2.7 تريليون دولار من مدخرات أزمة كورونا مكدسة لدى المستهلكين القلقين

يفضل المستهلكون الادخار في الوقت الحالي عن الإنفاق مع تراجع الثقة بشأن الاقتصاد ونقص السلع وهو ما يحبط آمال الشركات التي كانت تتطلع لزيادة حركة الاستهلاك
يفضل المستهلكون الادخار في الوقت الحالي عن الإنفاق مع تراجع الثقة بشأن الاقتصاد ونقص السلع وهو ما يحبط آمال الشركات التي كانت تتطلع لزيادة حركة الاستهلاك المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

لا يندفع المستهلكون في أوروبا والولايات المتحدة لإنفاق المدخرات التي كدسوها أثناء الوباء والتي تزيد على 2.7 تريليون دولار، ما يبدد الآمال في نمو اقتصادي يغذيه الاستهلاك على جانبي المحيط الأطلسي.

وفي أعقاب تخفيف الإغلاقات خلال الموسم الصيفي في نصف الكرة الشمالي، تراجعت المدخرات الفائضة في أرصدة البنوك في منطقة اليورو بقدر هامشي فقط في أغسطس، بينما سجلت إيطاليا زيادة، وفقاً لحسابات "بلومبرغ إيكونوميكس"، وفي الولايات المتحدة أيضاً لم تكن هناك سحوبات، حسبما أظهرت الأرقام.

التضخم يُرعب العالم.. هكذا يرى 23 بنكاً مركزياً مستقبل أسعار الفائدة

عدم تحقق طفرة الاستهلاك التي كان يتوقعها بعض الاقتصاديين تدعم حجة عدم حدوث صدمة تضخم دائمة محتملة كانت تخشاها البنوك المركزية.

ورغم أن الأرصدة الأعلى يمكن أن تساعد الأسر في التعامل مع فواتير التدفئة المرتفعة، إلا أن الطلب الفاتر قد يحد من قدرة الشركات على تطبيق زيادات دائمة في الأسعار.

مبيعات التجزئة الأمريكية تخالف التوقعات وتصعد في سبتمبر

الرهان على المدخرات

وقال داريو بيركينز، العضو المنتدب للاقتصاد الكلي العالمي في "تي إس لومبارد" في لندن: "لا نرى أي علامات على أن المدخرات المتراكمة تعود للاقتصاد، ونظراً لأن الناس تمتلك هذه المدخرات الفائضة، فإنهم يشعرون بالثراء وينفقون أكثر قليلاً، وربما يُنفق جزء من تلك الأموال ولكن لن يعود الإنفاق للارتفاع".

اقتصاد المملكة المتحدة ينمو بأقل من المتوقع في أغسطس مع كبح المتسوقين للإنفاق

وتقدر "بلومبرغ إيكوميكس" أن إجمالي المدخرات الفائضة المتراكمة منذ بدء الأزمة تبلغ حوالي 2.3 تريليون دولار في الولايات المتحدة، وحوالي 400 مليار دولار يورو (464 مليار دولار) في منطقة اليورو.

ورغم أن البنك المركزي الأوروبي حذَّر منذ فترة طويلة من أن مخزون الأموال المتراكمة خلال عمليات الإغلاق سيظل "غير منفق إلى حدٍ كبير"، كان التنفيذيون في الشركات والاقتصاديون يراهنون على تحفيز المدخرات للنمو.

التضخم في أمريكا يتجاوز التوقعات ويصعد إلى 5.4% خلال سبتمبر

ماذا تقول "بلومبرغ إيكونوميكس"؟

"كدست الأسر في منطقة اليورو مدخرات هائلة خلال الوباء مع انهيار الإنفاق ودعم الحكومات للدخول، وبينما يبدو الإنفاق الاستهلاكي السخي غير مرجح حالياً، فإن هذه المدخرات ستكون بمثابة عامل حماية مرحب به بالنسبة لبعض الناس مع ارتفاع تكاليف الطاقة".

مايفا كازين، خبيرة اقتصاد منطقة اليورو في "بلومبرغ إيكونوميكس"

المستهلكون يفضلون الادخار

وقال غونزالو جورتازار، المدير التنفيذي لـ "كايكسا بنك"، في مايو، إنه يتوقع أن تعزز بعض الأموال المخزنة الإنفاق الاستهلاكي، وتوقعت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أن الاستهلاك الأوروبي سيستفيد من "رفع إجراءات الاحتواء والانخفاض المصاحب في مدخرات الأسر التي ستمول الطلب المكبوت الكبير".

