ماذا نفعل بالأصول التي تلوث البيئة بالكربون؟

بيع أصول النفط من الشركات الكبرى لغيرها من الشركات لن يحل أزمة الانبعاثات الكربونية
بيع أصول النفط من الشركات الكبرى لغيرها من الشركات لن يحل أزمة الانبعاثات الكربونية المصدر: أ.ف.ب
محررو بلومبرغ
محررو بلومبرغ

الهيئة التحريرية في (رأي بلومبرغ)

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يبدو أن الضغوط على كبرى شركات إنتاج الوقود الأحفوري في العالم لكي تُعدِّل من سلوكها تحقق نتائجها المرجوة.

فقد تخلصت شركات التعدين من استخدام الفحم، وتعتزم شركة النفط العملاقة "بريتش بتروليوم" بيع أصول بالمليارات بحلول عام 2025، تتبعها شركة "رويال داتش شل" بعد قرار من المحكمة في مايو الماضي أمرها بخفض صافي انبعاثات الكربون بنسبة 45% بحلول عام 2030. إن اضطرار الشركات أن تتحرك، وأن تظهر أنها تتحرك في زيادة مستمرة.

شركات نفط بمحفظة أكبر صندوق سيادي بالعالم لا تفعل ما يكفي لخفض الانبعاثات

التخلص من الأصول

من يدعمون حركة التخارج من الاستثمارات يضعون في اعتبارهم الأهداف الصحيحة، ومع الأسف، يتضح الآن باستمرار أن بيع الأصول لأسباب بيئية ليس إيجابياً كما يُعتقد أو يُنتظر منه في أغلب الأحوال، بل إنه قد يحدث أضراراً أكثر مما يجلب من منافع.

ولا شك أن الشركات تستشعر حرارة الموقف. وتقدر حسابات "بلومبرغ إن إي إف" أن شركات النفط الكبيرة قد باعت أصولاً للوقود الأحفوري قيمتها 200 مليار دولار في الفترة بين عامي 2015 و2020.

وخلال الشهر الماضي فقط، باعت شركة "شل" أصولها في حوض بيرميان إلى شركة "كونوكو-فيليبس" مقابل 9.5 مليار دولار.

ورغم أن عمليات البيع هذه تحتل العناوين الرئيسية في الصحف، فإنها لا تغلق مناجم الفحم ولا آبار البترول، ولا حتى تسرع من انحسارها.

وبدلاً من ذلك، تقوم الشركات بنقل الأصول إلى عدد يتناقص من الراغبين في الشراء – مثل الشركات المتخصصة، صناديق الاستثمار المباشر، أو الكيانات المملوكة للدولة – التي لا تتعرض لضغوط التزام الشفافية.

كما أن الإيرادات من هذه المبيعات لا تتجه بالضرورة إلى استثمارات صديقة للبيئة. وفي حالة الشركات التي أحصتها "بلومبرغ إن إي إف"، بلغ إجمالي استثماراتها في مجال الطاقة المتجددة أقل من ربع إجمالي الأموال التي جمعتها من بيع الأصول النفطية.

بعد شراء أصول "شل".. "كونوكو فيليبس" تعزز وجودها في أكبر حقل للنفط الصخري بأمريكا

مضاربة مناخية

بمعنى آخر، إن التخارج من هذه الاستثمارات يشبه غالباً أعمال المضاربة المناخية، إذ تُنقِّي الشركات محافظها من الأصول الخطرة مرتفعة التكلفة، وتلقى أعباءها على عاتق آخرين، وفي نفس الوقت تحظى بتقدير واحتضان المستثمرين الذين يركزون على معايير"الحوكمة البيئية والاجتماعية".

إن قدرة الأرض على تحمل انبعاثات الكربون تتقلص بوتيرة سريعة ولا تترك متسعاً للعبة الكراسي الموسيقية هذه.

