500 مليون دولار من أموال شركة شيك على بياض تختفي تحت سطح البحر

أين هو الكنز؟
أين هو الكنز؟ المصدر: "ذا ميتلز كومباني"
Chris Bryant
Chris Bryant

Chris Bryant is a Bloomberg Opinion columnist covering industrial companies. He previously worked for the Financial Times.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

عانى مشروع مثير للجدل يهدف إلى تعدين قاع المحيط الهادئ من بداية صعبة، بعد أن حجب المستثمرون ما يقرب من 500 مليون دولار من التمويل.

تم طرح شركة "تي إم سي - ذا ميتلز كومباني" (TMC The Metals Company)، المعروفة سابقاً باسم "ديب غرين" (DeepGreen)، في اكتتاب عام الأسبوع الماضي، بعد الاندماج مع "ساستينبل أوبورتيونيتيز أكيوزيشن كوربوريشن" (Sustainable Opportunities Acquisition Corporation)، وهي شركة استحواذ ذات أغراض خاصة. لكنها كانت بداية مخيبة للآمال، وهبطت الأسهم بنسبة 11% يوم الجمعة.

إقرأ أيضاً: نجم البحر المولّد في المختبر... وسيلة العلماء الأحدث لإعادة تأهيل المحيطات

على الرغم من عدم وجود إيرادات وحوالي عشرين موظفاً، تم تقدير هذه الشركة، وهي إحدى الشركات الناشئة، بأكثر من ملياري دولار من قبل شركة الشيك على بياض الشريكة لها. وتخطط الشركة لاستغلال رواسب غنية من معادن البطاريات الموجودة في قاع البحر بين هاواي والمكسيك. وتقول إن هذه المعادن تكفي لتزويد 280 مليون مركبة كهربائية.

خيبة أمل مبكرة

مع ذلك، أصيبت الشركة الكندية الناشئة بخيبة أمل نقدية مبكرة. وانتهى الاندماج مع شركة الشيك على بياض بتقديم 137 مليون دولار فقط من الأموال الجديدة، حيث طلب المستثمرون استرداد أموالهم أو فشلوا في تقديم التمويل الموعود. وتقدر الشركة أن هناك حاجة إلى 7 مليارات دولار للإنتاج التجاري على نطاق واسع.

تلخص الصعوبات النقدية حالة الاضطرابات الحالية في سوق الشيك على بياض، حيث بدأت الشركات المبتدئة -والعديد منها في مجال المركبات الكهربائية- في مواجهة شكوك المستثمرين وزيادة تدقيق الجهات التنظيمية.

تسلط هذه المعضلة الضوء أيضاً على مخاوف عالم الاستثمار بشأن الغسل الأخضر. ففي إطار الاندفاع نحو جذب رأس المال الصديق للبيئة، ترّوج الشركات ومديرو الصناديق لموثوقيتهم كاستثمارت خضراء، وقدمت شركة " ساستينبل أوبورتيونيتيز أكيوزيشن" نفسها على أنها واحدة من أولى شركات الشيك على بياض المناصرة للحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، لكن المخاطر تتمثل في المبالغة في تضخيم الفوائد البيئية، أو تنحية الخصائص السلبية جانباً.

رحلة بحث عن المعادن

ترغب شركة "تي إم سي" في تعدين قاع البحر بحثاً عن شذرات بحجم حبة البطاطس (وهي عقد صغيرة متعددة المعادن) من معادن مثل النيكل والنحاس والمنغنيز والكوبالت. وهناك طلب مرتفع على هذه المنتجات -حيث ارتفعت أسعار النيكل إلى أعلى مستوى لها في 7 سنوات- وتستخدم في الكاثودات والأسلاك اللازمة لبطاريات السيارات الكهربائية، وأنواع أخرى من تخزين الطاقة. ويشمل شركاؤها التجاريون شركة "غلينكور" (Glencore) العملاقة للسلع، وقسم الخدمات البحرية البحرية في "إيه/ بي مولر – ميرسك إيه/ إس" (A/P Moller-Maersk A/S).

تشير "تي إم سي" إلى هذه العقيدات بوصفها: "بطاريات مركبات كهربائية في صخرة"، وتقول إن التعدين للبحث عنها سيساعد في إزالة الكربون من قطاع النقل، وبالتالي يساعد في حل أزمة المناخ. كل ذلك مع التسبب في أدنى قدر ممكن من الأضرار البيئية، وبتكلفة أقل من استخراج نفس المواد على البر .

يدّعي أنصار حماية البيئة أن أنشطة "تي إم سي" ستلحق الضرر بالنظم البيئية الحساسة وتدمر التنوع البيولوجي الحيوي. وبالنسبة إليهم، تعد أزمة السيولة النقدية التي تعاني منها الشركة بمثابة فوزاً مدوياً.

قال لي جيرارد بارون، الرئيس التنفيذي لشركة "تي إم سي"، إن "المنطقة العميقة للمحيط تعتبر أكبر منطقة شبيهة بالصحراء على هذا الكوكب، ويصادف أنها مغطاة بـ4000 متر من المياه". وأضاف: "هناك حياة هناك، لا ننكر ذلك، لكن يمكننا التخفيف من آثار التعدين... ولن نكون مضطرين إلى نقل الغابات المطيرة للوصول إلى هذا المورد".

