"فيسبوك" سرّي للغاية.. ومجلس الرقابة بحاجة إلى تغيير ذلك

المصدر: أ.ف.ب
Parmy Olson
Parmy Olson

Parmy Olson is a Bloomberg Opinion columnist covering technology. She previously reported for the Wall Street Journal and Forbes and is the author of "We Are Anonymous."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تشتهر المجالس بالتفكير الجماعي وضعف الإرادة الشخصية، لكن في حالة "فيسبوك" يمكن أن يُحدِث المجلس فرقاً.

كشفت الوثائق التي نشرتها صحيفة "وول ستريت جورنال" في وقت سابق من هذا الأسبوع، عن اتباع "فيسبوك" نظاماً سرّياً لتدوين مشاركات الساسة والمشاهير، بالإضافة إلى التقارير الإحصائية الداخلية بشأن مدى الضرر النفسي الذي يلحقه "إنستغرام" بالمراهقات. والمسألتان كان مشكوكاً فيهما منذ فترة طويلة، وكلتاهما مدعومة الآن بأدلّة مروّعة.

يتلخص هذا الأمر في أن شركة "فيسبوك"، مثلها مثل شركات النفط والتبغ قبل أعوام، كانت شديدة السرية بشأن تأثير منتجاتها على الحياة البشرية.

وعندما سأل أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي "فيسبوك" الشهر الماضي عن تأثير "إنستغرام" على الصحة العقلية للمراهقين، لم تقدم الشركة أي إجابات. ويرجع ذلك على الأرجح إلى أن الإحصاءات الداخلية بدت سيئة للغاية. فثلث المراهقات اللاتي يشعرن بالفعل بشعور سلبي تجاه أجسادهن، شعرن أن "إنستغرام" زاد الأمر سوءاً، وفقاً لتقرير "وول ستريت جورنال".

اقرأ أيضاً: شركات التكنولوجيا الأمريكية تحذّر من تهديد مشاريع قوانين الاحتكار للأمن القومي

واستشهد التقرير أيضاً بوثائق من شخص يسعى لحماية المبلّغين عن المخالفات. كما استطاعت "فيسبوك" تفادي الاستجواب العامّ لبرنامج "إكس تشيك" (Xcheck)، وهو النظام الداخلي الذي سمح لأكثر من 5 ملايين من نخبة المستخدمين، مثل المشاهير والساسة، بالالتفاف حول قواعد محتوى "فيسبوك".

كان بوسع "فيسبوك" في إحدى النواحي، أن ترى هذا الأمر على أنه مجرد كابوس آخر للعلاقات العامة من شأنه أن يزول في النهاية، وبالكاد يؤثر على نمو مستخدمي الموقع وإيراداته. وفي النهاية، مع تركيز الجهات التنظيمية على سلوك الشركات التابعة لـ"فيسبوك" وسلوك الحكومات على وسائل التواصل الاجتماعي على نطاق أوسع، فمن سيفعل أي شيء حيال السرية المزمنة لـ"فيسبوك"؟ مع ذلك، يمكن أن يكون مجلس الرقابة على "فيسبوك" هو أحد الأطراف الفاعلة.

هذه هي اللجنة المكونة من 20 عضواً من الأكاديميين والساسة والنشطاء السابقين، التي أسستها "فيسبوك" عام 2019 للمساعدة على جعل موقعها أكثر مسؤولية تجاه الطريقة التي يدار بها المحتوى، وهي تجربة فريدة من نوعها في إدارة الشركات.

وأحياناً، يُوصَف المجلس بأنه المحكمة العليا في "فيسبوك"، فهو يستعرض أحكام الموقع البارزة بشأن المحتوى، مثل قرار حظر الرئيس السابق دونالد ترمب إلى أجل غير مسمى، وهو القرار الذي نقضه المجلس وانتقده علناً. يُذكر أن نوح فيلدمان، وهو أحد كُتاب العمود المساهمين في مقالات الرأي في "بلومبرغ"، يعمل أيضاً مستشاراً لـ"فيسبوك"، وقد ساعد على إنشاء المجلس.

