دبي جاهزة لـ"إكسبو"... كيف عَزلت المدينة "كورونا" واستعدت للحدث العالمي؟

إكسبو 2020 حدث عالمي طال انتظاره في دبي
إكسبو 2020 حدث عالمي طال انتظاره في دبي المصدر: أ.ف.ب
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يرسم الضجيج في وقت الغداء في مركز دبي المالي صورة واضحة لكيفية تعامل المدينة مع جائحة فيروس كورونا، فقد عاد رجال الأعمال للنشاط على قدم وساق، وأصبح الحجز المسبق ضرورة في بعض المطاعم، والسيارات الرياضية الفاخرة تجتاح مداخل الفنادق ذات الخمس نجوم بالمنطقة، وهو ما يرسم صورة مغايرة تماماً لمواقف السيارات الخالية في العام الماضي والمساحات المكتبية الشاغرة.

تسعى دبي لعرض أي شيء عاد لطبيعته في عام 2021، فقد تم استئناف السياحة الدولية منذ أكثر من عام، ولدى المدينة قواعد متساهلة نسبياً لمكافحة انتشار "كوفيد 19"، وذلك بفضل حقيقة أن الإمارات، ودبي كجزء منها، واحدة من أكثر دول العالم تلقيحاً. وفقاً لمتتبع اللقاحات الذي ترصده "بلومبرغ"، حيث تم تطعيم حوالي 75% من السكان البالغين في الدولة بشكل كامل.

الآن، ومع اقتراب افتتاح معرض "إكسبو العالمي" أمام ملايين الزوار، والذي سيقام في ضواحي المدينة في الفترة من 1 أكتوبر حتى 31 مارس، بعدما تم تأجيله لمدة عام بسبب الوباء؛ تتوقع دبي أن تجتذب 25 مليون زائر. ويبلغ حجم الموقع المخصص للمعرض ما يعادل 600 ملعب كرة قدم مليء بتصميمات معمارية تمثل 190 دولة حول العالم.

تم تصميم جناح الإمارات العربية المتحدة في المعرض من قبل "سانتياغو كالاترافا" وهو نموذج لصقر يُحلق أثناء الطيران؛ بينما الجناح الكندي عبارة عن حلقة شاهقة مصنوعة من شبكة خشبية ويتوسطها "مسرح 360 درجة"؛ كما أقامت هولندا مزرعة عمودية على شكل مخروطي.

اقرأ أيضاً: لا حاجة للقاح أو "PCR".. دبي لا تدّخر جهداً لإنجاح إكسبو 2020

وخلال الحدث، سيُطلب من الزوار الالتزام بالقواعد المماثلة التي تنطبق عند دخول البلد، حيث يمكنهم إما إظهار بطاقات اللقاح أو اختبارات PCR السلبية التي يتم إجراؤها في غضون 72 ساعة. (للقادمين من خارج الدولة، يجب تقديم نتيجة سلبية للأشخاص الملقحين أيضاً، وتطبق أحكام أكثر صرامة على القادمين من بلدان معينة، بما في ذلك الاختبارات التي تكون صالحة فقط لمدة 48 ساعة، وكذلك حجر صحي حتى ظهور سلبية المسحة الثانية التي يتم أخذها في المطار).

يظل الأمل في أن تتمكن دبي من الحفاظ على سجلها الجيد، حيث تسجل الإمارات العربية المتحدة بأكملها حالياً أقل من 500 إصابة جديدة يومياً، حتى لو كانت حشود "إكسبو" فلكية كما تأمل المدينة.

اقرأ أيضا: سوق الوظائف في دبي تتألق مع طيّها صفحة كورونا

تستهدف دبي من الدعاية القوية للحدث، مضاعفة أعداد السياحة. كما أن إجراءات الصحة العامة السهلة وعدد الحالات المنخفض يجذب أيضاً المسافرين من رجال الأعمال ورواد المؤتمرات والمصطافين في أوقات الفراغ.

وبعد تسجيل ما يقرب من 17 مليون زائر دولي في عام 2019، تتوقع دبي أن يمر 27 مليون شخص عبر المدينة في عام 2021، وهو هدف لا يزال بعيد المنال، مع ما يقرب من 3 ملايين زائر في الأشهر السبعة الأولى من العام، وأكثر من 50 مليون في عام 2022.

