البنوك العالمية: أزمة "إيفرغراند" لا تقلقنا

أزمة "إيفرغراند" تربك أسواق العالم رغم التطمينات
أزمة "إيفرغراند" تربك أسواق العالم رغم التطمينات المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أمضى المصرفيون الأوروبيون الأيام القليلة الماضية في طمأنة المستثمرين والعملاء والمنظمين بشأن تداعيات شركة "تشاينا إيفرغراند" (China Evergrande Group)، إذ تُطرح تساؤلات حول شركة التطوير العقاري الأكثر مديونية في العالم.

وأصدرت مجموعة "كريدي سويس" (Credit Suisse Group AG) الضامنة الأكبر لسندات "إيفرغراند" بين البنوك الدولية خلال السنوات العشر الماضية، بيانات توضّح فيها أن صناديق وحدة إدارة الأصول التابعة لها لا تحمل كثيراً من ديون شركة التطوير العقاري، كما تواصلت مع المساهمين بشأن الحد الأدنى من مستوى تَعرُّض البنك، وفقاً لما ذكره شخص مطّلع على المناقشات.

من جانبه قال الرئيس التنفيذي رالف هامرز أمس الخميس، إن مخاطر "يو بي إس غروب" (UBS Group AG) "غير جوهرية" وتقتصر على تنفيذ طلبات الضمان على قروض الهامش. جاء ذلك بعد يوم من تصريح نويل كوين من "إتش إس بي سي" (HSBC Holdings Plc) أمام مؤتمر نظّمه "بنك أوف أميركا كورب" (Bank of America Corp) قال فيه إنه غير قلق بشأن الروابط المباشرة للبنك بشركة العقارات الصينية.

اقرأ أيضاً: هل تشبه أزمة "إيفرغراند" كارثة "ليمان"؟

بالإضافة إلى ذلك قال آندي هالفورد، المدير المالي لبنك "ستاندرد تشارترد" (Standard Chartered Plc)، في نفس الحدث، إن بنكه "أقلّ قلقاً بكثير من رد فعل السوق الأوّلي"، في حين قال نظيره في "دويتشه بنك" (Deutsche Bank AG) خلال عرضه التقديمي: "إننا لم نتأثر بشكل مباشر على الإطلاق بأحداث الأسبوع الماضي أو نحو ذلك".

وتستعد الأسواق المالية العالمية لانهيار محتمل لشركة "إيفرغراند"، التي تتراجع تحت وطأة أكثر من 300 مليار دولار من الالتزامات، إذ تعد الشركة أكبر مصدّر للسندات المقومة بالدولار مرتفعة العائد في الصين، والتي تستحق لصالح مجموعة من البنوك والموردين.

فيما أصدرت الجهات التنظيمية المالية في بكين مجموعة واسعة من التعليمات إلى "إيفرغراند"، تطلب فيها التركيز على استكمال العقارات غير المكتملة والسداد للمستثمرين الأفراد مع تجنب التخلف عن السداد على المدى القريب على السندات الدولارية، حسبما ذكرت "بلومبرغ" أمس.

ضعف الشفافية

قدمت جهة تنظيمية رفيعة المستوى في بريطانيا أمس تطميناتها الخاصة، إذ قال سام وودز، الرئيس التنفيذي لهيئة التنظيم الاحترازية في بنك إنجلترا، التي تشرف على البنوك وشركات التأمين، في مقابلة مع "رويترز"، إن التعرض المباشر للبنوك البريطانية للشركة الصينية "ليس جوهرياً، لذا فهو في الحقيقة ليس مصدر قلق في ما يخصّ تأثير الجولة الأولى".

اقرأ أيضاً: حانت لحظة الحقيقة لشركة "إيفرغراند" الصينية

ورغم تلك التطمينات، فإن التعليقات تتّسم بقلة الشفافية حول مَن سيكون في مأزق حال الانهيار، إذ يُعتقد أن معظم الالتزامات مملوكة لشركات صينية، إلا أن "إيفرغراند" جذبت اهتمام المصرفيين في جميع أنحاء العالم.

وكانت ذراع إدارة الأصول في "إتش إس بي سي" من بين كبار حاملي ديون "إيفرغراند"، إلى جانب أمثال "بلاك روك" (BlackRock Inc) و"يو بي إس". وعلى مدى السنوات العشر الماضية تَعهَّد "كريدي سويس" بنحو 4 مليارات دولار من الديون لشركة التطوير العقاري، مع تناقص هذا المبلغ في السنوات القليلة الماضية، إذ بدأ العملاق المصرفي التخفيض، وفقاً لشخص مطّلع قال إنه ليس لدى البنك تعرض جوهري في ميزانيته العمومية على الرغم من وجود بعض من هذا التعرض من خلال محافظ العملاء.

وتُعَدّ أزمة "إيفرغراند" آخر طلقة تحذيرية للبنوك الغربية، التي أمضت سنوات في محاولة الحصول على موطئ قدم في السوق المصرفية الصينية المربحة بشكل متزايد، حيث يتطلع "إتش إس بي سي" إلى توظيف آلاف من مديري الثروات في المنطقة، في حين حصل "جيه بي مورغان" على موافقة الجهات التنظيمية لتسجيل الملكية الكاملة لمشروع الأوراق المالية الصيني.

غير أن السوق شهدت سلسلة من فضائح الشركات، كما أثرت حملة تنظيمية مفاجئة على معنويات بعض الممولين. وعلى الرغم من أن التعرض المباشر لعديد من البنوك الغربية قد يكون محدوداً، فإن من المحتمل أن تكون الأزمة مقلقة بسبب التأثيرات المضاعفة المحتمَلة عبر الأسواق.

"المخاطر مرتفعة، وستكون تكاليف أي زلات سياسية مرتفعة بالنسبة إلى الاقتصاد الصيني والأسواق المالية، مع احتمال حدوث تداعيات عالمية، لكن من وجهة نظرنا فإنها ليست لحظة تشبه سيناريو بنك "ليمان". وعلى الرغم من أن الإصلاح السريع أمر غير مرجح إلى حد كبير، فإن الانهيار النظامي يُعَدّ أمراً مستبعَداً أيضاً". ديفيد كو، خبير اقتصادي في "بلومبرغ إنتليجنس"

وقال كوين، من بنك "إتش إس بي سي"، في المؤتمر المصرفي: "سأكون ساذجاً عندما أعتقد أن الاضطرابات في السوق ليس لها القدرة على إحداث تأثير من الدرجة الثانية أو من الدرجة الثالثة".

أضاف وودز أن الضرر النهائي سيتوقف على استجابة السلطات الصينية، في حين قال رئيس "البنك الوطني السويسري" (Swiss National Bank)، توماس جوردان، إن صانعي السياسة يراقبون التداعيات المحتملة، محذراً من أن مثل هذه المواقف يمكن أن تتصاعد في بعض الأحيان وتصبح خارج نطاق السيطرة.

وفي الوقت الحالي، يشعر المسؤولون التنفيذيون في البنوك بنوع من الراحة، إذ يقول هامرز، الرئيس التنفيذي لبنك "يو بي إس"، إن الصعوبات المالية التي تواجهها "إيفرغراند"، "لم تجعلني أعاني من الأرق طوال الليل".