ثري وراء أزمة انهيار شركة عقارية يجلس الآن على جبل ديون بـ9 مليارات دولار

المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

أثارت رسالة بريد إلكتروني، وصلت إلى صناديق البريد الوارد في ستة من أكبر بنوك العالم، ضجة كبيرة.

كتب المرسل المجهول أن رجل أعمال ثرياً اسمه سيفديت كانر يبدو وكأنه في طريقه إلى المتاعب، أو بالأحرى وقع في المتاعب مرة أخرى.

حذّرت الرسالة الإلكترونية من أن كانر نسج شبكة مالية معقدة للاستفادة من شركة عقارية كبيرة في ألمانيا، تمتلك فيها عائلته حصة كبيرة، على حساب مستثمرين آخرين، في الوقت الذي استهدفت فيه صناديق التحوط شركة "أدلر غروب" (Adler Group) التي حصلت على تمويل لتوسعتها من "هوز هو" (Who’s Who) للتمويل العالمي.

قبل مضي وقت طويل، بدأ كل من "باركليز" و"دويتشه بنك" و"غولدمان ساكس غروب" و"جيه بي مورغان تشيس آند كو"، التحقيق في أمر "أدلر". وإلى جانب ذلك، بدأ سعر سهم "أدلر" بالانخفاض، ما مثّل أخباراً جيدة للمضاربات السريعة ضد سيفديت كانر.

تقدّم رسالة البريد الإلكتروني هذه المؤلَّفة من 12 صفحة، التي أرسلها زميل سابق لكانر في مارس الماضي، دليلاً على المؤامرة التي تدور الآن حول "أدلر" والرجل الذي لُقب ذات مرة بأنه "رئيسها السرّي".

اقرأ أيضاً: أكبر خسارة عالمياً.. رجل أعمال صيني يفقد 28 مليار دولار من ثروته

يقول كانر، في تصريح لـ"بلومبرغ"، إن رسالة البريد الإلكتروني هذه ليست إلا جزءاً من حملة تشويه مصممة للتلاعب بالأسواق. تقول شركة "أدلر" شيئاً شبيهاً أيضاً، وتضيف أن علاقتها ببنوكها قوية كما كانت دائماً (رفض ممثلو البنوك التعليق).

ديون ضخمة

لكن الأسئلة لن تهدأ. تَدين شركة "أدلر" اليوم لدائنيها بأكثر من 8 مليارات يورو (9.3 مليار دولار)، ويحذر المراهنون على هبوط الأسعار من أن رافعتها المالية قد تكون أكبر مما تبدو عليه. تراجعت أسهم وسندات "أدلر" يوم الأربعاء، بعدما نشر البائع على المكشوف، فرايجر بيرينغ، تقريراً مطولاً يتهمها بأنها "مبنية على الخيانة الممنهجة للأمانة"، ما أدى إلى انخفاض أسعار الأسهم إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق، وإجبار أكبر مساهم فيها على إبرام صفقة مع شركة منافسة. حتى الساسة في ألمانيا يريدون إجابات. كيف تبرم "أدلر" صفقاتها؟ ومن المستفيد؟

انتشرت قصة سيفديت كانر عبر النمسا وألمانيا، ووصلت إلى مدينة لندن وبعض أغنى البنوك في العالم. إنها قصة صعبة في زمن المال السهل، وتليق بموسم الصفقات القائمة على الديون، ومحاباة المصرفيين والمخاطر التي جرى التغاضي عنها.

تمتعت شركة "أدلر" على مدار 141 عاماً منذ تأسيسها في فرانكفورت بتاريخ من التميز الهادئ. أنتجت بعضاً من أوائل الدراجات الألمانية، ودخلت في مجالات السيارات بعد فترة وجيزة من "مرسيدس بنز". في فيلم الرعب الكلاسيكي "ذا شاينينغ" (The Shining) في هوليوود، نرى جاك نيكلسون وهو يكتب بهوس شديد: "العمل دون متعة يجعل جاك صبياً مملاً"، على آلة كاتبة من صنع "أدلر"، يُقال إنها الآلة المفضلة للمخرج ستانلي كوبريك.

اقرأ أيضاً: رجل أعمال يربح مليارَي دولار من استحواذ "أمازون" على شركة أفلام أمريكية

التحوّل إلى العقارات

ثم تخلت "أدلر" عن التصنيع من أجل المكاسب الكبيرة في سوق العقارات. وبعد نحو عقد من الزمان ظهر كانر، وبدأت "أدلر" التحول إلى لاعب رئيسي في سوق العقارات في ألمانيا.