وتلقي البيانات بمياه باردة على نظرية الصعود واسع النطاق.

ولا تشير مقاييس المعنويات الصادرة عن المفوضية الأوروبية إلى ازدهار عمليات الشراء الرئيسية، وتُظهر الأرقام في بريطانيا أن المستهلكين حذرون ومتحمسون بشكل استثنائي للادخار، وفي الولايات المتحدة، أكبر اقتصاد في العالم، تراجعت ثقة المستهلك خلال الصيف.

ومع ذلك يقال إن بعض الإنفاق قد زاد، وقالت شركة المجوهرات "باندورا" إن أعمالها في الولايات المتحدة حصلت على دفعة من شيكات التحفيز أثناء الوباء، بينما أشارت شركة التجزئة البريطانية "نكست" في سبتمبر إلى أن "التأثير المشترك للطلب المكبوت على الملابس، ونسب المدخرات القياسية، والعدد الأقل بكثير من العطلات الخارجية" عزز المبيعات، ومع ذلك، رجحت أن يتلاشى هذا التأثير.

القلق من تفشي كورونا

ومن بين الأسباب التي دفعت الناس للتمسك بأموالهم هو القلق من حالات التفشي المتزايدة، ووتيرة التعافي، وآفاق الوظائف، وربما يلعب أيضاً التوزيع السكاني وأنماط الاستهلاك دوراً.

وتقدر أولغا كوتاجا، المحللة في "دويتشه بنك"، أنه نظراً لأن الناس لا يمكنها التعويض عن الإنفاق المفقود على الخدمات بمجرد انتهاء الإغلاق، فإن ذلك يعني أنهم لا يستهلكون بما يكفي للتسبب في تراجع في مدخراتهم.

وقالت في بودكاست في 21 سبتمبر: "نحن نحصل فقط على قصة شعر واحدة، ولا نعوض عدد قصات الشعر التي فوتناها أثناء الإغلاق.. وهذا الطلب المكبوت وهذا الكم من القرارات المؤجلة خلال الإغلاق غير موجود فعلياً".

المتسوِّقون القلقون من التضخم يعرقلون ازدهار التجارة الإلكترونية

تغير أنماط الاستهلاك

أيضاً تغيرت تفضيلات المستهلك إلى الأبد، وفقاً لبحث أجراه البنك المركزي الأوروبي والذي وجد أن العديد من الأشخاص أدركوا خلال عام 2020 أنهم لم يفتقدوا أشياء معينة.

وتقول كارين وارد، خبيرة الأسواق الاستراتيجية لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في "جيه بي مورغان أسيت مانجمت"، إن بعض الاستنزاف في المدخرات لا يزال يساعد في دعم التعافي الاقتصادي.

وقالت في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ": "الرياح الخلفية الداعمة للطلب قوية إلى حد كبير.. لا أعتقد أن ما رأيناه حتى الآن سيعيق التعافي".

ومع ذلك، فإن نقص السلع وسط ضغوط المعروض العالمي يعني أنه في بعض الأحيان عندما يكون هناك طلب، لا يمكن إنفاق الأموال.

أزمة نقص السلع

وفي إحدى ضواحي مينيابوليس، يقول المستشار المالي، مايك ليفيرتي، إن عملاءه الأثرياء يرغبون في الاغتراف من مدخراتهم لشراء سيارات جديدة أو أحواض سباحة، لكنهم لا يستطيعون بسبب نقص السلع أو العمالة.

وقال: "هناك عميل يريد تغيير ديكور مطبخه، لكن المقاولين محجوزون لمدة عام".

وأخيراً، لم تحظَ جميع الفئات الاجتماعية والاقتصادية بتراكم هائل متساوٍ من الأموال، بل حقق كبار السن والأثرياء بالفعل أكبر المكاسب - لكنهم غالباً ما يكونون الفئات الأقل احتمالية للإنفاق.

وقال مارك فيتنر، الخبير الاقتصادي في "ويلز فارغو آند كو": "أشعر أن الكثير من هذه المدخرات قد تراكمت لدى الأسر ذات الدخل المتوسط الأعلى والدخل المرتفع.. وأعتقد أنه لا يزال هناك الكثير من الوقود في الخزان".