أسعار السلع الأساسية والآمال بعودة السياحة تنعش أسهم جنوب شرق آسيا

التزام بقواعد التباعد الاجتماعي في المطار الدولي في بالي، إندونيسيا، يوم التاسع من أكتوبر، أي قبل 5 أيام من إعادة فتح الاقتصاد
التزام بقواعد التباعد الاجتماعي في المطار الدولي في بالي، إندونيسيا، يوم التاسع من أكتوبر، أي قبل 5 أيام من إعادة فتح الاقتصاد المصدر: غيتي إيمجز
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

حققت أسواق الأسهم في منطقة جنوب شرق آسيا طفرة هائلة خلال الشهر الحالي، لتتفوق على باقي المنطقة، حيث تشهد انتعاشاً مدفوعاً بصعود أسعار السلع الأساسية، وإعادة فتح الاقتصادات مع انحسار جائحة فيروس كورونا.

يتوقع المستثمرون تحقيق مزيد من المكاسب خلال العام الجاري، مع أخذ تايلاند نموذجاً كمستفيد أساسي من تعافي قطاع السياحة، وإندونيسيا كنموذج للفائزين بفضل قطاع الموارد الطبيعية الهائل لديها.

وفيما هبطت جميع الأسهم في المنطقة، بداية من بورصة طوكيو وصولاً إلى بورصتي سيؤول وتايبيه خلال شهر أكتوبر الجاري، صعد مؤشر أسهم دول الآسيان بحوالي 4.5%. وتعطي عودة تدفق الأموال العالمية إلى هذه الأسواق، دفعة أيضاً لسوق العملات، وهو ما يجعل عملة "بات" التايلاندية، والروبية الإندونيسية، صاحبتي أفضل أداء خلال الشهر الجاري.

اقرأ أيضاً: هونغ كونغ تدرس زيادة الأسهم المقيّمة باليوان في بورصتها

شبح صعود سندات الخزانة الأمريكية يأتي في وقتٍ قاتم للأسواق الناشئة

قال آلان ريتشاردسون، مدير الصندوق في شركة "سامسونغ أسيت مانجمنت هونغ كونغ" (Samsung Asset Management - HK): "إن تحفيز النمو جراء إعادة فتح الاقتصادات، وصعود أسعار السلع الأساسية، من المفترض ترجمته إلى تفوق في الأداء لأسهم منطقة آسيان". من بين هذين العاملين، ربما يكون تأثير صعود أسعار السلع على أداء الأسهم في هذه المقارنة، أكبر من تأثير إعادة فتح الاقتصاد، وفق ما يقوله ريتشاردسون.

من جهته، يعتقد راجيف باترا، خبير أسواق منطقة جنوب شرق آسيا والأسواق الناشئة في "جيه بي مورغان تشيس" أن "عمليات التطعيم المتنامية، وسياسات التصدي للجائحة، مهدت الطريق نحو تحقيق نمو اقتصادي مستدام". وقال إن أسهم دول جنوب شرق آسيا، ستواصل على الأرجح صعودها القوي خلال فترتي ربع السنة الحالي، والمقبل.

بلغ صافي التدفقات الداخلة إلى أسواق الأسهم في تايلاند حوالي 280 مليون دولار خلال الشهر الجاري، وفقاً لبيانات جمعتها وكالة بلومبرغ. وتكشف هذه البيانات أيضاً، أن صافي التدفقات الداخلة إلى إندونيسيا، وصل إلى 251 مليون دولار، في حين حصلت ماليزيا على 81 مليون دولار صافي تدفقات داخلة لسوق الأسهم لديها.

أبرز ما يجب متابعته في بعض الأسواق المهمة بالمنطقة، في ظل تخفيف القيود الوبائية وصعود أسعار الموارد الطبيعية

إندونيسيا

في إندونيسيا التي تصدّر مواد النفط الخام والغاز والفحم وخام القصدير والمطاط وزيت النخيل، ارتفع مؤشر بورصة جاكرتا المجمع بنسبة 4% خلال الشهر الجاري، وهو ما جعله يقترب من أعلى مستوى قياسي له سجله في مطلع عام 2018.

قال أدريان جوزر، رئيس وحدة أبحاث الأسهم في شركة "مانديري سيكيويتاس" (Mandiri Sekuritas)، والذي توقع أن يصعد المؤشر بنسبة تصل إلى 5% تقريباً، إلى 6850 نقطة خلال العام الجاري: "مازال لدينا تفاؤل باستمرار الصعود في ما يتعلق بإندونيسيا، في الوقت الذي تدخل فيه البلاد مرحلة تعافٍ مبكر".

