الحجر المنزلي يجعل الألعاب الإلكترونية مكانا أمثل لتواصل المراهقين

الألعاب الإلكترونية تتحول لمنصات تواصل المراهقين
الألعاب الإلكترونية تتحول لمنصات تواصل المراهقين المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لو كان صيف 2020 في بروكلين يشبه صيف 2019، لكان ابني البالغ من العمر 13 عاماً، الآن في المخيم الصيفي ينام في خيمة، ويرسل لي بطاقات بريدية مقتضبة، ويلعب لعبة تسمى المافيا في أوقات الفراغ. وهذه اللعبة التي ابتكرها ديميتري دافيدوف في عام 1986، يتم تقسيم اللاعبين فيها إلى مجموعتين: هما مجموعة المافيا ومجموعة القرويين. وخلال الليل، أي "بعيون مغلقة"، يحاول أعضاء المافيا القبض على أحد القرويين، أما خلال النهار، أي "بعد فتح عيونهم"، فيحاول بقية اللاعبين اكتشاف أين يكمن الشر بينهم؟ ومَن ينتمي للمافيا؟.

وبدلاً من كل ذلك، فقد قضى ابني هذا الصيف في المنزل، ينام على السرير، ويتعلم كيف يكون "سيد الزنزانة" في لعبة فيديو، ويرسل لي رسائل مقتضبة على الهاتف من غرفة أخرى، ويلعب لعبة على الإنترنت تسمى (Among Us)، والتي ابتكرها المطور "انرسلوث" في عام 2018، حيث ينقسم رواد الفضاء على سفينة فضائية إلى مجموعتين هما: "المحتالون" و"الطاقم". ويقوم المحتالون بالقبض على أفرادٍ من الطاقم، وتخريب أنظمة السفينة ، فيما يحاول أفراد الطاقم القيام بعملهم، ومعرفة أين يكمن الشر بينهم؟.

ولعبة "أمونج أس" هي واحدة من الجهات التي استفادت بشكل غير متوقع من الجائحة العالمية. ففي عام 2018، نشرت مؤسسة "كوارتز" الإخبارية تقريراً يظهر بأن 30 مستخدماً كانوا يلعبون فقط هذه اللعبة في نفس الوقت. ولكن وفي شهر سبتمبر 2020، وصل عدد اللاعبين الذين يلعبون اللعبة دفعة واحدة إلى 3.8 مليون لاعب. وكان من أوائل من قام بالتوجه نحو اللعبة المراهقون، والذين رصدوها من خلال منشورات العديد من المشاهير عنها على منصة "تي ويتش".

والآن ما كان يتم تصويره على أنه مدمر للعلاقات الشخصية، أصبح يشبه طوق النجاة (أو كبسولة للهروب) بالنسبة للعائلات التي اكتشفت وجود مشاركة جماعية في هذه الألعاب، حيث حدث تحول وتغيّر في المنصات، ومنها "ديسكورد" و"روبلوكس" و "ماينكرافت"، وذلك في استجابة لاحتياجات المستخدمين، وقد لاحظ البالغون ذلك.

بعيداً عن الرقابة

واستطاع المراهقون، (والذين كانت فرصهم في التواصل الاجتماعي والتعارف "بعيداً عن رقابة البالغين" محدودة بالفعل، بسبب المدرسة وأولياء الأمور ورجال الشرطة في مراكز التسوق)، التكيف بشكل أفضل من غيرهم. فنظّم الكثيرون منهم بالفعل حياتهم الاجتماعية عبر الإنترنت، مما جعل فترة الحجر أسهل عليهم. وبات دور هذه المنصات أكثر وضوحاً خلال الجائحة، لتتغيّر التصورات المجتمعية (والأبوية) حول السمات الإيجابية لمساحات التجمع الرقمية، خاصة بالنسبة لليافعين.

