برامج ماجستير إدارة الأعمال تستهدف التنوع في دراسات الحالة الواقعية

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أصبحت دراسة الحالة -التي طالما كانت جزءاً أساسياً من برامج ماجستير إدارة الأعمال حول العالم- جزءاً من الجهود التي تبذلها كليات إدارة الأعمال في أكثر من جامعة هذه الأيام، لتحسين التنوع.

تنظر دراسات الحالة في كيفية استجابة الشركات أو الأفراد للتحديات الواقعية، وهذا غالباً ما يعني التركيز على القادة الذكور ذوي البشرة البيضاء، لكنه يسهم في استمرارية عدم المساواة بين الجنسين وعدم المساواة العرقية.

اقرأ أيضاً: الديمقراطيون يخططون لخفض الضرائب على الجامعات الأمريكية مقابل دعم الطلاب

تعمل كل من كلية هارفارد للأعمال، وكلية الدراسات العليا للأعمال بجامعة ستانفورد، وجامعة لندن للأعمال، على معالجة هذه المسألة بشكل مباشر من خلال إدراج المزيد من الشخصيات المركزية ذات الخلفيات المتنوعة.

عن ذلك، يقول سكريكانت داتار، الذي تولى منصب عميد كلية هارفارد للأعمال في يناير 2021: "بإمكان الطلاب رؤية أنفسهم والمسارات المهنية في دراسات الحالة التي يدرسونها".

بيع آلاف الدراسات

توزع أفضل البرامج العليا دراسات الحالة الخاصة بها على الكليات الأخرى لشرائها من دور النشر، بما في ذلك "هارفارد بزنس ببليشينغ" (Harvard Business Publishing) و"كيس سنتر" (Case Center)، ومقره بجامعة كرانفيلد في بيدفوردشير، إنجلترا. ولدى كلية هارفارد، التي نشرت أول دراسة حالة لها في عام 1921، فهرس يضم حوالي 27 ألف دراسة حالة، بينما لدى "كيس سنتر" 68 ألف دراسة حالة، وجامعة ستانفورد حوالي 4 آلاف حالة في مجموعتها.

في مؤسسة "هارفارد بزنس ببليشينغ"، التي تشرف على دراسة الحالة للأعمال التجارية بالكلية، ارتفعت المبيعات بنسبة 23% للحالات الخاصة بالتنوع من يونيو 2020 إلى يونيو 2021.

اقرأ أيضاً: بسبب الوباء.. تزايد طلبات الالتحاق بكليات الأعمال حول العالم

ومن الجدير بالذكر أنه لا توجد بيانات محددة لدراسات الحالة المتعلقة بالتنوع، حيث لا تُصنف الحالات التاريخية بشكل عام وفقاً للجنس والعرق، لكن من المفهوم تماماً أن الرجال البيض يحتلون المركز الأبرز.

ساهمت المناقشة الوطنية حول التمثيل الناقص لذوي البشرة السوداء في المناصب الهامة، والتي حفزها مقتل الأمريكي جورج فلويد على يد شرطي في مايو 2020، في تشجيع كليات إدارة الأعمال -والتي تُعتبر مثل الصناعات التي يزودونها بقادة المستقبل- على تحسين مستوى التنوع، بما في ذلك دراسات الحالة.

تضمنت كل دورة دراسية مطلوبة في العام الأول بجامعة هارفارد حالة واحدة على الأقل مع طرف أسود اللون في العام الدراسي الماضي. ومن بين 160 دراسة حالة صادرة عن هيئة التدريس بجامعة هارفارد خلال الفترة ذاتها، كان أكثر من ثلث الدراسات يضم أطرافاً من خلفيات سوداء أو لاتينية أو آسيوية أمريكية أو خلفيات متنوعة أخرى، وهذه الجهود ستستمر. كما أن جامعة ستانفورد لديها 24 حالة جديدة تستند إلى قادة الأعمال السود، بينما تمتلك كلية لندن للأعمال 10 حالات متنوعة جارية.

يقول جان ريفكين، عميد مشارك أول ورئيس برنامج ماجستير إدارة الأعمال بجامعة هارفارد وأستاذ الإستراتيجية: "اجتمعت أمور عديدة بطريقة جيدة في وقت عصيب ومريع للغاية". وأضاف: "كان هناك طلب مباشر للغاية من قبل الطلاب واستجابة من قبل أعضاء هيئة التدريس".