لكنه كان هناك من قبل، فقبل 13 عاماً فقط انهارت مجموعته العقارية "ليفيل ون" (Level One) تحت أعباء ديون بلغت 1.2 مليار يورو. أدى هذا الانهيار إلى فتح تحقيق طويل ودقيق بشأن "ليفيل ون" ودور كانر في الكارثة. لم يُبرَّأ حتى عام 2020 في فيينا من التهم الجنائية التي تتعلق بالتآمر والاحتيال التجاري وغسل الأموال، وهي تهم وُجهت إليه منذ فترة طويلة بتحريض من أعدائه في مجال الأعمال. ويقول إن صناديق التحوط أسقطت "ليفيل ون"، وتريد إسقاط "أدلر" أيضاً.

الأمر المؤكد هو أن الوقت يمرّ. أصبحت "أدلر" مالك عقارات رئيسياً في بلد المستأجرين، وتمتلك 70 ألف شقة في مختلف أنحاء ألمانيا، من بينها 20 ألف شقة في برلين، العاصمة سريعة التطور التي أثارت إيجاراتها المرتفعة دعوات إلى إيجاد حلول جذرية. كما أن الشركة تعاني من ديون بنحو 600 مليون يورو، تستحق في الأشهر الستة المقبلة، ويجب عليها سداد تلك الديون، أو إقناع البنوك بإعادة تمويل لها.

وفقاً لملفاتها المالية، لم تسحب شركة "أدلر" بعدُ من تسهيلات ائتمانية متجددة بقيمة 300 مليون يورو رتّبتها في مارس، ما يمنح الشركة مجالاً للمناورة في حالة رفض مستثمري السندات. وتقول الشركة أيضاً إنها قد تقترض نحو مليار يورو مقابل ممتلكاتها في أسواق السندات.

لكن الأسواق هي أسواق، وتستطيع صناديق التحوط أن تشتمّ رائحة الضعف. تتهم "بيرينغز فيسوري ريسيرش" (Perring’s Viceroy Research) "أدلر" بإجراء سلسلة من المعاملات، تبيع بموجبها الشركة إلى طرف ذي صلة بسعر متضخم لا تجري تسويته بالكامل. وتقول إن الشركة تصنّف بشكل مصطنع ميزانيتها العمومية بذمم مدينة غير مستردة. كما تتهم شركة "أدلر" بأنها تنسِّق مع أطراف ذات صلة لم يُكشف عنها، لشراء حصص مسيطرة في شركات غنية بالأصول، وخرق التزامات الإفصاح.

الردّ على الادعاءات

رداً على ذلك، قالت "أدلر" إن التقرير يتضمن عديداً من الادعاءات الكاذبة، وإن مثمّنين مستقلّين حدّدوا قيمة أصولها العقارية، وأكدتها البنوك الممولة. على مدار الأشهُر الاثني عشر الماضية أكدت الشركة أنها باعت محافظ متعددة بأسعار أعلى من القيم الموجودة في دفاترها، وأنها تلقت طلبات من مستثمرين مؤسسيين يرغبون في شراء أجزاء كبيرة من المحفظة. وقالت الشركة: "تقيّم (أدلر) مثل هذه الأساليب كجزء من مراجعتها المستمرة للخيارات الاستراتيجية. لذلك، وعلى عكس التقرير، لم يحدث أي تقصير أو يستمر بموجب الملاحظات الصادرة عن (أدلر) أو أي من الشركات التابعة لها". وأضافت "أدلر" أنها ستنشر رداً أكثر تفصيلاً قريباً.

تقدّر قيمة محفظة "أدلر" بـ12.6 مليار يورو، ولديها أصول صافية تبلغ 4.95 مليار يورو، وفقاً لأحدث تقرير لأرباح الشركة. وعلى النقيض من ذلك، تبلغ قيمتها السوقية 1.4 مليار يورو فقط، ما يعني تداولها بخصم كبير على القيمة المعلنة لأصولها. على هذا النحو، سيساعد بيع الأصول الرئيسية بالقيمة الدفترية أو بالقرب من سعرها في تخفيف ضغوط إعادة التمويل. أبرزت المبيعات الأخيرة لمحافظ الإسكان الألمانية ارتفاع الطلب على الشقق في البلاد، بما في ذلك استحواذ شركة "هيمستادين" (Heimstaden) على عديد من العقارات الألمانية والشمالية، بقيمة 9.1 مليار يورو في الشهر الماضي. أكدت شركة "سكوب ريتينغز" (Scope Ratings) التصنيف الائتماني لوحدة "أدلر" الرئيسية عند مستوى "BB" في تحديث نُشر في 29 سبتمبر.

