مجال الترددات الهوائية أصبح حلبة صراع بين العاملين بالقطاع المصدر: بلومبرغ

اشتعال معركة "الترددات الهوائية" بين "ماسك"واثنين من منافسيه

المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يمتلك تشارلي إرغن رجل الأعمال العامل في مجال الأقمار الصناعية، ومايكل ديل أحد أعلام صناعة الحاسوب خطة لفتح ترددات لاسلكية قليلة الاستخدام أمام ملايين العملاء من خلال خدمة جديدة لشبكات الجيل الخامس. أثارت هذه الخطة ضجة بين المليارديرات.

تقدَّمت شركة "سبيس إكس" المملوكة لـ"إيلون ماسك" باعتراض إلى لجنة الاتصالات الفيدرالية الأمريكية، التي تتحكَّم في توزيع الموجات الهوائية، قائلة، إنَّ هذا "المخطط" سيدمِّر خدمة النطاق العريض التي تقدِّمها من المدار.

ردَّت شركة "ديش نيتوورك" (Dish Network) المملوكة لـ"إرغن" بتقديم طلب إلى لجنة الاتصالات الفيدرالية اتهمت فيه "سبيس إكس" قولها بأنَّه "ضعيف وبعيد الاحتمال". استشهدت شركة "آر إس أكسس" (RS Access)، المملوكة لـ"ديل"، بما تسميه "التاريخ الطويل من المعلومات المضلِّلة، والتفاخر، والهجمات الإعلانية لشركة ’سبيس إكس’ ".

اقرأ أيضاً: ماسك يحلّق.. وبيزوس يلجأ إلى التقاضي في سباق الفضاء الجديد

برزت معركة المليارديرات تلك على جدول الأعمال الهادئ عادةً للجنة الاتصالات الفيدرالية، الذي غالباً ما يقتصر على المخاوف الفنية الجافة مثل الخصائص الهوائية وقوة الإشارة. يعكس هذا الصراع الثروات التي سيتمُّ تحصيلها مع تحرُّك الولايات المتحدة نحو استخدام شبكات الجيل الخامس التي ستربط المنازل، والمركبات، والمصانع، والمزارع.

وجمع مزاد حكومي جرى في وقت سابق من هذا العام على موجات الجيل الخامس الهوائية 81 مليار دولار، مع اقتناص أكبر مزودي الخدمات اللاسلكية في الولايات المتحدة للترددات؛ وتجري الآن عملية بيع أخرى للموجات الهوائية قد تصل قيمتها إلى 25 مليار دولار.

قال توم ويلر الرئيس السابق للجنة الاتصالات الفيدرالية: "يدل هذا على أنَّهم لم يعودوا ضمن طيف واحد بعد الآن!". وتصف كلمة "الطيف" مجموعة الترددات التي تستخدمها الشركات لتقديم الاتصالات.

بدأ "إرغن"، الذي يبلغ 68 عاماً من العمر، وهو رئيس شركة "ديش"، العمل في بيع أطباق استقبال الأقمار الصناعية من شاحنة في عام 1980؛ ويقوم الآن بإعادة تشكيل خدمة التلفاز المدفوع كمشغِّل لاسلكي ينافس عمالقة مثل "فيريزون كوميونيكشن" ( Verizon Communications)، و"إيه تي آند تي" (AT&T).

أصغر رئيس تنفيذي

في عام 1992، أصبح "ديل"، الذي يبلغ 56 عاماً من العمر، رئيس مجلس إدارة شركة "ديل تكنولوجيز" (Dell Technologies) الصانعة للحاسوب ومؤسسها، أصغر مدير تنفيذي لشركة على قائمة "فورتشن 500" (Fortune 500). تدير "إم إس دي كابيتال" (MSD Capital)، وهي شركة استثمار خاصة اشترت في عام 2018 بعض الموجات الهوائية قيد الإصدار حالياً أصوله، و تتمُّ إدارتها من خلال شركة "آر إس أكسس" (RS Access) وثيقة الصلة، التي تعدُّ جزءاً من محفظة "إم إس دي" (MSD).

يشتهر "ماسك" الذي يبلغ 50 عاماً من العمر، بالسيارات الكهربائية من إنتاج شركة "تسلا"، وصواريخ "سبيس إكس" الخاصة به، وحضوره الإعلامي "الاستفزازي" في بعض الأحيان، مثل تغريدته حول العملات المشفَّرة، بالإضافة إلى تنافسه مع بائعي أسهم "تسلا" على المكشوف.