دور للخرّيجين

كذلك، يشارك الخريجون في هذه الجهود أيضاً، حيث ساعد رايان غولدسبيري، وهو جزء من رابطة الخريجين السود في كلية إدارة الأعمال بجامعة ستانفورد، في توجيه عملية العثور على الأطراف اللازمة في دراسات الحالة، ليجد في النهاية حالة تتعلق ببيع سيارة مملوكة لامرأة سوداء في دايتون بولاية أوهايو. ويقول غولدسبيري: "نعمل باستمرار على تحديث المكتبة، وهذا منحنا فرصاً كثيرة يمكن الاعتماد عليها".

تواجه جهات النشر تحديات في تتبع وتحسين تنوع دراسات الحالة في فهارسها، حيث يبلغ عمر الآلاف من تلك الدراسات عقوداً زمنية، وسيستغرق التدقيق فيها وقتاً طويلاً، خصوصاً أن التنوع يختلف من سوق إلى آخر.

تعليقاً على الأمر، تقول إيلين ديسماريس، نائبة رئيس التعليم العالي في "هارفارد بزنس بابليشينغ": "الأمر دقيق. ففي الهند، ربما يكون التنوع متعلقاً بالدين أو الطائفة أو الطبقات الاجتماعية والاقتصادية".

حتى مع وجود تفويضات مثل تلك الخاصة بهارفارد لتدريس حالات متنوعة، فمن غير الواضح إلى أي مدى سيتقبلها الأساتذة في كليات إدارة الأعمال، وفقاً لميغيل أونزويتا، المدير المساعد الأقدم لبرنامج ماجستير إدارة الأعمال بجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس وأستاذ الإدارة والمنظمات. وأفاد بأن مطالبة الطلاب بالاستماع إلى قادة ليسوا من الرجال البيض تُعد ظاهرة حديثة، وتشكل "تحولاً بين الأجيال".

أقوى القصص

في الوقت ذاته، يمكن أن تكون القصص ذات الأطراف المتنوعة من أقوى القصص، ولها صدى لدى الطلاب بغض النظر عن جنسهم أو عرقهم. ومن بين 59 دراسة حالة كتبها توني مايو، كبير المحاضرين في جامعة هارفارد -بما في ذلك دراسات عن ستيف جوبز وبيل غيتس- ثمة واحدة جذبت الانتباه. وهذه الحالة خاصة بروزاليند فوكس، أول مديرة مصنع سوداء في شركة "ديري آند كو" (Deere & Co)، التي تصنع الآلات الزراعية، حيث نتج عنها أكبر عدد من رسائل البريد الإلكتروني والتعليقات خارج الفصل الدراسي، حسبما قال مايو.

قدّمت جامعة هارفارد حالة فوكس في سبتمبر 2020، وهي مدرجة في برنامج توجيه ماجستير إدارة الأعمال المطلوب بالمدرسة. وبالإضافة إلى عمل فوكس، يستمع الطلاب لتجربتها الشخصية في العيش في بلدة ويسكونسن التي يبلغ عدد سكانها 6000 نسمة، حيث شعرت بالعزلة.

وتقول فوكس في مواد دراسة الحالة: "لطالما شعرت بأن الأضواء مسلطة علي. سواء كان ذلك عند ذهابي إلى الكنيسة، أو متجر البقالة، أو صالة الألعاب الرياضية، أو أي أنشطة خارجية. كان علي أن ألزم الحذر الشديد في التعامل مع الآخرين".

تم اقتراح حالة فوكس من قبل إحدى الطالبات آنذاك، سينا بيل، التي أرادت رؤية المزيد من الموضوعات التي تشبهها. وتقول بيل، التي تخرجت من جامعة هارفارد في عام 2019 وأشرفت عليها فوكس في شركة "ديري": "أردت أن أقوم بدوري في محاولة اكتشاف كيف يمكننا الحصول على تمثيل أكثر تنوعاً لكل من أطراف القضية السوداء والنساء على حد سواء".

وقدمت جامعة هارفارد، تاران سوان، وهي من أصحاب البشرة السوداء، في دراسة حالة تتعلق بتجربتها كمديرة عامة في "نيكلوديون أمريكا اللاتينية" (Nickelodeon Latin America) التي قُدمت في عام 1999، وسوان لا تزال تستمع بانتظام لطلاب مستلهمين من قصتها.

تقول سوان، البالغة من العمر 60 عاماً، وهي شريك إداري مشارك في شركة "بارادوكس ستراتيجيز" (Paradox Strategies)، وهي شركة استشارية تركز على القيادة والتنوع: "لدي الكثير من الرجال البيض". وأضافت: "يتردد صدى الشركة لدى النساء والأشخاص الملونين، لا سيما لأن أسلوبي شامل في وقت لم يكن فيه الشمول يمثل شيئاً".