عائلات جنوب شرق آسيا الأكثر ثراءً تبحث عن الـ"يونيكورن" القادمة

ثانين تشيرافانونت
ثانين تشيرافانونت المصدر: بلومبرغ
المصدر: بلومبرغ
تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

يسعى كبار أقطاب عالم المال القدامى في جنوب شرق آسيا لزيادة استثمارهم في شركات التكنولوجيا الناشئة، بغرض الاستفادة من التقييمات المتنامية للتعويض عن التداعيات الناجمة عن تفشي وباء فيروس كورونا على أعمالهم الممتدة من قطاع تجارة التجزئة إلى الضيافة والصناعة.

تضخ التكتلات وأذرع العائلات الاستثمارية وغيرها من أدوات أقطاب المال، بداية من ثانين تشيرافانونت في تايلاند ووصولاً إلى لانس غوكونجوى في الفلبين، ملايين الدولارات، إما بطريقة مباشرة في الشركات الواعدة أو عن طريق تأسيس صناديق رأس المال المغامر. كما يحظى الدخول في شراكة مع شركات رأس المال المغامر في وادي السيليكون بالولايات المتحدة بشعبية.

في ظل طفرة الاستثمارات هذه، تتحول إمبراطوريات الأعمال التقليدية على الأرض أيضاً إلى عالم جديد من التجارة الإلكترونية والرقمنة، لخلق مصدر جديد لتدفقات الإيرادات بعد تعرضها للقصور الناجم عن الإغلاق وفرض القيود على السفر على مدى شهور. وزاد الإقبال على هذا المسار مع بزوغ مجموعة حديثة من الرواد، كان من بينهم في بعض الحالات، شباب من أولئك الذين ينتمون للورثة من الجيل الثالث.

قال فيشال هارنال، الشريك الإداري في "500 ستارتبس- جنوب شرق آسيا"، والتي كانت من المستثمرين المبكرين في عملاق خدمة استدعاء سيارات الركوب "غراب" (Grab)، وشركة التسوق الإلكتروني "كاروسيل" (Carousell) "ارتفع إقبال استثمارات الشركات العائلية في شركات التكنولوجيا الناشئة للحاق بالركب، وزادت الجائحة من حماس هذا السباق".

سباق مشتعل

تواجه التكتلات، التي ساهمت في دعم اقتصادات دول جنوب شرق آسيا على مدى عقود من الزمن، تحديات صعبة في الوقت الحالي، والذي مازالت تناضل فيه حكومات المنطقة للسيطرة على تفشي عدوى مرض كوفيد -19. قلص بنك التنمية الآسيوي الشهر الماضي توقعاته لنمو المنطقة في عام 2021 إلى 3.1%، وقال إن "دول آسيا النامية مازالت معرضة للمخاطر الناجمة عن الجائحة".

رغم الدمار الذي سببه كوفيد-19 لقطاعي السياحة والتجزئة في جنوب شرق آسيا، إلا أنها تعتبر موطناً لأسواق الإنترنت الأسرع نمواً على مستوى العالم. حقق مستثمرو رأس المال المغامر عدداً قياسياً من الصفقات بواقع 393 صفقة خلال النصف الأول من العام الحالي، واستثمروا 4.4 مليار دولار في الشركات الناشئة في كافة أنحاء منطقة جنوب شرق آسيا، وذلك بحسب بحث مستقل أجرته شركة "سينتو فينتشرز" (Cento Ventures).

ومن بين الشركات التي تصدرت هذا السباق، "تشاروين بوكفانك غروب"، التكتل التايلاندي والذي يمتد عمره لنحو 100 عام ويعمل في عدة قطاعات تتراوح بين الأغذية الزراعية وتجارة التجزئة والاتصالات، ويرأس مجلس إدارته "ثانين"، عميد سلالة الأعمال العائلية الأشد ثراءً في تايلاند.

قادت مجموعة "سي بي غروب" التي يقع مقرها في بانكوك، جولة استثمار من الفئة "سي" لشركة "أسيند ماني" الناشئة في سبتمبر الماضي والممولة من قبل مجموعة "آنت غروب" المملوكة لجاك ما - والتي قدمت أول شركة يونيكورن لقطاع التكنولوجيا المالية في تايلاند بقيمة 1.5 مليار دولار. كما عقدت شركة "سي بي غروب" شراكة مع "سيام كوميرشال بنك" في ذات الشهر لتأسيس صندوق رأس مال مغامر خاص بشركات التكنولوجيا الصاعدة بقيمة 800 مليون دولار، وضخا فيه استثماراً مبدئياً بقيمة 100 مليون دولار.

شركة مدعومة من "أنت غروب" تصبح أول يونيكورن تكنولوجيا مالية في تايلاند

قال يوي جون جيانغ، كبير مسؤولي قسم التكنولوجيا في "سي بي غروب": "تحتضن المجموعة بطريقة نشطة الابتكار واستكشاف التكنولوجيات المتطورة مثل الروبوتات والخدمات اللوجستيات والحوسبة السحابية وغيرها من أنواع التكنولوجيا الرقمية". وتابع: "بدأت منطقة جنوب شرق آسيا عصرها الذهبي من التغيير، حيث تطور الشركات نفسها من خلال الاعتماد على التكنولوجيا المتطورة ونماذج الأعمال الحديثة، وقد ساعدت الجائحة على الإسراع بعملية الرقمنة".

