دبي تعلّق آمالها على "إكسبو 2020" لإنعاش السياحة وجذب الاستثمار للعقار

من حفل افتتاح "إكسبو 2020"
من حفل افتتاح "إكسبو 2020" المصدر: غيتي إميجز
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

بعد عام من التأجيل بسبب كورونا، افتتحت دبي "إكسبو 2020"، البالغ حجم الاستثمار فيه 7 مليارات دولار، على مساحة تساوي 600 ملعب كرة قدم.

عقب إمضاء سنوات بالتحضير لهذا الحدث، تأمل المدينة أن يجذب المعرض، الذي يضم سيارات ذاتية القيادة، وجناحاً على شكل صقر يُحلِّق، وآخَر به نعش فرعون أصلي، عدداً كافياً من السياح للمساهمة بترسيخ انتعاشها الاقتصادي.

يستهدف الحدث، المنعقد لأول مرّة في مدينة عربية، ويمتدّ من 1 أكتوبر 2021 حتى 31 مارس 2022، تحقيق 25 مليون زيارة. وفي الوقت الذي أدّت فيه قيود السفر إلى إبطاء الأعمال في المدن التي تُعَدّ مراكز مالية عالمية، فقد يساعد "إكسبو" الذي يستمر ستة أشهر في إنشاء نموذج للآخرين يمكن الاقتداء به.

نظرة بعيدة

لا شك أن تدفق السياح سيفيد المدينة، كون ثلث اقتصادها يتكوّن من قطاعات الضيافة وتجارة الجملة والتجزئة.

ومع اقتراب الحدث "زاد الطلب بشكل ملحوظ على فنادقنا، لاسيما القريبة من موقع المعرض، إذ بلغت نسبة الإشغال نحو 90%"، حسب هيثم مطر، رئيس مجموعة فنادق "إنتركونتيننتال" للشرق الأوسط والهند وأفريقيا.

لكن الأهم هو الطلب المستقبلي، الذي ارتفع بنسبة 20% لأشهر أكتوبر إلى ديسمبر 2021 مقارنةً بالفترة عينها من 2020.

وفي حين ارتفعت الأسعار بنحو 25% عن العام الماضي، يشدّد مطر على "أهمية النظر إلى المدى البعيد واحترام لعبة التسعير وعدم انتهاز الفرص، فصحيح أن "إكسبو" هو لمدّة ستة أشهر لكن علينا أن نتطلّع إلى الاستدامة"، منوّهاً بارتفاع ثقة المستثمرين، إذ افتتحت "إنتركونتيننتال" خلال هذا العام فندقي "ستاي بريدج سويتس" في مدينة دبي للإنترنت، وفي مركز دبي المالي العالمي، وهي تلبّي طلبات شريحة زوّار "إكسبو".

ويكشف عن استعادة شركته لفندقي "هوليداي إن" و"ستاي ريدج سويتس" قرب مطار آل مكتوم، بعد أن استخدمتهما حكومة دبي لحجر المسافرين في ذروة جائحة كورونا.

تحت المجهر

لم تشهد حجوزات الفنادق تصاعداً كبيراً حتى الآن، وفق مأمون حميدان، مدير عام شركة "ويغو" (Wego) بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا والهند. لكن في المقابل شهد موقع "Wego" زيادة كبيرة في عمليات البحث عن رحلات طيران إلى دبي لفترة "إكسبو"، وصلت إلى 365 ألف بحث خلال الأسبوع الأخير قبل انطلاق الحدث، أي بزيادة 1000% عن الأسبوع الأخير من شهر أغسطس. وعادةً ما يقوم نحو 7% من الذين يُجرون عمليات بحث بحجوزات فعلية.

وبينما يلاحظ حميدان انخفاضاً في أسعار تذاكر السفر بالمقارنة مع نفس الفترة من العام الماضي، وذلك بسبب زيادة العرض وعودة شركات الطيران لاستئناف رحلاتها من وإلى دبي، فإن أسعار الفنادق في المدينة "ارتفعت بأكثر من 20% مقارنة بالشهر الماضي، وبنحو 55% عن سبتمبر 2020"، كما يقول.