مع ذلك، قالت "بافن" (Bafin)، الوكالة الألمانية للرقابة، إنها تأخذ تقرير "فيسروي" على محمل الجد، وإنها تدرس المزاعم الواردة فيه. وأضافت "بافن" أنه في حال الاشتباه بارتكاب جرائم فإنها ستقدم شكوى إلى النيابة العامة المسؤولة.

تكلفة تأمين الديون

حتى قبل الإعلان عن اتهامات "فيسوري"، ارتفعت تكلفة تأمين ديون "أدلر" ضد التخلف عن السداد إلى مستويات قياسية. كشفت شركة "غلادستون كابيتال مانجمنت" (Gladstone Capital Management) وصناديق التحوط الأخرى أنها تبيع أسهم "أدلر" على المكشوف. وتراهن صناديق التحوط الأخرى على سندات "أدلر"، وفقاً لأشخاص مطلعين على الأمر. راهن بعض متداولي الائتمان في "جيه بي مورغان" في لندن مؤخراً ضد "أدلر" أيضاً، بعد أشهُر فقط من قيام وحدة مختلفة من البنك الأمريكي بالمساعدة في ضمان مزيد من السندات للشركة.

اهتزاز الثقة

كتب كريس كاي المحلل في "بي إن بي باريبا" (BNP Paribas) في مذكرة إلى العملاء بتاريخ 15 سبتمبر: "تدهورت ثقة المستثمرين بـ(أدلر غروب)، وأصبحت الثقة الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى لتمويل نموذج الأعمال للمضيّ قدماً".

مع تسارع تراجع الأسهم في الأسابيع الماضية، التي أدت إلى استيفاء طلبات الهامش، أعلنت "أدلر" في 4 أكتوبر أنها تستكشف مبيعات الأصول المحتملة كوسيلة لتقليل الرافعة المالية. في وقت متأخر من يوم الخميس، باعت "أغريغيت هولدينغز" (Aggregate Holdings)، أكبر شركة مستثمرة في "أدلر"، وهي شركة يقدم لها كانر المشورة بشكل غير رسمي، خيار شراء لنحو نصف حصتها لشركة منافسة هي "فونوفيا" (Vonovia) كجزء من الصفقة، وقالت "أغريغيت" إنها كانت تسدد قرض هامش معلقاً.

في تحذيره للبنوك، يرسم مساعد كانر السابق صورة غير مألوفة للعلاقات التجارية الغامضة، والشركاء المتواطئين، والصناديق الائتمانية السرية، والحيازات المتقاطعة المعقدة، وغير ذلك. يقول المرسل إن اتصالات كانر بـ"أدلر" تشمل ما لا يقل عن عشرة كيانات منفصلة في ست ولايات قضائية مختلفة، من بينها مقره الرئيسي في موناكو. حصلت "بلومبرغ" على نسخة من المذكرة، شرط ألا تحدد هوية المؤلف.

عملية اندماج معقدة

تتمثل القضية الرئيسية في كيفية تشكل "أدلر" عبر اندماج ثلاثي معقد. في أواخر عام 2019، استحوذت "أدلر" على شركة إسرائيلية تمتلك حصة كبيرة في شركة عقارية ألمانية أخرى، هي "إيه دي أو بروبيرتيز" (ADO Properties)، التي كانت أقوى مالياً من "أدلر". بعد خمسة أيام أعلنت "إيه دي أو بروبيرتيز" أنها بصدد شراء "أدلر"، الشركة التي تملك جزءاً فيها، إضافة إلى حصة في شركة عقارية ثالثة هي "كونسوس ريل إيستيت" (Consus Real Estate)، التي كانت تسيطر عليها "أغريغيت"، وغيرت اسم الشركة المندمجة إلى "أدلر غروب".

عند إبرام الصفقة، لم تكن الاتصالات بين كانر و"أدلر" معروفة على نطاق واسع، ثم انكشفت الروابط والمعاملات مع الأطراف ذات الصلة، ما أثار قلق المستثمرين في الإيداعات العامة في دول مثل لوكسمبورغ وألمانيا والمملكة المتحدة وموناكو.

مع ذلك، سرعان ما بدأت وسائل الإعلام المحلية في التعرف إلى الرجل الذي بدا مرتبطاً بكل تلك الشركات. واحتجّ مساهمو الأقلية قائلين إن "إيه دي أو" كانت تدفع فاتورة صفقة إصلاح الميزانية العمومية لشركتَي "أدلر" و"كونسوس". في الشهر الماضي، بعدما بدأ الحزب السياسي الألماني "دي لينك" (Die Linke) أو حزب اليسار في طرح أسئلة عن الصفقة في البرلمان، أصدرت "أدلر" بياناً قالت فيه إنها توفر "شفافية كاملة" دائماً.

