نمو قياسي لسوق الطائرات الخاصة.. والمصنعون عاجزون عن مواكبة الطلب

يتدفق العملاء الجدد على قطاع الطائرات الخاصة رغبة في توفير الوقت وتجنب الإزعاج
يتدفق العملاء الجدد على قطاع الطائرات الخاصة رغبة في توفير الوقت وتجنب الإزعاج المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أكد كين ريتشي، رئيس مجلس إدارة شركة "فليكس جيت" (Flexjet) والخبير المخضرم في مجال الطائرات الخاصة لمدة 30 عاماً، أنه يعاني بشكل غير مسبوق للعثور على طائرات لتوسيع أسطول شركته.

وفقاً لريتشي، إذا طلبت شراء طائرة جديدة من مصنعي الطائرات بميعاد تسليم خلال ستة أشهر، فسيكتفون بالرد على طلبي بالضحك فقط. كما أنه لا توجد طائرات مستعملة متاحة للشراء الآن.

طفرة في الطلب على طلاء الطائرات بسبب انتعاش حركة الطيران

وأمّنت شركة "فلكس جيت" صفقات شراء لـ65 طائرة على مدى الـ12 شهراً القادمة لزيادة أسطولها بحوالي 40%. وذلك بعد أن اضطرت الشركة لتعليق بيع مجموعات كبيرة من ساعات الطيران، لأنها ببساطة لم تستطع مواكبة الطلب.

قال ريتشي، الذي يسيطر عبر شركة الاستثمار "دايركشنال أفيشن" (Directional Aviation)، على عدة شركات طيران، بما في ذلك: "فليكس جيت"، و"سينتينت جيت" (Sentient Jet)، ووحدة جديدة للقيام برحلات مكوكية بطائرات الهليكوبتر: "نحن نشتري أي ناقلة نجدها". مضيفاً "هذه فرصة تأتي في العمر مرة واحدة".

ازدهار

في ظل نمو "فليكس جيت" بشكل سنوي يبلغ 30% تقريباً، يثق ريتشي في أن العديد من عملائه الجدد سيستمرون في طلب خدماته حتى بعد انحسار الوباء، خاصة بعدما استشعروا لذة وسائل الراحة التي تأتي مع السفر بالطائرة الخاصة. وعلى النقيض من شركات الطيران التجارية، ارتفع عدد رحلات الطائرات الخاصة مجدداً بسرعة، بعد تراجعها بحدة في بداية الوباء خلال مارس 2020. وأصبحت رحلات الطائرات الخاصة بالولايات المتحدة على الطريق لتحقيق مستوى قياسي لم تشهده الصناعة منذ ذروة 2007، رغم استمرار ضعف معدلات سفر الشركات. وزادت طلبات شراء الطائرات الجديدة عن معدلات الإنتاج خلال الربع الثاني من العام الجاري.

بعد عقد من معاناة الصناعة من فائض الإنتاج وخصومات الأسعار، لم تكن التوقعات طويلة الأجل بهذه القوة منذ سنوات. وتعد حاجة ريتشي الملحة للحصول على طائرات جديدة –إضافة إلى وصول مخزونات الطائرات المستعملة إلى أدنى مستوياتها القياسية- بمثابة فرصة لشركات صناعة الطائرات، بما في ذلك شركات: "بومباردييه"، "تيكسترون"، "إمبراير، ووحدة "غلف ستريم" التابعة لشركة "جنرال دايناميكس". وبعد انخفاض تسليمات الطائرات الجديدة في تلك الشركات خلال عام 2020 عندما تراجعت الرحلات الجوية في الأيام الأولى من الوباء، أصبحت الآن في وضع يسمح لها بزيادة الإنتاج ورفع الأسعار. من المتوقع أن تحقق الشركات نمواً قوياً خلال العامين الحالي والمقبل، حتى وإن كانت قاعدة المقارنة مع الأعوام السابقة منخفضة.

عملاء جدد

كان تدفق العملاء الجدد على رحلات الطيران الخاصة بمثابة مفاجأة لـ"رون درابر"، الرئيس التنفيذي لـ"تيكسترون أفييشن"، الشركة المصنعة لطائرات "سيسنا" (Cessna). حيث اكتشف العملاء مقدار الوقت الضائع والإزعاج اللذين يمكن تجنبهما من خلال الابتعاد عن: المطارات التجارية، التأخيرات المعتادة، إلغاء الرحلات، والوجهات المحدودة. وقال درابر، إنه يمكن للطائرات الخاصة تصميم جداولها الزمنية الخاصة، والطيران مباشرة إلى المدن الأصغر، مما يجعلها أكثر إنتاجية، والأفضل لرحلات رجال الأعمال.

الطائرات الخاصة تتفوق على منافستها التجارية

قال درابر في رسالة بالبريد الإلكتروني: "ما فعله هذا الوباء هو جذب عملاء جدد إلى الطيران الخاص، وأتوقع استمرار ذلك". وأضاف: "في ظل قلة خيارات رحلات الطيران التجارية، في مقابل الإنتاجية التي تتمتع بها رحلات الطيران الخاصة لرجال الأعمال، يجب أن يظل الطلب قوياً لبعض الوقت".

"إياتا" يتوقع عودة السفر الجوي إلى مستويات ما قبل كورونا في 2023

يخطط حوالي ثلثي مشغلي طائرات رحلات رجال الأعمال الخاصة للطيران لساعات أطول خلال العام المقبل مقارنة بعام 2021، وفقاً لمسح سنوي أجرته "هانيويل إنترناشيونال". ويعمل الطلب القوي على دعم واحدة من الصناعات القليلة التي لم تتعافَ تماماً من الكساد العظيم.

