ماسك يحلّق.. وبيزوس يلجأ إلى التقاضي في سباق الفضاء الجديد

المصدر: غيتي إيمجز
Adam Minter
Adam Minter

Adam Minter is a Bloomberg Opinion columnist. He is the author of “Junkyard Planet: Travels in the Billion-Dollar Trash Trade” and "Secondhand: Travels in the New Global Garage Sale."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

من المفترض أن يتحقَّق الفوز بسباقات الفضاء في المعامل الهندسية، أو في المدار. بفضل جيف بيزوس، قد يكون الفوز بسباق الفضاء في قاعة المحكمة، أو في مكاتب الجهات التنظيمية.

نظرا لأنَّ شركات "بيزوس" تتخلَّف عن "سبيس إكس" (SpaceX) المملوكة لـ"إيلون ماسك" في السباق لتوصل البشر إلى القمر، وفي إطلاق خدمات النطاق العريض القائمة على الأقمار الصناعية؛ فإنَّها تلجأ بشكل متزايد إلى السياسة والإجراءات القانونية للمضي قدماً.

اقرأ أيضاً: إيلون ماسك يزيح بيزوس عن صدارة أثرياء العالم بصعوبة

"سبيس إكس" تستجدي رفع تقييمها إلى 92 مليار دولار لاستعمار المريخ

هذا بالضبط، ليس نهجاً جديداً في واشنطن. لكن إذا انتصر "بيزوس"، فقد يؤدي ذلك إلى إلحاق ضرر كبير بصناعة الفضاء التجارية الأمريكية، (أو سياحة الفضاء)، في حين هي بصدد الانطلاق.

أين السرعة والكفاءة؟

قد يكون من الصعب تصديق ما يحدث هذه الأيام، لكن الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (ناسا)، كانت معروفة ذات يوم بسرعتها وكفاءتها.

في يوليو 1962، دعت وكالة ناسا 11 شركة لتقديم عطاءات بشأن وحدة استكشاف القمر – أو "إل إي إم" (LEM)- التي كانت ستنقل روَّاد الفضاء إلى سطح القمر للمرة الأولى.

بعد ذلك بوقت قصير، اختارت شركة "غرومان إيركرافت انجنيرنغ" ( Grumman Aircraft Engineering)، (لاحقاً شركة " نورثروب غرومان" (Northrop Grumman)، لتنفيذ العقد. بعد سبع سنوات فقط، كانت الوحدة على سطح القمر.

منذ ذلك الحين، لسوء الحظ، تباطأت وتيرة جهود وكالة "ناسا"، في حين ارتفعت التكاليف.

اقرأ أيضاً: "ناسا" تمنح "سبيس إكس" عقد إطلاق مهمة لقمر "يوروبا" التابع للمشتري

في عام 2007، على سبيل المثال لا الحصر، سمحت الوكالة بتنفيذ برنامج لتطوير بدلة فضاء جديدة لجولة أمريكا القادمة من استكشاف القمر.

بعد 14 عاماً، لا توجد بدلة جديدة حتى الآن. توقَّع تدقيق حديث أنَّه لن تكون هناك بدلة فضاء جديدة لمدَّة أربع سنوات أخرى على الأقل. ما هي تكلفة بدلة الفضاء الجديدة ؟ حوالي 500 مليون دولار للواحدة. أحد الأسباب الرئيسية لهذه الوتيرة الفاترة أو البطيئة، يتحدد في أنَّ المشروع تمَّ توزيعه على 27 مقاولاً مستقلاً.

في عام 2019، قدَّم بيزوس نفسه ملخصاً جيداً للمشكلة: "لدرجة أنَّ برامج (ناسا) الكبيرة أصبح ينظر إليها على أنَّها برامج وظائف كبيرة، إذ يجب توزيعها على الولايات المناسبة التي يعيش فيها أعضاء مجلس الشيوخ، الأمر الذي من شأنه أن يغيّر الهدف".

خلال الحديث نفسه، توقَّع بيزوس أنَّه في حالة طرح عقد وحدة استكشاف الفضاء اليوم، سيصطف المحامون إلى جانب المهندسين.