اقرأ أيضاً: الدعم الحكومي لمشروع إيلون ماسك لإنترنت الفضاء يزعج المنافسين

صُنِّف ماسك كأغنى رجل في العالم عندما كانت أسهم "تسلا" مزدهرة. و في الآونة الأخيرة، بلغت قيمة ثروة "ماسك" 214 مليار دولار، وثروة "ديل" 55 مليار دولار، وثروة "إرغن" 15 مليار دولار، وفقاً لمؤشر "بلومبرغ" للمليارديرات.

وقد اصطدمت مساراتهم في رقعة الموجات الهوائية التي تعرف باسم نطاق "12 غيغاهرتز".

طلب كلٌّ من "إرغن وديل" من لجنة الاتصالات الفيدرالية (FCC) السماح بحركة مرور عالية الطاقة في الموجات الهوائية "12 غيغاهرتز"، التي تتحكَّم فيها في مدن حول الولايات المتحدة، التي تشكِّل 82 سوقاً من بينها: نيويورك، وشيكاغو بالنسبة لـ"ديش"، و60 سوقاً من بينها: أوستن، وتكساس، وأوماها، ونبراسكا لشركة "أر إس أكسس" للموجات الهوائية العائدة لـ"ديل".

في الوقت الحالي، تقتصر خدمات النطاق على طاقة منخفضة بموجب قواعد لجنة الاتصالات الفيدرالية المصمَّمة لتجنُّب التداخل مع المستخدمين الآخرين. و عادةً ما تستحق الموجات الهوائية ذات الطاقة الأعلى المزيد من المال، إذ يمكن لإشاراتها قطع مسافات أبعد، والوصول إلى المزيد من العملاء، كما يمكن أن تزيد فاعليتها الأعلى من خطر أن تطغى على إشارات المستخدمين الآخرين.

تستخدم شركة"سبيس إكس إكسبلوريشن" (Space Exploration Technologies) العائدة لـ"ماسك" ترددات "12 غيغاهرتز"، وتقول الشركة في الملفات التي قدَّمتها إلى لجنة الاتصالات الفيدرالية، إنَّ الإشارات عالية الطاقة المقترحة يمكن أن تطغى على إشارات النطاق العريض الباهتة التي تنتقل من أسطولها المداري الذي يضمُّ 1,500 قمر صناعي أو أكثر إلى أطباق استقبال العملاء على أسطح المنازل.

اتهامات متبادلة

قالت شركة "سبيس إكس" في الطلب الذي قدَّمته إلى لجنة الاتصالات الفيدرالية، إنَّ: "شركة "ديش" أتقنت استخدام الوعود الفارغة والهجمات على المنافسين".

في حين قالت شركة "آر إس أكسس" التي لديها حيازة الموجات الهوائية والعائدة لـ"ديل" في أوراقها للجنة الاتصالات الفيدرالية، إنَّ "سبيس إكس تقدِّم فرضية خاطئة". واتهمت شركة "ديش" "سبيس إكس" بشن "محاولة للتعتيم على المشاكل".

كانت المعركة تستعر تحت الرماد منذ خمس سنوات على الأقل. طلبت شركة "ديش" والشركات الأخرى التي لديها حيازة لموجات "12 غيغاهرتز" الهوائية في عام 2016 من لجنة الاتصالات الفيدرالية تعزيز الطاقة لمستخدمي الموجات الأرضية، مستندين إلى الطلب المتزايد على خدمة بيانات الهاتف المحمول.

اقرأ أيضاً: صراع الفضاء.. هكذا انتصر إيلون ماسك على فلاديمير بوتين

و في عام 2019، وبعد مرور ثلاث سنوات على إطلاق أول قمر صناعي لحزمة النطاق العريض "ستارلينك" من شركة "سبيس إكس"، اقترحت شركة "ديش" وشركاؤها في ذلك الوقت أن تفقد خدمات الأقمار الصناعية الحقوق في النطاق الهوائي.

تمَّ تجميد هذا الالتماس حتى العام الماضي، الذي تسارعت فيه عمليات الضغط.

بحلول ذلك الوقت؛ كانت شركة الاستثمار التابعة لـ"ديل" قد أتمَّت عملية شراء الموجات الهوائية "12 غيغاهرتز" من خلال شركة "آر إس أكسس"، التي كانت تسعى للحصول على نفوذ داخل مدينة "بيلتواي". واستعانت الشركة بـ"جاستن ليلي" مستشار الاتصالات السلكية واللاسلكية السابق في مجلس النواب، وفقاً للملف المودع في أكتوبر 2020. تضمُّ قائمة عملاء "ليلي" شركة "ليغادو نيتووركس" (Ligado Networks) المبتكرة للطيف الترددي، وعملاق الخدمات اللاسلكية "تي موبايل يو إس" (T-Mobile US)، و"فيسبوك".