وتضم منصة "ديسكورد" للدردشة والألعاب اليوم، والتي تعبّر عن نفسها بشعار "مكانك للتحدث"، 100 مليون مستخدم شهرياً. ثلثهم تقريباً موجودون للحديث عن أشياء أخرى غير الألعاب. وعندما يلعب المراهقون لعبة "أمونج أس" التي تسمح بتبادل الرسائل النصية داخل التطبيق، فإنهم يُبقون منصة "ديسكورد" مفتوحة للدردشة الصوتية، وهو ما يشبه المحادثات الصوتية التي كانت تُجرى أثناء اللعب الحقيقي على أرض الواقع في لعبة "المافيا" أو "الغميّضة".

ملايين من المستخدمين

زاد عدد مستخدمي منصة "روبلوكس"، والتي هي عبارة عن منصة لتصميم الألعاب، واللعب عبر الإنترنت، مع عناصر تحكم قوية تحافظ على الخصوصية بالنسبة للأطفال، بنحو 35 مليون مستخدم من شهر فبراير حتى شهر يوليو، ليبلغ إجمالي عدد مستخدميها 150 مليون مستخدم نشط شهرياً.

أما المراهقون الذين تخلوا عن لعبة "ماينكرافت" في السابق، وذلك للتوجه نحو ألعاب أحدث وأسرع وأكثر عنفًا، فقد قامت شركة "موجانغ ستوديوز" المُطورة لهذه اللعبة بالإعلان عن زيادة بنسبة 25٪ في عدد اللاعبين الجدد في الربيع، وعن زيادة بنسبة 40% في استخدام خاصية اللاعبين المتعددين.

والعامل المشترك بين جميع هذه المنصات هو قدرتها على تنظيم المساحات عبر الإنترنت على شكل غرف رقمية تُعرف باسم "الخوادم"، حيث يمكن للأصدقاء في الحياة الواقعية، والأصدقاء الذين تعرفوا على بعضهم بعضا عبر الإنترنت قضاء الوقت في اللعب والتحدث كما لو كانوا يفعلون ذلك في غرف نومهم، أو في قبو منازلهم أو في قاعات المطاعم.

وكما أن المساحات الرقمية كانت تعد، ولفترة طويلة، ملجأَ بالنسبة لبعض المراهقين، خاصة في المناطق الحضرية أو ضمن العائلات ذات الدخل المنخفض، حيث كان من الصعب العثور على أماكن خاصة بهم لقضاء الوقت حتى قبل الجائحة. وتقول ميمي إيتو، مديرة مختبر "Connected Learning Lab" في جامعة كاليفورنيا، والمؤسسة المشاركة لمنظم "Connected Camps" غير الربحية: "كان المراهقون تحت المراقبة طوال الوقت، ولم يكن لديهم خيارات غير المساحات الرقمية والمتنقلة للتواصل بخصوصية داخل المنزل". ولكن لا تزال هناك عقبة تواجه المراهقين، وهي القدرة على الدخول إلى هذه المساحات الرقمية أو استخدام أدوات اللعبة المكلفة.

وكان جزء من التغيير الذي أحدثته الجائحة، هو الاعتراف بشرعية هذه المساحات الرقمية. فيقول إيتو: "حتى في الأشهر القليلة الأولى من الحجر، كنا نرى كتابات لصحفيين مناهضين لوقت الشاشة. ولكننا استسلمنا، فقد ربح اليافعون". ويتابع: "في الواقع، هذه الجائحة أوضحت للبالغين، حقيقة أن هذه العلاقات التي تنشأ عبر المنصّات الرقمية هي علاقات حقيقية بالفعل".

وقد أعطت الرسائل النصّية للمراهقين الخصوصية وقدرة التعبير بالكلمات والرموز. وكان البحث في مختبر "Connected Learning Lab (CLL)" بشأن وسائل التواصل الاجتماعي ورفاهية الشباب وتدريب اللاعبين الجيدين، والذي كان قد بدأ قبل الجائحة، اكتسب وزناً إضافياً الآن، حيث أصبحت جلسات "هانغ آوت" الرقمية هي المكان الوحيد لقضاء الوقت والتفاعل بالنسبة للكثيرين.

