لا أحد يسأل الرؤساء التنفيذيين البارزين عن أسماء الجامعات التي ارتادوها

مراسم التخرج جميعها تبدو متشابهة كثيرًا
مراسم التخرج جميعها تبدو متشابهة كثيرًا المصور: Jens Schlueter/Getty Images
Joe Nocera
Joe Nocera

Joe Nocera is a Bloomberg Opinion columnist covering business. He has written business columns for Esquire, GQ and the New York Times, and is the former editorial director of Fortune. His latest project is the Bloomberg-Wondery podcast "The Shrink Next Door."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تصدرت شركة "ولمارت" (Walmart) قائمة "فورتشن 500" (Fortune 500) للعام 2018 بإيرادات بلغت 500 مليار دولار، ما يجعل الرئيس التنفيذي للشركة "دوغلاس ماكميلون" (Douglas McMillon) مديرًا مهمًا وصاحب نفوذ، أليس كذلك؟.. هل يمكنكم أن تحزروا اسم الجامعة التي ارتادها؟ إنها جامعة "أركنساس" (The University of Arkansas)، وقد حصل على شهادة ماجستير في إدارة الأعمال كذلك من جامعة "تولسا" (University of Tulsa).

احتلت المرتبة الثانية في القائمة شركة "إكسون موبيل كورب" (Exxon Mobil Corp)، والتي ارتاد رئيسها التنفيذي "دارين وودز" (Darren Woods) جامعة "تكساس أيه اند إم" (Texas A&M). أما الشركة الثالثة فهي "بيركشيرهاثاواي إنك" (Berkshire Hathaway Inc) بإدارة "وارن بافت" (Warren Buffett) الذي يعتبره الكثيرون أعظم مستثمر على مر التاريخ

وقد أمضى "بافت" 3 سنوات في "كلية وارتون" (Wharton School) قبل الانتقال إلى جامعة "نبراسكا" (University of Nebraska) ليتخرج فيها. وبعد أن رفضته كلية هارفرد للأعمال (Harvard Business School)، حصل على شهادة الماجستير في إدارة الأعمال من كلية كولومبيا للأعمال (Columbia Business School)، حيث تعلم على يد المستثمر "بين غراهام" (Ben Graham) عرّاب قيمة الاستثمار.

وجاءت المرتبة الرابعة من نصيب شركة "آبل إنك" (Apple Inc)، ورئيسها التنفيذي "تيم كوك" (Tim Cook)، الذي يمكن القول إنه أهم المدراء على صعيد التكنولوجيا. أما جامعته فهي "أوبورن" (Auburn) التي كانت مشهورة في مجال لعب كرة القدم أكثر من التقدم الأكاديمي.

هل تلاحظون أي نمط هنا؟.."لورنس كولب" (Lawrence Culp) رئيس مجلس إدارة "جنرال إلكتريك كو" (General Electric Co) ارتاد "واشنطن كولدج" (Washington College) في تشيسترتاون، ماريلند. بينما "مايكلكوفمان" (Michael Kaufmann) الرئيس التنفيذي لـ "كاردينال هيلث إنك" (Cardinal Health Inc) التحق بجامعة "أوهايو نورثرن" (Ohio Northern University) في مدينة آدا، أوهايو.

أما "راندالستيفنسن" (Randall Stephenson) الرئيس التنفيذي لشركة "أيه تي آند تي" (AT&T Inc) تخرج في جامعة "سنترال أوكلاهوما" (University of Central Oklahoma) بإدموند أوكلاهوما، وكذلك "ماري بارا" (Mary Barra) رئيس مجلس إدارة شركة "جنرال موتورز" (General Motors Co) قد تخرجت في جامعة "كيترينج" (Kettering University) في فلينت، ميشيغان.

وجامعة "كيترينج" (Kettering) كانت معهد "جنرال موتورز" (General Motors Institute) سابقًا قبل انفصالها عن "جنرال موتورز" (General Motors) في بداية ثمانينيات القرن الماضي.

وكان من بين الرؤساء التنفيذيين للشركات العشرين المتصدرة قائمة "فورتشن 500" (Fortune 500) رئيس تنفيذي واحد -وهو "جيف بيزوس" (Jeff Bezos) الرئيس التنفيذي لـ" أمازون دوت كوم" (Amazon.com Inc)- والذي تخرج في إحدى جامعات رابطة اللبلاب (Ivy League school)، وهي جامعة "برنستون" (Princeton).

