الجنيه الإسترليني يفقد جاذبيته المصدر: بلومبرغ

الأزمات تحاصر الاقتصاد البريطاني تزامنا مع تراجع الحماس للجنيه الإسترليني

المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بدأت أزمة سلاسل التوريد في المملكة المتحدة، وارتفاع تكاليف الطاقة، وضعف الاقتصاد في إلحاق الضرر بشهور الثقة لدى المستثمرين.

تذيلت أسعار الجنيه الإسترليني وأرقام مؤشر "فوتسي 100" (FTSE 100 Index) جميع مؤشرات السوق منذ شهر يونيو الماضي، وتكشف حركة أسعار المشتقات أن شعوراً بالتشاؤم يتسرب حالياً إلي وعي المستثمرين، حيث تحولت استثمارات صناديق التحوّط في مشتقات الجنيه الإسترليني والعقود الآجلة إلى الانخفاض لأول مرة منذ شهر ديسمبر الماضي، عندما كانت المملكة المتحدة غارقة في مفاوضات مريرة تتعلق بالخروج من الاتحاد الأوروبي.

يتركز القلق الذي يسيطر على أوساط مديري صناديق الاستثمار النقدية في أن معدل التضخم قد يدفع بنك إنجلترا إلى زيادة أسعار الفائدة ويطحن اقتصاداً يبدو ضعيفاً بالفعل. وبالنسبة للمستثمرين لدى شركتي "أليانز جلوبال إنفستورز" (Allianz Global Investors) و"ويليام بلير لإدارة الاستثمار" (William Blair Investment Management) تبدو بريطانيا أقل جاذبية للاستثمار من البدائل الأخرى.

قال مايك ريدل، الذي يدير أكثر من 10 مليارات دولار لدى شركة "أليانز" في لندن: "كان فيروس كوفيد وسيلة مريحة للفت الانتباه بعيدا عن ضربة (البريكسيت)".

اقرأ أيضاً: تقرير برلماني: بريطانيا ستواجه مخاطر مالية لعقود بسبب تكلفة جائحة "كورونا"

خفض "ريدل" استثماراته في الجنيه الإسترليني، وهو يراقب أداء الاقتصاد مراقبة دقيقة عندما تنتهي إعانة الحكومة، التي تقدم للعاطلين عن العمل أثناء فترة انتشار الجائحة، خلال الشهر الجاري. وقال إن المملكة المتحدة تعاني "مزيجاً فظيعاً من ضربة كوفيد القوية وخروجها من الاتحاد الأوروبي".

حتى الآن مازالت حركة الأسواق تحت السيطرة نسبياً. سعر الجنيه الإسترليني يدور حول 1.37 دولار أمريكي منذ عدة شهور، ويرى المحللون أنه سوف ينهي العام قريباً من ذلك المستوى. وقد تراجعت قيمة العملة البريطانية بنحو 3% أمام الدولار منذ شهر يونيو الماضي.

في أسواق الأسهم، عجز مؤشر "فوتسي 100" (FTSE 100 Index) عن مواكبة ارتفاع مؤشرات السوق عموما، فانخفض نحو 1% منذ شهر يونيو، بينما ارتفع كل من مؤشر "أوروبا 600" (Europe 600) و مؤشر "إس أند بي 500" (S&P 500) بنسبة تزيد على 3%.

بالنسبة إلي جون رو، رئيس صناديق الاستثمار في الأصول المتعددة لدى شركة "ليجال أند جنرال لإدارة الاستثمار" (Legal & General Investment Management)، فإن بريطانيا تواجه مخاطر أكثر من ذلك بكثير. فأسعار الكهرباء والغاز ترتفع بمعدلات قياسية يوما بعد يوم، وأسواق العملة تراهن على زيادة أسعار الفائدة بعد ارتفاع التضخم إلى أعلى مستوى في أكثر من 9 سنوات.

قال "رو": "قطع الجنيه الإسترليني شوطاً طويلاً. فقد مر ببعض الصدمات الكبيرة، مثل صدمة أسعار الغاز، بالإضافة إلى بعض تصريحات البنك المركزي (بنك إنجلترا) التي نعتقد أنها سوف تؤدي إلى زيادة فرص الخطأ في السياسة النقدية وترفع من مستوى عدم اليقين".

اقرأ أيضاً: هل يمكن للاتحاد الأوروبي أن يجعل بريطانيا جارة جيدة؟

تبدو صوة الاقتصاد متشائمة باضطراد، كما صدرت تقارير سلبية تدق أجراس الخطر بشكل منتظم. وانخفضت أسعار التجزئة في المملكة المتحدة في أغسطس للشهر الرابع على التوالي، وهي أطول فترة تراجع تشهدها منذ 25 عاما على الأقل.

في بعض الأسواق، تعود الآثار السلبية إلى ارتفاع الأسعار، وبالنسبة لبعض المستثمرين، أصبح سعر الجنيه الإسترليني وأسعار الأسهم في المملكة المتحدة رخيصة جداً في أعقاب خروجها من الاتحاد الأوروبي، ثم عادت الأسواق إلى حالتها الطبيعية منذ ذلك التاريخ.

تعكس البيانات القادمة من أسعار سوق الخيارات هي الأخرى موقفاً متحفظاً من العملة، ويشير نموذج "بلومبرغ" الذي يعتمد على تسعير الخيارات إلى احتمال بنسبة 61% أن تنهي العملة البريطانية العام الحالي على أقل من 1.39 دولار للجنيه.

يقول توماس كلارك من شركة "ويليام بلير لإدارة الاستثمار": "لم نبلغ بعد نقطة التشاؤم، غير أن الفرص المتاحة لم تعد شديدة الجاذبية". ويدير "كلارك" صندوق "دايناميك دايفرسفايد ألوكيشن فاند" (Dynamic Diversified Allocation Fund) التابع لشركة "ويليام بلير لإدارة الاستثمار" الذي تفوق أداؤه على 86% من الصناديق المناظرة له على مدى العام الماضي.

خفضت الشركة رهانها على الجنيه الإسترليني في محفظتها الرئيسية إلى نحو 2% خلال الأشهر الأخيرة مقارنة مع 8% في منتصف عام 2020.

كان الاقتصاد البريطاني يبدو في حالة جيدة منذ أشهر قليلة عندما انتشرت عمليات تلقيح المواطنين ضد فيروس كورونا، وكانت الشركات تعيد فتح أبوابها، غير أن "كلارك" يقول: "إن الوضع لم يعد كذلك في الحقيقة".