الجفاف العالمي للطاقة قد يبشر بمستقبل من الوفرة

الطاقة النظيفة من الرياح
الطاقة النظيفة من الرياح المصدر: بلومبرغ
David Fickling
David Fickling

David Fickling is a Bloomberg Opinion columnist covering commodities, as well as industrial and consumer companies. He has been a reporter for Bloomberg News, Dow Jones, the Wall Street Journal, the Financial Times and the Guardian.

تعديل مقياس القراءة
ع ع ع

نظام الطاقة لدينا مبني على جبل من النفايات، وهذا شيء جيد، سواء صدقت ذلك أو لا.

انظر إلى الرحلة التي تقطعها الطاقة وصولاً إلى مقبس التوصيل من مصدرها الأصلي، وستجد سعة زائدة وفائضة في كل خطوة على الطريق. صُمم جميع شبكات الكهرباء مع هامش احتياطي يبلغ نحو 10% تقريباً زيادة عن ذروة الطلب المتوقع، التي يمكن الاعتماد عليها في ظروف استثنائية لمنع حدوث انقطاع في التيار الكهربائي.

قبل ذلك، كانت المولدات التي تعمل بالفحم والغاز كبيرة الحجم أيضاً، وتعمل بالكاد نصف الوقت حالياً وتوفر 70% أو 80% فقط من السعة، عندما لا يكون بينها وبين مصادر الطاقة المتجددة منافسة شديدة. يأتي الوقود الذي يمدّهم بالطاقة أيضاً من العمليات التي تمر بكثير من الركود، إذ تعمل حقول النفط الأمريكية بشكل تقليدي بين 90% و95% من طاقتها، ومناجم الفحم بنسبة 81% أو نحو ذلك.

يوفر كل هذا العرض الزائد وظيفة مفيدة. عندما يسبق الطلب على الطاقة التوقعات، يمكن استدعاء فائض السعة بسهولة لتوفير كهرباء إضافية في وقت قصير. هذا بالضبط ما نراه الآن: ارتفاع تكاليف الفحم الصيني والغاز الأوروبي والخام العالمي هو عبارة عن أعراض نظام الطاقة الذي يستخدم الأسعار المرتفعة لتحفيز الإمداد الإضافي متى وأينما تشتد الحاجة إليه.

اقرأ أيضاً: "الوكالة الدولية": الكوكب في خطر بسبب ضعف الاستثمار في الطاقة النظيفة

رغم أنه من المرجح أن تفوز الطاقة الخالية من الكربون بالسباق طويل الأمد لتلبية احتياجات العالم من الطاقة، فإن هذا سيمنح الطاقة القائمة على الوقود ميزة كبيرة. لا يمكن بناء مزرعة رياح أو طاقة شمسية جديدة (ناهيك بمحطة نووية) في إطار زمني مماثل لما تحتاج إليه لإنتاج عدد من الغيغاوات الإضافية في الساعة من الوقود الهيدروكربوني، فضلاً عن الأيام التي يستغرقها شحن هذا الوقود من صهريج تخزين فائض العرض في أوروبا إلى صهريج غير متوفر في آسيا، أو العكس.

مشكلات النظام الحالي

تتعلق المشكلات الحالية التي تواجه نظام الطاقة العالمي، كما قالت وكالة الطاقة الدولية هذا الأسبوع، بشكل أساسي بالاضطرابات واسعة النطاق التي تتوقعها، في الوقت الذي نبدأ فيه التعافي من وباء يحدث مرة واحدة في القرن.

على هذا النحو، لن يتوقف التحول إلى الطاقة الخالية من الكربون، لكن هذا تذكير في الوقت المناسب بأن نظام الطاقة الذي يعتمد على تجارة الوقود العالمية القابلة للاستبدال هو أحد الأصول الضخمة في محاولة موازنة تقلبات الطلب بين المناطق والمواسم. إنها خاصية ستحتاج الشبكات المستقبلية إلى إعادة إنتاجها للوصول إلى صافي الصفر.