عمليات شراء بطيئة

"اليوم، ستكون هناك، كما تعلمون، ثلاثة احتجاجات، وسيقاضي الخاسرون الحكومة الفيدرالية بسبب عدم الفوز. إنَّه أمر مثير للاهتمام، لكن الشيء الذي يبطئ الأمور هو عمليات الشراء. لقد أصبحت هي بمثابة عنق الزجاجة، وليست التكنولوجيا".

لقد كان محقاً! ففي العام الماضي، اختارت "ناسا" ثلاث شركات – "بلو أوريجين" المملوكة لـ"بيزوس"، و"سبيس إكس"، و"داينتيكس" (Dynetics) - للتنافس على تنفيذ عقد مركبة هبوط في مهمتها التالية إلى القمر، والمقرر في عام 2024.

كان من المتوقَّع أن تختار الوكالة اثنتين من الشركات المرشَّحة. مع ذلك، أعلنت في إبريل أنَّها ستختار واحدة فقط، وهي "سبيس إكس".

بدلاً من الاعتراف بالهزيمة، قدَّمت "بلو أوريجين" شكوى إلى مكتب محاسبة الحكومة الأمريكية. عندما أخفقت في ذلك، أقامت دعوى ضد وكالة "ناسا".

مع استمرار فترة نظر الدعوى القضائية، اضطرت "ناسا" إلى وقف العمل على مركبة الهبوط على الفضاء، وتعريض جدولها الزمني للخطر. (لم تستجب "بلو أوريجين" لطلب التعليق).

مع ذلك، لم يتوقَّف الأمر عند ذلك بالنسبة إلى بيزوس. في 25 أغسطس، طلبت شركة "أمازون" ( أسسها ويرأسها بيزوس) من لجنة الاتصالات الفيدرالية، رفض خطة "سبيس اكس" المحدثة لمجموعة من الأقمار الصناعية التي تبث عبر الإنترنت.

لدى "سبيس إكس" بالفعل أكثر من 1700 من الأقمار الصناعية في المدار، وتخطط لزيادة العدد عبر إضافة 30 ألفاً أخرى.

ليس من قبيل الصدفة أنَّ لـ"أمازون" خططها الخاصة للأقمار الصناعية للبثِّ عبر الإنترنت. مع احتمال ضئيل للحاق بالركب على المدى القصير – ليس لأي من أقمارها موعد إطلاق حتى الآن. أرسلت "أمازون" شكوى تستهدف شخص ماسك إلى لجنة الاتصالات الفيدرالية الأسبوع الماضي ، مدَّعية أنَّ " القواعد التي تحكم شركاته، هي لأشخاص آخرين". (رفضت "أمازون" التعليق على السجل).

يبقى أن نرى مدى تقبُّل الجهات التنظيمية والمحاكم لهذه المناشدات أو النداءات. لكن حتى إذا فاز بيزوس، فلا ينبغي لوكالة "ناسا" أن تنظر بلطف إلى استراتيجية النجاح بالفوز المصممة - جزئياً على الأقل – لإبطاء وتيرة الابتكار والاستكشاف من خلال وسائل التقاضي أو المحاماة.

بكل المقاييس تقريباً، تتقدَّم "سبيس إكس" كثيراً في هذا السباق، إذ تطلق الصواريخ كل بضعة أسابيع، مع فوزها بعقود إرسال مركبات هبوط إلى القمر.

ستميل الشركات الكبيرة ذات الإمكانات المالية الضخمة دائماً إلى رفع دعاوى بدلاً من المنافسة. لكن يجب على بيزوس، بصفته أحد أكثر روَّاد الأعمال إنجازاً في التاريخ الأمريكي، أن يفهم أنَّ أفضل طريقة لتعزيز تقدُّم البشرية في الفضاء، هي الثقة بالمهندسين والعلماء، وليس عبر تحريك الدعاوى القضائية.

لقد بدأ سباق الفضاء الجديد للتو، وسيكون من المؤسف أن نراه مرتبطاً بقواعد البيروقراطية.