أنصار "ليس في عقر داري" يعطِّلون نشر الطاقة المتجددة

بعض القوى المناهضة لمشروعات الطاقة المتجددة بحجج بيئية في حين أن الهدف هو إبعادها عن المناطق الخاصة بهم، وهو ما قد يؤدي لمخاطر أكبر مع تفاقم أزمة التغير المناخي
بعض القوى المناهضة لمشروعات الطاقة المتجددة بحجج بيئية في حين أن الهدف هو إبعادها عن المناطق الخاصة بهم، وهو ما قد يؤدي لمخاطر أكبر مع تفاقم أزمة التغير المناخي المصدر: أ.ف.ب
Noah Smith
Noah Smith

Noah Smith is a Bloomberg Opinion columnist. He was an assistant professor of finance at Stony Brook University, and he blogs at Noahpinion.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لا توجد حتمية اقتصادية أكثر أهمية للولايات المتحدة من الانتقال إلى الطاقة المتجددة، ومن المؤسف أنَّ القوى المناهضة للتنمية المعروفة باسم "ليس في عقر داري"، أو "نيمبي" (NIMBYs)، تهدد بجعل هذا الانتقال أكثر صعوبة، ويأتي الكثير من قوتهم من اليسار السياسي.

ولننظر على سبيل المثال إلى الإلغاء الأحدث لخطط إنشاء محطة الطاقة الشمسية بالقرب من لاس فيغاس، وكان مشروع "باتل بورن سولار"- والقائم على تكوين صخري يسمى "مورمون ميسا"- سيكون الأكبر في الدولة، وكان سيوفِّر عُشر قدرة التوليد للولاية، وهو ما يكفي لتشغيل أكثر من 800 ألف منزل، ونظراً لأنَّ ولاية نيفادا تستخدم في الغالب الطاقة المولَّدة من الغاز الطبيعي؛ فسيكون للمشروع تأثير كبير في انبعاثات الغازات الدفيئة.

لكنَّ تحالفاً من مجموعات بيئية وشركات سياحة، يطلقون على أنفسهم اسم "أنقذوا ميسا خاصتنا"، احتشد ونجح في منع المشروع، وجادلت الشركات بأنَّ محطة الطاقة الشمسية ستضر بالأنشطة المرتبطة بحركة الدراجات ذات العجلات الأربع، والقفز بالمظلات، و ذكر أنصار البيئة في المجموعة أنَّ الأمر يتعلَّق بالحفاظ على الأرض.

تحديد الأولويات

وهذه حالة هائلة جداً تُظهر أنَّ الأولويات في غير محلِّها، فالحفاظ على الأراضي جيد وكما يجب، لكنَّ تغيُّر المناخ يلقي بثقله على حرائق الغابات الأمريكية في كاليفورنيا، وظواهر القباب الحرارية في بورتلاند، والأعاصير في لويزيانا ونيويورك، والجفاف في السهول الكبرى، والفيضانات في المسيسيبي، وكل ذلك يُظهر أنَّه لا يوجد أي مكان آمن من التأثيرات، ومن الضروري أن تتحوَّل - والعالم - إلى مصادر الطاقة الخضراء في أسرع وقت ممكن.

واستنادا إلى هذه الخلفية؛ فإنَّ إلغاء أكبر محطة للطاقة الشمسية في البلاد باسم الحفاظ على الدراجات رباعية العجلات التي تعمل بالغاز، يعدُّ موقفاً لا يمكن تبريره، وتفوح منه رائحة "النيمبية" الخالصة والصرف من جماعة "أنقذوا ميسا خاصتنا"، و

لا يبدو أنَّ الأمر مقتصر على "مورمون ميسا"؛ إذ تنتقد الجماعة على موقعها على الإنترنت الألواح الشمسية بشكل عام، مدَّعية أنَّها تُخفِّض الرطوبة، وتسبِّب مشاكل الغبار، وما إلى ذلك.