تسبب هذا الانهيار في هبوط إيرادات شركات تصنيع الطائرات بنسبة 21% خلال عام 2009، لتصل إلى 17.4 مليار دولار، كما ضاعت آلاف من وظائف تقديم الخدمات للمسافرين مع انخفاض عمليات الطيران بنسبة 20% في ذلك العام. وأشهر بعض صانعي الطائرات، بما في ذلك شركة "هوكر بيتش كرافت"، إفلاسهم. وتصادفت هذه الحقبة أيضاً مع رأي عام عنيف ضد رحلات الطيران الخاصة، عقب توجيه انتقادات لاذعة للمديرين التنفيذيين في شركات صناعة السيارات، ممن وصلوا إلى الكونغرس على متن طائرات شركاتهم الخاصة للحصول على أموال حزمة الإنقاذ.

طفرة تسليمات

تراجع عدد شحنات الطائرات الجديدة، باستثناء الطائرات الصغيرة جداً والطائرات المحولة، إلى 560 العام الماضي مقارنة بـ 715 في 2019. وكان العدد الإجمالي في 2020 أقل من نصف ما كان عليه قبل 15 عاماً. وتتوقع "جي بي مورغان تشيس آند كو" أن ترتفع التسليمات إلى 611 هذا العام و647 في عام 2022.

من جانبه، قال بريان فولي، مستشار الطيران الخاص الذي ترأس سابقاً قسم التسويق في "داسو أفييشن" وهي الشركة المصنعة لطائرات فالكون ومقرها باريس، أن التسليمات السنوية قد تصل إلى 900 طائرة جديدة في غضون 5 سنوات.

أضاف فولي: "لا أتوقع أي تراجع. فقد دخل الكثير من المستخدمين الجدد إلى قطاع الطيران الخاص، ورغم أنهم لن يظلوا جميعاً، لكن سيبقى البعض". وأردف: "هذه المرة آمل أن تقدم الصناعة أداءً أفضل".

سوق غير متوازنة

كانت شركة "ميسينجر جيت سيلز" (Mesinger Jet Sales)، التي يقع مقرها في دنفر، ترسل في الماضي رسائل بريد إلكتروني إلى العملاء المحتملين، تعرض فيها الطائرات المتاحة للبيع. لكن منذ انتشار الوباء، باتت الشركة ترسل عددا جنونيا من رسائل البريد الإلكتروني بحثاً عن مخزون الطائرات. ولم تكن السوق غير متوازنة بهذا الشكل من حيث عدد المشترين مقابل البائعين طوال السنوات الـ47 الماضية على الأقل، والتي عمل فيها جاي ميسينجر، مؤسس الشركة، كوسيط في صفقات الطائرات الخاصة.

قال ميسينجر: "إذا بحثت في المخزون، ستجد أنه لا يوجد شيء متاح للبيع".

"دلتا" تحدث أسطولها بشراء طائرات مستعملة واستئجار أخرى

أيضاً، أجبر شح الطائرات المستعملة العملاء إلى شراء الطائرات الجديدة حتى لو اضطروا إلى الانتظار بضع سنوات حتى يتم التسليم. لكن رغم ذلك، سيتطلب الأمر من الشركات المصنعة بعض الوقت حتى ترفع سرعة سلاسل التوريد الخاصة بها.

من المتوقع أن يصل إجمالي شحنات الطائرات الخاصة خلال العقد المقبل إلى 7400 بقيمة 238 مليار دولار، وفقاً لمسح أجرته "هانيويل"، التي تصنع مكونات طائرات رجال الأعمال من المحركات النفاثة إلى أجهزة التحكم في قمرة القيادة. ويفوق هذا المعدل توقعات العام الماضي البالغة 7300 بقيمة 235 مليار دولار على مدى 10 سنوات. لكن رغم ذلك، لا يزال هذا أقل من التقديرات القياسية التي ظهرت في عام 2014، والتي توقعت إجمالي 9450 طائرة بقيمة 280 مليار دولار.

طرازات جديدة

يطرح المصنعون طائرات جديدة تحوي الكثير من التقنيات الجذابة في محاولة لتحفيز المبيعات. وفي مايو الماضي، كشفت "داسو" النقاب عن طراز "فالكون 10 أكس" (Falcon 10X)، أكبر طائرة نفاثة تنتجها الشركة الفرنسية، كما جددت "بومباردييه" طائرة نفاثة رائجة متوسطة الحجم تطلق عليها الآن اسم "تشالنجر 3500" وقدمت "غلف ستريم" هذا الشهر طائرتين جديدتين، هما: بديل أصغر من طراز "جي 500"، ونسخة جديدة من الطائرة "جي 650".

"داسو" للطيران تستعدّ للكشف عن أحدث طائراتها من الطرازات الفخمة

تقول "فليكس جيت" إن 9 من كل 10 مشترين لأول مرة لبطاقات استخدام الطائرات الخاصة، التي توفر عدداً محدداً من ساعات الطيران، جددوا مشترياتهم. وبعد أن علقت الشركة مبيعات بطاقات استخدام الطائرات الخاصة للحفاظ على السعة الاستيعابية لأعمالها الرئيسية المتمثلة في بيع الملكية الجزئية للطائرات، عزز 45% من حاملي البطاقات النفاثة التزامهم من خلال الاتفاق على عقد إيجار جزئي يمتد لـ3 سنوات.

استبعد ريتشي تخلي الأثرياء عن وسائل الراحة التي اكتشفوها مؤخراً في الطائرات الخاصة؛ بالتالي لن يتضاءل الطلب غالباً. واختتم: "يبدو أنها ستستمر في جذبهم".