وفي إندونيسيا، جمعت "إنتودو فينتشرز" (Intudo Ventures) مبلغاً قدره 115 مليون دولار لإغلاق صندوقها الثالث في سبتمبر الماضي للتركيز على أكبر اقتصاد رقمي في المنطقة. وتضمنت قائمة المستثمرين في الصندوق 30 شركة إندونيسية عائلية وتكتلاتها، بحسب ما أعلنته الشركة.

"بلغ آند بلاي"

قامت "بلغ آند بلاي تك سنتر" (Plug and Play Tech Center)، بتوقيع عقود مع ما يفوق عشرة من الشركاء في جنوب شرق آسيا، وتخضع غالبيتهم لسيطرة عائلية. يأتي من بينها "أبويتيز باور كورب" (Aboitiz Power Corp) الفلبينية الممتد نشاطها من التشييد إلى الكهرباء، ومجموعة "سي بي غروب" التايلاندية، وشركة "أسترا إنترناشيونال" الإندونيسية.

وتعد "بلغ آند بلاي تك سنتر" من أبرز المستثمرين في الشركات في مراحلها المبكرة، ويقع مقرها في مدينة سانيفيل بولاية كاليفورنيا، وسبق أن موّلت ما يزيد عن 20 شركة يونيكورن من بينها "باي بال هولدينغز".

على الرغم من أن التقييمات المتصاعدة ربما تكون جذابة، تتعرض المجموعات لبعض المخاطر لدى احتضانها استراتيجية الاستثمار في قطاع التكنولوجيا.

من المعتاد أن تستنفد الشركات في مراحلها الأولى كميات كبيرة من السيولة النقدية قبل بزوغ أي مؤشرات تدل على اكتساب أعمالها التجارية الثقة. كما تحتاج تلك الشركات أيضاً لكثير من الدعم والإرشاد بقدر ربما يفوق ما تعتزم الشركات الموجودة بالفعل توفيره. علاوة على ذلك، يجب أيضاً على هذه التكتلات أن تتشارك مع مستثمرين لديهم سيولة مالية أكبر ودراية ممتدة لزمن أطول مثل صناديق الثروة السيادية وصناديق رأس المال المغامر.

بيد أن كثيراً من الشركات العائلية لا تخشى مواجهة التحديات. حيث أطلقت بعض من المشاريع التجريبية مع شركات تكنولوجية ناشئة بغية الاستثمار في ذلك النوع من الشركات التي تمتلك تكنولوجيا واعدة. تبحث هذه الشركات عن عقد صفقات والدخول في شراكات تدير سلسلة أعمال متكاملة بداية من أتمتة عملية التصنيع حتى الابتكارات التي تتسم بالاستدامة، بجانب مجالات التكنولوجيا المالية، والتكنولوجيا الصحية، والمركبات الكهربائية.

في هذه الأثناء، قال شون ديبانا، نائب الرئيس التنفيذي لشركة "بلغ آند بلاي" ورئيس وحدة ابتكار الشركات والاستثمار المختصة بمنطقة آسيا والمحيط الهادئ: "إنهم يفتشون عما سيكون قد يؤثر على أنشتطهم التجارية، مثل الجائحة، كما أنهم يحتاجون إلى تطوير أفكار حديثة". تابع: "تقف الشركات كبيرة الحجم وراء تسريع الشركات الناشئة من عملية الابتكار في الوقت الحالي".

الحديقة التكنولوجية

حتى شركة النفط والغاز "بي تي تي" (PTT) التايلاندية المملوكة للدولة لا ترغب في التخلف عن الركب. وقعت الشركة على اتفاق للشراكة مع "بلغ آند بلاي". وفي هذا الشهر، ساهمت إحدى وحداتها مع شركة "500 ستارتسبس" في تأسيس صندوق استثمار بقيمة 25 مليون دولار لتمويل الشركات الناشئة في مراحلها المبكرة في تايلاند وجنوب شرق آسيا، وهو ما يمكن أن يدعم مساعي الشركة لتعزيز تأثيرها.

من جهة أخرى، أنفقت وحدة "ترو كورب" (True Corp) التابعة لمجموعة "سي بي غروب"، وهي ثاني أكبر مُشغل لخطوط الهاتف المحمول في تايلاند، نحو 17 مليون دولار لتشييد مجمع تكنولوجي هو الأكبر في منطقة جنوب شرق آسيا، يضم مزيجاً من مشاريع أجنبية ومحلية، علاوة على مقرات أنشطة محلية لعمالقة التكنولوجيا التي أثبتت جدارتها مثل "غوغل" و"ميتسوبيشي كورب".

من المنتظر أن تتوسع حديقة التكنولوجيا خلال العام القادم، وتسير تلك الحديقة على نهج وادي السيليكون بالولايات المتحدة من حيث تزويد المكان بمرافق رياضية وترفيهية وإضافة جلسات عرض تقديمي قصيرة لرأس المال المغامر.

من جهته قال فيني لوريا، الشريك المؤسس في شركة "غولدن غيت فينتشرز" في سنغافورة، إن الاستثمارات من هذا النوع ستساهم في الإسراع بدورة الابتكار ووضع أنظمة بيئية تكنولوجية لدى أسواق الدول النامية على غرار تايلاند.

أوضح لوريا، الذي دخلت شركته لرأس المال المغامر أيضاً في شراكة مع "ترو ديجيتال بارك" في بانكوك قائلاً: "أنا مندهش بالآباء المؤسسين للعائلة". تابع: "إنهم يوجهون الأسئلة على نحو صحيح بشأن طريقة تشييد وتنمية أعمالهم التجارية من خلال الاعتماد على التكنولوجيا".