كيف يُمكن للبنوك أن تخسر 60 مليار دولار في المنصات النقدية الإلكترونية السريعة؟

أموال سريعة
أموال سريعة المصدر: غيتي إيمجز
Andy Mukherjee
Andy Mukherjee

Andy Mukherjee is a Bloomberg Opinion columnist covering industrial companies and financial services. He previously was a columnist for Reuters Breakingviews. He has also worked for the Straits Times, ET NOW and Bloomberg News.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أصبح تعبير "النموذج 3" الكلمة الرنّانة الأكثر شيوعاً في عالم العملات الرقمية هذه الأيام، وهو الاسم المستعار لمنصات المعلومات التي تنتقل فيها الأموال من بلد إلى آخر بشكل سريع. يجب أن تقلق البنوك هنا، لأن عمليات النقل عبر الحدود بطيئة ومكّلفة للغاية بالنسبة إلى الأفراد، والتنافس مع وسيلة متفوّقة، قد يؤدي بالمصارف إلى خسارة الحركة، و60 مليار دولار من الرسوم.

اجتمعت السلطات النقدية في أستراليا، وسنغافورة، وماليزيا، وجنوب إفريقيا مع بنك التسويات الدولية بشأن مشروع "دانبار" (Dunbar)، الذي يستكشف جدوى استخدام منصة سريعة تعتمد على "النموذج 3"، وتستطيع التعامل مع مدفوعات بعملات رقمية متعددة.

هل هذه هدية في السماء؟ إن العملات الرقمية قادمة، ولكنها لم تحدث بعد. من بين الاقتصادات الرئيسة، تعد خطط العملة الرقمية في الصين، اليوان الرقمي (e-CNY )، الأكثر تقدماً، في الوقت الذي لا تزال فيه الدول الأخرى في مرحلة التصميم أو التشغيل التجريبي على الغالب. ويُمكن لإقرارات الدين الإلكترونية، التي يستطيع الجمهور الحصول عليها عبر الهواتف الذكية والأجهزة الأخرى وإنفاقها تماماً مثل النقود دون الحاجة إلى حساب مصرفي، أن تُعزّز الشمول المالي ودرء العملات المُشفّرة مثل الـ"بتكوين". لكن هذه الرموز ستفتقر إلى إخفاء الهوية الكامل للنقد المادي.

اقرأ أيضاَ: بعد العمل بها رسمياً في السلفادور.. "بتكوين" تواجه أكبر اختبار في تاريخها

حتى في الوقت الذي يزن فيه المسؤولون المطالب المتضاربة بشأن الخصوصية والكفاءة، عليهم أن يقرروا حالياً ما إذا كان سيتفاعل النقد الرقمي لبلدانهم مع الرموز المميزة للدول الأخرى مستقبلاً. يرى بنك التسويات الدولية أن هناك ثلاثة خيارات؛ المعايير المتوافقة (أو النموذج 1)، وشبكات (النموذج 2) المترابطة، ونظام ( النموذج 3) الأحادي الذي يتعامل مع عملات متعددة، وهو عبارة عن ممر نقدي، له كتاب قواعد موّحد.

اقرأ أيضاً: بنك التسويات الدولية يستعد لاختبار العملات الرقمية للبنوك المركزية

في الوقت الحاضر، لا توجد مثل هذه القواعد الدولية، ومن المحتمل ألا يكون للمصرف المجاور لك تواجد في البلد الذي تحاول إرسال الأموال إليه. يجب أن يحتفظ ذلك المصرف بأرصدة خاملة مع مؤسسة كبيرة لديها حساب بدورها في البنك المركزي للدول المتلقيّة. ويجب أن يفي الوسيط بالقواعد الخاصة بتدفقات الأموال الداخلة والخارجة في كل دولة.