ليس هذا فحسب، إذ نميل للاعتقاد بأن مؤسسي الشركات التكنولوجية جميعهم توجّهوا لجامعة "ستانفورد" (Stanford University) أو انسحبوا من جامعة "هارفرد" (Harvard University) -وفعلًا قام الكثير منهم بذلك- إلا أن "مايكل ديل" (Michael Dell) تخرج فيٍ جامعة "تكساس" (University of Texas)؛ و"ستيف جوبز" (Steve Jobs) انسحب من "ريد كولدج" (Reed College) في بورتلاند، أوريغون، و"مارك آندرسن" (Marc Andreessen) ارتاد جامعة "إلينوي" (University of Illinois) في إربانا-شامبين، وينطبق الأمر على "لاري إليسون" (Larry Ellison) مع أنه لم يتخرج أبدًا.

حين أرى حدثًا مثل فضيحة القبول في الجامعات التي كُشف عنها مؤخرًا، حيث تم اعتقال العشرات من الأهالي بسبب تقديم الرشاوى ليتم قبول أبنائهم في جامعات مرموقة مثل جامعة "ييل" (Yale) أو "جورجتاون" (Georgetown). إنه أمر مقلق! وهذا ليس بسبب الجريمة بحد ذاتها، بل لأن إحضار مدربة كرة قدم للنساء من أجل التظاهر بأن ابنتك رياضية هو أمر يدعو للضحك أكثر من الحزن.

وكذلك ليس بسبب الغباء المطلق، إذ لم يعرف أي من هؤلاء الأهالي الأثرياء أن كل ما عليهم فعله بثروتهم هو تقديم تبرعات سخية من أجل أن يتم قبول أبنائهم في "جامعات جيدة" مهما كانت درجاتهم ضعيفة. والدليل على ذلك، "جاريدكوشنر" (Jared Kushner) الذي قُبل في جامعة "هارفرد" بعد تعهّد والده بالتبرع بقيمة 2.5 مليون دولار.

إن ما يثير قلقي فعلًا هو أن الأهالي وأبناءهم، على غرار الملايين من العائلات المرموقة في كل مكان من السواحل الشرقية والغربية، إذ يعتقدون أن القبول في جامعة ذات تصنيف عال (ويفضل أن تكون من جامعات "رابطة اللبلاب" Ivy League university) يمثّل مفتاح النجاح المطلق، فعلًا، توجد أسباب قوية لذلك، بدءًا من حالة القلق بشأن اسم الجامعة ومكانها التي تتجسّد بالهوس بالجامعات الشهيرة.

وكما لاحظ العديد من المفكرين، فإن قبول طالب في جامعة نخبوية يجعل هذا الطالب جديرًا بتأدية دور قيادي في المجتمع، ويستمر هذا الاعتقاد بالانتقال من جيل لآخر. ولكن، لا تجرؤ الفئة المرموقة على التصريح بذلك جهرًا، لذلك قد يبطّنون هوسهم بالقول إن التعلم في جامعة مميزة -ليس فقط جامعات "آيفي" (Ivy)، بل أيضًا جامعات "دوك" (Dukes) و"بيركلي" (Berkeleys) و"ستانفورد" (Stanfords) و"أمهرست" (Amhersts)- يوفر للخريجين بدايات مميزة للحياة.

وربما كان ذلك صحيحًا خاصة فيما يتعلق بمهن القطاع المالي الذي تركّز فيه الشركات على أسماء الجامعات ومكاناتها، إلا أنه لا ينطبق على الغالبية العظمى منا. إن كنتم لا تصدقونني، أعيدوا النظر في قائمة الرؤساء التنفيذيين مجددًا.

قد تخول شهادة الدبلوم من "هارفرد" حاملها بالحصول على فرصة أسهل للوظيفة الأولى له بعد التخرج، لكنها ستكون الميزة الوحيدة التي يحصل عليها، ولن تدوم طويلًا،وبمجرد حصول شخص على وظيفة، عليه أن يعمل بجدّ، وإن لم يقم بذلك، لن تستحق شهادة جامعة "هارفرد" عناء طباعتها. بينما إن عمل أحدهم بجد، لن يهتم الناس باسم الجامعة التي تخرج فها حتى لو كانت جامعة "سنترال أوكلاهوما" (University of Central Oklahoma).