تمويل متقلب

لكن تمويل شركات الشيك على بياض متقلب. ومع تداول أسهم العديد من شركات الشيكات على بياض بأقل من 10 دولارات، يمارس المستثمرون -ممن يكونون غالباً من صناديق التحوّط- حقهم في المطالبة باستعادة أموالهم بشكل متزايد، بدلاً من الانتظار لرؤية النتئجة النهائية لعمليات اندماج شركة الشيك على بياض. وفي حالة شركة "تي إم سي"، تجاوزت هذه المطالبات التي تسمى بـ"حقوق الاسترداد" 90%، وشكلت نحو 270 مليون دولار من العجز النقدي الذي تعاني منه الشركة.

لكن الأمر الأكثر غرابة هو فشل اثنين من المستثمرين غير المعروفين في توفير أموال تشكل ثلثي شركة "تي إم سي" البالغة قيمتها 330 مليون دولار أمريكي (عبر استثمار خاص في الأسهم العامة).

ويعتبر الاستثمار الخاص في الأسهم العامة (PIPEs) عبارة عن وعاء إضافي من النقد يتم جمعه عادةً بالتزامن مع اندماج شركة شيك على بياض. ومن المفترض أن تقدم هذه الاستثمارات دعماً مالياً مضموناً؛ حتى يحصل الهدف على الأقل بعض السيولة النقدية، كما إنها تساعد في التحقق من القيمة التي أسندتها شركة الشيك على بياض إلى الهدف. لذلك، من المحرج للغاية عدم تسليم بعض المستثمرين الخاصين في الأسهم العامة بشركة "تي إم سي" للتمويل.

تقول شركة "تي إم سي" إنها "ستسعى إلى إنفاذ التزامات التمويل للمستثمرين غير العاملين". وهذا يعني بلغة أبسط، أن المحامين سيتولون هذا الأمر. مع ذلك، لا يمكنها التأكد من أنها ستحصل على المال.

تقييم غير مقنع

في حين أن قرار المستثمرين بالتراجع قد لا تكون له علاقة بالمخاوف البيئية، إلا أن حجم العجز النقدي لدى شركة "تي إم سي" يشير إلى أنها لم تقنع أسواق رأس المال بعد، بأن تقييمها بمليارات الدولارات له ما يبرره، بالنظر إلى المخاطر. وتتجاوز هذه المخاطر بكثير جلب الصخور إلى سطح المحيط.

ومنذ الإعلان عن صفقة الشيك على بياض في مارس، وقع أكثر من 500 عالم على خطاب يدعو إلى وقف التعدين في أعماق البحار؛ حتى يتم فهم المخاطر البيئية بشكل أفضل. وقامت الشركات الكبيرة مثل: "بي إم دبليو" (BMW)، "سامسونغ إلكترونيكس" (Samsung Electronics)، و"غوغل" بتقديم دعمها لإجراء حظر مؤقت. وحتى أن أخلاقيات التعدين في أعماق البحار -التي كانت غامضة فيما مضى- احتلت غلاف مجلة "التايم" الأسبوع الماضي. (وفي ذلك الغلاف، شبّه أحد دعاة المحافظة على البيئة تعدين العقيدات بـ"صنع الأسمنت من الشعاب المرجانية").

في الوقت ذاته، ندّدت المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك "غرين بيس" (Greenpeace) و"غلوبال ويتنس" (Global Witness) بشركة "تي إم سي" في التماس إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية، وقالت إن ملفات إيداع الشركة قللت من المخاطر البيئية. وقامت شركة "تي إم سي" بتعديل الإيداعات المالية الأولية للإقرار "بوجود قدر كبير من عدم اليقين في ما يتعلق بتأثير جمع العقيدات متعددة المعادن على التنوع البيولوجي"، ووافقت هيئة الأوراق المالية والبورصات في النهاية على نشرة الإصدار، ما سمح بإتمام عملية الدمج.

فائدة بيئية للتعدين

لا ينبغي استبعاد طموحات شركة "تي إم سي" في مجال التعدين بشكل كامل، حيث تواجه المحيطات أيضاً مخاطر حادة جراء ارتفاع درجة حرارة الكواكب، ويمكن أن تلعب المعادن الموجودة بها دوراً في الحد من ذلك.

مع ذلك، فأثناء استعجالنا لحل أزمة المناخ، يجب ألا نغفل عن الآثار البيئية المحتملة للتعدين في قاع البحار. فرغم البحث المكثف، الذي تم تمويل جزء منه من قبل "تي إم سي"، لا يزال هناك العديد من العوامل البيئية المجهولة. وتفتقر الشركة إلى بعض تصاريح الإنتاج الضرورية. وحتى الآن، لم يتم الاتفاق على القواعد العالمية للسماح باستغلال قاع البحر من قبل السلطة الدولية لقاع البحار (على الرغم من وجود سبب للاعتقاد بأن هذا يمكن أن يحدث في غضون عامين).

ويمكن القول إن التعدين في أعماق المحيط أمراً صعباً، لكن إقناع المستثمرين بأن أنشطة "تي إم سي" متوازنة ومفيدة لكوكب الأرض قد يكون أصعب. ولتحقيق النجاح، ستحتاج الشركة إلى الكثير من المال.