مشهد تناول الطعام

صمد مشهد تناول الطعام في دبي بشكل ملحوظ خلال فترة الوباء. وبصرف النظر عن الإغلاق على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع في شهر أبريل 2020، فقد ظلت مناطق الطهي الساخنة في المدينة مفتوحة الأبواب إلى حد كبير، وإن كان ذلك من خلال التباعد الاجتماعي والالتزام بالقناع. كما دخل العديد من مطاعم الأكل الفاخر لعبة التوصيل، حيث تقدم للزوار وجبات من ثمانية أنواع مختلفة عبر دراجة نارية.

وحالياً، أصبحت بطاقات اللقاح مطلوبة فقط إذا كنت جالساً في حانة، فيما قامت الحكومة بتحديد طاولات المطاعم المخصصة للحفلات بـ10 طاولات، ومن المعروف أن المسؤولين يفرضون غرامات باهظة على المؤسسات التي تنتهك القواعد، لذلك كان تنفيذ تلك الالتزامات موثوقاً به في جميع أنحاء العالم.

ومع ذلك، فإن هذه القواعد تخضع لتغييرات دورية، كما هي في كل مكان. وتسمح التحديثات الأخيرة للمطاعم والمقاهي بفتح أبوابها حتى الساعة الثالثة صباحاً، وهو الوقت الذي كانت تغلق فيه عادةً قبل تفشي فيروس كورونا، بجانب تقليل متطلبات مسافة التباعد الاجتماعي إلى 1.5 متر من 2 متر.

اقرأ أيضا: مطارات دبي تتوقع تضاعف عدد الزوار في عام 2022

مع خروج دبي من أشهر الصيف المليئة بالرطوبة، أصبحت المطاعم المطلة على الشاطئ مثل "فولي" FOLLY التابع لـ"نيك أند سكوت وتاسكا"، حيث يعد هذا الأخير أول افتتاح للشيف خوسيه أفيليز، ويتميز بمقاعد حول مسبح الطابق السادس في فندق "ماندارين أورينتال" Mandarin Oriental، وإطلالات على برج خليفة، وقائمة من الطعام البرتغالي الرائع، فيما يتميز "أمازونيكو" Amazonico ، في المركز المالي الفخم في دبي ، بشرفة خارجية متعددة المستويات تشبه الغابة، مع أطباق بيروفيّة ويابانية. واذا كانت تهوى المغامرة فيمكنك الذهاب إلى "بيورتو 99" Puerto 99، وهو مطعم مكسيكي في أحدث جزيرة من صنع الإنسان في دبي "بلووترز".

خيارات عودة السياحة

تشهد السياحة انطلاقة كبيرة في دبي، وهو ما يُترجم إلى الكثير من الخيارات الممتزجة بالحذر من فيروس "كوفيد".

إذا كنت لا تزال قلقاً من كوفيد: فإن التجول في منطقة الكرامة السكنية يتيح للزوار فرصة رؤية اندماج دبي القديمة والجديدة، مع الشوارع التي تصطف على جانبيها اللوحات الجدارية والمقاهي التقليدية القديمة. وفي المساء، يمكنك التمتع بالمناظر الخلابة عبر نزهة على طول ممر القناة من الخليج التجاري إلى جميرا للتممتع بأفق المدينة مع حركة سير أقل بكثير من وسط مدينة دبي.

تقدم الكثير من الشركات السياحية رحلات بحرية ليلية ورحلات في الصحراء، وهما طريقتان إضافيتان للاسترخاء للاستمتاع بالمناظر المحيطة دون أن تطأ قدمك في الداخل.

إذا كنت بحاجة إلى عودة لطيفة: تمنح منطقة الفهيدي التاريخية الزائرين للمرة الأولى طعم دبي القديمة؛ و تعرض أزقتها العمارة الحجرية وأخشاب النخيل التي كانت موجودة قبل فترة طويلة من ظهور ناطحات السحاب. وفي كل الأسواق بجميع أنحاء المنطقة والأسواق في أنحاء "خور دبي"، يمكن للزوار التسوق والتفاوض في الأسعار بدءاً من الذهب إلي التوابل والسجاد، حيث ستجد مزيجاً من المتاجر والأكشاك في الهواء الطلق، وتجنب ازدحام منتصف النهار إذا كنت لا ترغب في ذلك.

وربما يكون الشعور أكثر حداثة على امتداد منطقة الفنون، ففي "السركال أفينو"، وهو المكان المخصص للمعارض الفنية والمقاهي العصرية، يمكنك قضاء معظم اليوم في استكشاف هذا المركز الذي يتميز بالثقافة المعاصرة، والتوقف في سينما "عقيل" لمشاهدة الأفلام في الهواء الطلق وساحة "A4"، وهو مكان يجمع بين المتاجر ذات مفهوم موجه نحو الاستدامة وجلسات استراحة مجتمعية.

