صفقة الضرائب العالمية مهددة بسبب جدال أمريكي حول الحاجة إلى معاهدة

مبنى الكونغرس الأمريكي في واشنطن
مبنى الكونغرس الأمريكي في واشنطن المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

في حين تحتفل إدارة بايدن والحكومات في جميع أنحاء العالم بتقدُّم جديد تجاه اتفاق الضرائب العالمي التاريخي، يهدد سؤال قانوني معقد في الولايات المتحدة بتمزيقه.

بعد موافقة 136 دولة.. إصلاح ضرائب الشركات يكتسب مزيداً من الزخم عالمياً

150 مليار دولار جائزة مرتقبة من الحد الأدنى لضرائب الشركات العالمية

في جلسة استماع للجنة بالكونغرس عقدت الشهر الماضي، قال السيناتور الجمهوري بات تومي - الذي يعارض الاتفاقية - لوزيرة الخزانة جانيت يلين، إنَّ جزءاً رئيسياً من الصفقة الضريبية سيتطلَّب معاهدة رسمية توافق عليها الأغلبية العظمى في مجلس الشيوخ.

شكّلت مطالبة تومي بدايةً لما قد يكون نقاشاً قانونياً مهماً حول ما هو المطلوب من الكونغرس بالضبط لجعل الولايات المتحدة تتماشى مع الاتفاقية الدولية؟.

قد تكون التفاصيل غامضة، وقد تكون العواقب وخيمة. إذا كان تومي محقاً، وكانت هناك حاجة إلى معاهدة رسمية، فستحتاج الإدارة إلى 67 صوتاً في مجلس الشيوخ، إذ يمتلك الديمقراطيون حالياً 50 صوتاً فقط.

يقول إسحاق بولتانسكي، مدير أبحاث السياسات في بنك الاستثمار "بي تي أي جي": "إذا كان مجلس الشيوخ مطالباً في نهاية المطاف بالتصديق على معاهدة، فسيستغرق الأمر جهداً هائلاً وخروجاً كاملاً عن الانقسام السياسي الحالي الموجود لدينا لكي نرى هذا يمر".

قمة القادة

هناك صفقة عالمية مدعومة من 136 دولة على المحك. ففي يوم الجمعة الماضي، خلال المفاوضات التي نظَّمتها "منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية"، اتخذ المسؤولون خطوة أخرى إلى الأمام في تسوية التفاصيل الرئيسية، وانضمَّت لها ثلاث دول أوروبية إضافية.

يأمل زعماء العالم أن يضعوا ختم موافقتهم على الاتفاق خلال قمة "مجموعة العشرين" التي ستعقد في روما في يومي 30 و31 أكتوبر.

تهدف الاتفاقية إلى تحقيق هدفين رئيسيين: وضع حد أدنى عالمي لمعدل الضريبة بنسبة 15% لمكافحة تحول أرباح الشركات إلى ملاذات منخفضة الضريبة، والاتفاق على صيغة لفرض ضرائب على أكبر الشركات متعددة الجنسيات، استناداً بشكل جزئي إلى المكان الذي تمارس فيه الأعمال التجارية بدلاً من مكان تحقيقها للأرباح، وهي خطوة مدفوعة بالطبيعة الرقمية المتزايدة للتجارة الدولية.

تشريع في الكونغرس

بموجب الصفقة؛ يجب على الكونغرس أولاً سن تشريع لتغيير قوانين الضرائب الأمريكية الحالية على مرحلتين. لكنَّ يلين قالت يوم الأحد الماضي، إنَّها واثقة من أنَّ الكونغرس سيوافق قريباً على الجزء المتعلِّق بالحد الأدنى من الضرائب.

لكن من غير المتوقَّع أن يُعرض الجزء الآخر على الكونغرس حتى الربيع المقبل على الأقل. والأهم من ذلك، أنَّ السؤال هو ما إذا كان يتعيّن على مجلس الشيوخ التصديق على الصفقة على أنَّها معاهدة.

تنصُّ المادة الثانية من دستور الولايات المتحدة على أنَّه يمكن للرئيس إبرام المعاهدات "بشرط موافقة ثلثي أعضاء مجلس الشيوخ الحاليين".

لكنَّ الولايات المتحدة دخلت أيضاً في جميع أنواع الاتفاقيات الدولية الملزمة بدون معاهدة رسمية.

تشمل الأمثلة اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، والميثاق الذي أنشأ "منظمة التجارة العالمية".

كانت معظم هذه الاتفاقيات قد دخلت حيز التنفيذ من خلال اتفاقيات تنفيذية بين الكونغرس، فضلاً عن قرارات وافق عليها مجلسا النواب والشيوخ.

يلين واثقة من استجابة الكونغرس الأمريكي لاتفاق الضرائب العالمي

الرئيس المعاهدات الاتفاقات التنفيذية المبرمة المعاهدات %
جورج بوش الأب631,350 4.4
كلينتون1832,0528.3
جورج بوش الابن951,841 4.9
أوباما371,180 3.0
ترمب (حتى نهاية 2018)2 68 2.9

طرق بديلة

في عام 2001، كتب جون يو الأستاذ في قسم القانون بجامعة كاليفورنيا في بركلي في جريدة "ذا ميشيغان لو ريفيو": "على الرغم من حقيقة أنَّ النص الدستوري يتضمَّن بنداً محدَّداً للمعاهدة؛ لاتوجد دونه أية وسيلة أخرى للدخول في اتفاقيات دولية، إلا أنَّ هناك إجماعاً عقلانياً واسع النطاق على أنَّ الاتفاقيات التنفيذية بين الكونغرس قد تكون بمثابة بدائل كاملة للمعاهدات".

