باكستان تستهدف استعادة ثروتها الخضراء بزراعة 10 مليارات شجرة

باكستان تسعى لاستعادة الثروة الخضراء
باكستان تسعى لاستعادة الثروة الخضراء المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

قد لا يخطر على البال أن يكون المناخ القاحل والصحارى الصخرية في باكستان مكانا للبحث عن ثروة خضراء، إلا أن الدولة الآسيوية، التي تزيد كثافتها السكانية عن 200 مليون نسمة، بدأت واحدة من أكبر برامج التشجير في العالم.

وخلال مقابلة له، قال مالك أمين أسلم، الوزير الباكستاني المعني بشؤون التغير المناخي، إن الحكومة لا تزال في المرحلة الأولى لزراعة ما يصل إلى 3.25 مليار شجرة بتكلفة تقدر بنحو 105 مليار روبية باكستانية "650 مليون دولار أمريكي". ويهدف رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان لرفع أعداد الأشجار التي تخطط الحكومة لزراعتها إلى ما يقرب من 10 مليارات شجرة مع انتهاء فترة ولايته في عام 2023.وأضاف أسلم عبر الهاتف: "نحاول إطلاق العنان لاقتصاد أخضر".

وتبدو هذه المهمة هائلة، حيث تندرج باكستان ضمن الدول الست التي تواجه التأثير الأكبر من تغير المناخ، منها مخاطر الفيضانات وذوبان الأنهار الجليدية والجفاف، وفقا لما ذكرته الأمم المتحدة.

وبحسب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة، تعتبر نسبة انتشار الغطاء الأخضر في باكستان الآن من بين الأدنى عالميّآ، حيث تغطي المساحة الخضراء نحو 5% تقريبا من الأراضي، مقارنة بالمتوسط العالمي الذي يبلغ 31%.

وفي يوليو، وخلال مراسم احتفالية لزراعة الأشجار، قال رئيس الوزراء خان: "لسوء الحظ، لم نهتم أبدا بالأشجار. بعد الاستقلال عن بريطانيا، خسرنا الغابات بدلا من الحفاظ عليها وزيادة أحجامها".

وتعمل باكستان على زراعة الأشجار التي تحتاج إلى كمية قليلة نسبيا من المياه، مثل (أزاديراختا إنديكا)، وهي شجرة تنتمي إلى عائلة أشجار (ماهوجني) سريعة النمو وتُعرف باسم شجرة "النيم". ولا تحتاج تلك الشجرة عادة إلى الري بعد الأعوام الخمسة الأولى، في حين أن هناك أنواعا أخرى مختارة تحتاج إلى مزيد من المياه خلال الأشهر القليلة الأولى فقط، وفقا لما ذكره تابيش حسين، وهو حارس غابة وظفته الحكومة في كراتشي.

وكان خان يدعو إلى إعادة تشجير الغابات منذ أن كان لاعب كريكيت محترف قبل أكثر من ثلاثة عقود زمنية، وبالتالي يبدو من الطبيعي إنشاؤه لتسعة منتزهات وطنية جديدة، وهي عمليات التشجير الأولى من نوعها منذ الاستقلال في عام 1947.

وبصفته حاكما إقليميا لإقليم خيبر بختونخوا، أشرف خان على برنامج "زراعة مليار شجرة" الذي ساهم في رفع مساحة الغطاء الأخضر للمنطقة من 20% إلى 27% في الأعوام الخمسة حتى عام 2019.

وعندما زار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان باكستان للمرة الأولى العام الماضي، تمت دعوته لاستخدام المجرفة في التربة الزراعية وري نبتة في منزل رئيس الوزراء الباكستاني. وفي 9 أغسطس، طلب خان من جميع من يعيشون في البلاد زراعة شجرة، مستهدفا بذلك زراعة ما يصل إلى 3.5 مليون شجرة في اليوم.

وبرغم جهود خان لرفع مستوى الوعي العام، لا تزال الضغوط الاقتصادية تعصف بغابات البلاد، إذ أن حاجة البلاد لإطعام خامس أكبر كثافة سكانية في العالم تدل على أن معظم الأراضي الخصبة قد تم تحويلها بالفعل إلى مزارع للحبوب الغذائية مثل القمح أو محاصيل نقدية مثل القطن. كما تقطع الأشجار في البلاد أيضا لأغراض التحطيب، برغم محاولات التصدي لهذه الممارسة في الأعوام الأخيرة. ويقول النقاد إن الحكومة الباكستانية تناضل من أجل إصلاح الأضرار التي لحقت بالغابات في البلاد.

ويقول دوار بات، مستشار سياسة المناخ في لاهور: "هذه الإجراءات غير كافية. الحكومة لديها أيضا جداول أعمال أخرى". وأضاف أنه برغم أن الإدارة المركزية تضع البيئة على رأس أولوياتها، إلا أن مؤسسات الدولة تخرق القوانين الفعلية المتعلقة بالبيئة.

وفي أحيان كثيرة في الماضي، كانت العديد من مشاريع الطاقة والبنية التحتية تتجاهل التوصيات العامة حول التأثيرات البيئية، ولا تزال العديد من برامج البناء تقوم بالأمر نفسه، بحسب ما ذكره بات.

وفي الوقت نفسه، تستثمر باكستان بكثافة في الفحم، وهو أحد أكبر العوامل المسببة للتلوث، حيث افتتحت البلاد أكبر منجم للفحم العام الماضي بدعم من الصين، وأنتجت 20% من طاقتها الكهربائية من الوقود الأحفوري في السنة المالية الحالية حتى يونيو. بينما لم تولد سوى 3% من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وحددت الحكومة هدفا يتمثل في توليد ما يصل إلى 30% من طاقتها الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030.

وبالإضافة إلى استعادة بعض النظم الإيكولوجية وامتصاص انبعاثات الكربون المسببة للاحتباس الحراري للكوكب، ساهمت حملة زراعة الأشجار في توفير آلاف فرص العمل في بلد يعاني من البطالة.

وبهذا الصدد، قال رئيس الوزراء خان: "آمل في أن نتمكن من إنقاذ بلادنا. عندما تذهب إلى دبي تجد أن كلها صحراء وليس هناك أشجار، لكن الله منحنا في باكستان كل شيء وكل ما نحتاجه هو العناية بعطايا الله".