بعد موافقة 136 دولة.. إصلاح ضرائب الشركات يكتسب مزيداً من الزخم عالمياً

جانب من قمة وزراء مالية مجموعة السبع التي انعقدت في لندن ، المملكة المتحدة، خلال يونيو 2021
جانب من قمة وزراء مالية مجموعة السبع التي انعقدت في لندن ، المملكة المتحدة، خلال يونيو 2021 المصور: هولي آدامز / بلومبرغ
المصدر: الشرق
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

نال إقرار إصلاح شامل للضرائب على الشركات دعماً من جانب 136 دولة، إذ حلّت الحكومات الخلافات الرئيسية حول مستوى الحد الأدنى للمعدل العالمي ووضعت حداً للضرائب على الشركات الرقمية الجديدة التي اعتبرتها الولايات المتحدة تنطوي على تمييز.

بعد سنوات من عدم التزام المواعيد النهائية والجدل حول كيفية التعامل مع شركات التكنولوجيا مثل "فيسبوك" و"غوغل" التابعة لـ"ألفابيت"، تضمنت الصفقة التي جرت الموافقة عليها أمس الجمعة 15% كحد أدنى لمعدل الضرائب على الشركات والمعايير الرئيسية لمقدار أرباح أكبر 100 شركة، كما ستُفرض ضرائب على الشركات متعددة الجنسيات في مزيد من البلدان، بنسبة 25% من الأرباح فوق هامش 10%، حسب وكالة "بلومبرغ".

تقترب الصفقة خطوة أقرب إلى إنهاء ما تسميه وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين "السباق العالمي نحو القاع" بين البلدان التي تجذب الشركات بمعدلات ضرائب منخفضة باستمرار.

تتطلع مجموعة العشرين إلى الموافقة على الخطة في اجتماعات المسؤولين الماليين الأسبوع المقبل وخلال قمة مرتقبة نهاية الشهر الجاري.

بعد موافقة 130 دولة.. اتفاق الضرائب العالمي يقترب من محطته الأخيرة

قُبيل حسمها بمجموعة العشرين.. هذه مواقف الكبار من ضرائب الشركات متعددة الجنسيات

تهدف منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي ترأست المحادثات، إلى إبرام اتفاقية متعددة الأطراف العام المقبل وتنفيذها في عام 2023. قد يظل ذلك يمثل طموحاً في بعض البلدان، وليس أقلها الولايات المتحدة.

صراع حكوميّ منذ 4 عقود

يهدف الاتفاق إلى إنهاء سباق مستمر منذ أربعة عقود بين حكومات سعت إلى جذب الاستثمارات وتوفير فرص عمل من خلال خفض الضرائب بشدة للشركات متعددة الجنسيات، مما سمح لتلك الشركات باختيار أقل نسب ضرائب متاحة.

ومن بين 140 دولة مشاركة دعمت 136 الاتفاق، ولم تنضم إليه بعدُ كل من كينيا ونيجيريا وباكستان وسريلانكا، حسب وكالة "رويترز".

قالت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي قادت المحادثات، ومقرها باريس، إن الاتفاق سيغطي 90% من الاقتصاد العالمي، مشيرة إلى أن الحد الأدنى للضرائب على الشركات سيتيح للدول جمع نحو 150 مليار دولار عائدات جديدة سنوياً.

150 مليار دولار جائزة مرتقبة من الحد الأدنى لضرائب الشركات العالمية

تكافؤ الفرص

تجري المفاوضات لإبرام هذا الاتفاق منذ أربع سنوات، لكنها تحولت لتُجرى عبر الإنترنت خلال الجائحة. وبدعم من بايدن والتكلفة الباهظة لأزمة كوفيد-19، حظيت المفاوضات بدفعة قوية في الأشهر القليلة الماضية.

قال بايدن في بيان: "لأول مرة في التاريخ نؤسس لحد أدنى عالمي وقوي للضرائب سيؤدي إلى تكافؤ الفرص أخيراً بين العمال الأمريكيين ودافعي الضرائب وباقي العالم".

أضاف الرئيس الأمريكي الذي ساند الفكرة بقوة: "على مدى عقود، دفع العمال الأمريكيون ودافعو الضرائب ثمن نظام ضريبي كافأ الشركات متعددة

الجنسيات عن نقل الوظائف والأرباح إلى الخارج. هذا السباق إلى القاع لم يضر العمال الأمريكيين فحسب، بل وضع كثيرين من حلفائنا في تنافس على الضرر كذلك".

يهدف الاتفاق إلى منع الشركات الكبيرة من جني الأرباح في دول تنخفض فيها الضرائب مثل أيرلندا، بغض النظر عن مكان وجود قاعدة عملائها. وهي مشكلة أصبحت أكبر وأكثر إلحاحاً مع ظهور شركات التكنولوجيا العملاقة التي يمكنها تنفيذ الأعمال بسهولة عبر الحدود.

أوروبا ترحب بمقترح أمريكي لفرض ضرائب بحد أدنى 15% على الشركات عالمياً

نظام ضريبي أكثر عدلاً

قال وزير المالية الألماني أولاف شولتس في بيان أرسله عبر البريد الإلكتروني لـ"رويترز": "اليوم خطونا خطوة مهمة أخرى في طريق العدالة الضريبية".

من جهته، أشاد وزير المالية البريطاني ريشي سوناك بالاتفاق قائلاً: "أصبح أمامنا الآن طريق واضح المعالم لنظام ضريبي أكثر عدلاً، بحيث يدفع اللاعبون الكبار على مستوى العالم نصيبهم العادل في أي مكان يعملون فيه".

أما وزير المالية الفرنسي برونو لو مير، فيرى أن الاتفاق سيضمن أن عمالقة القطاع الرقمي سيدفعون قسماً عادلاً من الضرائب في الدول التي يحصلون فيها على دخل، مضيفاً في بيان بثه التليفزيون: "هذا الاتفاق يفتح الطريق أمام ثورة مالية حقيقية".

وقبل أن يجف حبر الاتفاق أبدى بعض الدول قلقهم من تنفيذه، إذ طالبت وزارة المالية السويسرية في بيان بأخذ مصالح الاقتصادات الصغيرة في الاعتبار، وقالت إن تاريخ التنفيذ في 2023 ليس ممكناً.

وزيرة الخزانة الأمريكية جانيت يلين وصفت الاتفاق بأنه انتصار للأُسَر الأمريكية ومجتمع الأعمال العالمي، مضيفة في بيان: "حوّلنا مفاوضات مضنية إلى عقود من الرخاء المتزايد لكل من أمريكا والعالم. اتفاق اليوم يمثل إنجازاً يتحقق مرة في الجيل للدبلوماسية الاقتصادية".

هل سيتأثر عمالقة التكنولوجيا حقّاً باتفاق ضرائب "مجموعة السبع"؟

قال نيك كليج نائب رئيس شركة "فيسبوك" للشؤون العالمية، في بيان: "لوقت طويل دعت (فيسبوك) إلى إصلاح قواعد الضريبة العالمية، وندرك أن هذا يمكن أن يعني (بالنسبة إلينا) دفع ضرائب أكثر، وفي أماكن مختلفة"، مضيفاً أن "النظام الضريبي يحتاج إلى أن يحظى بالثقة العامة، في حين يحقق للشركات الاستقرار. نحن سعداء بأن نرى توافقاً دولياً".