"الشتاء قادم".. مخزون أوروبا من الغاز منخفض بشكل مخيف

تقف مخزونات القارة من الغاز الطبيعي عند 75% من المستوى الذي كانت عليه في نفس الوقت من العام الماضي، وهو الأدنى منذ العام 2013، وهو ما يرفع الأسعار ويغذي المخاوف بشأن نقص المعروض وانقطاعات التيار الكهربائي خلال الأشهر المقبلة.
تقف مخزونات القارة من الغاز الطبيعي عند 75% من المستوى الذي كانت عليه في نفس الوقت من العام الماضي، وهو الأدنى منذ العام 2013، وهو ما يرفع الأسعار ويغذي المخاوف بشأن نقص المعروض وانقطاعات التيار الكهربائي خلال الأشهر المقبلة. المصدر: غيتي إيمجز
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تعاني أوروبا من أزمة طاقة يمكن أن تزداد سوءاً بمجرد أن يحكم الشتاء قبضته على القارة، خاصة في ظل استمرار ارتفاع أسعار الغاز والكهرباء، وتوقف طواحين الهواء عن العمل بسبب ضعف الرياح، وعادت محطات الكهرباء التي تعتمد على الفحم للعمل، حتى أن هناك اقتراحات لاستخدام مولدات الديزل للتوليد الخاص، لكن النفط ليس الحل لمشاكل الطاقة في القارة.

تخلق أسعار الغاز الطبيعي المرتفعة حوافز لاستبدال الوقود الذي يمكن أن يعزز الطلب على النفط، وفقاً لجيف كوري، الرئيس العالمي لأبحاث السلع الأساسية في "غولدمان ساكس"، ورغم أن هذا صحيح على المستوى العالمي، إلا أنه قد لا يوفر الكثير من الراحة للمستهلكين الأوروبيين، الذين ليس لديهم مجال كبير لتحويل المولدات من الغاز إلى الوقود السائل.

"غولدمان ساكس": مخاطر انقطاع الكهرباء تعصف بمصانع أوروبا في الشتاء المقبل

ظاهرياً، تمتلك أوروبا مزيج جيد التنوع لتوليد الكهرباء مع كميات صحية من الغاز والفحم والطاقة المائية والنووية ونسبة كبيرة من الطاقة التي تأتي من مصادر متجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية.

مع ذلك، إذا نظرت عن كثب، هناك تسلسل هرمي واضح لمصادر الوقود عندما يتعلق الأمر بتوليد الكهرباء والذي يتغير من دولة إلى أخرى، ويلعب الغاز دوراً محورياً في بعض أكبر أسواق الكهرباء في القارة.

في بعض الحالات، يوفر الغاز نسبة كبيرة من إمدادات الكهرباء الأساسية. وفي حالات أخرى، تجعل مرونة التشغيل والإيقاف للمحطات التي تعمل بالغاز تلك المحطات مثالية لتوفير الطاقة خلال فترات ذروة الحمل، أو لملء الفجوات عندما لا تكون الإمدادات من المصادر الأخرى بالقدر المتوقع، أيضاً يعتبر الغاز مصدراً رئيسياً للوقود للتدفئة المنزلية في دول مثل المملكة المتحدة حيث تتصل 85% من المنازل بشبكة الغاز.

المشكلة هي أن الغاز ليس متوفراً في أوروبا في الوقت الحالي.

لا تعولوا على الغاز الطبيعي المسال لإنقاذ أوروبا من أزمة الغاز الشتوية

مع اقتراب الشتاء، تقف مخزونات القارة من الغاز الطبيعي عند 75% من المستوى الذي كانت عليه في نفس الوقت العام الماضي، وهو الأدنى منذ العام 2013، وهو ما يرفع الأسعار ويغذي المخاوف بشأن نقص المعروض وانقطاعات التيار الكهربائي خلال الأشهر المقبلة.

