لا تنتظروا شتاءً دافئاً من "أوبك" هذا العام

توقعات فوائض الإنتاج في 2022 تدفع باتجاه عدم الزيادة حالياً
توقعات فوائض الإنتاج في 2022 تدفع باتجاه عدم الزيادة حالياً المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لا شك أن الارتفاع الصاروخي في أسعار الغاز الطبيعي، والفحم، والكهرباء يفرض ضغوطاً إضافية على أسواق النفط، ما يُعزّز الطلب في ظل سعي الصناعات ومولدات الطاقة إلى التحول نحو الوقود السائل للحد من التكاليف. مع ذلك، لا تتوقعوا أن يُعزّز منتجو النفط الإمدادات بسرعة أكبر خلال الشتاء القادم، فهم قلقون أكثر بشأن ما قد يحدث العام المقبل.

في هذا الصدد، سيؤدي التحول عن وقود الغاز والفحم إلى زيادة الطلب العالمي على النفط بمقدار 500,000 برميل يومياً خلال فصل الشتاء في نصف الكرة الشمالي. هذه هي وجهة النظر الجماعية التي ظهرت من المحللين في وكالة الطاقة الدولية، و"سيتي غروب" (Citigroup)، و"يو بي إس" (UBS)، وأماكن أخرى؛ إلا أن المنتجين ملتزمون بخطط الإنتاج التي وضعوها في يوليو.

يتسبّب الطلب الإضافي في قيام العديد من هؤلاء المحللين برفع توقعاتهم لأسعار النفط (وكالة الطاقة الدولية لا تتوقع الأسعار). حيث تُعدّ هذه أخباراً رائعةً لمنتجي النفط، وعلى رأسهم السعودية وروسيا، الذين يعيدون ملء خزائنهم بعد الانخفاض الكبير في الإيرادات الذي عانوه العام الماضي، لكن ما يزال من غير الكافي بالنسبة لهم التفكير في فتح صنابير الإنتاج بشكل أسرع مما خططوا له بالفعل.

اقرأ أيضا: "الطاقة الدولية": أزمة الغاز العالمية تتسرب إلى أسواق النفط

بدلاً من ذلك، فإن المنتجين يُثنون على إدارتهم للسوق، مشيرين إلى أن أسواق الطاقة التي ليس لديها ما يعادل "أوبك+" لإدارتها، ويقصدون بذلك الغاز والفحم والكهرباء، قد شهدت ارتفاعات هائلة في الأسعار. في الواقع، يبدو النفط جيداً بالمقارنة، حيث تضاعف سعره فقط خلال الـ 12 شهراً الماضية، ووصل إلى أعلى مستوى له في سبع سنوات، بدلاً من تسجيل أرقام قياسية جديدة مثل أنواع الوقود الأخرى.

سر الإحجام

ربما يمكننا أن نُرجع أحد أسباب إحجام "أوبك" عن فتح صنابير الإنتاج بسرعة أكبر إلى توقعات الطلب على النفط للوكالات الكبرى مثل وكالة الطاقة الدولية.

نعم، فقد حذرت الوكالة في تقريرها الشهري الأخير، الذي نشر يوم الخميس، من أن "ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي دفع إلى التحول إلى النفط الذي يمكن أن يعزز الطلب بشكل كبير". ومع ذلك، إذا نظرتم إلى توقعات الطلب الخاصة بها، فإنها ترى الآن أن استهلاك النفط في الربع الأخير من عام 2021 أقل بكثير مما كان عليه في يوليو؛ ونتيجة لذلك، فقد خفضت أيضاً تقييمها لكمية خام أوبك التي يحتاجها العالم لموازنة العرض والطلب.

اقرأ أيضا: العالم يحتاج المزيد من النفط للتدفئة في الشتاء المقبل.. فهل تستجيب "أوبك"؟

لكن يبدو أن المشكلة الحقيقية تكمن في أن منتجي النفط لم يكونوا قلقين بشأن هذا الشتاء؛ حيث إن القلق الأكبر في أذهانهم هو فائض كبير في المعروض من النفط العام المقبل.