اقرأ أيضاً: أول غرامة أوروبية بحق "واتساب" بقيمة 266 مليون دولار

إذا كنت سمعت بالفعل عن مجلس الرقابة في "فيسبوك"، فإنك على الأرجح قرأت التقييمات غير الجذابة أيضاً. ويقول المشككون إنها ضعيفة إلى حد كبير، لأن "فيسبوك" تموّل ميزانيتها التي تبلغ مدتها ستة أعوام، والتي تقدر بـ130 مليون دولار، فضلاً عن تمويل رواتب أعضائه التي يقال إنها مكونة من ستة أرقام. ورغم أن المجلس نقض مزيداً من قرارات "فيسبوك" أكثر من غيره، فإنه لا ينظر إلا في القضايا الفردية، إذ يمكن القول إن "فيسبوك" تخضع للتدقيق بشأن قضايا أكبر مثل خوارزميات التوصيات التي يُحتمل أن تكون ضارة.

وفي غضون ساعات من قصة "وول ستريت جورنال" حول دخول نخبة المستخدمين إلى الإنترنت، نشر مجلس الرقابة هذه التغريدة:

"أعرب مجلس الرقابة في مناسبات عديدة عن قلقه إزاء الافتقار إلى الشفافية في عمليات تعديل محتوى في "فيسبوك"، خصوصاً في ما يتعلق بإدارة الشركة غير المتسقة للحسابات البارزة".

واستطرد المجلس قائلاً: "لقد تَقدَّم مجلس الرقابة مراراً وتكراراً بتوصيات تتطلب أن تكون (فيسبوك) أكثر شفافية عموماً".

بالكاد يمكنك سماع أمور محبطة.

أنا متشوق إلى معرفة ما سيفعله مجلس الرقابة بعد ذلك، إذ قال المتحدث باسم المجلس إنه من المقرر نشر أول "تقرير شفافية" له على "فيسبوك" خلال الأسابيع المقبلة. وهذا التقرير سيكون أول استعراض ضمن سلسلة من الاستعراضات الفصلية التي تستهدف تسليط الضوء على مدى جدية "فيسبوك" تجاه اتباع توصيات المجلس بشأن كل حالة على حدة. وينبغي العلم أن عديداً من التوصيات الـ70 التي قدّمها مجلس الرقابة لـ"فيسبوك" حتى الآن، تركز على الشفافية.

من شأن تقرير المجلس القادم أن يشكّل فرصة ذهبية لاستخدام سلطاته، فهو سيكون مسلحاً بأحدث كشف عن نظام "إكس تشيك" التابع لـ"فيسبوك" ودراساته حول المراهقين. كما يمكن لأعضاء المجلس التهديد بالانسحاب إذا لم تفصح "فيسبوك" عن المعلومات التي يطلبونها، وذلك في حال كانوا يريدون حقاً ترك بصمة.

حتى الآن، المشكلة الكبرى التي يواجهها مجلس الرقابة هي أن توصياته ليست ملزمة قانوناً (لكن أحكامه هي الملزمة فقط). لكن أحد كبار المسؤوليين في المجلس أخبرني مؤخراً بأن نفس هذه التوصيات يمكن أن تغيّر نظرياً طريقة تصميم خوارزميات "فيسبوك" للتعامل مع المحتوى.

كذلك يتمتع المجلس الآن بفرصة للضغط على "فيسبوك" لإجراء هذه التغييرات، فالكشف عن السياسات الداخلية للشركة والضغط المتجدد من جانب الساسة، يجب أن يمنحاه بعض النفوذ الإضافي.

جدير بالذكر أن التغييرات الهيكلية ستحدث في الأشهر المقبلة، إذ يعمل مجلس الرقابة على إضافة 20 عضواً جديداً لزيادة عدد أفراده إلى 40 عضواً، ولنأمل أن يجلب المجلس قليلاً من المحرّضين.