وهذا يفسر سبب رد يلين على تحدي تومي بقولها، إنَّ هناك "عدة طرق" يمكن للكونغرس من خلالها تنفيذ الاتفاقية.

و ردَّ تومي بالقول، إنَّه بما أنَّ الصفقة ستبطل العديد من المعاهدات الثنائية القائمة؛ فإنَّها ستتطلَّب معاهدة أخرى. إذ قال: "تغيير تلك المعاهدات يتطلَّب تصديق مجلس الشيوخ، و لاتوجد طريقة يمكنني رؤيتها لتجنّب ذلك".

وزيرة الخزانة الأمريكية: الضرائب على الشركات الدولية قد لا تُفرَض قبل 2022

كتب تومي وعضوا مجلس الشيوخ عن ولاية أيداهو، مايك كرابو، وجيمس ريش، وهما من كبار الجمهوريين من ثلاث لجان رئيسية، خطاباً إلى يلين في 8 أكتوبر يوضِّحان فيه النقطة نفسها، ويتّهمان الإدارة بالسعي لخداع سلطة إبرام المعاهدات في مجلس الشيوخ.

كما أنَّ الديمقراطيين غير متأكدين. فعندما سُئلوا عن ضرورة المعاهدة؛ أجاب رون وايدن، رئيس اللجنة المالية بمجلس الشيوخ، بشكل غامض. وقال: "أعتقد أنَّه ستكون هناك بعض القضايا الإجرائية".

يذكر أنَّه تمَّ الطعن في حجة تومي من قبل بعض خبراء الضرائب والمعاهدات.

تجاوز الكونغرس

تقول أونا هاثاواي، الأستاذة في كلية الحقوق في "جامعة ييل"، إنَّ بإمكان الكونغرس تجاوز معاهدة قائمة، إما عن طريق تمرير معاهدة رسمية جديدة، أو من خلال سنِّ قانون لاحق "من خلال العملية التشريعية العادية".

وقالت، إنَّ المحاكم الأمريكية اعترفت بصلاحية مثل هذا التشريع بموجب ما يعرف باسم "القاعدة الأخيرة في الوقت المناسب".

في هذا السياق، قالت باربارا أنغوس، قائدة السياسة الضريبية العالمية في شركة الاستشارات "إرنست آند يونغ"، إنَّ الاتفاقيات الضريبية خضعت تقليدياً لعملية سنِّ المعاهدة في مجلس الشيوخ، لكنَّ ذلك لم يجعل من هذه العملية شرطاً. وأضافت أنغوس "بالتأكيد قد تكون هناك إمكانية لاتباع مسار مختلف".

وبناءً على ما هو أسهل، قد ترغب إدارة بايدن منطقياً في الوصول إلى اتفاقية تنفيذية بين الكونغرس. لكنَّ المسؤولين قالوا، إنَّ القرار لا يرجع فقط لتقدير البيت الأبيض.

استشارة قانونية

و تمَّ الطلب من مكتب المستشار القانوني في وزارة الخارجية بتقديم توصية حول ما إذا كان ينبغي تنفيذ أي صفقة دولية على أنَّها معاهدة أو باعتبارها "اتفاقية دولية مختلفة عن المعاهدة".

ويجب أن يأخذ المكتب في الاعتبار مجموعة محدَّدة من العوامل المنصوص عليها في مرجع الشؤون الخارجية للوزارة، وفي ظل ظروف معينة، التشاور مع الكونغرس.

من جهة أخرى، قال مسؤول في البيت الأبيض، تحدَّث بشرط عدم الكشف عن هويته بسبب مناقشته لطريقة سريان العمليات الداخلية، إنَّه لا توجد عملية محدَّدة بموجب المرجع حول كيفية تقديم التوصية، وستكون خاضعة للحوار بين السلطة التنفيذية والكونغرس.

إذا فشلت الولايات المتحدة في المشاركة بشكلٍ كامل، فقد تخاطر بنجاح تنفيذ الصفقة الضريبية الأوسع.

إذ إنَّه سيكون من الصعب عمل خطة إعادة توزيع الأرباح بدون مشاركة الولايات المتحدة، موطن العديد من أكبر الشركات متعددة الجنسيات.

من جانبها، قالت الحكومات الأوروبية، إنَّ مشاركة الولايات المتحدة في عنصر المشاركة الضريبية تعدُّ ضرورية بالنسبة لها للموافقة على حدٍّ أدنى للضريبة العالمية، وسحب الرسوم الرقمية التي كانت الولايات المتحدة قد طالبت بإلغائها. وفي الوقت نفسه، ما تزال هناك أمور يتعين التفاوض بشأنها حول الدول التي ستخسر، وكم ستخسر من عائدات الضرائب.

وهي التفاصيل التي يمكن أن تؤثِّر بشكل كبير في كيفية تلقي المشرِّعين من كلا الطرفين لهذه الصفقة.

من جهته قال جيمس لوسير من "كابيتال ألفا بارتنرز"، إنَّه لا يرى أنَّ الكونغرس سيعطي ختماً كاملاً للموافقة قبل عام 2025، هذا في حال وافق.

وأضاف لوسير: "يمكنك تسجيل أنّني متشكِّك".