الآثار النفسية

وفي تقرير نُشر في شهر يونيو، قالت إيتو وزملاؤها من العاملين على البحث، إن الأدلة الحالية لا تدعم المخاوف التي تقول إن استخدام الإنترنت يزيد من مشاكل الصحة العقلية لدى المراهقين، بل ويحدد التقرير الطرق التي يدعم من خلالها الشباب بعضهم بعضاً بالفعل عبر الإنترنت.

والقضية خطيرة جداً لأن الأفكار الانتحارية بين الشباب في الولايات المتحدة زادت بحدة خلال الجائحة، ويرجح أن ذلك يعود إلى العزلة والقلق الاقتصادي. وخلصت دراسة (CLL) إلى أن الجهود المستقبلية للوصول إلى المجموعات الفرعية الضعيفة عبر الإنترنت يجب أن تكون في المكان الذي يكون فيه المراهقون بالفعل، وذلك بالتركيز على جعل مساحات معينة عبر الإنترنت أكثر ملاءمة للمراهقين، بدلاً من تعميم الأفكار التي تتحدث عن الآثار السلبية المحتملة لـ "وسائل التواصل الاجتماعي" أو "وقت الشاشة".

وكانت إيتو وكاتي سالين تيكينباش، وهي باحثة في الألعاب وأستاذة في قسم المعلوماتية في جامعة كاليفورنيا، قد أسست "كونيكتيد كامبس" في عام 2015، وهي منظمة تهتم بتوفير مناظرات في خوادم لعبة "ماينكرافت" بالإضافة إلى تقديم برامج عبر الإنترنت لتعليم هذه اللعبة وتصميم الألعاب والرياضات الإلكترونية والترميز.

ويستخدم برامج "كامبس" أيضاً منصّة "روبلوكس" ولغة "سكراتش"، وهي لغة برمجة قائمة على الترميز طوَّرها مختبر "MIT Media Lab". وقد تزايد عدد جمهور "كامبس" بنحو خمسة أضعاف، وذلك أثناء الجائحة، مما سمح للمؤسسة غير الربحية بتوظيف 100 طالب جامعي، ليعملوا مشرفين ومستشارين، وتم توظيفهم بكثرة من كليات عُرفت تاريخياً، ككليات للأمريكيين من أصول أفريقية.

سن النضج

وتقول إيتو: "لقد فكروا بالأطفال من سن 8 إلى 13 عاماً، وهو العمر الذي نبدأ فيه عادة بالسماح للأطفال بالذهاب إلى بعض الأماكن دون إشراف الكبار. هم يذهبون إلى المتجر على زاوية الطريق، ويمشون إلى المدرسة، ويذهبون إلى المركز التجاري. تلك هي طقوس العبور". ولكن عبر الإنترنت، "وبمجرد أن تبلغ 13 عاماً، يمكنك وضع علامة داخل صندوق مربع، ونقول حظاً موفقاً"، ويتم التعامل معك كشخص بالغ، وليس كيافع تحتاج إلى المساعدة في التنقل في العالم. لقد تم تصميم "Connected Camps"، والتي توظّف المراهقين الأكبر سناً لإدارة الجلسات، ليكون مثل "حارس منتزه ودود"، لتعليم الأخلاق والأعراف على هذه المنصات والتي لا يقوم وضع علامة داخل صندوق بتعليمها".

وكانت فيبي ريتبرج، البالغة من العمر 16 عاماً، والتي تعيش في مدينة لوس أنجلوس، قد ظلّت على تواصل مع أصدقائها عبر تطبيقات "أي-ميسيجز" ومسجات تطبيق الـ "إنستجرام" و"ديسكورد"، طوال فترة الحجر الصحي.

