من النحاس والأسمدة إلى السكر.. أزمة الطاقة تخنق مصانع أوروبا

أوروبا تئنّ تحت وطأة نقص الطاقة
أوروبا تئنّ تحت وطأة نقص الطاقة المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أدت أزمة العرض التي دفعت بأسعار الطاقة الأوروبية نحو أرقام قياسية إلى تقليص أرباح بعض عمالقة الصناعة في القارة، مما يهدّد بعرقلة الانتعاش الاقتصادي في المنطقة.

وقالت شركة "باسف" (BASF SE)، كبرى شركات الكيماويات في أوروبا، إنها عجزت عن تفادي تأثير أسعار الكهرباء التي حطمت الرقم القياسي، على الرغم من إنتاج 80% من طاقتها الخاصة، في حين قالت شركة "أوروبيس" (Aurubis AG)، أكبر منتج للنحاس في القارة، إن تكاليف الطاقة تسببت بالفعل في انخفاض الأرباح، وستواصل التأثير في الهوامش لبقية العام. كما ساءت الأمور في المملكة المتحدة لدرجة أن منتجاً رئيسياً للأسمدة أغلق مصنعين، وفي النرويج وقف مصنع الأمونيا أيضاً إنتاجه.

اقرأ أيضاً: "غولدمان ساكس": مخاطر انقطاع الكهرباء تعصف بمصانع أوروبا في الشتاء المقبل

يُذكر أن أسعار الطاقة ارتفعت بداية من الولايات المتحدة إلى أوروبا وآسيا في ظل خروج الاقتصادات من الجائحة وعودة المستهلكين إلى أعمالهم. وتضاعفت أسعار الغاز الأوروبية أكثر من ثلاثة أضعاف هذا العام، في حين تضاعفت تكاليف الطاقة تقريباً في ظلّ مواجه المنطقة أزمةً في الإمداد تهدّد بعرقلة الانتعاش.

قال أوغان كوس، المدير الإداري في شركة "أكسنتشر" (Accenture): "إذا كانت فواتير الكهرباء والغاز سترتفع بالنسبة إلى الجميع، فمن الواضح أن ذلك سيضرّ الإنفاق الاستهلاكي وكذلك بالاستهلاك الصناعي".

في حين قالت شركة "باسف" على لسان المتحدث باسمها توماس نوناست، في بيان أرسله عبر البريد الإلكتروني، إن أسعار الطاقة ارتفعت "بشكل ملحوظ" في الأشهر القليلة الماضية. وتُعتبر منشأة الشركة في لودفيجشافن أكبر مصنع إنتاج كيماوي متكامل في العالم، إذ يستخدم 6 تيراواتات في الساعة من الكهرباء سنوياً، أي ما يعادل الطاقة المُنتَجة من نحو 3.5 مليون برميل من النفط الخام. وأضاف: "كشركة كثيفة الاستخدام للطاقة، نشعر بذلك أيضاً".

هوامش مُثقَلة

فضلاً عن ذلك صرّحت شركة "أوروبيس" بأنها تتضرر من ارتفاع الأسعار على الرغم من تطبيق استراتيجيات التحوط. وقالت المتحدثة باسم الشركة دانييلا كالمباخ، في بيان لها عبر البريد الإلكتروني "إن هوامش أرباحنا مُثقَلة خصوصاً بارتفاع أسعار الطاقة في ألمانيا".

وأكّدَت شركة الكيماويات النرويجية "يارا إنترناشونال" (Yara International ASA) الجمعة إنها ستقلص نحو 40% من إنتاجها من الأمونيا بسبب ارتفاع أسعار الغاز. في حين قالت شركة "سي إف إنداستريز" (CF Industries Holdings Inc) الأربعاء إنها وقفت عملياتها في مجمعيها التصنيعيين في بيلينغهام وإينس في بريطانيا بعد ارتفاع تكاليف الوقود.

اقرأ أيضاً: صدمة الطاقة تقلق أوروبا بعد طفرة أسعار الغاز والكهرباء

من جانبه قال وزير الأعمال والطاقة في المملكة المتحدة إد ميليباند في بيان له: "تؤدّي أسعار الطاقة المرتفعة إلى ارتفاع تكاليف الشركات وإلحاق الضرر بالصناعة، كما أن أخبار إغلاق مواقع التصنيع مقلقة للغاية".

مأزق الشركات الصغيرة

وقال بنك "غولدمان ساكس" (Goldman Sachs Group Inc) إن أوروبا قد تواجه انقطاع التيار الكهربائي هذا الشتاء إذا أصبح الطقس بارداً، محذّرة من أن المستخدمين الصناعيين في المنطقة سيحتاجون إلى الحدّ من استهلاكهم. كذلك ينفد الوقت في القارة لإعادة ملء مواقع التخزين المستنفدة قبل بدء موسم التدفئة خلال نحو شهر، مع وصول المخزونات إلى أدنى مستوى لها منذ أكثر من عقد في هذا الوقت من العام.

وحذرت شركة "تيريوس" (Tereos SCA)، أكبر منتج للسكر في فرنسا، من ارتفاع أسعار الغاز، مما رفع تكاليف الإنتاج "بشدة" على الشركة. كما قالت شركة تصنيع النشا "روكيت فريرز" (Roquette Freres SA)، ومقرها شماليّ فرنسا، إن أسعار الطاقة المرتفعة تخلق "ضغوطاً تضخمية على كل التكاليف الأخرى" التي سينتهي بها الأمر إلى العملاء. في حين قالت شركة "كروب إنرجيز" (CropEnergies AG)، أحد أكبر منتجي الإيثانول في أوروبا، هذا الأسبوع، إن ارتفاع تكاليف الطاقة قلّل أرباحها مقارنة بالعام السابق حتى مع ارتفاع الإيرادات.

وتشير الصعوبات التي يواجهها عمالقة الصناعة في أوروبا إلى رياح معاكسة أكبر للشركات الصغيرة كثيفة الاستهلاك للطاقة، التي لا تمتلك عادةً منشآت إنتاج الطاقة الخاصة بها، ولديها وصول أقلّ إلى أدوات التحوط المتطورة التي يمكن أن تساعد على تعويض مكاسب الأسعار.

وفي تقرير صدر الأربعاء، قال جويل جاكسون، المحلل في "بي إم أو كابيتال ماركتس" (BMO Capital Markets): "لن نُفاجأ برؤية مزيد من تباطؤ إنتاج النيتروجين والكيماويات في جميع أنحاء أوروبا في الأيام المقبلة حتى تنخفض أسعار الغاز".