سيصبح هذا النظام غير الفعّال للمراسلة بين البنوك، زائداً عن الحاجة إذا كان البنك الذي تتعامل معه يأخذ 100 دولار من حسابك، ثم يقوم بتحويلها إلى رموز مميزة لبلدك الأصلي، وينقلها بعد ذلك بشكل مُشفّر عبر الحدود، حيث تظهر قيمتها بما يساوي 100 دولار من النقد الرقمي لعملة تلك الدولة. في الخلفية، يدين الحساب المصرفي للمرسل لدى سلطته النقدية، في الوقت الذي يضاف فيه مبلغ في الحساب المصرفي للمتلقي مع بنك مركزي مختلف. كما يقوم دفتر الحسابات الموّزع الفردي، والقادر على التعامل مع عملات متعددة، بتسوية المطالبات. ويصحب وصول (النموذج 3) تدقيقات داخلية بشأن غسيل الأموال، ومجموعة متخصّصة من اللاعبين الذين يتنافسون على تقديم خدمات صرف العملات الأجنبية بأفضل الأسعار.

تدرس كل من هونغ كونغ، وتايلاند، والصين، والإمارات العربية المتحدة، خيار التمويل المؤقت للعملات الرقمية، وبمجرد وضع العديد من هذه المنصات السريعة، قد تتلاشى أرباح البنوك من تحويلات العملات ذات الأسعار غير المكشوفة، والرسوم الباهظة من تحويلات الأفراد.

تتقاضى البنوك متوسطاً نسبته 6.4% على التحويلات الخارجية بقيمة 200 دولار​​، وفقًا لبيانات البنك الدولي. وتتقاضى البنوك في نيجيريا، وجنوب أفريقيا، وتايلاند بعضاً من أعلى الرسوم على مستوى العالم، مثلما كتبت "موديز إنفستيرز سيرفيس"، التي تقول إن التبني الأوسع للعملات الرقمية التابعة للبنك المركزي، قد يؤدي إلى تقليص هذه الرسوم "وسيكون ائتماناً سلبياً لدى البنوك".

قد يشكل استخدام (النموذج 3) كبديل، أكبر خطر على أعمال تحويل الأموال التقليدية، لكنه الأكثر طموحاً، وقد يتطلب من الدول المشاركة إنشاء مُشغّل شبكة موحداً. عادة، تتبنى الاقتصادات الراغبة في التحوّل إلى عملة موحدة مثل هذا المستوى العالي من التكامل، لكن يتضح هنا أن هذا ليس هو الهدف. مع ذلك، تخصص البنوك المركزية موارد فكرية لتحلم بمسارات (النموذج 3).

بشكل منفصل، تُفكّر البنوك المركزية في ابتكار مماثل للمدفوعات الإلكترونية التقليدية، والتي تنقل التزامات البنوك التجارية وليس إقرارات الدين الإلكترونية التابعة للسلطات النقدية المركزية. اعتاد العملاء في أكثر من 60 بلداً حالياً على إرسال مبالغ صغيرة بتكلفة صفرية تقريباً من حساباتهم المصرفية إلى بعضهم البعض وإلى التجار، بمجرد معرفة رقم الهاتف أو البريد الإلكتروني فقط أو بعد إجراء المسح الضوئي لرمز الاستجابة السريع. يُمكن كذلك نقل ما يعمل جيداً محلياً إلى الأسواق الدولية مع اتباع كتاب قواعد موّحد، وهذا هو هدف مشروع "نكسوس" (Nexus) التابع لبنك التسويات الدولية. إذا تجاوزت تلك الخطة مرحلة المخططات، فإن التحويلات والتجارة الإلكترونية قد تصبح أرخص بكثير مما هي عليه الآن.

وسواء كان مشروع "دانبار" أو "نيكسوس"، فإن الأمر ينذر بصعوبات قادمة. إن التحويلات بالعملات النقدية أو بدونها من خلال المنصات النقدية السريعة العابرة للحدود، على وشك الوصول، وعندما يتعلق الأمر بحماية الخسائر التي تحصدها من الحركة التقليدية، سيتعيّن على البنوك الاستعداد للقتال الشاق المنتظر.