نفوذ غير شرعي

بالمثل، دخلت شركة "إم إس دي كابيتال" (MSD Capital) العائدة لـ"ديل" لعبة النفوذ في واشنطن.

بسبب عدم وجود نفقات موجهة لجماعات الضغط منذ تأسيسها في عام 1998؛ دفعت الشركة في عام 2020 مبلغ 150 ألف دولار، وفقاً للبيانات التي جمعتها "أوبن سيكرتس" (Open Secrets)، وهي منظمة غير ربحية تتعقَّب الأموال في واشنطن. وكان نورمان كولمان، السيناتور الجمهوري السابق عن ولاية مينيسوتا من بين الناشطين المؤثرين في جماعات الضغط التي انخرطت فيها.

أنفقت شركة "ديش" الموجودة منذ وقت طويل في واشنطن، 1.8 مليون دولار على جماعات الضغط في عام 2020، وأنفقت "سبيس إكس" 2.2 مليون دولار، بمشاركة أكثر من ثلاثين من أعضاء جماعة الضغط وفقاً لـ"أوبن سيكرتس".

اقرأ أيضاً: هل الفوز بسباق شبكات الجيل الخامس بأمريكا يستحق العناء؟

اتصل "ديل" بـ"أجيت باي"، رئيس لجنة الاتصالات الفيدرالية آنذاك مرتين، في سبتمبر ونوفمبر من عام 2020. وتحدَّث" إرغن"، و"باي" في يوليو من عام 2020. وفي 23 ديسمبر، اتصل "ماسك" مع "باي" - بعد مكالمتين سابقتين بينهما، وفقاً لملفات الإفصاح.

بدأت الوكالة دراستها الرسمية بتصويت 4-0 في يناير، خلال الأيام الأخيرة من ولاية "باي". غادر الجمهوري الوكالة بعد الانتخابات الرئاسية، تاركاً القضية للجنة الاتصالات الفيدرالية الحالية المنقسمة 2 إلى 2 على أسس حزبية.

ورفض ويل ويكويست، المتحدِّث باسم لجنة الاتصالات الفيدرالية، التعليق على النزاع. كانت دراسة لجنة الاتصالات الفيدرالية تختمر طوال هذا العام.

شكَّل المؤيدون ائتلافاً يضمُّ "ديش"، و"ديل" ومجموعات السياسة، فضلاً عن مجموعتين تجاريتين تشارك شركة "ديش" في عضويتهما. قدَّمت "آر إس أكسس" دراسة فنية من 62 صفحة خلصت إلى إمكانية تحقيق التعايش بين استخدام الجيل الخامس، وخدمات الأقمار الصناعية.

فتح الأنبوب

قال في. نوا كامبل، كبير المديرين التنفيذيين في "آر إس أكسس" في مقابلة معه: "ليس عليهم التخلي عن حزمة النطاق على الإطلاق".

وصف "كامبل" الاقتراح بأنَّه أنبوب رئيسي للمياه يستخدم بسعة منخفضة. وقال: "نريد فقط فتح الأنبوب".

قد تصل قيمة الموجات الهوائية المعنية إلى 54 مليار دولار إذا سمحت لجنة الاتصالات الفيدرالية بإجراء التغيير، وفقاً لدراسة قدَّمتها إحدى شركات "ديل" إلى لجنة الاتصالات الفيدرالية.

اقرأ أيضاً: "فرايزن" الأمريكية تبيع سندات بأكثر من 30 مليار دولار لتمويل الجيل الخامس

قالت "سبيس إكس" في طلبها، إنَّ الموجات الهوائية تساوي أقل بكثير. لكنَّها قالت، إنَّ "آر إس أكسس"، و"ديش" تسعيان إلى "مكاسب غير متوقَّعة" من خلال الاستفادة من الموجات الهوائية غير المجدية اليوم.

لم ترد "سبيس إكس"، و"إم إس دي كابيتال" على الاستفسارات المرسلة بالبريد الإلكتروني.

أكَّدت "ديش" الطلب المتزايد على خدمة الجيل الخامس، المصمَّمة لتوصيل الهواتف المحمولة، والأجهزة بما في ذلك أجهزة مراقبة الأطفال، والمركبات، والطائرات بدون طيار، والجرارات، ومعدات المصانع أيضاً.

قال جيف بلوم نائب الرئيس التنفيذي لشركة "ديش" في مقابلة معه: "حزمة النطاق هذه جيدة حقاً للجيل الخامس. وستكون فرصة ضائعة إذا تركت اللجنة الوضع الراهن على حاله".