قال كانر من خلال محاميه إنه لم يحاول قَط إخفاء استثماره في "أدلر"، وطعن في فكرة أنه هو صاحب القرار، كما أصرّ على أن إدارة الشركة هي التي تديرها.

كتب المحامي: "مع ذلك، بصفته مستشاراً نشطاً لاستثمارات عائلته في (أدلر ريل إيستيت) منذ عام 2012، قدّم السيد كانر وجهات نظره ومداخلاته حول التطوير الأمثل للشركة التي تُعرف اليوم باسم (أدلر غروب). لا تختلف هذه المساهمة عن مساهمة مختلف المستثمرين المؤسسيين والخاصين أو حاملي السندات الذين يقدمون بنشاطٍ ملاحظات وتوصيات ومشورة للشركات التي يستثمرون فيها، أو الشركات التي تُستثمر فيها الأموال بناء على نصيحتهم".

كما أن منتقدي كانر معجبون بسحره، وثقته بنفسه، وميله إلى الأعمال المعقدة والتمويل. من المعروف أنه يتفوق على المصرفيين في "غريل رويال" (Grill Royal)، وهو مكان يجتمع فيه الأثرياء في برلين، إذ يكلفك صحن فيه 100 غرام من فيليه اللحم 150 يورو. إنه زائر منتظم لمدينة كان، وفي حلبة اليخوت والشمبانيا. يقسم كانر وقته بين موناكو ومنازله في برلين ونيويورك ولندن.

الانطلاق في الأعمال التجارية

لم تكن الأمور على هذا النحو دائماً. نشأ كانر، وهو واحد من سبعة أطفال وُلدوا لأبوين تركيين، في لينز بالنمسا. درس الأعمال هناك، ولفترة من الوقت سعى وراء طموحات سياسية بصفته رئيساً للشباب الاشتراكي. صعد للمرة الأولى إلى الصدارة في الأعمال التجارية مع "سي إل سي" (CLC)، وهي شركة مركز اتصالات أسسها في سنّ الثانية والعشرين، وغادرها في عام 2002. بعد ذلك بعامين، أفلست "سي إل سي"، وهو الأمر الذي يضع كانر اللوم فيه على تغيير الاستراتيجية بعد رحيله.

تحوّل كانر بعد ذلك إلى العقارات. نمت مجموعة "ليفيل ون" لتشمل أكثر من 200 وحدة أعمال في ألمانيا وليختنشتاين ولوكسمبورغ وجيرسي، إذ استثمرت بشكل أساسي في الإسكان العام في الحقبة الشيوعية. موَّلها في الغالب بقروض من "كريديه سويس غروب" (Credit Suisse Group) و"إيه بي إن أمرو بنك" (ABN Amro Bank) و"بير ستيرنز كوز" (Bear Stearns Cos)، إذ وضع أكثر من نصف هذه المبالغ في سندات مالية خلال طفرة الإصدارات في وول ستريت. عندما انفجرت الفقاعة، انهارت معها خطط كانر الكبرى، انهارت "ليفيل ون"، وبلغ مجموع ديونها 1.2 مليار يورو. كان أكبر انهيار لشركة في قطاع العقارات في ألمانيا منذ 15 عاماً.

في لندن، نشرت صحف الفضائح مشكلات كانر المالية، عندما استعاد البنك منزله البالغ 20 مليون جنيه إسترليني (31 مليون دولار آنذاك) في مايفير.

كتب محاميه بن إم إيرل في بيان: "خسر السيد كانر أكثر بكثير من مجرد مكتب في مايفير. لقد فقدَ ثروة مالية كبيرة، وأضاع أكثر من عشر سنوات في المحاكم ليثبت أنه غير مذنب، وخسر وقتاً ثميناً لا يمكن تعويضه مع عائلته، وخسر أمام الرأي العام الذي قادته وسائل الإعلام التي حكمت عليه على أُسُس خاطئة، إلى جانب عديد من الخسائر الأخرى".

مع ذلك، وخلال بضع سنوات، عاد كانر. ففي عام 2012، بينما كان لا يزال متورطاً في كارثة "ليفيل ون"، بدأ كانر الاستثمار في "أدلر". أتت خطوته الأولى من خلال صندوق عائلته الائتماني "كانر برايفتستيفتونغ" (Caner Privatstiftung)، المسجل في ساحة لينز الرئيسية التاريخية. اشترت المؤسسة "ميزانين 9 إنفيستورز" (Mezzanine IX Investors)، وهي شركة من تكساس تمتلك حصة مسيطرة في "أدلر". باعت المؤسسة لاحقاً تلك الحصة إلى زوجة كانر وشقيقها وشريك تجاري من عهد "ليفيل ون".

