معرض الأعمال الفنية السويسري "آرت بازل" لم يواجه مشكلة بغياب أثرياء أمريكا

جناح معرض "بيس" في "آرت بازل"
جناح معرض "بيس" في "آرت بازل" المصدر: معرض "بيس"
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بدا وكأن عدد الحاضرين في أول يوم للشخصيات الهامة في معرض "آرت بازل" في سويسرا قد فاجأ الجميع تقريباً.

يقول مارك غليمشر، رئيس معرض "ميغا بيس": "كانت هناك أيام لم يرغب أحد في القدوم خلالها، وكانت هناك أيام شعرنا وكأنه لن يكون أحد هنا، ولكن علينا أن نقوم بذلك على أي حال".

وقال غليمشر، إنه فقط عند حلول الأسبوع الماضي "شعرت أن المعرض سيكون جيداً".

يُعرف معرض "آرت بازل" بأنه أرقى معرض فني في العالم، حيث يضم 272 صالة عرض تبيع مئات الأعمال الفنية بملايين الدولارات لفاحشي الثراء في العالم.

اقرأ أيضاً: مجموعة فنية للمطلَّقين "ماكلو" قد تباع بأكثر من 600 مليون دولار

تأثير كورونا

خلال السنوات العادية، يؤدي الترقب والضجيج إلى زحمة (راقية) عند الافتتاح، حيث يندفع هواة جمع الأعمال الفنية إلى أقسامهم المفضلة لشراء هذه الأعمال قبل اختطافها خفية من قبل شخص آخر.

قُضي على هذا التهافت في عام 2020، بسبب الإلغاء الكامل للمعرض، الذي يمكن حضوره بشكل شخصي، ونقله إلى غرف المعاينة عبر الإنترنت.

ثم تم تأجيل نسخة 2021 حتى سبتمبر. منذ ذلك الحين، دخل العديد من المعارض من جديد في تجربة سوق الفن بحذر، لكن لم يكن أي منها يضاهي مستوى –أو درجة المعروض– الذي يتمتع به معرض "آرت بازل".

ما يعني أنه كان على عالم الفن الانتظار أكثر من عامين حتى يجمع المعرض السويسري الأعمال الفنية عالية الجودة والسعر المرتفع لتوفير اختبار حقيقي للسوق.

حماس هادئ

في البداية، بدا الحماس هادئاً. سيكون من المبالغة القول إنه كان هناك اندفاعٌ لأي شيء غير شمبانيا ما قبل المعرض، إذ بدا العديد من الحاضرين راضين عن البقاء في فناء قاعة المجمع، وهم يشربون ويتحدثون حتى بعد أن تم فتح أبواب القاعة في الساعة 11 صباحاً.

يقول أليكس لوغسديل، المدير التنفيذي لمعرض"ليسون"، الذي لديه أفرع في نيويورك ولندن وشنغهاي: "يبدو المعرض أكثر هدوءاً من النسخ السابقة، لكنه ليس هادئاً"، واستطرد قائلاً: "في عام عادي، هذا يمثل توازني المفضل".

ويضيف لوغسديل بأنه "يجب أن يكون هناك بيئة تمكنك من إجراء محادثات حقيقية - وليس عروض مدتها 30 ثانية حيث تنظر من فوق كتف شخص ما لترى من عليك التحدث إليه بعد ذلك".

غياب الأمريكيين

بدا أن معظم الحديث في اليوم الأول كان بالألمانية والفرنسية، وهو نتيجة واقع أنه على الرغم من أن الأمريكيين الذين تم تطعيمهم يمكنهم دخول أوروبا بسهولة، إلا أنهم ما زالوا بحاجة إلى تقديم اختبار كوفيد سلبي للعودة إلى الولايات المتحدة.

أثبت التهديد بإمكانية الخضوع إلى الحجر الصحي في سويسرا أنه عائق رئيسي بالنسبة لهواة جمع الأعمال الفنية الأمريكيين الذين كانوا سيحضرون لولا ذلك.

تقول ويندي أولسوف، الشريك المؤسس لمعرض "بي بي أو دبليو" الذي يتخذ من نيويورك مقراً له: "إنه لأمر غريب، فليس هناك ضجيج الأصوات الأمريكية المعتاد".

كان ذلك، بالنسبة لأولسوف، بمثابة شيء من الارتياح. لقد أحضرت مجموعة متنوعة من القطع إلى قسمها، كان أبرزها عملاً واحداً للفنان الراحل ديفيد فويناروفيتش، مؤلفاً من 44 صورة تم التقاطها بين عامي 1978-1979، وضع عليه سعر بلغ 850 ألف دولار.