أضاف جوزر: "بات معدل تفشي العدوى ونسبة الإشغال للأسرّة في المستشفيات في الوقت الراهن أقل بكثير، فيما ساعدت أسعار السلع الأساسية القوية على الحد من مخاطر الاقتصاد الكلي المرتبطة بالخفض التدريجي لبرنامج التحفير المالي من قبل بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي".

من جانبه، قال بول نغ، مدير صندوق في شركة "أريكا كابيتال" (Areca Capital)، إن بإمكان إندونيسيا توقع المزيد من التدفقات النقدية الأجنبية الداخلة، خصوصاً في قطاعي التعدين والموارد الطبيعية.

أما تشوا زو ليان، مدير قسم الاستثمار في شركة "فورتريس كابيتال أسيت مانجمنت" (Fortress Capital Asset Management) فقال: "ستبقى الدول ذات الكثافة السكانية العالية، على غرار إندونيسيا، خياراً استثمارياً بالنسبة إلى الكثيرين". وأضاف أنه بالنسبة إلى جميع دول منطقة آسيان، "يجب أن تكون لدى أسهم قطاعي التجزئة والاستهلاك، التي لم ترتفع تقييماتها، فرصة جيدة للارتفاع".

تايلاند

ارتفع مؤشر "سيت" (SET) الرئيسي لبورصة تايلاند، بنسبة 2.4% خلال الشهر الحالي، وهو يراوح حالياً قرب أعلى مستوى له خلال عامين، في وقت تسعى فيه البلاد إلى تخفيف متطلبات السفر للسياح الذين حصلوا على جرعات لقاحات التطعيم.

ارتفعت الأسهم المرتبطة بقطاع السياحة، في ظل الإعلان الأسبوع الجاري عن أن سائحي 10 دول منخفضة المخاطر، لن يكونوا مضطرين إلى دخول فترة حجر صحي لدى وصولهم البلاد، اعتباراً من الأول من شهر نوفمبر المقبل.

صعدت أسهم شركة "إيجا أفييشن" (Asia Aviation)، التي تدير أكبر شركة طيران اقتصادي في البلاد، بنسبة توفق 10% خلال الشهر الحالي، في الوقت الذي ارتفعت فيه أسهم شركة "إيربورتس أوف تايلاند" (Airports of Thailand)، وهي شركة تشغيل مطارات تابعة للدولة، بنسبة 11%. كذلك، صعد سهم مستشفى "بمرونغراد" (Bumrungrad) بنسبة 2.5%، وهو مستشفى كان يجني غالبية إيراداته من خدمة المرضى الأجانب قبل تفشي وباء كوفيد-19.

قال إن جي من شركة "أريكا كابيتال": "تعوّل تايلاند على نحو كبير، على قطاع السياحة، ولذلك فإن التعافي الاقتصادي سيدعم قطاعي الاستهلاك والسياحة".

فيتنام

ارتفع مؤشر "في إن" (VN) في بورصة فيتنام، بحوالي 4% خلال شهر أكتوبر الحالي، في ظل تراجع حالات عدوى فيروس كورونا. ويتوقع المستثمرون أن تؤدي زيادة عمليات التطعيم، وكذلك عملية إعادة فتح وتشغيل المصانع، إلى زيادة في المكاسب شبه الجماعية، والتي تسمح بالعودة مجدداً إلى أعلى مستوى قياسي سجله المؤشر خلال شهر يوليو الماضي.

قال روتشير ديساي، مدير صندوق في شركة "إيجا فورنتير كابيتال" (Asia Frontier Capital): "مع ارتفاع معدل الحصول على اللقاح في فيتنام، وتراجع أعداد حالات الإصابة، نستطيع رؤية النشاط المتزايد في القطاعات الاقتصادية، والذي من المفترض أن يكون عاملاً إيجابياً بالنسبة إلى ثقة المستثمرين، لا سيما في ما يتعلق بإعادة فتح محاور، على غرار قطاع التجزئة الحديث، والسياحة الداخلية".

كما نوه بشركة "موبايل وورلد إنفستمنت" (Mobile World Investment) وشركة "فو نوان جيوليري" (Phu Nhuan Jewelry) وشركة "فينكوم ريتيل" (Vincom Retail)، على اعتبار أنها نموذج لإعادة افتتاح نوع من النشاط يمكنه أن يحقق استفادة خلال الأرباع السنوية القليلة المقبلة، مع إعادة فتح المتاجر ومراكز التسوق.

