النفط سيحظى بشتاء جيد.. وليس المستهلك

أغلب التوقعات تصب في صالح منتجي النفط من ناحية أسعار الخام في الشتاء المقبل. لكن ذلك سيمثل ضربة أخرى للمستهلكين الذين يعانون بالفعل من ارتفاع أسعار الغاز وتكاليف الكهرباء
أغلب التوقعات تصب في صالح منتجي النفط من ناحية أسعار الخام في الشتاء المقبل. لكن ذلك سيمثل ضربة أخرى للمستهلكين الذين يعانون بالفعل من ارتفاع أسعار الغاز وتكاليف الكهرباء المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تنحسر مخاوف حدوث تخمة نفط، إذ يوشك الطلب الأقوى، والمعروض المنخفض على رفع أسعار الخام. سيكون الشتاء القادم جيداً لمنتجي النفط، لكنَّه سيمثِّل ضربة أخرى للمستهلكين الذين يعانون بالفعل من ارتفاع أسعار الغاز، وتكاليف الكهرباء.

بدأت أثار الارتفاع المفاجئ في أسعار الغاز الطبيعي، الذي تضمَّن صعود تكاليف الإمدادات المسالة وشحنات خطوط الأنابيب إلى الأسواق الأوروبية إلى مستويات قياسية، في الظهور في سوق النفط. يسعى المستهلكون إلى الابتعاد عن الغاز الطبيعي الباهظ الثمن، ويلجؤون إلى النفط الأقل تكلفة بشكل طفيف.

تتوقَّع مجموعة "فيتول"، أكبر متداولة نفط مستقلة في العالم، أن يعزز تغيير الوقود الطلب على النفط بحوالي نصف برميل يومياً في الشتاء الجاري. وترى "فاكتس غلوبال انرجي" الاستشارية زيادة مماثلة، في ظلِّ بحث الشاحنات الصينية، ومولِّدي الكهرباء، ومصافي البترول حول العالم عن بدائل أرخص من الغاز الذي يستخدمونه حالياً. وتتوقَّع منظمة الدول المصدِّرة للبترول تأثيراً أقل، وتقدِّر الطلب الإضافي خلال الفصلين المقبلين عند 370 ألف برميل يومياً.

ويرى "دويتشه بنك" أنَّ ارتفاع أسعار الغاز، والكهرباء، والفحم سيخلق إمكانية تغيير الوقود في محطات توليد الكهرباء في الشتاء القادم. ومع ذلك؛ أشار البنك إلى أنَّ القدرة على فعل ذلك في أوروبا محدودة.

وقد لا تبدو هذه الأرقام ضخمة، لكنَّ الطلب على النفط سيتلقَّى دفعة أخرى في الشهور المقبلة.

سيعطي قرار الولايات المتحدة مؤخَّراً بالسماح للزوار من أوروبا وبريطانيا بدخول الدولة اعتباراً من نوفمبر دفعة تشتد الحاجة إليها لقطاع الطيران عبر المحيط الأطلسي. وكان السفر الجوي لمسافات طويلة أحد آخر قطاعات الطلب على النفط تعافياً من وباء كوفيد-19. و ماتزال الرحلات الجوية التجارية أقل بنسبة 20% من المستويات المماثلة لعام 2019، بالرغم من تجاوز الازدحام المروري، والطلب على وقود الطرق مستويات ما قبل الإغلاق. وتقدِّر شركة "جيه بي سي انرجي" (JBC Energy) الاستشارية الزيادة في الطلب على وقود الطائرات في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام بنحو 400 ألف برميل في اليوم.

ليست المراجعات الصعودية لتوقُّعات الطلب فقط، هي التي سترفع أسعار النفط؛ وإنَّما يلعب جانب العرض دوراً أيضاً.

ضرب إعصار "أيدا" رقعة النفط في خليج المكسيك في نهاية شهر أغسطس، قبل أن يأخذ مساره المدمِّر نحو الولايات المتحدة. وأجبر في البداية الشركات على وقف إنتاج النفط أكثر من أي عاصفة سابقة، مما قلَّص 30 مليون برميل من إنتاج المنطقة مقارنة بالشهر الذي يسبقه. وهذا هو الرقم نفسه الذي فُقد خلال فترات مماثلة لعاصفتين كبيرتين -كاترينا وريتا في عام 2005، وغوستاف وآيك في عام 2008- إذ ضربتا الخليج منذ أن أصبحت منطقة رئيسية لإنتاج النفط.

لم ينتهِ تأثير "أيدا" بعد. وسيظل الإنتاج أقل من المعتاد بنحو 300 ألف برميل يومياً؛ إذ تعمل شركة "رويال داتش شل" على إصلاح محطة نقل "ويست دلتا -143"، التي تتعامل مع النفط الخام من منصات "مارس"، و"أورسا"، و"أوليمبوس". ولن يتم استعادة التدفُّقات بالكامل حتى أوائل العام المقبل.

اقرأ أيضاً: منتجو النفط يستمتعون بهدوء ما قبل عاصفة 2022

ومن المرجح أيضاً أن تكون مساهمة "أوبك" مع حلفائها في الإمدادات مخيبة للآمال، و برغم تخطيط المجموعة لزيادة الإنتاج بمقدار 400 ألف برميل يومياً كل شهر. ومن المتوقَّع أن يتفق على الزيادة لشهر نوفمبر روتينياً عندما تجتمع المجموعة عبر الفيديو في 4 أكتوبر؛ إذ إنَّ العديد من أعضائها لم يتمكَّنوا من زيادة الإنتاج، بما يتماشى مع أهدافهم المتزايدة.

ومن بين هؤلاء المنتجين دول غرب أفريقيا (أنغولا ونيجيريا)، إذ تسير معدلات الإنتاج في الاتجاه المعاكس،.كما أثيرت شكوك حول قدرة روسيا على زيادة الإنتاج بعد ركوده منذ إبريل برغم زيادة الحصة المسموحة للدولة.

شركة النفط الأنغولية خسرت 3 مليارات دولار في عام 2020 "غير الطبيعي"

النفط سيرتفع إلى 90 دولاراً إذا جاء شتاء أكثر برودة من المعتاد

ستؤدي الزيادات في الأهداف المخطط لها لبقية العام إلى زيادة الإنتاج السعودي والروسي (أكبر الأعضاء في مجموعة "أوبك+") إلى أكثر من 10 ملايين برميل يومياً، وهذا يقترب جداً من مستويات الذروة قبل الوباء، خاصة بالنسبة للسعودية.

وهناك إيران. فقد تبخَّرت تقريباً كل التوقُّعات بزيادة صادرات النفط الإيرانية قبل نهاية العام. وتقول حكومة طهران الجديدة، إنَّ المحادثات النووية مع القوى العالمية الست ستستأنف في "الأسابيع القليلة المقبلة"، لكن من غير المرجح أن يؤدي ذلك إلى انفراجة في الوقت المناسب لبدء زيادة الإنتاج العام الجاري.

إذا جمعنا كل مؤشرات الطلب القوي والعرض الضعيف معاً؛ لن يكون من الصعب معرفة سبب وصول خام برنت القياسي إلى أعلى مستوى في ثلاث سنوات تقريباً، واتجاهه نحو 80 دولاراً للبرميل، ولولا المخاوف بشأن التضخم، وتقليص إجراءات التحفيز الاقتصادي، لكنَّا بالتأكيد قد تجاوزنا هذا المستوى بالفعل، لذا كن مستعداً للدفع أكثر مقابل القيادة، بالإضافة إلى البقاء دافئاً، هذا الشتاء.

نفط