تهدئة السوق

يرى تيمور خان، رئيس الأبحاث في شركة "سي بي آر إي" (CBRE)، أن تأثير "إكسبو" سيكون متفاوتاً حسب القطاعات، فقطاع الضيافة سيشهد حتماً ارتفاعاً بمعدلات إشغال الفنادق، التي بلغت 60% منذ بداية العام حتى أغسطس.

أما القطاع العقاري فهو "مرشح للاستفادة على المدى الطويل، بفعل ارتفاع الطلب على المكاتب من قِبل الشركات الدولية لاتخاذ دبي مقراً إقليمياً لها. وهذا الأمر سيعكس بدوره طلباً متزايداً على السكن"، وفق توقعات خان.

وستتحول منطقة "ديستريكت 2020"، التي تحتضن فاعليات الحدث، إلى وجهة جديدة للأعمال والتجارة في دبي خلال 5 سنوات، إذ وقّعت شركة "سيمنز" (Siemens) الألمانية عقداً لمدّة 10 سنوات لاستئجار مكاتب بمساحة 11 ألف متر مربع في "ديستريكت 2020"، وكذلك الأمر بالنسبة إلى شركة "أكسنتشر" (Accenture) الأيرلندية المتخصصة بمجال الحلول الرقمية للشركات الكبرى، وشركة "أطلس كابيتال" (Atlas Capital)، مقرها شنغهاي، التي ستبني حرم "بلوكتشين".

وبشكل عام، هناك في دبي فائض بالمعروض من الوحدات السكنية، لكنّ المطورين أصبحوا أكثر إدراكاً بأن من مصلحتهم تهدئة السوق، وهو الأمر الذي أسهمت فيه الحكومة بشكل مباشر من خلال منعها إطلاق مشاريع جديدة للمدى المنظور.

المدينة الخضراء

عندما فازت دبي بتنظيم "إكسبو" أواخر 2013، شهد قطاع العقارات وثبة قوية، وكنّا نتوقّع وثبة مماثلة مع قرب انطلاق المعرض، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن، حسب فيصل دوراني، الشريك ورئيس الأبحاث في شركة "نايت فرانك" (Knight Frank) للشرق الأوسط.

لكنه يشير إلى شريحة من السوق تشهد أداءً لافتاً، تتمثل بالمساكن الفخمة التي تفوق قيمة كل منها 10 ملايين دولار، إذ جرى تسجيل 54 صفقة في هذا القطاع خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، فيما كان الرقم القياسي السابق 31 صفقة في عام الذروة العقارية 2015.

ويعزز موقع "ديستريكت 2020"، قرب مطار آل مكتوم ومنطقة جبل علي الحرّة وعلى خط قطار الاتحاد لشبكة السكك الحديدية الخليجية، من إمكانات تحوله إلى مدينة جديدة.

إلى ذلك، فإن كل مباني "ديستريكت 2020" هي مبانٍ "خضراء"، والمستثمرون حول العالم، لاسيما المؤسسات، يتطلعون إلى مثل هذه المباني. وتجدر الإشارة إلى أن دبي تضم 700 مبنى "أخضر" مصنف فئة أولى، مقابل 3000 في لندن.

ويستشهد تقرير لشركة "نايت فرانك" بمنطقة بر دبي كمثال على وجود فجوة متنامية بين جودة المخزون المتاح وما تريده الشركات، فقد أسهمت هذه الفجوة في انخفاض الإيجارات بنسبة 20% خلال الأشهر الـ12 الماضية في بر دبي.

حركة السوق

يتفق خوار خان، رئيس الأبحاث في شركة "جي إل إل" (JLL) للشرق الأوسط وشمال أفريقيا وتركيا، مع الرؤية المتعلقة بمنطقة "ديستريكت 2020"، معتبراً أنها صُممت لتكون مدينة للمستقبل.

أمّا في ما يتعلّق بانعكاس "إكسبو 2020" على قطاع السياحة، فمن المبكر برأيه تحديد ذلك بدقّة، لكنه يُفصح بأن نسبة إشغال الفنادق منذ بداية العام حتى شهر مايو بلغت 58%، ومتوسط سعر الغرفة لليلة واحدة 147 دولاراً، لافتاً إلى أن 12 ألف غرفة فندقية جديدة ستدخل السوق في النصف الثاني من العام، لتُضاف إلى 137 ألف غرفة تضمها دبي حالياً.