عوامل مؤسفة

يقف مزيج من العوامل المؤسفة وراء مستويات المخزونات المتدنية.

  • أولاً: كان الشتاء الماضي طويلاً إذ امتد الطقس البارد حتى أبريل وحال دون بدء إعادة بناء المخزونات.
  • ثانياً: يتصاعد الطلب على الغاز مع تعافي الاقتصادات من أعماق أزمة وباء كوفيد 19، وهناك حاجة إلى مزيد من الغاز لتزويد الإنتاج بالطاقة، في حين أن العودة إلى المكاتب وإعادة فتح قطاع الترفيه تعززان أيضاً الطلب على الكهرباء.
  • ثالثاً: تكافح المصادر المتجددة لتوليد الكهرباء، نظراً لأن سرعات الرياح المنخفضة تقلل كمية الكهرباء المولدة من التوربينات، وهذه مشكلة خاصة بالنسبة لبريطانيا حيث تمثل الرياح ما يقرب من ربع قدرة التوليد، وأدى الحريق إلى إيقاف أحد كابلات الإمداد بالكهرباء الرئيسية من فرنسا ما زاد الضغط على توليد الكهرباء من محطات الغاز في الدولة.
  • والأهم: كان إنتاج الغاز الطبيعي في أوروبا منخفضاً منذ وقت طويل، وتجاوز الإنتاج ذروته في أكبر ثلاثة منتجين في المنطقة - النرويج وبريطانيا وهولندا، وتراجعت الإمدادات الهولندية والبريطانية في عام 2020 بنسبة 75% و 65% على التوالي عن الذروة التي وصلت إليها قبل 20 عاماً على الأقل، ودخل إنتاج النرويج عامه الرابع من التراجع، مع تضرر الإمدادات الصيف الجاري من عمليات الصيانة المكثفة.

لم تعوض الواردات هذا النقص، وتعتمد أوروبا على إمدادات خطوط الأنابيب من روسيا للحصول على أكثر من نصف الغاز من الخارج. كانت العقود مع شركة "غازبروم"، المملوكة للدولة، مصممة لتلبية الاحتياجات العادية للقارة، وليس لتلبية الاحتياجات الإضافية المطلوبة لإعادة بناء المخزونات المستنفدة.

أسعار الغاز في أوروبا تقلص مكاسبها متأثرة بتحقيق حول شركة "غازبروم"

"نورد ستريم 2"

لم تكن روسيا في عجلة من أمرها لتسليم إمدادات الغاز الإضافية لأوروبا بالطرق البرية التقليدية عبر بيلاروس وبولندا وأوكرانيا، وضغطت بدلاً من ذلك من أجل استكمال خط أنابيب "نورد ستريم 2" الذي يتجاوز تلك الدول، والآن انتهى إنشاء الخط بعد تخفيف العقوبات التي فرضها الرئيس السابق، دونالد ترمب.

الكرملين: تشغيل "نوردستريم2" سيحد من ارتفاع أسعار الغاز في أوروبا

إذا كان سيتم تشغيل الخط قريباً بما يكفي للتأثير على إمدادات الغاز إلى أوروبا الشتاء القادم، سيتوقف هذا على مدى سرعة اعتماد مشغلها من قبل الاتحاد الأوروبي كناقل مستقل، وهناك شيء واحد مؤكد، رغم ذلك: لن تبدأ التدفقات كما هو مخطط لها في 1 أكتوبر.

وبالتالي، فإن إمدادات الغاز في أوروبا ستظل على الأرجح منخفضة الشتاء القادم.

ورغم أن مولدات الديزل قد تكون حلاً لبعض عملاء الكهرباء في القطاع الصناعي، إلا أنها لن تُبقي الأنوار مضاءة أو المنازل دافئة للمواطنين الأوروبيين، ومن الأفضل أن نأمل أن تكون توقعات الاتحاد الأوروبي بشتاء معتدل صحيحة.

غاز طبيعي