تقول لأولسوف: "الكثير من الأشخاص القادمين من أمريكا، والذين لا نجري أعمالاً معهم في واقع الأمر، يستهلكون الكثير من الطاقة، لذا فإن قضاء دقيقة مع جامعي الأعمال الفنية الذين لا نعرفهم يعد أمراً رائعاً".

مهمون، لكنهم ليسوا ضروريين

في الذاكرة الحديثة، يبدو أن هذا هو الاستنتاج المفاجئ إلى حد ما من الفن ذو التوجه الأوروبي في بازل: فعلى الرغم من أن سوق الولايات المتحدة لا تزال تمثل ما يقدر بنحو 42% من قيمة مبيعات سوق الفن العالمية، فإن الأمريكيين أنفسهم مهمون، ولكنهم ليسوا ضروريين للأعمال.

يقول غليمشر، الذي باع 20 عملاً فنياً في الساعات الثلاث الأولى من المعرض: "لا يوجد الكثير من الأمريكيين هنا، لكن من الواضح أننا لسنا بحاجة إليهم".

هذا العام، ملأ غليمشر قسمه بأعمال فنية ميسورة التكلفة نسبياً لفنانين من أمثال روبرت لونغو، سام غيليام ولطيفة الشاخش.

كانت أغلى لوحة رسمها تشاك كلوز، وبلغ سعرها 5 ملايين دولار. يقول غليمشر: "في هذا المعرض، لم نذهب للبحث عن لوحات بسعر عن 20 مليون دولار، لم أكن واثقاً حيال ذلك، لكنني بالتأكيد أتمنى لو كان لدي منهم".

ينقسم معرض "آرت بازل" إلى ثلاث أقسام رئيسية. يقع قسم "أن ليميتيد" (Unlimited)، الذي يُفتتح قبل المعرض الرئيسي بيوم، في الطابق الثاني من قاعة المجمع المجاورة للمبنى الذي يضم جميع الأقسام؛ هناك، تقوم صالات العرض تقليدياً بتنظيم مثل هذه التركيبات واسعة النطاق، على سبيل المثال، منزل النحات "أورس فيشر" المصنوع بالكامل من الخبز، الذي يأملون أن يتم توجيهه إلى متحف أو مؤسسة خاصة.

في قاعة المعرض الرئيسية، يمتلئ الطابق الأرضي بشكل أساسي بالتجار الذين يبيعون أعمال فنية معاصرة وأعمال فنية باهظة الثمن.

أما الطابق العلوي فهو مخصص لصالات العرض الأصغر عمراً - يمثل العمر، في هذه الحالة، إحساساً حيوياً وليس أي شيء محدد - يُظهر عموماً فنانين أقل شهرة وبسعر أقل.

اندفاع أوروبي

في الطابق الثاني حدثت نفس القصة. يقول دانيال فيشلهاوس، رئيس معرض"سوسيتيه" الذي يتخذ من برلين مقراً له: "غالبية الأمريكيين الذين نعمل معهم بانتظام لن يأتوا هذا العام".

لكن ذلك لم يمنعه من بيع 10 أعمال فنية، يتراوح سعرها من 10 آلاف يورو إلى 100 ألف يورو (11,726 دولاراً إلى 117,267دولاراً)، في أول 45 دقيقة من المعرض. وبحلول نهاية اليوم، كان قد باع 20 أخرين.

يقول فيشلهاوس إنه تم بيع أربعة من الأعمال الفنية الثلاثين لأمريكيين، بينهما شخصان بقيا في المنزل واشتروا العمل عن بعد.

ويضيف قائلاً: "كان الشعور رائعاً في الأسبوعين الماضيين بالفعل، الذين سبقا انعقاد المعرض، لقد كان هناك نوعٌ من الغليان".

بعد عامين من الاعتماد على غرف المشاهدة المتقطعة عبر الإنترنت بدلاً من المعارض الفنية التي يمكن حضورها بشكل شخصي - والتي تمكنت خلالها معظم المعارض من الازدهار - يراقب التجار عن كثب نجاح "آرت بازل" هذا الأسبوع كمقياس للمعارض الفنية المستقبلية.

يقول لوغسديل: "أظهر العامان الماضيان للناس أنه لا داعي للسفر جواً، وإقامة معارض فنية مرة واحدة في الشهر، لا سيما عندما تبيع لنفس الأشخاص الذين تعرفهم بالفعل، يبدو الأمر مُهدراً للغاية، كما أنه يستنزف القدرات العقلية والبدنية للجميع".

ومع ذلك، يقول إنه يمكن أن يبشر اليوم الأول للمعرض بالخير للأعمال التجارية ككل.

ويختم: "ما زلنا في الوباء، والثقة هي كل شيء".