"أوبر" و"كريم" تواجهان نزاعاً ضريبياً في السعودية بـ100 مليون دولار

سائق لدى شركة "أوبر" في الرياض، السعودية
سائق لدى شركة "أوبر" في الرياض، السعودية المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

تواجه "أوبر" (Uber) وشركتها التابعة "كريم" (Careem) استحقاقات ضريبية في السعودية بعشرات ملايين الدولارات، وفق مصادر مطلعة.

اثنان من المصادر كشفا أن شركتي "أوبر" و"كريم" (مقرها دبي) تواجهان فاتورة ضريبية مُجمّعة في المملكة تبلغ قيمتها حوالي 100 مليون دولار. مُضيفين أن هذه المطالبات مرتبطة بنزاعٍ حول كيفية احتساب ضريبة القيمة المضافة المستحقة خلال السنوات القليلة الماضية، وآلية اقتسامها ما بين شركات العمل المؤقت والمتعاقدين الأفراد معها. كما تتضمن المطالبات غرامات كبيرة نتيجة تأخر هذه الشركات بالسداد.

ولفتت المصادر إلى أن العديد من الشركات تحاول التفاوض بهذا الخصوص مع الهيئة العامة للزكاة، والتي لم ترد على طلب "بلومبرغ" للتعليق حول الموضوع، في حين رفضت شركتا "أوبر" و"كريم" التعليق.

اقرأ أيضاً: مسؤول سعودي يوضح لـ"الشرق" موقف "أوبر" و"كريم" الضريبي

يتسق هذا النزاع الضريبي في السعودية مع النقاش العالمي حول كيفية فرض ضرائب على أنشطة شركات العمل المؤقت أو منصات "الاقتصاد التشاركي" مثل "أوبر" وإير بي إن بي" (Airbnb) و"تاسك رابيت" (TaskRabbit)، والتي تعتمد على السائقين أو الناقلين أو المضيفين الذين لا تطالهم غالباً السقوف الضريبية.

لكن، في المقابل، فإن التكاليف غير المتوقعة لهذه النزاعات، قد تكمن في إثارة مخاوف المستثمرين، في وقتٍ يحاول فيه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان والمسؤولون السعوديون جذب الشركات متعددة الجنسيات إلى المملكة وتعزيز الاستثمار الأجنبي.

أبعد من "فتشر"

مطلع هذا الشهر، برزت قضية ضريبية مشابهة لأول مرّة في السعودية، عندما أفصح مستثمر كبير في تطبيق إرسال واستلام الطرود "فتشر" (Fetchr)، والذي شكّل يوماً نموذجاً للشركات الناشئة الواعدة في الشرق الأوسط، أن الشركة تدرس التقدم بطلب تصفية بعدما أصبحت "مفلسة" بسبب الفاتورة الضريبية المتنازع عليها في السعودية بقيمة 100 مليون دولار.

وترى مصادر أن القضية أكبر من "فتشر" وتؤثر على شركات تكنولوجية أخرى تعمل في المملكة.

وتضرّ النزاعات الضريبية، وما يرافقها من إرهاصات، بطموحات الأمير محمد بن سلمان لتنويع الاقتصاد. وبينما تعهد المسؤولون السعوديون مراراً بإيلاء الاهتمام لهواجس القطاع الخاص، يشكو بعض رجال الأعمال من أن التحولات غير المتوقعة في السياسات خلال السنوات الخمس الماضية، تجعل من الصعب التخطيط للمستقبل واحتساب المخاطر. ويتزامن ذلك مع تزايد المنافسة مع مدينة دبي الإماراتية عمّن يُشكل الوجهة الأساسية للشركات الناشئة في المنطقة.

واعتادت السعودية الاعتماد بشكلٍ شبه كامل من حيث الإيرادات على صادرات النفط الخام. لكن في عام 2018، وكجزء من الجهود المبذولة لتعزيز المداخيل غير النفطية، تمّ فرض ضريبة القيمة المضافة بنسبة 5%، ورُفعت إلى 15% بعد انتشار جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط. مع الإشارة إلى أن ولي العهد السعودي تعهّد بخفض الضريبة في المستقبل.

القيمة المضافة

منذ فرض الضريبة لأول مرة، كانت شركات مثل "أوبر" تدفعها على ما تعتبره القيمة المضافة الخاصة بها، أو عمولة الشركة، وهي مجرد جزء من المبلغ الإجمالي الذي يدفعه العملاء، حيث يذهب قسم كبير من المال إلى السائقين الذين يستخدمون منصات هذه الشركات.

لكن في العام الماضي، بدأت هيئة الزكاة (المسؤولة عن الضرائب) بإرسال إعادة تقييم للشركات، يتضمن الضرائب على المبلغ بالكامل، بما في ذلك حصة السائقين، حسبما قال الأشخاص المطلعون على المسألة.

من جانبها، تعتبر السلطات أن هؤلاء السائقين يقعون تحت مظلّة ضريبة القيمة المضافة، وسيكون من غير العملي تحصيل الضرائب منهم مباشرةً. لكن نظراً لأن الفواتير تعود إلى عدّة سنوات وتتضمن غرامات تراكمية، فإن هذه الخطوة تترك الشركات في مأزق بالنسبة للأموال التي لم تقم بتحصيلها، وفق الأشخاص أيضاً.

وبحسب مصدران مطلعان، فقد حاولت بعض الشركات طلب المساعدة من وزارة الاستثمار السعودية ومن كياناتٍ معنية أخرى، لكن قيل لها إن المشكلة تتطلب حلاً على صعيد السياسة الضريبية بالكامل.

وزارة الاستثمار السعودية أوضحت في بيانٍ مُوجّه لوكالة بلومبرغ أنها "على علم بمثل هذه الحالات"، وهي تعمل "بشكل وثيق مع الهيئات الحكومية ذات الصلة لمعالجتها وإيجاد حلول سريعة وعادلة". واصفةً نفسها بـ"مناصرة المستثمرين داخل الحكومة".

كما أضافت الوزارة أن التغييرات في السياسة التي تم تحديدها في إطار استراتيجية الاستثمار السعودية، المُعلن عنها الأسبوع الماضي، "مصممة على إيجاد بيئة أعمال عادلة وفاعلة تدمج احتياجات المستثمرين المحليين والدوليين في عملية صنع القرار الحكومي".

الجدير بالذكر أن صندوق الاستثمارات العامة السعودي يمتلك حوالي 4% من أسهم شركة "أوبر"، كما يشغل محافظ الصندوق ياسر الرميان، وهو من كبار مستشاري ولي العهد، مقعداً في مجلس إدارة الشركة. علاوةً على ذلك، فإن شركة "كريم" مملوكة بالكامل لشركة "أوبر"، إلاّ أن العلامتين التجاريتين تعملان كتطبيقين مختلفين في المملكة.