بالنسبة إلى القطاع العقاري، يُفيد خان بأنّ الصفقات التي جرت خلال شهرَي يونيو وأغسطس تحديداً من هذا العام كانت الأعلى على أساس شهري منذ 2013، كاشفاً عن إضافة 36 ألف وحدة سكنية جديدة إلى سوق دبي العقارية في النصف الثاني من 2021.

فوائد متراكمة

تجنّبت دبي عمليات الإغلاق قدر المستطاع، ما أبقى اقتصادها مفتوحاً. كما أن دولة الإمارات طعّمت أكثر من 80% من سكانها بلقاح كورونا، فانخفضت معدلات الإصابة بالفيروس بشكل كبير.

مع ذلك، يُحذّر جيمس سوانستون، الاقتصادي في "كابيتال إيكونوميكس" (Capital Economics)، في حديث لوكالة "بلومبرغ"، من أنّ الآثار طويلة المدى قد "تفشل في الارتقاء إلى مستوى آمال صانعي السياسة"، الذين يأملون أن يشجع المعرض مزيداً من الأثرياء إمّا على الانتقال إلى المدينة، أو على اتخاذها مسكناً ثانياً لهم.

بدوره، يرى سكوت ليفرمور، كبير الاقتصاديين في "أكسفورد إيكونوميكس" (Oxford Economics) الشرق الأوسط، أنه "رغم أن الإقبال على المعرض هو أكثر علامات النجاح وضوحاً ويسهل قياسها، لكنّ هناك فوائد غير مباشرة يصعب تقديرها ستتراكم على مدى عدد من السنوات. وفي مقدمها التسويق لدبي كمكان نموذجي للعيش والعمل والاستثمار".

دليل زيارة المعرض

يتعيّن على الزوار، من عمر 18 سنة وما فوق، تقديم ما يثبت تلقيهم اللقاح المضاد لكورونا، أو إبراز نتيجة فحص سلبية للفيروس، كما يُفرَض عليهم ارتداء الكمامات والتزام قواعد التباعد الاجتماعي، فيما ستنتشر الكاميرات الحرارية ومحطات التعقيم في كل أرجاء الموقع البالغة مساحته 4.38 كيلومتر مربع.

كما تُستخدم أيضاً الروبوتات والتكنولوجيا للمساعدة في التفاعل مع الزوار، لاسيما لتنظيم الاصطفاف في الطوابير وإصدار تذاكر الدخول. كما حصل جميع الموظفين العاملين في موقع "إكسبو" على جرعتين من اللقاح، وستتوفر في الموقع مراكز للتطعيم وإجراء الفحوصات. وسيحصل موظفو حكومة دبي على ستة أيام إجازة لزيارة الحدث.

المعرض سيوفر للزوار ما يُسمّى بـ"جواز سفر إكسبو" مقابل 20 درهماً، الذي صُمِّم ليحتفظ بسجلّ لرحلتهم في أثناء استكشافهم الأجنحة المشاركة. ويشبه جواز المعرض ذو اللون الأصفر جوازات السفر الحقيقية، إذ لكل منها رقم فريد وصفحة لإدراج التفاصيل والصورة الشخصية.

أما تذاكر الدخول فتتراوح أسعارها من 95 درهماً لتذكرة اليوم الواحد إلى 495 درهماً للتذكرة الموسمية التي تتيح لحامليها دخول الحدث بشكل غير محدود على مدار 6 أشهر. كما تتوفر أيضاً باقات تذاكر تسمح بدخول أكثر من زائر واحد، ويتراوح سعرها من 950 درهماً إلى 10 آلاف درهم لـ"باقة اليوبيل" الأكثر تميزاً بين التذاكر.

وتتوفر التذاكر مجاناً لمن هم من فئات كبار السن فوق الـ60 عاماً، وللطلاب ممن تتراوح أعمارهم بين 6 و17 عاماً، وذوي الاحتياجات الخاصة.