لمعالجة هذا الأمر عدة طرق ممكنة، لكن ليس بينها طريقة مثالية. يتمثل أحد الخيارات في الاستفادة من خطوط نقل الكهرباء الوطنية والدولية لتحويل الطاقة من منطقة إلى أخرى، في وعد بمقترحات لربط شبكة الهند بشبكات في الشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، أو تزويد سنغافورة بالطاقة المتجددة من المناطق النائية في أستراليا.

اقرأ أيضاً: أزمة الطاقة العالمية هي الأُولى في عصر الطاقة النظيفة.. لكنها لن تكون الأخيرة

لكن تشغيل مثل هذه الروابط عبر مسافات بعيدة ومحيطات عميقة يتجاوز حدود قدراتنا الهندسية. إضافة إلى ذلك، ستواجه تحديات جيوسياسية في أي مكان. على سبيل المثال، يحتاج خط كهرباء هندي إلى المرور عبر الأراضي الباكستانية.

بدلاً من ذلك، يمكن إعادة إنشاء سوق الوقود الحالية في شكل منخفض الكربون، ويمكننا استخدام الطاقة المتجددة لإنتاج الهيدروجين وشحنه إلى جميع أنحاء العالم، إما في شكله كعنصر وإما على هيئة أمونيا، غير أنّ أياً من هاتين العمليتين ستؤدي إلى خسائر كبيرة في الكفاءة من تحويل الغاز من وإلى شكل قابل للنقل. بدلاً من ذلك، إذا كان من الممكن إجراء عملية التقاط الكربون وتخزينه، فقد نستمر في استخدام الوقود الحالي وإزالة غازات الاحتباس الحراري من انبعاثات المداخن، لكنها مثل الهيدروجين الأخضر، عبارة عن تقنية مكلفة وغير مختبرة، وذات انبعاث كربوني أقل من صفر كربون.

أرخص الطرق

يكاد يكون من المؤكد أن هناك حاجة إلى مثل هذه الأنظمة كنسخة احتياطية، ومع ذلك قد يكون العنصر الأكثر أهمية هو إعادة إنشاء أوجه القصور في نظام طاقة الوقود الأحفوري الحالي في النظام الجديد الذي لا يحتوي على كربون. من بين مطوري الطاقة المتجددة نذكر "التقليص"، وهو الحالة التي يُنتَج فيها قدر كبير من الطاقة من الرياح أو الطاقة الشمسية، بحيث لا تستطيع الشبكة استيعابها، وتهدر الكهرباء، وهو ما يُعَدّ تقليدياً كلمة "قذرة".

ومع ذلك، بدأ بعض مصممي نماذج الطاقة القول بأن البناء المُفرط و الهائل لطاقة الرياح والطاقة الشمسية –الذي يعني بناء عديد من المحطات إلى الحد الذي لا يكفي فيه حتى انهيار العرض أو زيادة الطلب لتشديد السوق كثيراً- قد يثبت أنه أرخص طريقة لبناء شبكة خالية من الكربون.

اقرأ أيضاً: إنفوغراف.. ماذا تحقق في التحوّل إلى الطاقة النظيفة خلال العقد الماضي؟

إن كان الأمر كذلك فإن المستقبل الذي نتطلع إليه ليس في إمدادات الطاقة المقيدة التي تقترحها الأسعار القياسية الحالية للفحم والغاز، لكن بدلاً من ذلك سنرى مستقبلاً تكون الطاقة فيه وفيرة لدرجة أننا بالكاد نعرف ماذا نفعل بها. إن كنت ترغب في إعادة إنشاء مزايا نظام الطاقة الحالي غير الفعال، فقد يكون بناء القليل من عدم الكفاءة المتعمّد في مستقبلنا أفضل طريقة للقيام بذلك.