ينبغي على "أوبك +" القلق من نقص النفط لا فائضه

الأمير عبد العزيز بن سلمان آل سعود وزير الطاقة السعودي يصل إلى الاجتماع 178 لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في فيينا، النمسا
الأمير عبد العزيز بن سلمان آل سعود وزير الطاقة السعودي يصل إلى الاجتماع 178 لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) في فيينا، النمسا المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يواصل تحالف منتجي النفط المعروف بـ"أوبك +" التأكيد على نهجه المرن في إعادة التوازن لسوق النفط، ومع اختبار الأسعار لمستوى 80 دولارا للبرميل، ينبغي أن تتضمن تلك المرونة زيادة كمية النفط المخطط لضخه في الأشهر المقبلة.

ومن المقرر أن يجتمع وزراء النفط من منظمة الدول المصدرة للنفط وحلفائها في مؤتمر عبر الفيديو يوم الاثنين للاتفاق على مستوى الإنتاج في نوفمبر. ووضعت المجموعة بالفعل برنامجاً للزيادات والذي سيشهد ارتفاع إنتاجهم مجتمعين بمقدار 400 ألف برميل يومياً كل شهر حتى استعادة كل الإنتاج الذي قاموا بخفضه العام الماضي.

اقرأ المزيد: "أوبك بلس" تبحث زيادة الإنتاج بأكثر من 400 ألف برميل الاثنين المقبل

لكن يتعين عليهم بذل المزيد من الجهد لممارسة تلك المرونة التي يواصلون التأكيد عليها، ويرى محللوهم، الذين قدموا النتائج التي توصلوا إليها إلى اللجنة الفنية للمجموعة الأسبوع الماضي، استمرار انخفاض المخزونات العالمية خلال الشهرين المقبلين، قبل أن تتحول إلى الاتجاه المعاكس في أوائل العام المقبل.

ويمكن مسامحة الوزراء عند النظر إلى الرسم البياني أعلاه والاستنتاج بأن فائض العرض في العام المقبل يمثل مصدر قلق أكبر من النقص المتوقع في أكتوبر ونوفمبر، لكن هناك بعض الأرقام الغريبة جداً وراء تلك التوقعات.

وتعد أرقام الإنتاج في الدول غير الأعضاء بتحالف "أوبك+" غريبة حقاً، إذ زاد إنتاجهم بمقدار 700 ألف برميل يومياً بين أغسطس وسبتمبر، ولكن من أين أتى ذلك؟ نحن نعلم أن الإنتاج في الولايات المتحدة - وهي أكبر عضو في تلك المجموعة إلى حد بعيد - ذهب في الاتجاه المعاكس الشهر الماضي، بسبب الأضرار الناجمة عن إعصار إيدا.

سياسة إنتاج "أوبك +" المحرك الرئيسي لأسعار النفط في الشهور المقبلة

تشير البيانات الأسبوعية إلى انخفاض إنتاج الولايات المتحدة في سبتمبر على أساس شهري بنحو 550 ألف برميل يومياً، ما يعني أن بقية المجموعة يجب أن تكون قد رفعت المعروض برقم مذهل عند 1.25 مليون برميل يومياً، فهل هذا معقول حقا؟

بحلول نهاية سبتمبر، كان إعصار إيدا مسؤولاً عن خسارة حوالي 32 مليون برميل من الإنتاج من خليج المكسيك، وفقا لأرقام وزارة الطاقة الأمريكية، وهذا ليس بعيداً عن زيادات إنتاج "أوبك +" لفترة شهرين - بافتراض أنه يمكنهم إضافة 400 ألف برميل يومياً كل شهر، وهو أمر مشكوك فيه، وستستمر اضطرابات الإمدادات بالمعدل الحالي البالغ 300 ألف برميل يومياً لأسابيع قادمة، ولن تتم استعادة الإنتاج بالكامل حتى وقت ما في الربع الأول من العام المقبل.

يقود ذلك إلى مشكلة أخرى مع الأرقام، إذ تبدو التوقعات متفائلة بشكل غير معقول بشأن إنتاج "أوبك +"، وتظهر التقديرات أن المجموعة أضافت 1.2 مليون برميل يومياً الشهر الماضي (يأتي ثلاثة أرباع ذلك الرقم من 13 دولة عضو في أوبك)، وأن الإنتاج سيقفز بالمقدار الكامل للزيادة المستهدفة في الأشهر اللاحقة، لكن يبدو أن رقم أغسطس هو الإنتاج الفعلي، بينما تمثل أرقام سبتمبر والأرقام اللاحقة ما يجب على المجموعة أن تضخه لتحقيق أهدافها.

وكالة: "أوبك+" يدرس خيارات لزيادة إمدادات النفط

ولم يظهر تتبع "بلومبرغ" لتدفقات الصادرات من دول منظمة أوبك أي شيء قريب من هذه القفزة الكبيرة الشهر الماضي، كما أن الصعوبات التي تعاني منها بعض الدول لمقابلة الرفع المستهدف للإنتاج معروفة جيداً، وأتوقع أن تتم مراجعة هذه الأرقام هبوطياً بقدر كبير بمجرد أن تظهر الأرقام الحقيقية.

هذا من شأنه أن يزيد حجم نقص النفط في سبتمبر، ومن ثمّ في بقية العام، وأن يقلص بناء المخزونات في أوائل 2022.

ذهب التقرير المقدم للجنة إلى حد الإشارة إلى أن مخزونات النفط التجارية في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية قد تراجعت بمقدار 20.1 مليون برميل في أغسطس لتقف عند 131 مليون برميل دون متوسط الفترة من 2015 إلى 2019، لكن الوصول إلى هذا المتوسط كان على حد قول وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان هدف المجموعة، وهو هدف من الواضح أنه تم تجاوزه بفارق واسع.

"أوبك": الطلب العالمي على الطاقة سيرتفع 28% حتى عام 2045

تزداد أهمية المخزونات في الوقت الذي يتجه فيه نصف الكرة الأرضية الشمالي نحو الشتاء، وقد يعزز تزايد أسعار الغاز الطبيعي والكهرباء في أوروبا وآسيا الطلب على البترول بحوالي 500 ألف برميل يومياً، مع بحث القطاع الصناعي وشركات توليد الكهرباء عن بدائل. أيضاً سيحصل الطلب على البترول على دفعة أخرى نتيجة تخفيف القيود الحدودية في الولايات المتحدة وما نتج عن ذلك من إعادة فتح للخطوط الجوية عبر الأطلنطي.

وكنت قد كتبت في يونيو أن مرونة "أوبك +" ينبغي أن تعمل في الاتجاهين سواء الاستجابة إلى القوة غير المتوقعة في سوق النفط وكذلك الضعف، وهو أمر صحيح الآن بقدر ما كان حينها.

المسار الذي ينبغي أن يسلكه التحالف عندما يجتمع واضح: هو بحاجة إلى تعزيز هدف إنتاجه لشهر نوفمبر بأكثر من الـ 400 ألف برميل في اليوم المخطط له، وفات الأوان على تحركات أكبر في أكتوبر، وإذا تحقق الضعف المتوقع في أوائل العام المقبل، فعندئذ يمكن أن تعمل المرونة في الاتجاه الآخر، مع تأخير الزيادات الإضافية في الإنتاج، أو حتى عكسها.

ولا يوجد جدوى من السياسة المرنة إذا لم تكن ستستخدم الحرية التي تمنحها لك.

نفط