رفض مشاريع الطاقة المتجددة

هذا هو للأسف نموذج لسلالة ما يسمى بالنشاط البيئي الذي انقلب على مشاريع الطاقة المتجددة، وعارض بعض النشطاء توربينات الرياح لسنوات، زاعمين أنَّها تشوِّه الجمال الطبيعي للريف، وتقتل الطيور، وعندما تكون التوربينات في عرض البحر، تعارضها المجموعات أحياناً بسبب تأثيراتها غير المعروفة التي يحتمل أن تضر بالمحيط، وفي الوقت ذاته، لم يكن مشروع "باتل بورن سولار" هو أول مشروع يتعرَّض لهجوم من دعاة حماية البيئة، فقد عارضت مجموعات الناشطين لسنوات بناء ألواح الطاقة الشمسية في الصحراء من أجل حماية الحيوانات والنباتات المحلية.

وفي الوقت نفسه، تواجه ثورة السيارات الكهربائية نوعها الخاص من المقاومة من اليسار السياسي، وأدت التحذيرات من استخدام عمالة الأطفال في بعض الأحيان في مناجم الكوبالت في الخارج إلى انقلاب بعضهم على تكنولوجيا بطاريات الليثيوم أيون.

المخاوف بشأن المساحات المفتوحة، والفصائل الحيوانية والنباتية المحمية، وعمالة الأطفال مشروعة، ويجب على الشركات التي تنشر تقنيات الطاقة الخضراء العمل على تقليل هذه الجوانب السلبية للحد الأدنى، أما استخدام هذه القضايا كذريعة لإفشال الانتقال إلى الطاقة الخضراء لا يؤدي إلا إلى تفاقم المشكلات التي يقلقون بشأنها.

"ليس في عقر داري"

ولدى تغيُّر المناخ القدرة على تدمير البيئات الطبيعية للحيوانات والنباتات في جميع أنحاء العالم، وسيُفقر البلدان إلى الحد الذي تصبح فيه عمالة الأطفال أمراً شائعاً مرة أخرى، وتعدُّ الأضرار الناجمة عن تغيُّر المناخ مرعبة جداً، وأكبر من أوجه اعتراض حتى أكثر اليساريين جدية من جماعة "ليس في عقر داري".

ومع ذلك؛ فإنَّ الشخصية الساخرة بداخلي تشكُّ في أنَّ الشكاوى المتعلِّقة بمشاريع مثل مشروع "باتل بورن سولار" لا تتعلَّق بالكامل بالقضايا التي يدَّعون أنَّها تتعلَّق بها، ومنذ سبعينيات القرن الماضي، التزم الأمريكيون بنمط "ليس في عقر داري" كطريقة عامة للحياة.

وقدَّمت القوانين البيئية لسكان الضواحي الهادئة أداة قوية لمنع أي تغييرات في ضواحيهم الخاملة، وبين هذا الأمر والاتجاه العام نحو السياسة اليسارية في الغرب؛

فلا عجب أن تلجأ أي مجموعة تحاول وقف التنمية، سواء كانت محافظة أو ليبرالية، إلى الحجج البيئية.

لكن هذا غير مقبول، و يجب على القادة على مستوى الولايات، وعلى المستوى الوطني التدخل كما هو الحال مع الإسكان، لأنَّ الحكومة فقط هي التي تملك القوة للتغلُّب على الناخبين المحليين الذين يصرون على عدم بناء أي شيء في ساحات منازلهم الخلفية.

ولحسن الحظ؛ هناك بوادر تحرُّك في هذا الاتجاه، وتُظهر ولاية كاليفورنيا، وهي تقليدياً واحدة من الولايات الأكثر ارتباطاً بالاستقرار السياسي، بعض العلامات المشجِّعة على أنَّها أصبحت أخيراً متشدِّدة مع مَن يتبنَّى مبدأ "نيمبي" من أجل تقسيم المناطق لتحقيق تنمية أكثر كثافة، ويجب تطبيق هذا النهج على الطاقة المتجددة أيضاً، إذ يتمُّ إجبار المدن على قبول محطات الطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، وتحفيز التحوُّل إلى السيارات الكهربائية بقوة، ومع احتراق الغرب الأمريكي، والفيضانات الشرقية، ليس هناك وقت نضيّعه.