الرئيس السرّي

استمرّ نموّ العلاقات بين كانر و"أدلر". في عام 2016، اتهمت لجنة الاستحواذ النمساوية "أدلر" وكانر وآخرين بالتنسيق معاً للحصول على حصة مسيطرة في شركة عقارات منافسة تدعى "كونفيرت إيموبيلين إنفيست" (Conwert Immobilien Invest) دون تقديم عرض رسمي، حسب متطلبات القانون. وصفت إدارة "كونفيرت" كانر بأنه "الرئيس السري لشركة "أدلر". قلل كانر من دوره قائلاً إن لديه "سلطة طبيعية نظراً إلى حصة عائلته في "ميزانين 9" (Mezzanine IX) وحصتها في "أدلر". وقضت محكمة العدل الأوروبية الشهر الماضي بأن لجنة الاستحواذ بالغت في القضية.

ومع ذلك، فإن تصريح كانر الذي رحب فيه بالحكم الصادر في سبتمبر يمثل اعترافاً علنياً نادراً باهتمامه بشركة "أدلر". في السابق، لم تذكره نشرات سندات الشركة إلا بخط صغير، مستندة في ذلك إلى المخاطر القانونية المحتملة في النمسا. دفعت القواعد التي طبقتها لوكسمبورغ في عام 2019 إلى الكشف عن حصة زوجته في "ميزانين 9"، وبالتالي في "أدلر". ورداً على سؤال من صحيفة الفضائح الألمانية "بيلد" في مارس 2020 عما إذا كانت لكانر حصة مباشرة أو غير مباشرة في الشركة، قال محاميه إيرل للصحيفة إنّ كانر لا يملك حصة.

في الآونة الأخيرة، وتحديداً في سبتمبر، قال ديفيد شنابس كبير المحللين في "كريديت سايتز" (CreditSights) إنّ فريق علاقات المستثمرين في "أدلر" أخبره بأن دور كانر يقتصر على نصائح الاندماج، وأنه ليس لديه مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في الشركة.

قال إيرل لـ"بلومبرغ"، إن "هيكل المساهمين كان منشوراً ومعروفاً في جميع الأوقات، بما أنه جزء من عديد من الوثائق العامة، لا سيما النشرات، وبالتالي فهو لم يكن مخبأً عن أي شخص. أما حقيقة أن أفراد عائلة السيد كانر يستثمرون في (أدلر) فهي لا تجعل من السيد كانر مساهماً في (أدلر) بشكل مباشر أو غير مباشر".

بعد إبرام كل هذه الصفقات، ارتفع تقييم "أدلر". تبلغ ديون الشركة 55% من قيمة ممتلكاتها، وهي نسبة أعلى بكثير من معظم أقرانها.

ترتيبات الميزانية

لكن حتى هذا قد يقلل من عبء ديون "أدلر"، إذ تضمّ أصولها أكثر من مليار يورو في حسابات مدينة. عادةً ما تحجز الشركات مستحقات فقط إذا كانت تتوقع الحصول على أموال في غضون 12 شهراً. لدى "أدلر" حسابات مستحقة القبض مرتبطة بمبيعات الأصول منذ نحو ثلاث سنوات، وهي حقيقة تنسبها إلى طبيعة التطورات العقارية طويلة الأجل. تقول الشركة إنها اتبعت قواعد المحاسبة ذات الصلة، وإن "كيه بي إم جيه" (KPMG) راجعت دفاترها المحاسبية.

من أصل المليار يورو هذه، لـ"أدلر" دَين مستحق بقيمة 209 ملايين يورو من بيع حصة في مشروع تطوير دوسلدورف في عام 2019. أما المشتري الذي يَدين لـ"أدلر" بالمال فهو شركة مقرها برلين يملكها صهر كانر. كشفت شركة "أدلر" في أغسطس أنها ستلغي الصفقة وتعيد المشروع إلى ميزانيتها العمومية.

قال شنابز، المحلل في "كريديتسايتز": "إن حجز مستحقات في ميزانيتك العمومية، ولعدد من السنوات كما في بعض الحالات، يعتبر مخاطرة كبيرة، وهو بالتأكيد ليس أمراً يحدث في أي شركة عقارية أخرى أعرفها. وحقيقة فعلهم لهذا الأمر تدفعك إلى البحث في العمق، والسؤال: ما النقاط الأخرى التي يتبعون فيها هذا السلوك المقامر؟".