنوك ودائنين آخرين، لتمهد الطريق أمام وقف الإجراءات مؤقتاً، بحسب ما قاله مصدر مطلع خلال الأسبوع الماضي.

فيما يلي ثلاثة سيناريوهات محتملة:

المسار المرجح

تقوم "إيفرغراند" بإعادة هيكلة ديونها ويسترد حاملو السندات جزءاً من أموالهم. وتقول أوموتوند لاوال، رئيس مجموعة ديون الشركات في الأسواق الناشئة لدى شركة "بارينغز" (Barings)، "هذه هي الطريقة الهادئة التدريجية المنظمة". وبحسب أيريس تشن من "نومورا بنك"، قد تحدث بعض مظاهر العدوى في البداية عند شركات العقارات الصينية المصدرة للسندات، غير أن مشاعر الثقة سوف تتحسن مع إزالة مصدر رئيسي للانزعاج. وتتوقع تشن أن تبلغ نسبة الاسترداد 5% فقط في ديون شركة "سيناري جورني" (Scenery Journey) التابعة لمجموعة "إيفرغراند".

في مذكرة نشرت في 18 أغسطس الماضي، كتب محللو "مورغان ستانلي" بقيادة كلفين بانغ أنه من الضروري لشركة تنمية عقارية صينية أن تواصل أعمالها بصورة طبيعية بعد أي تعثر محتمل في سداد ديونها. بمعنى آخر، يجب أن تكتمل مشاريع الإنشاءات، ويتم تسليم الوحدات السكنية لأصحابها.

اقرأ المزيد: "إيفرغراند" تسلم مشروعات غير مكتملة للموردين لتعويض مدفوعات متأخرة

ولأن تمويل الديون الدولارية أمر "حيوي" بالنسبة لشركات التنمية العقارية، يقول "مورغان ستانلي" إن الشركة العقارية المتعثرة لن تقوم بالضرورة بتفضيل دائنيها المحليين على دائنيها من الخارج.

يحتمل أن تشارك الحكومة في عملية إعادة الهيكلة، كما قال لوثر تشاي من شركة "كريدت-سايتس" في رسالة عبر البريد الإلكتروني، رغم أنه ليس من المتوقع أن تمنع بكين إفلاس الشركة أو أن تقدم قروضاً وتلعب دور الدائن الأخير. أما تدخل الحزب الشيوعي فسوف يكون لاحقاً، بما يسمح له بمواجهة المخاطر المعنوية في سوق الائتمان، بينما يطمئن إلى أن محدودية أي تأثير اقتصادي أو مالي أو اجتماعي محتمل.

المسار الأفضل

يعد لاستحواذ الكامل أو الجزئي على الشركة من قبل شركة مملوكة للدولة هو احتمال آخر، غير أن أيريس تشن من "نومورا بنك" تراه احتمالاً ضعيفاً. كما يمكن أن تبيع "إيفرغراند" أصولها المدرجة في البورصة بأسعار أفضل إذا تحسنت أوضاع السوق، وفقا لتشن، التي توقعت أن ذلك قد يمنح حاملي السندات معدل استرداد يبلغ 30% أو أكثر.

"إيفرغراند" تسعى للخروج من مأزق التمويل ببيع أصول

وبحسب تشاي من شركة "كريديت-سايتس"، تستطيع "إيفرغراند" شراء بعض الوقت بهدف تحسين أوضاع السيولة لديها خلال العام القادم. ووفق هذا السيناريو، ستسدد "أيفرغراند" بعض السندات الدولارية الأقصر أجلاً في مواعيد استحقاقها. وعلى شركة التنمية العقارية أن تسدد اثنين من السندات الدولارية مرتفعة القيمة خلال الأشهر الاثني عشر المقبلة، والبالغ مجموعهما 3.5 مليار دولار.

تسعى "إيفرغراند" إلى بيع أصول غير أساسية، الأمر الذي قد يساهم في تغطية التزامات الديون القريبة، رغم أنها حذرت خلال الشهر الماضي من أنها تتعرض لمخاطر العجز عن السداد إذا أخفقت في جهودها.

السيناريو الكابوس

تعد تصفية الشركة هي السيناريو الذي قد لا يحصل فيه حاملو السندات على شيء تقريباً. وهو سيناريو غير محتمل، بحسب تشاي من "كريديت-سايتس"، لأن ذلك "سوف ينشر الفوضى المدمرة في قطاعي العقارات والبنوك في الصين، علاوة على الشركات المرتبطة بها مثل الموردين". ويقول محللو "مورغان ستانلي": "إننا نحث جميع الأطراف على تجنب سيناريو التصفية" عند إعادة هيكلة أي شركة عقارية صينية. سيفقد رئيس شركة "إيفرغراند"، الذي يمتلك نسبة 70% من أسهمها، جانباً كبيراً من ثروته إذا حدث ذلك.

ويتضمن أحد السيناريوهات السلبية الأخرى أن تقوم "إيفرغراند" بإعادة بعض ديونها خارج الميزانية – والتي قد تشمل أصولاً مرهونة – إلى دفاترها مرة أخرى، بحسب أيريس تشن من "نومورا بنك". يمكن أن يكون لتلك الأصول المرهونة أولوية في الاسترداد على السندات الدولارية، وإذا كانت الديون خارج الميزانية أعلى من التوقعات، فإن حاملي السندات قد يستردون أقل من 15% من أموالهم.

تقول لاوال من شركة "بارينغ" إن أحداً لا يريد سيناريو الفوضى. فالعقارات تمثل جانباً كبيراً من أصول العائلات في الصين، وهي أيضاً عنصر أساسي في خطة الرئيس زي جينبينغ "الرخاء العام" التي تهدف إلى إعادة توزيع الثروة.

قالت لاوال في رسالة عبر البريد الإلكتروني خلال الأسبوع الماضي: "إننا نعتقد دائماً أن احتمال الإفلاس غير المنظم ضعيف. فتأثير ذلك سوف يكون مدمراً في ضوء ما يمثله حجم مجموعة (إيفرغراند) على مستوى البلاد وتأثيرها على ودائع أصحاب المنازل وعلى مورديها في مختلف أنحاء الصين".