الموسيقى.. القطاع الذي ترى فيه "أبل" مستقبل البث المباشر

تمثال للموسيقار بيتهوفن. يجب أن يخبرنا استحواذ أبل على شركة "برايمفونيك" (Primephonic) الناشئة الصغيرة للموسيقى الكلاسيكية بشيء عن العوامل التي ستكون أكثر أهمية للمستمعين والمشاهدين.
تمثال للموسيقار بيتهوفن. يجب أن يخبرنا استحواذ أبل على شركة "برايمفونيك" (Primephonic) الناشئة الصغيرة للموسيقى الكلاسيكية بشيء عن العوامل التي ستكون أكثر أهمية للمستمعين والمشاهدين. المصدر: غيتي ايمجز
Mihir Sharma
Mihir Sharma

Mihir Swarup Sharma is a Bloomberg Opinion columnist. He is a senior fellow at the Observer Research Foundation in New Delhi and head of its Economy and Growth Programme. He is the author of "Restart: The Last Chance for the Indian Economy," and co-editor of "What the Economy Needs Now."

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تعيش المجموعة الصغيرة والمتنوعة من محبي الموسيقى الكلاسيكية حالة من الحداد العميق بعد تلاشي أحد أركان مجتمعها. أُغلق التطبيق الهولندي-الأمريكي، "برايمفونيك" (Primephonic)، الذي بث مجموعة واسعة من الموسيقى الكلاسيكية، خلال الشهر الماضي بعد الاستحواذ عليه من قبل شركة أبل التي تهدف إلى دمج الخدمة في "أبل ميوزيك".

لكن لماذا تهتم أكبر شركة في العالم بشركة ناشئة خاصة، ولديها قاعدة مستخدمين صغيرة نسبياً، وبضع عشرات من الموظفين، دون ابتكار تقني مذهل تفتخر به؟

الجواب على هذا السؤال هو أن "برايمفونيك" تفهم المستقبل. فلقد أدركت "أبل" أن نجاح أو فشل البث يتوقف على إمكانية إتقانها للأمور الأربعة: البيانات الوصفية، والاكتشاف، والتنظيم، والجودة، التي اكتشفتها الشركة الصغيرة مع أقرانها في الموسيقى الكلاسيكية من أمثال "إداغيو" (Idagio). هذا ينطبق أيضاً على بث الفيديو، وليس الموسيقى فقط. تأمل "أبل" من خلال عملية الاستحواذ هذه على استيعاب أساسيات الشركة.

البيانات الوصفية

كحال غالبية خدمات البث الموسيقي، تعتبر "أبل ميوزيك" في الوقت الحالي سيئة إلى حد السخرية في مجال توفير البيانات الوصفية التي تتجاوز وضع المعلومات الأساسية فقط حول المقطوعة الموسيقية. يظهر هذا من خلال التغريد المنتظم وعالي النبرة لمطوّر البرمجيات والملحن جين دو ليزا عن الإدراجات الموسيقية في قوائم "أبل ميوزيك"، قائلاً إن قطعة "باثيتيك سوناتا" لبيتهوفن، "مجهولة المؤلف".(مسكين يا بيتهوفن).

اقرأ أيضاً: تصدّع في اقتصاد متجر "أبل"

بدون البيانات الوصفية الصحيحة، ستتعطّل واجهة المستخدمين لأنك لا تعرف لأي سيمفونية تنتمي الحركة التي يتم بثها. ينهار البحث أيضاً عندما لا تستطيع العثور على التسجيل الذي تريده بسبب غياب البيانات الوصفية عن قائد الفرقة الموسيقية، والأوركسترا، والمؤلف أو الحركة. لكن الأسوأ من ذلك هو أن التوصيات الفعّالة واكتشاف الموسيقى تصبح شبه مستحيلة.

هذا الأمر ليس مشكلة تخص الموسيقى الكلاسيكية فقط، ولكنه مهم لأي شيء أكثر تعقيداً من أحدث 40 أغنية فردية. في الهند، عندما نستمع إلى موسيقى الأفلام الهندية قد نتذكر أغنية بناءً على مطربها، وملحنها، ومؤلف كلماتها، والفيلم الذي جاءت منه، والسنة التي تم إصدارها فيها، أو حتى الممثلين الذين قاموا بتحريك الشفاه بصمت مع أغنية الفيلم.

التحقق من الأصل

تمر موسيقى الروك الكلاسيكية بنفس الأمر، فعندما يتم بث أغنية لفرقة البيتلز، يجب أن تعرف على الفور ما إذا مزيجها من الستيريو أو المونو، أو إذا كانت الأغنية منفردة أو نسخة من الألبوم، أو كانت مقتطفاً من نسخة العام 1995، أو النسخة المعدّلة للعام 2020. ابحث عن رقم "آر آند بي" المبكّر وقد تحصل على نسخة سيئة من إعادة التسجيل الذي تم إجراؤه في الثمانينيات عندما لم تنجح المجموعة الأصلية. بالنسبة لأي شخص لديه أكثر من اهتمام عادي بالموسيقى، فإن البث بدون بيانات وصفية مناسبة يعتبر كارثة.