وتقول: "إن "ديسكورد" رائع للمجموعات الكبيرة لأن هناك العديد من الخيارات لما يمكنك القيام به هناك. يمكنك الكتابة في الدردشة، وقضاء الوقت عبر مكالمة صوتية، وتشغيل الكاميرا والتحدث، ومشاهدة أصدقائك وهم يلعبون الألعاب من خلال مشاركة الشاشات، أو الاستماع إلى الموسيقى معاً. وخلال لعبة "أمونج أس" يمكنك لسبب من الأسباب أن تلهو مع أصدقائك وتتهمهم بأنهم قتلة"، وتضيف فيبي، أنها تلعب مع أصدقائها لعبة "skribbl.io"، وهي لعبة تخمين افتراضية للصور المرسومة. وتوفر الدردشة الصوتية عبر "ديسكورد" الكثير من الفرص، حيث يمكن اعتبار ذلك أفضل جزء للعبة "Pictionary"، وهي "السخرية من الرسومات المضحكة التي يرسمها المشاركون الآخرون".

التواصل أكثر الأنشطة شعبية

وعندما أجرت منصة "روبلوكس"، وهي منصة على الإنترنت يحبها الشباب واليافعون، استطلاعاً لـ 3000 مراهق على منصتها في شهر يونيو، كان إجراء المحادثات عبر المنصة هو ثالث أكثر الأنشطة شعبية (62%) بعد ممارسة الألعاب المفضلة وتجربة شيء جديد.

وتتمتع منصة "روبلوكس" بضوابط صارمة للخصوصية، ومع رقابة تلقائية تطبق للمستخدمين دون سن 13 عاماً. كما أن منهج الكياسة الرقمية الخاص، مصممٌ على شكل عملية بحث عن كنز لتعليم الأطفال التدقيق في الحقائق وإكسابهم مهارات التفكير التحليلي النقدي.

وفي ظل عدد هؤلاء المستخدمين الجدد، تقول الشركة: إن ثلثي المراهقين الأمريكيين الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و12 عاماً، والذين يشكلون أكثر من نصف الأمريكيين تحت سن 16 عاماً، موجودون على المنصة، مما اضطر منصة "روبلوكس" للاستجابة بسرعة لهذا العدد، حيث أضافت المنصة، والتي هي عبارة عن مجموعة مشتتة من الألعاب والعوالم والتجارب الأخرى التي أنشأها المستخدمون، خدمة "بارتي بليس" في شهر يوليو، وذلك لتسهيل إعداد خيارات خاصة لتنظيم عيد ميلاد أو احتفال التخرج.

وتقول لورا هيجينز، مديرة سلامة المجتمع والكياسة الرقمية: "أي شيء يمكنك القيام به في الحياة الواقعية، مثل الغوص أو صيد الأسماك أو التزلج" يمكنك أن تقوم به على منصة "روبلوكس". وأضافت: "يمكنك الذهاب إلى حديقة مائية، أو لعب ألعاب الغرفة الغامضة، أو أن تكون طائراً، وتطير حولك، وتنظر إلى المناظر الطبيعية الجميلة".

وعندما أجريت استطلاعات سريعة عبر وسائل التواصل الاجتماعي حول الأماكن التي يقضي فيها المراهقون وقتهم على الإنترنت، كانت منصة "ديسكورد" هي المنصة الأكثر ذكراً، إلى جانب المنصات الاجتماعية السائدة مثل "إنستجرام" و"سناب شات". وتم إطلاق منصة "ديسكورد" بشكل مبدئي في عام 2015، وكانت وسيلة دردشة صوتية للّاعبين أثناء ممارسة ألعاب الفيديو، وللتجمع حول نشاط جماعي، وتشجيع التواصل المتكرر (وإن كان مشتتاً في بعض الأحيان).

أما اليوم، فتوفر منصة "ديسكورد" خدمات الدردشة النصية والصوتية والمرئية، بالإضافة إلى خدمة مشاركة الشاشة، مما يسمح للمستخدمين باستهلاك الوسائط المختلفة والتبديل بينهما دون تغيير المنصة. وتتمثل في قدرة المستخدمين على إنشاء غرف ومساحات خاصة عبر الإنترنت بسهولة، إمّا للعبة معينة، أو لتكوين صالات اجتماعية مستمرة، تحمل مميزاتٍ أساسية لمنصة "ديسكورد" خلال الجائحة.