ووفقاً لآخر التقارير الصادرة عن "الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ"، يستطيع العالم أن يُنتج انبعاثات كربونية بحد أقصى 500 جيجا-طن من ثاني أكسيد الكربون بداية من أول يناير 2020 حتى يبلغ احتمال زيادة احترار الكوكب إلى 1.5 درجة سيلزيوس فقط نسبة 50% - الذي يترتب عليه استمرار الاتجاهات الحالية لفترة تزيد قليلاً عن عشر سنوات.

ومعنى ذلك إن تخفيض الانبعاثات أمر لازم لا مفر منه.

"شل" تبيع أصولها في أكبر حقل أمريكي للنفط الصخري بـ9.5 مليار دولار

الاحتفاظ الأصول

ربما يكون أحد البدائل هو تشجيع الشركات المنتجة على الاحتفاظ بأصولها التي تلوث المناخ، ولكن تقلل تشغيلها بشكل مسؤول. وهذا ما طُلب من مجموعة "بي إتش بي غروب" من قبل جماعة حاملي الأسهم النشيطة "ماركت فورسيز" التي تعارض خطة دمج أنشطة النفط والغاز التابعة للشركة مع شركة "وودسايد بتروليوم" (Woodside Petroleum) على أساس أن الصفقة لا تتسق مع تعهدات الشركة ووعودها بشأن المناخ.

ومع ذلك، لا يمكن إقناع الشركات بعدم بيع الأصول إذا توافر لها مشتري، تماماً كما لا يمكن منعها ببساطة من تطوير أصول على الأرض طالما أن هذه الأصول تحقق عائداً اقتصادياً.

يدعم ذلك اتباع منهج أكثر شمولاً. ولابد في البداية من وضع إطار تنظيمي ومالي يحدد سعراً لانبعاثات الكربون مع فرض نظام للتعديل بالنسبة للأنشطة خارج الحدود حتى يمنع الشركات من نقل المشكلة إلى الأسواق الناشئة، على أن يصحب هذا النظام تقديم الحوافز للإنفاق على بحوث الطاقة النظيفة.

"شل" تفضل عائدات المستثمرين على صفقات الطاقة المتجددة

ضريبة الكربون

وستؤدي الضريبة على الانبعاثات الكربونية إلى ضبط المنافسة، وتحفيز الابتكار، وتشجيع قرارات الاستثمار في الأجل الطويل.

وفي ظل هذا النظام، سوف تصبح لعبة القط والفأر حول عملية التخارج من الاستثمارات نوعاً من الجدل البيزنطي المجرد.

ومع ذلك، يحتاج المستثمرون والأجهزة الرقابية في نفس الوقت إلى طرح أسئلة صعبة عندما يتعلق الأمر بخطط التخارج من الاستثمارات والمشترين المحتملين، وتضع في اعتبارها صافي تأثير عملية البيع على الانبعاثات، وقدرة المشتري على تحمل التكلفة في نهاية عمر الأصل الذي اشتراه.

ويمكنهم أن يقرروا حزمة تعويضات لرؤساء الشركات تعزز فكرة أن الأهداف المناخية شاملة وكلية – وليست مجرد محاولات تحظى باحتلال العناوين الرئيسية في وسائل الإعلام.

بل إن بإمكانهم أن يشترطوا إعادة تحديد مستهدف الانبعاثات عند إتمام صفقة كبيرة من بيع الأصول الكربونية، كما تفعل بعض الشركات فعلاً.

أكبر صناديق الثروة يتأهب لسياسة انبعاثات كربونية صارمة

ولا ينبغي بعد الآن أن يسمح للشركات بالمطالبة بحملة علاقات عامة لمجرد أنها تخلصت من أصل يسبب تلوثاً بأقصى سرعة ممكنة بغض النظر عن نتائج ذلك.

إن تخفيض قيمة الأموال التي تستثمرها الشركات الغنية والكبيرة في إنتاج الوقود الحفري هدف صحيح. لكن في غياب الضوابط الملائمة، يكون تشجيع بيع الأصول بأسعار متدنية تحت الضغط مخاطرة بتقويض أهداف من يدعمون ذلك. لقد تأخرنا كثيراً في تطوير رؤية أكثر وضوحاً في هذا المجال.