الفلبين

صعد مؤشر البورصة الفلبينية بنسبة 1.7% خلال الشهر الحالي، وبحوالي 7% منذ شهر أغسطس الماضي، عندما خففت الحكومة من قيود التنقل في منطقة العاصمة الفلبينية.

قال أندريه سوريانو، محلل في شركة "إيه بي سيكيوريتيز" (AP Securities): "إن إمكانية حدوث عمليات تخفيف أكثر للقيود، تسهم في تعزيز الثقة في اتخاذ المخاطرة وجذب أموال أجنبية". كما يتوقع صعود المؤشر الرئيسي بنسبة إضافية، ربما تبلغ 4.7% ليصل إلى مستوى 7400 نقطة خلال العام الجاري.

أضاف سوريانو، أنه بعيداً عن عملية إعادة فتح الاقتصاد، فإن الربع الأخير من العام يعتبر موسماً قوياً على صعيد الإنفاق الاستهلاكي، وبالإمكان توقع نمو في الإنفاق الحكومي، مع قرب الانتخابات الرئاسية المقررة خلال العام المقبل.

ماليزيا

قفز مؤشر بورصة كوالالمبور المجمع (KLCI) بأكثر من 4% خلال شهر أكتوبر، مدعوماً بقرار الحكومة الصادر خلال الأسبوع الحالي، تخفيف القيود على السفر، في توجه نحو إعادة فتح الاقتصاد بالكامل، وبشكل نهائي.

وفي ظل حصول 90% من المواطنين البالغين على جرعة اللقاح الكاملة، بدأت أسهم قطاعي السفر والترفيه تأخذ اتجاهاً صاعداً. وقد ارتفعت أسهم شركة تشغيل الملاهي الليلية "جنتينغ ماليزيا" (Genting Malaysia) بنسبة 6.7% خلال الشهر الحالي، في حين قفزت أسهم شركة الخطوط الجوية "إير إيجا أكس" (AirAsia X) بنسبة 25%.

في الوقت ذاته، صعدت أسهم شركات قطاع زيت النخيل متزامنة مع مكاسب أسعار تجارة هذه السلعة. وارتفعت أسهم شركة "آي أو آي" (IOI) بنحو 8.5% حتى الآن خلال الشهر الجاري، بينما صعدت أسهم شركة "سيم دارباي بلانتيشان" ( Sime Darby Plantation) بنسبة 24% تقريباً.

في هذه الأثناء، أسفر صعود أسعار الطاقة عن ارتفاع أسهم شركات النفط والغاز. حققت أسهم شركة "هابيسكاس بتريليوم" (Hibiscus Petroleum) مكاسب بنسبة 23% خلال شهر أكتوبر الجاري، في حين قفزت أسهم شركة "كوستال كونتراكتس" (Coastal Contracts) بنحو 49%.

سنغافورة

على الرغم من ارتفاع حالات الإصابة بفيروس كورونا، وتسجيلها مستويات قياسية جديدة على مدى الأيام الأخيرة في سنغافورة، إلا أن سوق الأسهم في المدينة التي تتمتع بحكم ذاتي، يبقى في حالة جيدة تسمح بتعظيم المكاسب التي تحققت منذ أن أعلنت المدينة عن المزيد من تخفيف القيود على السفر يوم السبت. وبالفعل، صعد مؤشر "ستريتس تايمز" في بورصة سنغافورة بحوالي 1.8% خلال الشهر الحالي.

قررت سنغافورة السماح بدخول المسافرين الحاصلين على التطعيم القادمين من تسع دول أخرى، تشمل الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، من دون الحاجة إلى إخضاعهم لإجراءات حجر صحي، وذلك اعتباراً من تاريخ 19 أكتوبر الجاري.

وقد ارتفعت أسهم شركة الخطوط الجوية السنغافورية بنسبة 9% خلال الشهر الجاري، في حين حققت أسهم شركة أعمال المناولة الأرضية وتموين الطائرات "ساتس" (SATS)، مكاسب بحوالي 5%. ومن بين الأنشطة الأخرى التي جرى إعادة فتحها، تأتي شركة "كومفورت ديلغرو" (ComfortDelGro)، وهي شركة متخصصة في تشغيل سيارات الأجرة، علاوة على كثير من صناديق الاستثمار الائتمانية للعقارات، والتي تصب اهتمامها على الاستهلاك.