إدارة الحياة الاجتماعية

كما أصبح من الممكن للمراهقين العالقين في المنزل، والذين ليس لديهم سوى مساحة شخصية محدودة، أن يتحولوا لمهندسين لحياتهم الاجتماعية، كي يرسموها كيفما أرادوا، كما يمكنهم أيضاً أن يصمموا غرفاً مناسبةً لهم عبر منصة "ديسكورد"، حيث يستمعون معاً إلى الموسيقى في غرفة افتراضية واحدة (وهم في قبو المنزل جالسون على مقاعد أكياس القماش تحت إضاءة خافتة)، أو يصرخون على زملائهم في لعبة "ماينكرافت" في غرفة أخرى (ذات وهج إضاءة خلفية)، في حين يهمسون حول القرويين المشبوهين في الغرفة الثالثة (غرفة المعيشة المضاءة، حتى يتمكن الجميع من رؤية وجوه بعضهم بعضا).

ويصف نيك غاموبين، وهو طالب في المرحلة الثانوية في ولاية بنسلفانيا، منصة "ديسكورد" بمصطلحات معمارية: "لقد أنشأت الخادم الخاص بي، حتى أتمكن أنا وأصدقائي من التجمع في" الصالة " ولعب الألعاب ومشاهدة الأفلام، أو التحدث معاً بكل بساطة".

واتضح هذا من خلال التصميم. فيقول ستان فيشنفسكي، المؤسس المشارك لشركة "ديسكورد" وكبير مسؤولي التكنولوجيا عبر رسالة بعثها بالبريد الإلكتروني: "لقد أصبحنا أكثر إصراراً على التفكير في كيفية توفير أماكن مثل، المكتبة، أو المقهى، أو تلك الأقرب إلى قلوبنا مثل، غرفة المعيشة، وذلك للّعب وتصميم كلّ هذه المساحات بطريقة تخلق بشكل طبيعي سلوكيات معينة عند الدخول إليها".

ولم تكن منصة "ديسكورد" دائماً مكاناً آمناً على الإنترنت، وهو ما اضطرها إلى القيام بالكثير من العمل لإصلاح سمعتها منذ عام 2017. ففي ذلك العام، كانت المنصة تشكل مكاناً تنظيمياً لبعض القوميين البيض، الذين نظموا تجمع "وحِّدوا اليمين" في مدينة شارلوتسفيل في ولاية فيرجينيا، واستمر هذا التجمع على مدى يومين، ونتج عنه وفاة المتظاهرة المناهضة هيذر هاير. وبعد أحداث شارلوتسفيل، وبناءً على ما جاء في مجلس "فوربس"، حذف مؤسسو المنصة 100 مجموعة يمينية متطرفة من المنصة، وأنشؤوا فريقاً لدعم الثقة والأمان.

صحيح أنه من المفترض أن يكون مستخدمو منصة "ديسكورد" في سن ال 13 من العمر أو أكثر، وبالرغم من أن المنصة لا تجمع المعلومات الشخصية لمستخدميها، إلا أن فيشنيفيسكي يقول إن جمهور المراهقين والشباب في أوائل العشرينيات قد زاد، مشيراً إلى مجموعات الحرم الجامعي مثل "يو تي دالاس ديسكورد" ونماذج الخوادم المصممة للمعلمين.

كما حولت المكتبات العامة في جميع أنحاء البلاد خدماتها الشخصية لتصبح عبر الإنترنت، مستخدمة منصة "ديسكورد" وتطبيقات أخرى مثل "زووم" و"غوغل هانغ آوت" للاجتماعات.

وأنشأت مكتبة "كوردالين" العامة في ولاية أيداهو خوادم لمنصة "ديسكورد" خاصة بلعبة "دانجنز ودراغنز" وألعاب الفيديو الأخرى، كما أنشأت مكتبة "بيترز تاونشيب" العامة في ولاية بنسلفانيا غرفة هروب رقمية مستوحاة من رواية "هاري بوتر" باستخدام نماذج "غوغل" بحسب ما أفادته المكتبات الأمريكية.