وفي حديثه يوم الخميس الماضي في منتدى أسبوع الطاقة الروسي في موسكو، قال وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان إنه يشعر بالقلق من تحول سوق النفط إلى فائض معروض في عام 2022، ما يخلق مخزونات فائضة ضخمة بحلول نهاية العام. وقال: "سيكون لدينا عام مليء بالتحديات، حيث نستمر في إخبار الناس بأن علينا أن ننظر إلى ما هو أبعد من أنوفنا".

حسناً، هذا بالتأكيد أمر يدعو للقلق بالنسبة لمنتجي النفط، إلا أنه سيكون مصدر قلق أكبر فيما لو كان ذلك صحيحاً بالفعل.

فوائض مستقبلية

ويرى محللو "أوبك" أن عجز المعروض النفطي في عام 2021 - الذي أدى إلى انخفاض المخزونات الفائضة التي تراكمت في عام 2020، سيتحول إلى فائض خلال العام المقبل. ويبدو أنها حجة مقنعة لتوخي الحذر. إلا أن هذا الفائض مبني على المغالطة القائلة بأن مجموعة المنتجين وحلفاءها سيواصلون إضافة 400,000 برميل يومياً للإمدادات، إلا أنهم لن يفعلوا ولا يمكنهم فعل ذلك في الواقع.

لا يُتوقّع أن يفي العديد منهم بأهداف إنتاجه الحالية، فضلا عن أية زيادات في المستقبل، وفي هذا الصدد، تتصدّر أنغولا ونيجيريا وماليزيا تلك القائمة، كما أن العديد من المنتجين الآخرين، أبرزهم روسيا، سيكونون قريباً في وضع مماثل.

اقرأ أيضا: ينبغي على "أوبك +" القلق من نقص النفط لا فائضه

في الحقيقة، جرى قياس خفض الإنتاج الروسي من خط أساس يبلغ 11 مليون برميل يومياً، وهو نفس معدل التخفيض في المملكة العربية السعودية، لكن في حين أن المملكة ضخت بالفعل هذا القدر من النفط الخام في الماضي، فإن روسيا لم تفعل ذلك أبداً. وفي الواقع، ربما لم تضخ أبداً أكثر من 10.4 مليون برميل يومياً. ومع ذلك، فإن هدف إنتاجها بموجب اتفاق "أوبك+" سيصل إلى هذا المستوى بحلول أبريل 2022.

فضلاً عن ذلك، يشير البعض إلى أن فشل روسيا في رفع الإنتاج خلال الصيف يُظهِر أنها تكافح بالفعل، على الرغم من أن القفزة الكبيرة في الإنتاج المعلن لشهر سبتمبر، بزيادة شهرية بنحو 300,000 برميل يومياً، قد تهدئ بعض هذه المخاوف.

وفي حال فكرتم في عودة البراميل الإيرانية المتراجعة باستمرار، والتي تنزلق أكثر نحو المستقبل في ظل تأجيل المحادثات حول العودة إلى الاتفاق النووي لعام 2015، فمن السهل أن نرى الكثير من الفائض الضخم في العام المقبل يتبخر بسرعة.

اقرأ أيضا: ارتفاع الطاقة يدفع صندوق الثروة الروسي إلى تحقيق مستويات قياسية

من منظور ساخر، فإن رفض زيادة العرض يبدو وكأنه ذريعة مناسبة لمنتجي النفط لتجاهل دعوات الدول الأخرى لفتح صنابير الإنتاج بسرعة أكبر، والتمتع بأسعار أعلى. لكن يجب عليهم حينها أن يأملوا في ألا تتحد مضاعفة أسعار النفط مع ارتفاع تكاليف الطاقة في أماكن أخرى لإذكاء التضخم، وتقليص النشاط الصناعي وشراء المستهلكين إلى الحد الذي يتوقف فيه الانتعاش ويخنق الطلب على النفط.

وفي الوقت الحالي، يبدو أن "أوبك" تعتمد على التعافي المستمر من الجائحة. لذلك لا تتوقعوا منها أن تضخ نفطاً أكثر مما خططت له بالفعل، وربما ليس حتى بهذا القدر.