في هذا السياق، نشر الصحفي "جاسون زويغ" (Jason Zweig) من "وول ستريت جورنال" (Wall Street Journal) تغريدة قال فيها:


"أتمنى أن أخبركل من هم تحت سن 18 ثلاثة أمور 1- يومًا ما سيكون لديكم الكثيرمن الزملاء في العمل. 2 -لن تعرفوا أوحتى تهتموا بشأن الجامعة التي تخرج منها أي منهم . 3- إذاصدف وعرفت مالجامعة التي ارتادوها فذك غالبًا لأنهم حمقى".

"باتريكتشوفانيش" (Patrick Chovanec) :"وأنا أعرف الكثيرمن الأشخاص ممن ارتادواجامعات مرموقة وهم الآن غير ناجحين أوسعداء. لذايمكنك إضافة هذه النقطة أيضًا".

لقد تملّكني هذا الاعتقاد حول عدم جدوى القلق بشأن قبول الطلاب بالجامعات، حين رُفعت دعوى قضائية في شتاء 2018 ضد جامعة "هارفرد" بشأن تمييزها ضد مقدمي طلبات قبول من جنسيات آسيوية. بالمقابل، لا أؤيد تمييز جامعة "هارفرد" ضدهم، لكن الذين اشتكوا من ممارساتها كانوا قد أحرزوا درجات عالية في اختباراتهم.

لهذا إذا غضضنا الطرف عن مكانة هذه الجامعة، أتساءل لماذا عليهم الاهتمام إذا لم يُقبلوا فيها؟ ولم نهتم نحن؟ لا بُد أنهم ذهبوا إلى جامعة مرموقة أخرى وأبدعوا كما كانوا سيفعلون في جامعة "هارفرد" (Harvard)، وربما أفضل (مع العلم أن المشتكين هم مجموعة طلابية تُدعى "طلاب من أجل إجراءات قبول عادلة" (Students for Fair Admissions)، وليس هناك أي طلبة آسيويين مُدرجين في بياناتهم، لذا ليس ممكنًا أن نعرف أسماء الجامعات التي ارتادوها في نهاية المطاف).

ومن العبارات القديمة ولكن الصحيحة: "ما تحصل عليه من تعليمك هو ما تبذله من جهد فيه". وهذا صحيح خاصة عن دخولك الجامعة، لأنك غالبًا تعتمد على نفسك للمرة الأولى، فتضع قراراتك بنفسك حول حضور الصفّ الصباحي المبكّر أو النوم عوضًا عن ذلك.

كل جامعة فيها معلمون متميزون، وإن كنت مهتمًا ستجدهم، كما أن السمات التي تُظهرها في الجامعة، سواء كانت تنم عن "طموح أو كسل، الانتباه للتفاصيل أو الإهمال، استهداف النجاح أو الرضا بالمستوى أقل من المتوسط"، ستكون هي السمات التي ستكتسبها في حياتك بعد الجامعة، إلا أنها ستؤثر عليك بقدر أكبر مقارنة بتأثيرها عليك في فترة الدراسة الجامعية عندما كنت تبلغ من العمر 18 عامًا.

في كتابه "مكان دراستك لا يحدد هويتك" (Where You Go Is Not Who You’ll Be)، يصف كاتب المقالات "فرانك بروني" (Frank Bruni)، الهوس بالدخول إلى جامعات "رابطة اللبلاب" (Ivy League) بأنه "جنون". وهو محق، إذ يقول: "لقد استحوذ علينا نوع من الهوس، ويبدو أن إحكام قبضته يزداد شيئًا فشيئًا".

ويضيف: "لا يوجد أي نقطة اتصال أو أي نقطة تقاطع يتوقف عليها كل شي، وأنا متأكد أن من أُلقي القبض عليهم مؤخرًا في قضية رشاوى قبول الجامعات كانوا قد خاضوا في حياتهم الخاصة تجارب كافية لفهم ذلك، فلو اتعظ هؤلاء بما مروا فيه من هذه التجارب، لما وضعوا أبناءهم في هذا المأزق، ووفروا على أنفسهم تكبّد هذا العناء".