أما مكتبة نيويورك العامة فقد أنشأت بالفعل قاعتي بلدية للشباب: إحداهما لاحتجاجات "حياة السود مهمة" وأخرى عن التصويت باستخدام تطبيق "زووم"، وذلك بقيادة شباب، وتتضمن هذه الغرف اتصالات من موظفين رسميين. وكانت عضو الكونغرس أليكساندرا أوكاسيو-كورتيز قد استخدمت لعبة "أمونغ أس" كأداة للتشجيع على التصويت.

ويبقى هناك بعض التفاوت وعدم المساواة في مدى قدرة المراهقين من خلفيّات مختلفة للوصول إلى هذه المساحات العامة والتحكم فيها، فقد يتفاقم الأمر بالنسبة للبعض بسبب القيود المفروضة على وقتهم على الإنترنت، أو قدرتهم في الحصول على الألعاب والأجهزة المكلفة. ولقد بدأت المنظمات التي تخدم المراهقين من ذوي البشرة السمراء بالعمل بالفعل عبر الإنترنت لمعالجة بعض هذه المشكلات.

عالم افتراضي

وافتتحت منظمة "دريم يارد"، وهي منظمة فنون مجتمعية في منطقة البرونكس، حيث قدمت مساحة ثانية في الشتاء الماضي مخصصة للألعاب وريادة الأعمال. وعندما أجبرتها القواعد على الإغلاق، قامت المنظمة بتبادل الأفكار مع المصممين في استوديو "مارغريت سوليفان"، لبناء بديل افتراضي.

وبناء على ما قاله رودي بلانكو، مدير ريادة الأعمال في منظمة "دريم يارد" و برامج الألعاب: "قمنا بإنشاء خادم لمنصة "ديسكورد" مشابه للمساحة التي نستخدمها في الحياة الواقعية". وقد فهم الفريق بشكل أفضل المشاكل التي تواجه توفير مساحة على الإنترنت عالية الجودة للمراهقين.

ويقول بلانكو: "لنأخذ صفحة الترحيب الطويلة على سبيل المثال. إن الأسلوب الذي كتبت به يتطلب الكثير من القراءة، وهذه ليست الطريقة التي نتبعها في "دريم يارد".. فعندما تفتح مساحة ويدخلها الأطفال، نحن لا نضع ملصقاً ينص على أي قواعد."

ومن بين الاكتشافات أيضاً، كان تردد الشباب بشكل عام في تشغيل كاميراتهم. يقول: "هناك شعور بالخجل، فأنت ترى الخلفيات عند أشخاص آخرين، وربما أنت تعيش مع ستة أشخاص، كيف يمكنك إذاً إنشاء مساحة خاصة آمنة؟"

وتركز المنظمة أيضاً على إمكانات هذه المنصات في توفير مهارات اجتماعية وتقنية قيمة. فإذا كان عالمنا بعد الجائحة تحظى فيه الصداقات عبر الإنترنت بقدر أكبر من الاحترام، فيجب أن يحظى أيضاً أولئك الذين يمكنهم التنقل في المنظومة الاجتماعية عبر الإنترنت، وتلك المضمنة في لعبة "أمونغ أس" باحترام أكبر.

وتستند قيمة منصة "ديسكورد" بشكل جزئي إلى عمل مجموعة من المنسقين المتطوعين الذين يهتمون بالخادم، ويعتقد بلانكو بأن هذه مهارة يمكن، بل يجب أن تترجم إلى عملية توظيف للمراهقين، مثل الذين يعملون مع "دريم يارد" ولم تُعرض عليهم وظائف تقنية تقليدية.

ويقول إنه لا يرتاح لتدريب المنسقين، حتى تأتي شركة تكنولوجية أخرى وتستفيد من ذلك. ويقول: "كيف يمكننا أن نعمل معهم بدلاً من السماح لهم باحتلال أغراضنا؟"

ويضيف: "إذا علّمنا أطفالنا كيفية إنشاء الخوادم والإشراف عليها، فإننا ندرب الأفراد على مهنة، ونسمح لهم أيضاً بالحفاظ على قوتهم في مجتمعهم".