لماذا تثير السيارات ذاتية القيادة قلق الأمريكيين؟

ما زال الأشخاص الذين قد يركبون السيارات ذاتية القيادة قريبا أو إرسال طرودهم من خلالها حذرين من استخدام هذه التكنولوجيا الجديدة.

رسوم:
رسوم: Steph Davidson
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لا تزال فكرة السيارات ذاتية القيادة تمثل أزمة في الولايات المتحدة؛ إذ لا يتقبلها حتى الآن 7 من بين كل 10 أمريكيين، لتبقى نسبة المتخوفين من هذه المركبات على حالها منذ أخر دراسة أجرتها "الجمعية الأمريكية للسيارات" (American Automobile Association) في 2018، وسجلت فيها زيادة بلغت 8 بالمئة عن العام 2017.

ورغم بعض الشكوك لدى عامة الناس، إلا أن استمرارها أمر جدير بالملاحظة، خاصة بعد أن أظهرت نتائج دراسة 2018 أن 73 بالمئة من الناس عبروا عن قلقهم إزاء السيارات ذاتية القيادة، وذلك بعد 9 أسابيع فقط من مقتل أحد المشاة خلال عملية اختبار لمركبة تجريبية ذاتية القيادة تابعة لشركة "أوبر تكنولوجيز" (Uber Technologies Inc.) أجريت في مدينة تمبي بولاية أريزونا.

ولم يتم رصد أي زيادة في نسب تقبل الأمريكيين لاستخدام السيارات ذاتية القيادة، حتى في ظل ضخ صناع السيارات وشركات التكنولوجيا الكبرى ملياراتهم في تكنولوجيا القيادة الذاتية، حيث استثمرت شركتا "هوندا موتور" (Honda Motor Co.) و"سوفت بانك فيجن فاند" (Softbank Vision Fund) اليابانيتان ما يصل في مجموعه إلى 5 مليارات دولار السنة الماضية في شركة "كروز" (Cruise) للقيادة الذاتية التابعة لشركة "جنرال موتور" (General Motor Co.).

يأتي ذلك في وقت تُجري فيه شركة "فولكس فاغن إيه دجي" (Volkswagen AG) محادثات للاستثمار في "آرغو إيه آي" (Argo AI)، التابعة لشركة "فورد موتورز" (Ford Motor Co.) بقيمة 4 مليارات دولار تقريبًا.

كانت دراسات "الجمعية الأمريكية للسيارات"، قد أوضّحت أن الرأي العام قد يشكل تحديًا كبيرًا عندما يحين الوقت لإقناع العملاء بالدفع لوسائل النقل المستقبلية.

"غريغ برانون" (Greg Brannon) رئيس هندسة السيارات في "الجمعية الأمريكية للسيارات" قال في تصريح له "قد ينبع هذا الخوف من التركيز الكبير، سواء إيجابيًا أو سلبيًا، على الحوادث المرتبطة بهذا النوع من المركبات، أو من المجهول بكل بساطة".

وأجريت الدراسة الأخيرة "للجمعية الأمريكية للسيارات" في وقت بدأت فيه شركات القيادة الذاتية بالتفاعل مع الناس، الأمر الذي جاء مختلفًا عن السنوات السابقة، فقد بدأت "وايمو" (Waymo)، شركة القيادة الذاتية التابعة لشركة "غوغل" (Google)، بتوفير خدمات التاكسي الآلية لمئات العملاء في ضواحي "فينكس" (Phoenix)، ديسمبر 2018، في حين تخطط شركة "جنرال موتورز" (GM) لإنشاء خدمة توصيل بلا سائق في إحدى المدن الأمريكية لاحقًا هذا العام.

وفي غضون ذلك، قطعت السيارات التجريبية ذاتية القيادة ملايين الأميال على الطرق العامة في ولايات مثل كاليفورنيا وأريزونا وفلوريدا وبنسلفانيا وميشيغان؛ إلا أن مصممي تكنولوجيا القيادة الذاتية اعترفوا بمشكلة الثقة التي يواجهونها، ما دفع شركتي "وايمو" و"كروز أوتوميشن" (Cruise Automation) و22 شركة أخرى في يناير 2019 إلى تشكيل تحالف للتعامل مع مخاوف العملاء المتعلقة بالقيادة الذاتية حمل اسم "شراكة التثقيف حول المركبات ذاتية القيادة".

وأكد تحالف الشركات أنهم سينظمون جولات قيادة ذاتية تجريبية للعملاء وصناع السياسات، فضلًا عن إقامة ورشات عمل تثقيفية وتطوير مواد تعليمية لصناع القرار والعملاء والمعلمين. ورغم كل المخاوف إلا أنه نادر ما تقع الحوادث المميتة، إذ لم ينجم عن القيادة الذاتية الحذرة سوى حوادث بسيطة تورط فيها غالبا أشخاص متسرعون لا يدركون القوانين الصارمة الخاصة بالروبوتات.

ويكمن الحل الأساسي في المعرفة كوسيلة لمنع القلق من السيارات ذاتية القيادة، إذ وجدت دراسة "الجمعية الأمريكية للسيارات" التي أجريت على 1008 أمريكي، أن سائقي السيارات التي تحوي برمجيات تتبع المسارات وأنظمة المكابح الآلية في الحالات الطارئة، وغيرها من أنظمة المساعدة الأخرى كانوا أكثر ارتياحًا في التعامل مع هذه الميزات، كما خلصت إلى أن استخدام تكنولوجيا مساعدة السائق يزيد من ثقة السائقين بالسيارات شبه الذاتية بنسبة 68 بالمئة.

وأجرت الدراسة أيضًا قياسا لردود أفعال الأمريكيين على تقييد استخدام المركبات ذاتية القيادة، مبينة أن أكثر من نصف السائقين حوالي 53 بالمئة قالوا إنهم سيشعرون بالراحة إزاء استخدام المركبات ذاتية القيادة كليًا في أنظمة نقل الأشخاص منخفضة السرعة بالمطارات أو المنتزهات بعيدًا عن الفوضى على الطرق المفتوحة، في حين بينت النسبة الأقل منهم حوالي 44 بالمئة أنهم سيشعرون بالراحة لاستخدامها في توصيل الطعام والطرود وليس الركاب.

وقد تسهم هذه التطبيقات المحدودة في زيادة تقبل العامة لفكرة القيادة الذاتية، إذ يقول "برانون": "الأمريكيون على استعداد لاتخاذ خطوات صغيرة لإدخال هذا النوع من التكنولوجيا إلى حياتهم، وسيلعب التعرض الفعلي لهذه التكنولوجيا في بيئة أشد رقابة وأقل مخاطر، إلى جانب مستوى أكبر من التثقيف دورًا هامًا في تقليل المخاوف".

وعن ركوب الأطفال أو أفراد العائلة في السيارات ذاتية القيادة بالكامل، أكدت الدراسة عدم قبول سوى 19% من الناس الذين أُجريت عليهم الدراسة بذلك.

وحتى الآن لم يتطور الحذر من استخدام السيارات ذاتية القيادة إلى تشكيك في مستقبل القيادة الذاتية؛ إذ لا يزال أكثر من نصف الأشخاص حوالي 55 بالمئة الذين أجريت عليهم الدراسة، يعتقدون أن معظم السيارات ستكون ذاتية القيادة بحلول 2029.