من هذا المنطلق، عملت "برايمفونيك" على الحصول على وضع البيانات الوصفية الصحيحة والقابلة للبحث، وتمكّنت من التعرّف على مستخدميها بشكل أسرع أيضاً. بالمقارنة، يعرف "تيدال" على سبيل المثال أنني أمضيت عامين في الاستماع إلى أوركسترا فيينا الموسيقية، ولكنه لا يزال يوصي بالاستماع إلى موسيقى الهيب هوب أو، على مضض، إلى قائمة تشغيل للموسيقى التصويرية للأفلام.

إن معرفة المستخدم الخاص بك هام للغاية. فنحن لا نفتح دائماً خدمة البث، ونعلم بالفعل ما نريد سماعه أو مشاهدته؛ لأن نصف المتعة تتمثّل في عملية الاكتشاف. لم تحصل "برايمفونيك" على توصيات خوارزمية صحيحة فحسب، بل كان لديها خبراء حقيقيون ينظمون قوائم التشغيل كعازفي الكمان المشاهير الذين يختارون تسجيلاتهم المفضلة التي تركّز على الكمان.

جودة الصوت

أثناء الاستماع إلى ألبوم اكتشفته على "برايمفونيك" أو "إيداغيو"، يمكنك قراءة ملاحظات الأسطوانة المدمجة، أو حتى يمكنك الحصول على ملاحظات في الوقت الفعلي حول ما يمكنك الاستماع إليه في التنسيق من خلال خدمة "مايسترو" من "برايمفونيك". في عالم الفيديو، تستقطب قناة "كرايتيريون" صانعي الأفلام الرئيسيين بانتظام لاختيار وتقديم أفلامهم المفضّلة.

هناك أيضاً جودة الصوت. تسوّق "تيدال" ومنافستها الفرنسية "كوبوز" نفسها على أنها تمتلك مقطوعات عالية الدقة "أفضل من الأغاني المعروضة على الاسطوانات المدمجة". فعلت "برايمفونيك" الشيء نفسه دون الكثير من الجلبة و بجزء بسيط من السعر. أعلنت شركة "أبل" مؤخراً عن "بث بلا خسارة"، ووعدت شركة "سبوتيفاي" بموسيقى عالية الدقة منذ شهور. لكن المقطوعات الموسيقية عالية الدقة لا تمثل حقاً أولوية بالنسبة لشركة "أبل" مقارنة بالعالم الأكثر غرابة المعتمد على "الحيّز الصوتي". عملت "أبل" جدياً على تثبيت نظام "دولبي أتموس" على أجهزة "ايربود" مثلاً، لكن تنفيذ الشركة للبث عالي الدقة من خلال بروتوكول البث "ايربلاي" الخاص بها محير ويحتوي على أخطاء.

فوضى بروتوكولات

هذا خطأ. يختلف العلماء حول ما إذا كان البث عالي الدقة يحدث فرقاً ملموساً في الأذن البشرية، ولكن يصعب العثور على معجب بالموسيقى الكلاسيكية يعتقد أنه ليس كذلك. إن مشتري الموسيقى الكلاسيكية المتخصصة والمتطورة هو من يقود المعايير الجديدة في إعادة إنتاج الموسيقى. فلقد بدأت تسجيلات أوركسترا "ليفينغ ستيريو"" لفرقة "آر سي إيه فيكتور" في دفع الاستريو إلى الاتجاه السائد في الخمسينيات من القرن الماضي. استغرقت موسيقى البوب ​​وقتاً طويلاً للحاق بها، فلقد كانت فرقة "رولينغ ستونز" تسجل بطريقة المونو حتى وقت متأخر من ألبوم "بيغيرز بانكويت" في العام 1968. صُممت الأقراص المضغوطة للموسيقى الكلاسيكية، حيث اتفقت شركتا "سوني" و"فيليبس" على أن تصل مدتها إلى 74 دقيقة بدلاً من 60 لكي تتمكن من استيعاب طول السيمفونية التاسعة لبيتهوفن بالكامل.

ربما تخشى شركة "أبل" من حقيقة أن دمج البث الموسيقي مع أجهزة الصوت هو عبارة عن فوضى من البروتوكولات المتناقضة. كما أن تنفيذ "غوغل كاست"، المنافس الرئيس لـ "ايربلاي"، يحتوي على أخطاء أيضاً. تتواجد شركات مكبرات الصوت مثل "سونوس إنك" للتغلب على هذه التناقضات، وكافأها المستثمرون فعلياً عندما قفز سهم "سونوس" بنسبة 170% تقريباً خلال العام الماضي.

تتطلب الموسيقى الكلاسيكية الكثير على مستوى إعادة الإنتاج والبحث، إلا أن هذا هو السبب في أن عشاق الموسيقى الكلاسيكية هم من يجب أن تبحث عنهم إذا كنت تريد اكتشاف المستقبل، كما فعلت "أبل" للتو. سيقتصر ​​البث الصوتي أو بالفيديو على المنافسة على البيانات الوصفية، والجودة، وعلى توفر جميع أفلامك بدقة "4 كيه" مثلاً، والاكتشاف، وليس اتساع الكتالوج أو التكلفة.