اقرأ أيضا: دبي تتوقع نمو اقتصادها بنسبة 3.1% في العام الجاري وارتفاعه لـ 3.4% في 2022

إذا كنت تريد الشعور بأن الوباء لم يحدث أبداً: جَذَب، النادي الشاطئي "بلا بلا" الواسع في "جميرا بيتش ريزيدنس" بدبي، المئات (وأحيانًا الآلاف) لحفلات نهاية الأسبوع، مع غرف ذات طابع خاص و"دي جي" وفرق موسيقية حية، وتكاد تكون أقنعة الوجه بعيدة عن المراقبة، على الرغم من أن الموظفين يراقبون الرقص الصاخب.

بالطبع هناك معرض "إكسبو دبي"، وهو مشروع بمليارات الدولارات يهدف حرفياً إلى "توحيد العالم". سيصبح يوم الافتتاح، في أول أكتوبر، أحد أكبر الأحداث التي يحضرها الأشخاص مباشرة منذ بدء الوباء، حيث يتدفق المتفرجون المتطلعون إلى مئات الأجنحة التي تمثل موضوعات الاستدامة والتنقل والفرص. سيحتوي الجناح المصري على تماثيل فرعون قديمة أصلية، في حين أن "منطقة التنقل" ستسمح للزوار بتجربة المركبات ذاتية القيادة ومعرفة ما يعمل عليه مهندسو الطيران من أجل الجيل القادم من الطائرات.

كيف يمكن التجول في دبي

في معظم أوقات العام، لا تعد دبي مدينة يسهل المشي فيها، وذلك بسبب درجات الحرارة التي تصل إلى 120 درجة فهرنهايت (49 درجة مئوية)، ولكن سواء كنت مستخدماً حافلة أو سيارة أجرة أو مترو أو سيارتك، فقد حرصت الحكومة على التزام الركاب والسائقين بقواعد صارمة. و تتطلب سيارات الأجرة وخدمات النقل من كل شخص في السيارة ارتداء قناع الوجه، ويُسمح بثلاثة أشخاص كحد أقصى لكل رحلة.

واختفت الحواجز الشبيهة بالزجاج الشبكي في سيارات الأجرة في الغالب؛ وتتبع معظم المركبات الآن تكليفاً بسيطاً بالقناع، كما منتجات التعقيم موجودة أيضاً في جميع مركبات النقل العام.

اقرأ أيضا: "مورغان ستانلي" و"نومورا": حان وقت الرهان على سياحة دبي

في المترو، يسير الوضع كالمعتاد، وإذا كان هناك أي شيء جديد فهو زيادة الخطوط، حيث ستمتد الخدمة إلى ضواحي المدينة في أول أكتوبر، لمساعدة الزوار على الوصول إلى موقع "إكسبو"، ويستغرق الوصول إلى منطقة إكسبو من محطة "مرسى دبي" حوالي 15 دقيقة.

يمكنك القيام بتنزيل تطبيق هيئة الطرق والمواصلات (RTA) في دبي إذا كنت تخطط لركوب المترو، حيث يتيح لك إضافة الأموال إلى البطاقات التي تعتمد على رصيدها في المرور بين محطات المترو، ما يقلل من عمليات الاتصال البشري على طول الطريق.

آداب كوفيد التي طال أمدها

البس قناعاً. في جميع أنحاء المدينة، ستجد كل شخص يرتدي واحداً في جميع الأماكن العامة في الداخل والخارج، بما في ذلك مراكز التسوق والفنادق والمطاعم. (هناك استثناءات للأكل والشرب وممارسة الرياضة في الهواء الطلق). يمكن أن تصل الغرامات المفروضة على عدم الالتزام بقاعدة ارتداء القناع إلى آلاف الدولارات، ولتجنب الارتباك، يُطلب من الأماكن العامة تقديم إشارات توضح المكان الذي تحتاج فيه إلى ارتداء القناع.

بعد مرور عامين تقريباً على انتشار الوباء، يختار الناس التحية عبر قبضة اليد أو يحيون بعضهم البعض لفظياً. و يمكن للجميع أن يتفق على أن الاتصال البشري في دبي، في الوقت الحالي، ربما أصبح شيئاً من الماضي.